-->

رواية جديدة رواية تائهة في قلب أعمى لزينب سعيد القاضي - الفصل 29 - 1 - الثلاثاء 3/12/2024

  

 قراءة رواية تائهة في قلب أعمى كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية تائهة في قلب أعمى

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة زينب سعيد القاضي


الفصل التاسع والعشرون

1

تم النشر الثلاثاء

3/12/2024



"لا مجال للهروب، فكلما طالت المطاردة، حتماً سيأتي وقت للمواجهة وجهاً لوجه"


في صباح أحد الأيام، طرق الباب بخفة وانتظر حتي فتحت باب الشقة وظل ينظر لها بإشتياق، بينما نظرات الآخري كانت نظرات هاوية خالية من أي تعبير.

تحدث معاتباً:

-هتسبيني واقف علي الباب ؟

تجاهلت الرد عليه وتركت الباب مفتوح وتوجهت إلي الداخل، دلف هو داخل الشقة وأغلق الباب خلفه وتحرك خلفها جلس علي المقعد المجاور لها وهتف بإشتياق:

-وحشتيني.

ألتفت له وتسألت متهكمة:

-بجد ؟ لسه فاكر يا أحمد؟

رد بتبرير:

-أنا كنت سايبك ترتاحي نفسياً.

تبسمت بمرارة وأسترسلت بإيضاح:

-بجد ؟ أنت مصدق نفسك يا أحمد ؟ أنت قاصد كده عشان تسيطر علي ياسين استفدت أيه لما طلق صفا ورجع فريدة ؟ عملت ايه صفا فهمني ؟ دي أكتر واحدة وقفت جنب ياسين وحبته بجد ليه تعمل كده.

رد بعند:

-أهو إلي حصل بقي وصفا متنسيش ياسين ولا من مقامه وإذا كان علي فريدة طلقها خلاص انسى إلي فات وأرجعي بيتك خلينا نبدأ من جديد وياسين بإذن الله يلاقي بنت الناس الي تستاهله بجد.

ردت بهدوء:

-لو أنت شايف أن صفا مش من مقام ياسين ومتنسبوش يبقي أنا كمان مش من مقامك ومنسبكش وكده نبقي وصلنا لنقطة نهاية السطر يا أحمد طلقني وكل واحد يروح لحاله.

أتسعت عيناه بصدمة وتسأل:

-نعم؟ أطلقك أنتِ أتجننتي يا سلوي عايزة تضيعي حبنا وتهدمي ساعدتنا عشان واحدة زي دي ؟

صاحت بدفاع:

-مالها دي ؟ ها مالها عشان من الأسرة علي قد حالها ؟ أنا كمان كنت علي قد حالي أشمعني أنت أتجوزتني ورافض ياسين وصفا يرجعوا لبعض عارف ده معناه أيه يا أحمد ؟ 

معناه إنك ندمان علي جوازك مني السنين دي كلها وإلي فشلت تعمله معايا وتبعدني عنك لتحاول تخلي ياسين هو إلي يعمله.

حرك رأسه نافياً وعقب:

-لأ طبعاً والله أنا بحبك يا سلوي وعمري ما أقدر استغني عنك صدقيني.

رمقته ساخرة وعقبت:

-أستغنيت وعايش حياتك يا أحمد خلينا ننهي الموضوع بعقل أحنا عشرة سنين ولا سني ولا سنك يحملوا شوشرة وكلام ملوش لازمة .

تجاهل حديثها وهتف بإصرار:

-سلوي بيتك بابه مفتوح طلاق أنسيه يا سلوي لو علي رقبتي مش هطلقك.

نهضت وشبكت ذراعيها أمام صدرها مرددة بثقة:

-وأنا كمان قولت إلي عندي أحسنلك تطلقني أفضل ما أرفع قضية طلاق ولا قضية خلع.

اتسعت عيناه بصدمة، ووقف ذاهلاً وتحدث بنبرة حادة:

-خلع هي حصلت يا سلوي ؟ أنتي أعصابك تعبانة الأفضل ترتاحي وتشيلي الهبل ده من دماغك بعد إذنك.

هتفت بشرود:

-الهبل ده هو عين العقل يا أحمد إلي كان لازم يحصل من زمان بس أظن أوانه جه خلاص وأنت إلي وصلتنا خسرتني ومسيرك هتخسر ياسين لأنه لسه بيحب صفا فعلاً وبيسعي وراها وقتها مش هتبقي خسرت إبنك وبس لا هتبقي خسرت حفيدك إلي فضلت طول عمرك تتمني وجوده.


نهضت بنثاقل تحاول إلهاء نفسها بأي شئ قبل عودة أمير لا تريد أن تعكر عليه صفوه يجب أن تكون بجانبه وتفنن في سعادته فهو ليس له غيرها كي يسانده يكفي حرمانه من والديه لن تكون هي الآخري سبب لحزنه.

❈-❈-❈

في حفل عائلي بسيط يضم" والدي نور " و "أمير وسلوي" و "صفا ووالدتها" أقيم لقراءة الفاتحة وإرتداء الشبكة التي رفضت نور رفضاً قاطعًا انتقائها، يجلس أمير ونور علي مقعدين متجاورين بينما البقية ملتفين حولهم بمقاعدهم.

تحدثت صفا بمداعبة:

-أيه يا عريس لبس الشبكة يلا مستني أيه ؟

نظر لها بتوجس ورد بتردد:

-فيه ضيف جاي.

وقع قلبها جراء كلماته هذا، وأصبحت علي يقين بهوية الضيف لا محالة، تسأل عزمي بحيرة:

-ضيف مين يا أبني ؟

ما كاد أن يرد إلا وطرق الباب، نهض مستئذناً:

-الضيف وصل هقوم أفتح ليه.

فتح الباب وظهر ياسين بهيبته الطاغية، تحدث أمير معاتباً:

-أخيراً أتأخرت أوي أفتكرتك مش جاي ؟

رد الآخر ببرود:

-مكنتش جاي أصلاً بس مقدرتش أسيبك لوحدك.

اقترب منه وجذبه إلي أحضانه مربتاً علي ظهره بحنان:

-ربنا يتمم ليك بخير يا حبيبي.

رد أمير ممتناً:

-الله يبارك فيك.

تنحي أمير جانباً، مفسحاً له المجال للمرور، دلف ياسين بغرور ويهو يتطلع إلي الشقة بتعالي حتي وقع بصره عليها هي ظل يحملق بها بصمت، تحدث أمير معرفاً:

-أعرفك أستاذ عزمي والد دكتورة نور وطنط عايدة والدتها.

أومأ بهدوء ومد يده بترحاب:

-أهلاً بحضرتك، بينما أكتفي بإيماءة إلي عايدة واتجه إلي والدته وجلس علي المقعد المجاور لها مقبلاً جبينها بحب:

-وحشتيني يا ست الكل.

تجاهلت حديثه ووجهت حديثها إلي أمير:

-يلا يا حبيبي لبس العروسة الشبكة ولا لسه في ضيوف تانية؟ 

قالتها بعتاب خفي وصل الآخر فهو لم يخبرها بمجئ ياسين من الأساس.

تبسم أمير، وهلل بفرح، مضيفاً بنبرة ذات معني:

-لأ يا ست الكل بس مكنش ينفع في يوم زي ده أخويا وصاحب عمري ميبقاش جنبي.

فتح علبة المجوهرات وأتسعت عين نور منبهرة وقالت:

-ألماس ده صح يا أمير؟

رد مبتسماً:

-أيوة.

رمقته بعتاب وأضافت:

-بس ده غالي أوي ليه كده؟

أجابها بغزل:

-الغالي الغالي يا دكتورة نور لو أنتي ملبسيتش ألماس مين يلبس ؟

تدخل ياسين في الحوار ساخراً، وهو ينظر إلي نور نظرة ذات معني:

-عندك حق يا أمير أصل فيه ناس قيمتها ألماس وفيه ناس طماعة ميملاش عينها غير التراب تتحط تحت الأرض مداس.

انتفضت صفا وكذلك والدتها وتحدثت بلطف:

-مبارك يا نور مبارك يا أستاذ أمير معلش مضطرة أستأذن أنا وماما.

تحدثت سلوي بلهفة:

-تمشي فين يا بنتي هما لسه لبسوا الشبكة ؟

ردت بهدوء:

-معلش عشان الطريق طويل بس والدنيا ليل.

قاطعها أمير بشهامة:

-أنا وخالتو هنوصلكم أصلاً.

جلسوا علي مضض مرة آخري، رمق أمير ياسين بغيظ وألبس عروسه الشبكة وبعدها أطلقت الزغاريد من سلوي وعايدة.

نهضت عايدة متجهة إلي المطبخ وتبعتها صفا لمساعدتها، بدأت عايدة بتجيهز السفرة بمساعدة صفا وفور انتهائهم دعتهم إلي الطعام، وقف الجميع متجهين إلي السفرة وكان من سوء الحظ أن مقعد صفا في مواجهة ياسين مباشرة.

تحدثت عايدة بتلقائية:

-يلا بقي عايزة الأكل ده يتنسف ده أكل دكتورة صفا بنفسها هي إلي أصرت تجهز الأكل بإيدها الحلوين.

نظر إلي الطعام الشهي نظرة خاطفة، ولعابه يسيل داخل فمه ولما لأ فهو طعام معشوقته الذي كان يتلذذ في تناوله، ترك الشوكة من يده ونهض بتعالي وهو يغلق أزرار حلته ويتحدث بغرور:

-سوري يا جماعة مش هقدر أكل من الأكل البلدي وكمان مش أي حد أستنضف أكل من إيده.

بهت وجهها من إهانته المقصودة، وكذلك صمت الجميع بحرج، ولكن أذهلتهم هي عندما تحدثت بثقة:

-الأكل البلدي ده فعلاً مش يناسبك وأكيد لو كنت أعرف إنك جاي مكنتش هطبخ بإيدي من الأساس الأكل ده معمول بحب ومودة لنفوس صافية مش معمول لأمثالك.

أمسكت شوكتها وبدأت في تذوق الطعام وتلوكه في فمها بتلذذ:

-يا سلام علي أكلي عالمي تنفي شيف يا بت يا صفا.

نظرت للجميع من حولها، وداعبتهم مازحة:

-هتفضلوا تتفرجوا عليا كده كتير يلا كلوا قبل ما أخلص أنا الأكل كله.

تبسم الجميع علي مزحتها وبدأوا في تناول طعامهم، بينما ياسين رمقها بغيظ وعاد إلي الصالون وجلس علي المقعد ومن حين لآخر يرمقها بنظرات مشتعلة.

تظاهرت بتناول الطعام أمامهم لكن لم تستطع أكثر من ذلك فنهضت مستئذنة:

-شبعت الحمد لله هروح أجهز العصائر والحلويات.

سلوى معاتبة:

-هو أنتي أكلتي يا صفا ؟

وضعت يدها علي أحشائها مازحة:

-أنا بطني هنتفجر من كتر الأكل أصلا.

إتجهت إلي المطبخ، وكذلك نهض ياسين وتسأل بهدوء:

-الحمام منين ؟

أشار له عزمي:

-علي اليمين يا أبني.

الصفحة التالية