-->

رواية جديدة رواية تائهة في قلب أعمى لزينب سعيد القاضي - الفصل 33 - 1 - الثلاثاء 10/12/2024

  قراءة رواية تائهة في قلب أعمى كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية تائهة في قلب أعمى

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة زينب سعيد القاضي


الفصل الثالث والثلاثون

1

تم النشر الثلاثاء

10/12/2024



              "قد تكون بداية الغيث قطرة"


خرج من الغرفة وجد الجميع مازالوا بالخارج ويظهر علي معالم وجههم الفضول لمعرفة ما دار بالداخل، لكن تجاهل فضولهم، واتجه إلي والدة صفا وتحدث بإحترام:

-كنت محتاج بطاقة صفا من حضرتك.

عند هذا الحد ولم تستطع نور الصمت، وصرخت  بجنون وصاحت:

-نعم نعم هي المجنونة دي وافقت ترجعلك ولا أيه دي أكيد تخاريف البنج أكيد؟

رمقها بضيق وتجاهل الرد عليها وأكمل حديثه بجدية:

-عايز البطاقة عشان أروح أسجل الولد.

أومأت والدتها بتفهم وفتحت حقيبتها وأخرجت منها البطاقة الشخصية وكذلك قسيمة الطلاق الخاصة بهم:

-أتفضل يا أبني.

آخذهم منها ممتنً:

-شكراً لحضرتك.

ردت بإختصار:

-العفو يا أبني.

نهضت بوهن وكذلك سلوي متجهين إلي الغرفة وبرفقتهم نور وخلفهم أمير، ولكن قبل أن يخطوا أمير تجاه باب الغرفة أوقفه أمير بحدة وغيرة:

-رايح فين حضرتك مش فاهم؟

تعجب أمير من سؤاله وأجاب:

-داخل أبارك لصفا.

رمقه الآخر بنظرات مشتعلة وتحدث بفحيح من بين أسنانه:

-هو أنت مش بتفهم يا بني أدم أنت أولاً إسمها دكتورة صفا وثانياً جنابك تدخل ليها ليه؟ واحدة والدة وتعبانة تزورها ليه؟ لما تخرج وتقف علي رجليها أبقي زورها بس ده في وجودي فاهم ولا لأ ؟

رد بحرج:

-حاضر حاضر أسف يا سيدي مش قصدي يعني لكل ده .

أنتبه إلي شئ وتسأل:

-وجودك هي وافقت ترجع ليك بجد فعلاً ؟

تنهد بحزن وقال:

-لسه بس هترجع يعني هترجع بإذن الله كفاية بعد وفراق كفاية أن أسعد أيام  في عمري ضاعت خلاص مش هسمح أن الباقي يضيع حتي لو كلفني حياتي 

ربت أمير علي كتفه بمؤازرة وأضاف:

-إن شاء الله خير وكل حاجة هترجع زي ما كانت يلا نروح نسجل الولد؟

أومأ بإيجاب وعقب:

-اه تعالي عشان هسجله وورايا مشوار تاني مينفعش يتأجل.

ابتلع ريقه بتوجس وتسأل:

-مشوار أيه ؟

أجاب بغموض:

-بابا لازم أواجهه وأعرف ليه كسر قلبي.

رمقه الآخر بقلق وغادروا سوياً متجهين إلي السجل المدني، كي يتم تسجيل المولود "محمد ياسين أحمد المحمدي"

❈-❈-❈

بينما في الغرفة عند صفا بعد أن أطمأنوا عليها تحدثت نور بفخر:

-أطمني يا صفا أنا جبت ليكي حقك تالت ومتلت من ياسين وراكي رجالة يا قلبي.

قطبت جبينها بحيرة وتسألت:

-عملتي أيه بالظبط يا مجنونة مش مرتاحة ليكي الصراحة؟

سردت لها ما فعلته بفخر.

أتسعت عين صفا بصدمة وتسألت:

-أنتِ مجنونة يا بت أنتِ ولا أيه ؟ إزاي تعملي كده ميصحش أصلا تعملي كده والمفروض تحترمي أمير يا بنتي.

ردت بعند:

-مش كنت بجيب حقك يا بنتي ؟

نظرت إلي والدتها:

-هي إلي البت دي هبلة يا ماما؟ وبعدين إزاي حضرتك تسكتي علي الهبل ده يا ماما ؟ وبعدين ده إبنه من حقه يشوفه ويشيله أنا بس كنت خايفة يشكك في نسبه وبس فهمتي؟!

ردت والدتها ببقلة حيلة وقالت:

-يا بنتي هي رضيت تسكت أصلاً ولا حتي أدتنا فرصة نتكلم أمير مكنش قادر يسكتها أصلاً بجد ليه الجنة والله أنه مستحملها.

تبسمت صفا ساخرة وعقبت:

-أنتِ هتقوليلي علي لسانها إلي عايز قطعه ده صحيح عايزة أشوف أبني بقي هو فين ؟

تسألت سلوي بفضول:

-أنتِ مشوفتيهوش قبل ما يخرج من أوضة العمليات ؟

ردت بإختصار:

-شوفته بس وحشني وعايزة أشوفه واخده في حضني .

أومأت بتفهم وقالت:

-هو في الحضانة الدكتور بيفحصه وهيجبوه ليكي يا بنتي.

هتفت نور بغيظ:

-وبعدين يا أختِ ده جاي نسخة من أبوه وأنا إلي طلع عيني معاكي طول الحمل مجاش شكلي ؟

رمقتها صفا بنفاذ صبر وأضافت مستفهمة:

-بجد ؟ بتهزري صح؟ وأنا هجيبه شكلك أزاي يا آخرة صبري هدخل في خلقة ربنا كمان مش بقول مجنونة ربنا يعينك يا أمير يارب عليها.

تهكمت الأخري بغيظ:

-لأ يا أختي أنتِ كده بتحبيه أكتر مني.

تنهدت بقلة حيلة وقالت:

-نور يا حبيبتي أنا مش قادرة بجد ومفيش حيل للمجادلة أعقلي يا قلبي.

تحدثت والدتها بإشفاق:

-معلش يا قلب أمك آول ما نروح بإذن الله هعملك فرختين شمورتي يرموا عضمك كده.

ردت نور بمرح:

-أيوة يا عم طنط هتظبطك أهيه وأنا أسمع من زمان أصلا أنا الست تولد من هنا تأكل فرخة من هنا ليه يا طنط ؟ ما تاكل لحمة عادي ؟

حركت الآخري رأسها نافية وعقبت:

-لأ مينفعش دي والدة وعضمها طري متاكلش غير فراخ بلدي خفيفة عليها.

ردت نور بدعابة:

-طيب لو مش بتأكل فراخ بقي تأكل أيه ؟

ردت الآخري بنفاذ صبر:

-تأكل بيض بلدي وأهمدي بقي عشان صدعت منك الصراحة.

أشارت علي فمها مازحة:

-خلاص سكت أهو.

❈-❈-❈

في شقة والدي نور.

لاحظ عزمي تأخر نور فتسأل بحيرة:

-هي نور أتأخرت ليه يا عايدة ؟ عندها عملية ولا أيه ؟

حركت رأسها بنفي:

-لأ خلصت من بدري دي راحت عند صفا المستشفى.

تسأل بحيرة:

-راحت عند صفا المستشفى ليه ؟ هي تعبانة ؟

ردت بإيضاح:

-لأ ولدت.

تبسم بهدوء:

-بسم الله ما شاء الله تبارك الله طيب مقالتش ليه نروح معاها؟

تهكمت قائلة:

-هي قالت ليا مع الأسف يا أخويا هي راحت ولما رنيت عليها قالت ليا.

ضرب كف بكف:

-والله بنتك دي علي الله حكايتها ومش بتفهم أصولاً كانت تقول كنا نروح نبقي جنبها البت غلبانة وملهاش غير أمها.

تنهدت بضيق وقالت:

-أه من جوزها ده ولا إلي كان جوزها أه يا ناري منه نفسي أقرقشه بسناني علي إلي عمله فيها.

أومأ بإيجاب:

-عندك حق ربنا يهديهم يارب أنا والله صعبان عليا العيل الصغير ده جه الدنيا وأبوه وأمه منفصلين بس أنا قلبي حاسس أن هو هيكون السبب في جمع شملهم من تاني.

زفرت بضيق وعقبت:

-رغم أنا صفا تستاهل سيد سيده بس عشان العيل الصغير ده يتربي وسط أبوه وأمه ربنا يهديهم يارب العالمين .

أمن علي دعائها:

-اللهم أمين يارب العالمين عايزين لما تخرج بإذن الله نجهز زيارة حلوة ونروح ليهم .

أيدته بتأكيد:

-عندك حق أكيد طبعاً يا حج ده في خطوبة نور كانوا جايين ومحملين وواقفة في ضهر بنتك دائماً ربنا يبارك فيها ويعوضها خير صفا بنت هناء.

❈-❈-❈

غادر أمير وياسين المشفي متجهين إلي سيارة ياسين لكن توقف أمير فجأة وهو ينظر حوله، تعجب ياسين من وقوفه وتسأل:

-وقفت ليه؟

استطرد أمير موضحاً:

-أحنا بالليل يا ياسين مفيش سجل مدني فاتح دلوقتي أصلاً.

ضرب ياسين علي جهته بحدة وتنهد بضيق وقال:

-مأخدتش بالي.

أومأ أمير بتفهم وقال:

-بكره الصبح تسجل الولد بإذن الله .

تنهد وأجاب:

-تمام أطلع ليهم أنت وأنا هرجع البيت وهرجع تاني.

نظر له محذراً وأضاف بتنبيه:

-متدخلش الاوضة سامع ؟ تفضل واقف علي الباب وضهرك ليه بحيث لو الباب أتفتح متشوفش حاجة سامع ؟

رد الآخر معاتباً وقال:

-عيب عليك يا ياسين بطل هبل حاضر هنفذ كل حاجة مرتاح كده؟


أومأ بإيجاب:

-إه مرتاح كده لو مكاني هتعمل أكتر من كده.


ضمه أمير بحب:

-ربنا يصلح حالك يا صاحبي.


تبسم الاخر ممتناً واتجه إلي سيارته أستقلها وغادر أسفل نظرات أمير الذي تمني أن تمر المواجهة مرور الكرام فهو علي يقين أن ياسين لن يصمت فكر أن يتبعه بسيارته لكن تراجع فهذه مواجهة بين الأب والإبن لا داعي لوجوده.

❈-❈-❈

بعد قليل فتح باب الغرفة وولجت الممرضة وهي تحمل الرضيع بين يدها، اعتدلت بضعف وعينيها تطوق لرؤيته وأشباع عيناها من ملامحه الطفولية، وضعته الممرضة بين أحضانها بحذر واضافت بتنبيه:

-هو جعان عايز يرضع الأفضل يتعود علي لبن الأم الأول قبل ما ياخد الصناعي.

أومأت صفا بتفهم وبادرت مستفهمة:

-هو كويس صح؟

تبسمت الممرضة بإيجاب وقالت:

-أطمني بخير الحمد لله.

تنهدت براحة وردت ممتنة:

-شكراً ليكي.

نهضت سلوي وقامت بفتح حقيبتها وأخرجت منها ورقة من فئة المائتي جنيه ووضعتها بيد الأخري:

-حلاوة المولود.

تبسمت الممرضة بإتساع:

-ربنا يبارك ليكم فيه أي حاجة تحتاجوها نادوا عليا.

أومأت سلوى بتفهم:

-ماشي يا بنتي شكراً.

غادرت الممرضة بسعادة بينما تحدثت نور ممتعضة:

-علي فكرة ده شغلهم يا طنط بلاش تطمعيهم فينا.

رمقتها سلوي بنفاذ صبر وقالت:

-لأ يا نور مالك النهاردة غلباوية ليه ؟ رزق وجالها بلاش تبقي قطاعة أرزاق كده وبعدين مش كنتي ساكتة أتكملتي ليه نقطينا بسكاتك فين أمير يكتمك.

انتبهت نور وتسألت:

-صحيح هو فين قاعد بره لوحده ولا أيه ؟

حركت سلوي رأسها نافية وعقبت:

-لأ أعتقد مع ياسين .

أومأت بتفهم:

-تمام هقوم أنا أروح بقي بس  ثواني هيسجلوا الولد إزاي وأحنا بالليل مش التسجيل الصبح ؟

تبسم الجميع فهي محقة وهتفت سلوي بحزن:

-محدش ركز يا بنتي أكيد هيرجعوا.

نظرت صفا إلي طفلها وضمته إلي أحضانها بحب فمنذ بضعة ساعات كان داخل أحشائها والأن قد خلقت روحاً من روحها وأصبح بين أحضانها.



الصفحة التالية