-->

رواية جديدة رواية تائهة في قلب أعمى لزينب سعيد القاضي - الفصل 37 - 1 - الخميس 19/12/2024

 

  قراءة رواية تائهة في قلب أعمى كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية تائهة في قلب أعمى

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة زينب سعيد القاضي


الفصل السايع والثلاثون

1

تم النشر الخميس

19/12/2024



"أحياناً يكون الصمت، أعظم رداً، فالصمت لغة العظماء، فلا تتحاور مع السفهاء حتى لا تهدر من قيمتك معهم"


كان يلتف الثلاثة على طاولة الطعام تترأسهم سلوى ظل ينظر ياسين إلي الطعام وعقله قد عاد يسترجع ذكرياته برفقة صفا وهو علي يقين أنها ستعود من جديد.

تساءلت سلوى بحيرة:

-مش بتأكل ليه يا حبيبي ؟ الأكل مش عاجبك ولا إيه ؟

تحدث أمير بنهم:

-الأكل إيه إلي مش عاجبه تسلم إيدك يا خالتو تحفة أوي ده والله أنا ناقص أكل صوابعي وراه يا خالتو الصراحة هتلاقي ياسين نفسه راحة للخضار السوتيه وشربة الخضار بتاع زمان.

رد ياسين بهدوء علي والدته متجاهل سخرية أمير:

-لأ حلو تسلم إيدك يا ماما طبعاً مفيش كلام.

تنهدت بارتياح:

-ألف هنا يا حبيبي مطرح ما يسري يمري يا حبيبي.

حملق بها بتخمين:

-هو إزاي أنت تعبانة وعملتي الأكل ده كله ما شاء الله؟

عضت علي شفتيها بإحراج وقالت وهي تنظر إلي أمير بعتاب:

-الصراحة دي كانت فكرة أمير عشان توافق تيجي تأكل معانا يا ياسين والصراحة أنا كان نفسي أشوفك مقدرتش أرفض.

اتسعت عينا أمير بصدمة:

-كده برده يا خالتو بتعترفي من آول قلم؟!

ألتفت إلي ياسين وتحدث بدعابة:

-طبعاً يا باشا أكيد هتعفوا عني عشان الأكل الجميل ده يا ياسو؟

رمقه شذراً وقال:

-بجد هي مشاعري بقت لعبة بين ايديكم للدرجة دي؟ أمير أنا جاي جري بالعربية من الخوف والرعب علي ماما وفي الآخر ده يطلع مقلب؟ قدر كنت عملت حادثة ؟ خبط حد ؟ أنا بجد مش عارف أقول أيه أنا تعبت ووصلت لمرحلة صعبة من عمايلكم كلكم معايا حاسة أني بقيت أراجوز كل لما واحد منكم يبقى مضايق يتسلي عليا.

نظر إلي والدته بعتاب وعقب:

-للدرجة دي مشاعري بقت سهلة عندكم تتلاعبوا بيا ليه مش بتديني فرصة أتعافي عشان أقدر أسامحك؟

تحدث أمير مدافعاً:

-خالتو مكنتش تعرف يا ياسين أنا هعمل إيه يا ياسين هي تفاجأت أني عملت ده وبعدين كفاية لمتنا دي أه أنا جبتك بطريقة مش لطيفة بس الغاية تبرر الوسيلة يا ياسين ممكن بقي تأكل لو سمحت عشان خاطري أنا.

زفر بضيق وقال:

-حاضر بس أتمني دي تكون آخر مرة تتلاعبوا بيا لو سمحتوا ممكن؟

رد أمير بهدوء:

-حاضر يا ياسين حاضر كل بقي الأكل هيبرد يا غالي بقي.

❈-❈-❈

بعد مرور عدة أيام في شقة صفا، يجلس ياسين في الصالون وهو يحمل طفله وبرفقته والدة صفا، بينما صفا تجلس بغرفة، لاعب طفله بحب وهو من حين لحين ينظر إلي باب الغرفة في إنتظار رؤيتها فمنذ يوم الولادة لم يراها يأتي لرؤيتها هي وطفله لكن تتجاهل مقابلته.

نظر لها بتردد وتسأل:

-خير صفا نايمة؟

صمتت بحرج فتفهم الآخر وتسأل بجدية:

-مش عايزة تقابلني صح؟

أومأت بالإيجاب:

-أيوة.

زفر بضيق شديد وقال:

-أنا محتاج أتكلم معاها يا طنط كده مينفعش عارف أني غلط ووجعتها أوي بس أحنا بشر والبشر معروف عنهم أنهم مخطئون المهم اننا نتعلم من الغلط ونصلحه ومع الأسف هي رافضة تسمعني أو تديني فرصة من الأساس طيب لو مش عشاني يبقى على الأقل عشان ابننا يا حاولي تقنعيها لو سمحتي تديني فرصة نتكلم.

أومأت بتفهم وقالت:

-حاضر هقوم أقولها وربنا يقدم اللي فيه الخير.

نهضت وغادرت إلي القرفة وما أن غابت من أمامه نظر إلي طفله بحنان وقال:

-ربنا يهدي أمك يا حبيبي وتسامحني.

تبسم الصغير ببراءة وهو نائماً تبسم هو الأخير وشد من ضمه بحنان خوفاً عليه.

❈-❈-❈

"لأ يا ماما لأ مش عايزة أقابله يا ماما"

قالتها صفا بإنفعال، فهدرت بعتاب:

-يا بنتي ميصحش كده الراجل كل يوم يجي يشوف إبنه ويطلب يقابلك وأنت بتهربي اسمعيه.

اتسعت عيناها بصدمة وتسألت:

-نعم يا ماما انتِ إلي بتقولي كده ؟

ردت بدفاع:

-عارفة يا بنتي بس بردوا أسمعي مني واتكلمى معاه مش عشان خاطره هو لا عشان خاطر حتة اللحمة الصغيرة إلي ما بينكم ده.

تنهدت بقلة حيلة وقالت:

-حاضر يا أمي عشان خاطرك وعشان خاطر أبني هلبس الإسدال وأخرج ليه لما أشوف آخرتها.

تبسمت هناء براحة وقالت:

-آخرتها خير بإذن الله يا حبيبتي.

❈-❈-❈

بعد فترة خرجت من الغرفة وهي وجهها تظهر تعابير الامتعاض، نهض لاستقبالها ومد يده مرحباً، مدت يدها على مضض، عاد إلى الجلوس مرة أخرى وجلست هي الأخرى تحدث بهدوء:

-أخبارك يا صفا ؟

ردت باختصار:

-الحمد لله .

تسأل بحذر:

-صفا مش ناوية بقي تنسي اللي فات ونبدأ من جديد ؟ أنا عارف أني غلط بس خلاص عرفت غلطي أوعدك أني هصلح كل حاجة بس عشان خاطري محتاج إنك ترجعي ليا من تاني.

تبسمت ساخرة وعقبت مستفهمة:

-تصلح غلطك إزاي ؟ ها قولى هترجع الزمن لوراء من تاني ؟ الحزن إلي عشته هتقدر تمحيه ؟ وجعي والذل غير كل ما تشوفني وكلامك الجارح أقل حاجة أنا لما هخرج بأبني لو حد شافني من زمايلي القدام ويشوفه معايا يسأله خلفت إزاي واتجوزت امتي  هرد عليهم بأيه؟ عارف عقلهم هيوصل لفين يا ابن الناس ؟

تحدث مدافعاً:

-إلي هيفكر يفتح بوقه أنا هقطع لسانه بنفسي يا صفا أنا كفيل أوقف كل واحد عند حده حزنك إلي كنت السبب فيه والوجع إلي عشتيه كنت عايشه معاكِ أنا كمان هعوضك عن كل ده أوعدك يا حبيبتي.

تبسمت ساخرة وتسألت:

-هتعوضني إزاي ؟ بفلوسك؟

رمقها بعتاب وقال:

-هعوضك بالحب والحنان يا  صفا هما كافين يداوي جروحنا.

آخذت نفس عميق وردت:

-ده بالنسبة ليك لكن بالنسبة ليا أنا لأ أنت بره حياتي يا ياسين وكل الحب إلي بتتكلم عنه ده بالنسبة ليا سراب وكل إلي يربطني بيك هو ابننا وبس.

تبسم بهدوء قبل أن يعقب مضيفاً:

-صفا أنا عارف كويس انتِ عايزة توصلي لإيه عايزة توجعيني زي ما وجعتك اعملي إلي انتِ عايزاه أنا بحبك وأي شئ هتبقله منك وأنا واثق ومتأكد إنك انتِ كمان بتحبيني وكل الي بتعمليه ده عشان تداري الحب ده لكن في النهاية أحنا الأتنين بنحب بعض ومسير المياه ترجع لمجاريها.

ردت ببرود:

-ياسين انت بتتعب نفسك على الفاضي احنا طرقنا اختلفت من زمان ياريت تحط ده في اعتبارك.

تجاهل حديثها وهتف بإصرار قبل أن ينهض ويعطيها الولد:

-طرقنا مهما اختلفت في نهاية المفترق هنتقابل خدي الولد أنا همشي محتاجة حاجة ؟

ردت باقتضاب:

-شكراً أنت آخر شخص ممكن أحتاج ليه يا ياسين وياريت الحاجات اللي بتجبها كل مرة متجبهاش تاني.

تبسم ببرود وعقب:

-أنا بجيب لمراتي وأبني.

أشتعلت عيناها وهتفت بغيظ:

-أنا مش مراتك.

رد بتحدي:

-مراتي يا صفا بمزاجك أو غصب عنك انتِ مراتي يلا سلام.

ودعها وغادر بعد أن وضع قبلة حانية علي جبين طفله وتركه داخل أحضانها بحرص شديد.

❈-❈-❈

بينما في غرفة صفا ما أن إستمعت إلي صوت غلق باب الشقة نهضت بتثاقل، وخرجت من الغرفة وهي تسير تجاه صفا بتمهل وتداركت مستفهمة:

-هو مشي يا بنتي خلاص ؟

أومأت بالإيجاب:

-أيوة يا ماما.

جلست جوارها مربتة علي ظهرها بحنان وقالت:

-طيب وصلتوا لأيه؟

ردت باختصار:

-تفتكري هنوصل لأيه يا ماما ولا أي حاجة من الأساس.

تنهدت الأخري بحزن وقالت:

-أديه فرصة يا بنتي انتِ لسه بتحبيه لو مهما تقولي كرهتي والكل صدقك أنا استحالة أصدقك يا بنتي أنا أمك وأكتر واحدة عارفاكي يا قلب أمك.

قطع حديثهم رنين جرس الباب نظروا إلي بعضهم بحيرة وأردفت صفا متسائلة:

-مين إلي هيجي ؟ طنط وأمير جم الصبح ونور في نبطشية وياسين لسه ماشي.

ردت والدتها بحيرة:

-والله ما أنا عارفة يا بنتي قومي أدخلي انتِ بالولد وأنا هشوف مين.

نهضت صفا بالفعل واتجهت الى غرفتها، تنتظر والدتها حتى غاب طيفها ونهضت تفتح الباب بحذر وهنا كانت الصدمة ظلت ترنق الطارق بعدم إستيعاب حتى انتبهت على صوت الآخر.

"ينفع ادخل"

الصفحة التالية