-->

رواية جديدة رواية تائهة في قلب أعمى لزينب سعيد القاضي - الفصل 38 - 1 - الأحد 22/12/2024

  

  قراءة رواية تائهة في قلب أعمى كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية تائهة في قلب أعمى

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة زينب سعيد القاضي


الفصل الثامن والثلاثون

1

تم النشر الأحد

22/12/2024



"ما أسوأ من الخطأ إنك تتمادى في الخطأ بدلاً من أن تقوم بإصلاحه"


كانت تتحرك في الشقة ذهاباً وإياباً بقلق شديد على ما أصاب ابنتها وفلذة كبدها، لا تدري هل ما يحدث معها طبيعي ؟ أليس لها نصيب من الفرح مثلها مثل الصبايا من عمرها ؟


استمعت إلي رنين جرس الباب ركضت سريعاً إلي الباب وفتحت لهم، فور أن عادوا إلي المنزل استقبلتهم هناء بلهفة وهي تضم ابنتها بحنان وتتفحص كل إنش بها:

-انتِ كويسة يا قلب أمك؟ طمنيني عنك وشك اصفر ليه ؟ 

أومأت بالإيجاب وقالت:

-الحمد لله يا أمي أنا بخير قدامك أهو واقفة علي رجلي طمنيني محمد فين صحي ولا لسه؟

هزت رأسها بلا:

-لا نايم يا قلب امك ادخلي ادخلي ارتاحي.

دلفت برفقة والدتها وياسين الذي أغلق الباب واتبعهم إلي الداخل، نظرت إلي صفا وتساءلت بفضول:

-الدكتور قال عندك ايه؟

ردت بوهن:

-ضغط عصبي يا حبيبتي مفيش حاجة.

امتعض وجهها بحزن وقالت:

-ربنا يتولاكى ويخفف عنك يا بنتي مش مكتوب ليكي الفرح يا قلب أمك حظك قليل نقول أيه لله الأمر من قبل ومن بعد.

حاول ياسين تغيير الأجواء بمرح وإدخال الفرح إلى قلب تلك الأم المكلومة فهلل بفرحة:

-مش هتباركي لينا يا حماتي ولا إيه خلاص أنا وصفا اتصالحنا الحمد لله؟

اتسعت عيناها بفرحة:

-أيه خلاص هترجعوا لبعض يا صفا يا بنتي ؟

تبسمت بهدوء:

-أيوة يا ماما بإذن الله.

نظرت إلي ياسين بحنان:

-طيب الحمد لله مش هوصيك يا أبني عليها.

حرك رأسه بإيجاب وهو يشير إلي عينيه :

-في عنيا الأتنين يا ست الكل الصبح بإذن الله تعالى هجيب المأذون ونكتب الكتاب ونعلي الجواب وأول ما تشد حيلها شهر بالكتير وهنعمل فرح كبير .

هتفت صفا باعتراض:

-فرح أيه لا طبعاً مفيش فرح.

تحدث بهدوء:

-لأ هيتعمل فرح ومش هتدخلي بيتي غير عروسة وفستان أبيض كمان وفرحنا مش هيكون أي فرح ده هيبقى فرح يتحاكى به الناس لسنين قدام وشهر العسل هنطلع عمرة أنا وأنت ومودي وطنط وماما كمان.

اتسعت عيناها بفرحة عارمة وقالت:

-أنا عندي العمرة كفاية ومش عايزة غيرها وفر فلوسك يا حبيبي مش مهم الفرح المهم فرحتنا ببعض.

تجاهل ردها وتحدث بإصرار:

-فداكي ملايين الدنيا كلها يا صفا وقومي يلا ارتاحي أنت وطنط وبعد إذنكم هبات هنا علي الكنبة مش حابب أمشي وأنا قلقان عليكم لو هتسبب في إزعاج أنزل أقعد في العربية.

قاطعته هنا بحده:

-لأ طبعاً عربية أيه أنت هتفضل هنا ده بيتك يا أبني هتنام في أوضتي وأنا هنام في أوضة صفا معاها.

حرك رأسه نافياً وعقب بإصرار:

-لأ هنا على الكنبة وحضرتك أرتاحي في أوضتك .

تنهدت بقلة حيلة وقالت:

-لله الأمر من قبل ومن بعد حاضر يا حبيبي هقوم أجهز العشاء.

تبسم ممتناً:

-تسلمي يا ست الكل.

نهضت تحضر الطعام بينما ظل ياسين برفقة صفا بمفردهم.

حملق ياسين في آثر والدة صفا حتي اختفي أثره ونهض من مكانه واتجه إلي جوار الأريكة التي تجلس عليا صفا وهتف بحب:

-وحشتيني.

تبسمت بخجل وهي تبتعد عنه قليلاً وترد بإرتباك:

-طيب.

ضيق عينيه متسائلاً:

-طيب ؟ هو أيه إلي الي طيب ؟ صفا انتِ لسه زعلانة مني وكمان مكسوفة ؟

رمقته بتردد وهتفت بتوتر:

-لأ مش زعلانة.

أكمل بحيرة:

-طيب مالك مكسوفة مني ليه؟

تهربت من النظر إليه وتحدثت بصوت خافت:

-أحم يعنى أنت مكنتش بتشوف الأول لكن أنت دلوقتي بتشوف وكمان الصراحة نظراتك بقت مش بريئة خابص.

ظل يرمقها بعدم تصديق وسرعان ما انفجر ضاحكاً، زفرت بضيق وتسألت:

-هتفضل تضحك كده كتير ؟

حرك رأسه بعدم تصديق:

-المفروض أعمل إيه صفا انتِ كنتِ مراتي يا قلبي وبينا بيبي أهو ولسه مكسوفة مني ؟

أومأت بالإيجاب وقالت:

-الوضع غير طبعاً وبعدين أحنا اتجوزنا أسبوع يتيم أصلا وأنت مكنتش شايف وكنت ببقى مكسوفة منك ومن كلامك دلوقتي بقي كمان مع نظراتك دي طبيعي يبقي ده وضعي.

تبسم بهدوء وقال:

-خدي وقتك يا قلبي لسه معانا شهر على الفرح.

هتفت بحماس:

-أيه رأيك تعمل فرحنا مع أمير ونور ؟

حرك رأسه يميناً ويساراً وأضاف بنبرة جادة:

-لأ يا صفا فرحنا هيبقي فرحنا أحنا بس وانتِ الملكة المميزة بتاع اليوم ومش هقبل بحاجة غير كده.

تبسمت ممتنة وعقبت:

-ربنا يخليك ليا يا ياسين.

خرجت والدتها من المطبخ تحمل صينية كبيرة مرتص عليها الطعام، نهض ياسين علي الفور وأخذها من يدها ووضعها على السفرة، وما أن أبصر محتواها حتى تحدث بلطف:

-ليه حضرتك تعاتبي نفسك كده مفيش داعي.

ردت بلطف:

-تعبك راحة يا حبيبي.

نهضت صفا هي الأخرى وسحبت مقعد السفرة كي تجلس لكن أوقفها بكاء صغيرها، لكن أوقفها ياسين قبل أن ينهض هو قائلاً:

-خليكي مرتاحة هروح أنا أجيبه.

أومأت بالإيجاب:

-حاضر.

اتجه إلى غرفة صفا، وعينيه تشع حباً وحناناً تجاه صغيره بسط ذراعيه وحمله برفق وهو يقبل كل أنش في وجهه:

-قلب بابا أنت يا صغنن.

اتجه به إلى الخارج وجلس على المقعد وهو يحمله بين أحضانه، حاولت صفا آخذه لكن رد برفض.

صفا:

-هاته يا ياسين عشان تعرف تأكل.

حرك رأسه نافياً وعقب:

-لا متقلقيش هعرف كلي انتِ يا قلبي بس هو بيعيط ليه ؟

هتفت والدة صفا معقبة:

-عادي يا حبيبي متشغلش الأطفال الصغيرين كده دائماً كل يلا بسم الله.

أومأ بتفهم وشرع الجميع في تناول الطعام حتى انتهى الجميع، ونهضت صفا وهي تلمم الأطباق وتتساءل:

-قهوة ولا شاي يا ياسين ؟

حرك رأسه نافياً وقال:

-ولا أي حاجة مش قادر أفتح عيني أصلا عايز أنام.

ردت مبتسمة:

-تمام تصبح على خير.

نهضت كذلك والدتها واتجهت إلي غرفتها بينما أنهت صفا جلي الأطباق واتجهت إلي ياسين وجدته غافياً على الأريكة وطفلهما غافياً فوق صدره في مشهد تقشعر له الأبدان، شعرت بقشعريرة تسري بثائر أوصالها وعيناها تشع حباً وعشقاً كم تمنت كثيراً أن يحدث هذا المشهد لكن دائماً تعاتب نفسها أنه لم يحدث، وها قد تحقق الحلم واصبح حقيقة، تحركت بأقدام هلامية وانحنت بجذعها وهي تحاول فك قبضته كي تأخذ الصغير لكنه فتح عينيه بخوف من أن يسقط الصغير.

هتف بصوت خافت:

-أهدي أهدي أنا بس باخد الولد عشان تنام مرتاح.

تبسم بهدوء وقال:

-ومين قالك أني كده مش مرتاح ؟ دي أول مرة في حياتي أنام مرتاح كده.

رمقته معاتبة وقالت:

-يا سلام ولما كنت أنا معاك مكنتش بتنام مرتاح؟

رفع يده باستلام:

-لأ لأ يا باشا العفو مش قصدي.

آخذت منه الطفل بحنان وتحدثت بابتسامة نصر:

-أيوة كده شطور يلا تصبح الخير.

"وأنتِ من أهلي"

نطقها بعشق نابع من قلبه.

ابتسمت بخجل وغادرت إلى غرفتها تابعها حتى اختفت من مكانه، وغفي مرة آخري بنوم عميق وراحة افتقدها منذ زمن بعيد.

❈-❈-❈

في تمام العاشرة مساءً توقف أمير بسيارته أسفل منزل نور بعد جولة طويلة لشراء ما يلزم عش الزوجية، التفت أمير إلي نور وتحدث بمرح:

-وها قد وصلنا أخيراً.

رمقته شذراً وصاحت موبخة:

-يا سلام فرحان أوي عشان هتخلص مني 

قلب عينيه بملل وتدراك مستفهماً:

-تعرفي يا نور نفسي أيه ؟

ردت باختصار:

-لأ معرفش نفسك في أيه أنجز ؟

"أنجز وربنا حاسس أني هتجوز غفير"

نطقها بصوت خافت، ثم أكمل بجدية مطلقة:

-نفسه أعلقك من لسانك الطويل ده يا كلب البحر أيه يا شيخة الملافظ سعد يا شيخة وبعدين مزهقتش منك ولا حاجة بس زهقت من اللف النهاردة طلع عيني نور أنتِ بالك طويل أوي وأنا يا دوب راجع من الشغل تعبان ومش قادر افتح عيني أيه رأيك بقي أنتِ تروحي تجيبي إلي نفسك فيه مع طنط وأنا موافق على كل اللي أنتِ عايزاه وأنا موافق علي ذوقك.

ردت بمقط شديد:

-مع الأسف ماما من آخر مرة خرجنا فيها سوا نجيب حاجات قالت توبة مش خارجة معاكي تاني.

رفع حاجبه باستنكار:

-نعم يعني أمك قالت ليكي مش هتخرج تانى معاكى وألبس أنا؟

رمقته شذراً وصاحت بعصبية:

-نعم نعم أيه ألبس دي بس وبعدين مش أنت خطيبي يعني هتبقي جوزي قرة عيني المفروض تبقي جنبي كتف بكتف يا حبيبي وتلف معايا هي شقتي لوحدي؟ يعني يرضيك أخرج لوحدي؟


الصفحة التالية