-->

رواية جديدة ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » مكتملة لقوت القلوب - الفصل 22 جـ 1 - 1 - السبت 14/12/2024

  

قراءة رواية ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية ظننتك قلبي

« لكن بعض الظن إثم »

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة قوت القلوب


الفصل الثاني والعشرون

الجزء الأول

1

تم النشر يوم السبت

14/12/2024

« اليوم المنتظر ..»



أبحث عمن يفهمني وأفهمه ، عمن يغنيني عن نصف آلامي وثلثي تفكيري وثلاثة أرباع حيرتي ويهبني طمأنينة كاملة ...

ربما تلك أمنية أسعى إليها منذ وعى عقلي لتلك الحياة القاسية فلا أريد منها سوى طمأنينة قلبي ...


المخابرات العامة (الجهاز) ..

مكتب معتصم ..

تباحث "معتصم" مع "عمر" أمر هذا التعاون فيما بينهم لكن من داخله كان يترقب وقت بدء الإجتماع بتحفز شديد ، بدقة متناهية دقت الساعة الواحدة وحان الموعد المرتقب ...

عمل لا يعرف التدلل ولا الرعونة بل كل ما به يُحسب بالدقيقة والثانية ، ففي الموعد تمامًا دقات علت باب المكتب لتسمح بطارقها للدخول ، تعلقت أعين كلًا من "عمر" و "معتصم" بالباب لكن ترقب عيون الصقر التى تضئ كالياقوت الأسود كانت تخص هذا الشرس الحاد وهو ينتظر وجه واحد فقط يبحث عنه بين كل الحضور ...

دلف بعض الأشخاص بقوة وجسارة ثم تلتهم هي ، بخطواتها الثابتة ونظراتها الحادة وشموخ روحها دلفت لداخل المكتب لا يهزها أى مشاعر خفية ولا توتر بين الرجال فكانت هي أنثاهم الوحيدة لكن ذلك لم يهز بها شعره واحدة ، إنتهى دخول المجموعة بقدوم "طه" الذى أغلق الباب من خلفه إستعدادًا لبدء الإجتماع ...

لم تثتثني عينا "معتصم" البراقتان غيرها بل ثبتت نظراته نحوها لتطالعه هي أيضًا بنفس الثبات والحدة كما لو تخبرة بأنها قادرة على التحدي ولن يتغلب عليها مطلقًا ...

لم تكن "عهد" بعيون "معتصم" سوى .. خائنة ، لا يدرى لم ينظر إليها تلك النظرة وإحساسه بالسخط والغضب من فكرة زواجها مِن سواه جعلته لا يحُكم على الأمور بمنطقية ، فلقد ظن أنها خدعته حينما لم تخبره بأمر خطبتها من "طه" ، يشعر بأنها خانتهُ بعدم وضوحها ، مشاعر مضطربة ومشوشة لم يُدرك بها حقيقة واحدة بأنه لا يتقبل فكرة أحقية آخر بها ، كما لم يدرك كم عشق تلك الفتاة وسقط ببحور الهوى دون رغبته ...

بدأ الإجتماع حينما إتخذ كل فرد في المجموعة مقعده ليبدأ "عمر" بالتوضيح لهم بينما إلتزم "معتصم" الصمت يقرأ الوجوه خاصة وجهها المتحجر ...

وقف "عمر" بالصدارة قائلًا ...

- أهلًا بيكم جميعًا ... إحنا حندخل فى الموضوع على طول ... المعلومات إللي إحنا جمعناها فى أمن الدولة إن فيه مجموعة بيتاجروا فى بعض المهربات ومنها سلاح وغيره ... لحد هنا ده كان شغل أمن الدولة ... لكن وصلتنا معلومات إن المجموعة دي لها فكر متطرف وبيخططوا لإغتيالات متعددة لناس مهمة جدًا في الدولة ... وكان لازم يكون فيه تعاون بين الجهازين عشان نوقع الشبكة دي قبل ما تبدأ عملها الإرهابي ده ...

إهتمامهم جميعًا بما يسرده "عمر" شغل تركيزهم جميعًا إلا "معتصم" الذى كان يتابع ملامح "عهد" الجادة المتحفزة للأمر ، حماس داخلي إنتابه بقربها زاده إحساس بدقات متعالية لهذا الثائر بين ضلوعه فكم كانت جذابة بصورة تطيح بالعقل ، جميلة بفطرتها دون رتوش مصطنعة ، إنها تحفة فنية دقيقة الصُنع ، كما لو أن كل ما بها خُلق بعناية فائقة لتظهر بجمال ساحر جعل قلبه يرتجف ، صورة بقية أعضاء المجموعة أخذت تتلاشي من عيناه لتبقى هي وفقط ...

حلقت به بدنيا الخيال أراد قربها وبشدة ، إنه سقط متيم بعشق تلك المتوحشة ، سقطت عيناه المتفحصة على تقاسيم وجهها ببطء بينما هي غافلة مستمعة بإنصات لرفيقة الذى أخذ يستكمل طبيعة المهمة لكل عضو متواجد بالمكتب ...

عيناها الناعستان وبشرتها الناعمة الملساء وشفاهها الوردية ، قنبلة حُسن على مقربة منه ولا يستطع الوصول إليها ...

تذكر غيظه منها فكيف سمحت لنفسها بالإرتباط بسواه ، لا يمكنه قبول ذلك ، إنها لا تستحق سواه ولا يتمنى غيرها ...

لولا أن إستفاق على صوت "عمر" مناديًا إياه لكان تخطى كل الحدود بجاذبيتها التى سلبته تفكيره الرزين فلم يعد هناك ثبات بحضرتها ...

تنحنح "معتصم" مستكملًا بقتامة أخفت تخبطه الداخلي ...

- إحم ... زي ما فهمتوا من حضرة الضابط "عمر" ... إحنا مهمتنا التعاون مع جهاز الشرطة والتوصل لأفراد المجموعة دي والقبض عليها ... طبعًا العملية دي تحت قيادتي ... وإشراف الرائد "عمر" طبعًا ... وحنبدأ بتقسيم نفسنا مجموعتين عمل ... النص حيكمل مع "عمر" باشا في الرصد المعلوماتي ... والبقية معايا فى المراقبة العامة ... 

إلتف نحو أهم أهدافه الآن ليردف بصيغة آمرة ...

- حضرة الضابط "طه" و "عهد" و "حليم" و "عبد الرحمن" معايا ... و"مطاوع" و"محمد" و "شادي" مع "عمر" باشا ... حنبدأ الترتيب والشغل من يوم الخميس بعد بكرة إن شاء الله ...

إقتضب وجهها الناعم بقسوة فهي لن تنصاع بتلك السهولة لأوامره حتى لو كانت صحيحة لتنهض هاتفه بحنق شديد ...

- لحظة واحدة ... هو إيه إللي دول هنا ودول هنا ... إحنا مش خرفان ... إحنا لينا حق الإختيار ...

رغم إستهجان "معتصم" لمعارضتها له إلا أن النشوة الخاصة بمشاكساتها له عادت مرة أخرى ليشعر بسعادة بالغة لذلك ، سعادة لم يظهر منها ولو لمحة بسيطة فقد إستطاع بحرفية إخفائها بقتامة وجهه وتعبيراته الحادة ...

- أفندم ...!!!!

شرر تطاير بالأفق يعلن بداية إندلاع النيران بين قطبان متنافران ، إرتجف "طه" وهو يرى زمجرة "معتصم" الشرسة حين دنا من "عهد" مستكملًا بنبرة غاضبة ...

- إيه إللي بتقوليه ده يا حضرة الضابط ...!!!! 

بوقفة تحدي إستعدت لها "عهد" وهي تواجهه بذات الشراسة وعيون حادة النظرات دون الإكتراث بوضعه أو بمكانته ...

- إللي إنت سمعته ... إحنا مش خرفان ولينا حق الإختيار ... مش يمكن أشتغل مع حضرة الضابط "عمر" ... ليه بتفرض عليا رأيك وبس ...

إنصات متوتر بين بقية المجموعة فلا داعي لهذا العنف والمشادة التى قامت بها "عهد" مع ضابط كبير ومخضرم مثل "معتصم" لينتظر الجميع بتوجس نهاية تلك المشادة ...

رفع "معتصم" رأسه بشموخ وتعالي رافعًا حاجبه بحدة ..

- إللي قلته أمر ... ولازم يتنفذ ...

لحقته بمثيل لفعله كما لو أنها تخبره كما ستفعل سأفعل ...

- وأنا بقولك لأ ...

تحدي صامت بين عينان متوهجتان ينظر كلًا منهما للآخر كإختبار لثبات كلًا منهما ، قطعه ترجي من "طه" لـ"معتصم" ...

- معلش يا "معتصم" باشا ... أكيد "عهد" متقصدش ... هي بس كانت بتسأل لو ممكن هي تختار تبقى فين يعني ...

تفاجأ "طه" بكلاهما يناظرانه بسخط ثم صرخا بوجهه كلاهما بنفس اللحظة بحنق ...

- مالكش دعوة إنت ...

كما لو أن كلًا منهما يحمل ثقلًا بقلبه تجاه هذا المستفز الذى إنتفض بفزع لهجومهما الضاري عليه ليتراجع بصمت وهو يومئ بإرتباك ...

عاد كلاهما يناظر الآخر بحلبة مصارعتهم لإثبات من الأقوى إنتهت بتدخل "عمر" لينهي هذا الأمر ...

- خلاص يا حضرة الضابط ... لو مش مرتاحة لتقسيم القائد ... إتفضلي إنضمي لمجموعتي وبلاش الحدة دي في التعامل ... المفروض إن إللي حصل ده يبقى فيه جزا لأن الأمر لا يناقش ... 

تراجعت عيونهما عن حدتهما فهو لا يريدها أن تتعرض للجزاء ، وهي لا تريد الإبتعاد عنه لتكتفي بأنفاس متهدجة متلاحقة بضيق ثم أردفت وهي تخرج من الباب ترمق "معتصم" بنظراتها إيهامًا له ولها بأنها المنتصرة ...

- لا خلاص ... أنا حنفذ كلام الـ .... قائد ...

رغم خروجها المشحون إلا أن شبح إبتسامة تعلق بشفتي "معتصم" الممتلئتان بنشوة فقد بدأت الحرب للتو ، حرب يحب الإستمتاع بها ليهمس بنبرة لا تكاد تُسمَع ...

- ولسه يا بنت "مسعود" ... والله ما أنا سايبك ...

لحقها خروج بقية الضباط ليبقى "عمر" و "معتصم" لدراسة الأمر بكافة جوانبة وتقسيم أطراف المهمة التى ستبدأ بعد غد الخميس وسط تشوق الجميع لتلك البداية الجديدة ...


❈-❈-❈


بيت عائلة الأسمر ( شقة وعد) ...

سيل من الكلمات الحانية التى طالما تتوقت لسماعها فهل ستحقق مساعيها أخيرًا ، هل "محب" هو فرصة ذهبية لحصولها على السعادة ...

تفكرت لبعض الوقت بطلبه للزواج منها ، وبعد تردد كبير ومقابلتها لـ"عهد" كانت أفكارها تتأرجح بين الرفض تارة والبقاء برفقة أختها تهتم لأمرها ، لكن بالمقابل ستؤجل مرة أخرى إهتمام "عهد" بحياتها المؤجلة ، وبين أن توافق على طلب "محب" وتتزوجه ويصبح مسؤولًا عنها وعن إبنها ...

لكنه حَسم الأمر حين نطق كلمة (أحبك) ليصبح الأمر منتهى تمامًا لتردف بإيجاب ...

- أنا موافقة يا "محب" ...

تكاد تجزم أن بريق السعادة التى لمعت بمقلتيه البنيتان لم ترهما من قبل حتى بموافقتها بالزواج من "عاطف" من قبل ...

كم هو رائع شعور أنكَ مرغوب بِك ، وأن هناك شخص يُحبُك ويتتوق لقُربك بهذه الدرجة ...

تهدج صدر "محب" بقوة معقبًا ...

- ياااه .. أخيرًا نطقتيها ... كنت حاسس إني مش حسمع موافقتك دي أبدًا ...

إبتسمت "وعد" بخجل وهي تنكس رأسها مبتعده بعينيها عن خاصتيه اللاتي يراوغونها بقوة لتردف بهمس خجول ...

- وأديني قولتها ...

وضع سبابته أسفل ذقنها ليرفع وجهها الملائكي للأعلى متمعنًا بزرقاوتيها الساحرتين ...

- من النهاردة مش عاوزك تنزلي وشك فى الأرض ... إرفعي دايمًا عيونك لفوق ... بحب عينيكِ ...

تاهت عيونها بهذا الحالم العاشق أمامها وهي تناظره مباشرة ، إرتجاف سرىَ بجسدها فقد شعرت للتو بأنها مع إنسان آخر غير ما عاهدته من "محب" ، فكيف يتحول بتلك السرعة لشخص يماثل إسمه تمامًا (محب) ، فمتى وأين دق قلبه لها ، وما هذا الشعور الغريب الذى يجتاحها ، هل هو مجرد إحتياج للمحبة والحنان التى يغدقهما عليها ، أم أن شرر الحب قد بدأ بإلقاء أسهمه ...

طالت نظراتهم حتى همس "محب" ...

- حضري نفسك يا ملاكِ ... فرحنا يوم الخميس ...

لو لم تكن تدرك تمامًا ما مرت به وسبب تلك الزيجة لظنت أنها عاشقة لهذا الرجل سعيدة بهذا الخبر ، دق قلبها فرحًا تاركه مشاعرها تنساب تجاهه فيبدو أنها ستقع بالحب دون أن تدرى ....


❈-❈-❈


عيسى دويدار ...

قبل أن يعود لمكتبه مر بهذا البيت المتهالك الخالي من السكان ليبحث عن تلك الورقة التى أخبره بها "رمزي" ، وسط بعض الركام وجد صندوق مخفي تمامًا عن الأعين قد خبأه "رمزي" قبل القبض عليه كما أخبره اليوم بالسجن ...

حاول "عيسى" إنتشال هذا الصندوق من بين الركام فاتحًا إياه ليجد مبتغاه ، إنها قائمة بأسماء بعض من كبار المسؤولين والمستثمرين مدون أمام كل إسم منهم مبالغ مالية وأرقام حسابات البنوك خاصتهم ليهتف "عيسى" بحماس ...

- أيوة كدة ... هو ده الخيط إللي بدور عليه ...

وضع الورق بجيب سترته ليتجه لمكتبه على الفور فعليه العمل لإنهاء تلك القضية ...


الصفحة التالية