-->

رواية جديدة ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » مكتملة لقوت القلوب - الفصل 20 جـ 1 - 1 - الإثنين 2/12/2024

 

قراءة رواية ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية ظننتك قلبي

« لكن بعض الظن إثم »

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة قوت القلوب


الفصل العشرون

الجزء الأول

1

تم النشر يوم الإثنين

2/12/2024

 « عيون مشتاقة ...»



أنت الأول والأخير لا يضاهي وجودك شئ ، سلام على كل عابر بقلوبنا فلا أحد يمكنه ملأ فراغك مهما حاول ، يقتلني شوقي إليك فبقلبي حنين صامت يتتوق لرؤياك ، فهل يصلك رسالة صمتي أم أنني بالإشتياق وحيد ...


بيت محفوظ الأسمر ...

أعدل "محب" من إستقامة قامته بعد أن حاول لمرة أخرى حث والدته على التحدث فمن يتخيل أن تلك المرأة التى لم تصمت يومًا أو تهدأ نفسها أن تفقد النطق تمامًا وتبقى على هذا الحال منذ خمسة أشهر ، لأيام طويلة وليالي قاسية قضتها "قسمت" ممدة بفراشها دون النطق بكلمة فصدمة فقدانها لـ"عاطف" كانت عظيمة للغاية ...

تحير الأطباء بوضعها الصحي فهي ترفض التحدث لأثر فقدانها العظيم بنفسها وليس لسبب عضوي ..

حاول "محب" حث والدته مرارًا أن تخرج من قوعتها وتعود لحركتها وأصواتها الصاخبة ، وأن عليها تقبل قضاء الله وإكمال الحياة فالرضا بما قسمة الله هو الإيمان الذى يجب أن نتحلى به ، لكن نفس "قسمت" الضعيفة لم تتحمل هول الأمر لتبقى على وضعها لتلك الأيام دون محاولة منها لتخطى الأمر ...

صدح صوت "عتاب" من خلف "محب" قائله ...

- "محب" ... تعالى عاوزاك ...

طلبٌ مُحلى بلهجة آمره جعل "محب" يترك غرفة والدته خارجًا للقاء جديد مع "عتاب" والتى لا تكف عن طلبه لوضع حدود جديدة من أفكارها ..

همس "محب" بصوت خفيض ببعض الضجر من طلبها المستمر ...

- فيه إيه يا "عتاب" ... ؟!! ما تستني شوية ..!!!

لوت فمها بإمتعاض مردفة بإستهزاء ...

- يعنى قعدتك معاها هي إللي حتفرق ... ما هي على الحال ده من خمس شهور ...!!!

دفعها "محب" بخفة من مرفقها للإبتعاد عن غرفة والدته قائلًا بإستياء ...

- وطى صوتك ... كفاية إللي هي فيه ...

تقدمت "عتاب" وهي تحدث "محب" أثناء إبتعادها عن الغرفة ساخرة من لين طبعه المفاجئ ...

- طيب يا حنين ... تعالى ورايا ...

تبعها "محب" حتى إبتعدا تمامًا عن غرفة والدته ليسألها بتملل ...

- عايزة إيه تاني ...؟؟!

تطلعت بجانب عينيها تجاه الباب المفتوح لتتأكد أن "وعد" لم تأتي بعد فقد خرجت منذ الصباح ، ثم أجابته بتساؤل مرتاب ...

- كنت عايزة أعرف إحنا لسه على إتفاقنا ولا إيه ...؟!!

زفر "محب" بقوة فلم يعد يتحمل تكرار "عتاب" للأمر ليجيبها بإنفعال ليس من طبعه ...

- وأخرتها معاكِ ... !!! مش خِلصنا من السكة دى ... وخلاص ...!!!

عقدت "عتاب" ذراعيها أمام صدرها وهي تعيد على مسامع "محب" إتفاقهم لتضمن أنه مازال على العهد معها ...

- ونقول تاني وتالت ورابع ... إحنا متفقين إن إنت لازم تتجوز "وعد" وتبقى وصي على "زين" ... ده إحنا كل فلوسنا بقت بإسمه حتى الورق مش لاقينه ... يعنى لازم كل حاجة ترجع لينا ... كمان أنا مقدرش على خدمة عيل كمان ... كفاية عليا عيالي وأمك ... إنت لازم تتجوزها عشان ناخد منهم حقنا ... ماشي يا "محب" ...؟!!

بإيمائة خاطفة أجابتها بضيق ...

- وأنا قلت لك ماشي ... وإتفقنا .. وإنتِ هددتي "وعد" يا نتجوز يا تبلغي عنها إنها قتلت "عاطف" ... وكل حاجة ماشيه تمام ومستنيين موافقتها ونخلص ... عاوزة إيه تاني ... ؟؟!

مالت برأسها الطويل لتحدق عيناها السوداوتين المخيفتان بأخيها فإتفاقهما هو ما سيرجع مالهم وعليه الإلتزام بذلك وعليها أيضًا التيقن من ذلك كلما سمح الأمر ...

- عاوزة أقولك إن الكلام منهى ... أنا مش عايزاها تصعب عليك ... ولا تضحك عليك ... إحنا فى الهوا سوا يا أخويا ...

تمالك "محب" غضبه من تكرار "عتاب" لتذكيره بالأمر ..

- تمام ... تمام ... متقلقيش ... هي بس توافق ونخلص ونكتب الكتاب على طول ...

- الله ينور عليك ... نكتب الكتاب ... ونشوف طريقة بقى نرجع حقنا من الهانم وإبنها ...

إكتفى "محب" بهذا الحديث ليخبرها أثناء مغادرته ...

- طيب ... أنا نازل المعرض عشان إتأخرت ... سلام ...

لم ينتظر "محب" ردها بل إتجه نحو الخارج فالأجواء ببيت العائلة أصبحت خانقة للغاية ...

إنتهزت "عتاب" تلك الفرصة للبحث عن أى أوراق تثبت ملكيتهم لأى شئ قد تناسي والدهم بتسجيله بإسم "زين" ، فجميع ما يمتلكونه الآن أصبح ملكًا لإبن "عاطف" فقط ....


❈-❈-❈


عطارة النجار ...

تنتشر الفئران بعد غياب أصحاب البيت وإنشغالهم عن خيره ، وهكذا كان "فريد" الذى وجد ضالته بعد سفر "مأمون" وإنشغال والده بالمرور على بعض التجار أقرانه بالسوق ، دار "فريد" بخيلاء متخيلًا ما يُمكنه كسبه لو تملّك تجارة والده وأصبح هو المتحكم بها ...

إبتسم بخبث ضئيل الذكاء وهو يملس بكفه فوق مقعد والده والذى يجلس عليه "مأمون" في العادة وقد حلق بخياله ببحور الثراء والرخاء ...

جلس "فريد" مستمتعًا بتلك اللحظة التى لا تتكرر كثيرًا قبل أن تخرجه دقات هاتفه من حلمه الجميل لينتبه له ، إبتلع ريقه بإضطراب وهو يبلل شفتيه الجافتين مجيبًا ...

- "نونه" حبيبتي ... إيه الأخبار ...؟!!

خشيته من غضبها إذا أخطأ أنساه تخيله منذ قليل ليعود لشخصيته الخانعة بحضورها حتى لو عن طريق الهاتف فقط ...

- مش مهم أنا ... إنت عملت إيه عندك ...؟؟؟

قلب نظراته يمينًا ويسارًا ثم همس بتخوف من أن يسمعه أحد ...

- كله تمام ... "مأمون" سافر ... وأبويا بيلف لفه على التجار .. وانا قاعد على المكتب ...

إنفرجت أساريرها بسعادة ثم أردفت ...

- كويس ... لو عندك فلوس ... هات معاك وإنت راجع .. البيت فاضي ... 

أحنى "فريد" رأسه يتطلع لأحد الأدراج باحثًا عن بعض المال ...

- الدرج فاضي ... الظاهر أبويا أخد الفلوس قبل ما يمشى ...

لوت "حنين" فمها بإستياء فيبدو أن اليوم ليس أسعد أيامها ...

- برضه ...!!! طيب ... إسمعني كويس ... "حامد" إبن بنت عم أبويا ... عارفُه ...؟؟؟

قضب "فريد" جبهته بقوة محاولًا تذكر من هذا المدعو "حامد" ...

- لأ ... مش فاكره أوى ... مين ده ؟؟؟ وعاوز إيه ...؟!!

سأمت "حنين" من ذكائه المحدود لتهتف بتذمر ...

- يا أخي ركز معايا بقى ... "حامد" .. "حامد" ... مش عارفه إزاى ... "ميدو" يا أخي ...

إنتبه له "فريد" ليرفع رأسه بإدراك ...

- ااااه ... عرفته عرفته ... ماله "حامد" ...؟!!

أجابته بلهجة آمرة ...

- "حامد" حيجيلك كمان شويه ... أنا كلمته ... عشان حيدخلك معاه فى الشغل ... الواد ده بيعرف يطلع الفلوس من أى حاجه ... وإحنا لازم نشتغل معاه ...

ردد "فريد" حديث "حنين" لإرضائها هاتفًا ...

- صح يا "نونه" صح ... لازم نشتغل معاه ... وأنا قاعد مستنيه أهو مش حتحرك من مكاني لحد ما ييجي ...


❈-❈-❈


شقة عهد ...

إلى متى سيظل الخضوع مسيطرًا دون إختيار حياة تستحق أن تعيشها ، يُفطر قلبها لأجل نصف قمرها الآخر ، لم يكن ذلك هو المستقبل الذى كانت تتمناه لها ...

كأخت كبرى تتمنى فقط مصلحة أختها ظلت "عهد" تحث "وعد" عن التخلى عن إلقاء نفسها بجُحر الثعابين ، لكن خوفها من إنتزاع حضانة إبنها سيطر عليها بصورة فَزِعة لم تستطع "عهد" إثناء رأيها عن قرارها البغيض ...

- يا "وعد" ... أنا مش عاوزاكِ تعملي كدة فى نفسك ... إبنك وإنتِ فى حمايتي ... ميبقاش الكل عامل حسابي وإنتِ خايفة بالشكل ده من أهل جوزك ... إسمعي كلامي ... متخافيش ... إنتِ مش أختي الصغيرة ... إنتِ بنتي ... بلاش تعملي كدة فيا وفي نفسك ...

مسحت "وعد" وجهها مستجمعة شتات نفسها لتلقى بنفسها بأحضان "عهد" التى تفاجأت برد فعلها ، ثم قالت بنبرتها الناعمة ...

- يا حبيبتي يا "عهد" ... أنا عارفة إني ماليش غيرك ... وإنك إنتِ إللي أخدتي بالك مني وإتحملتي مسؤوليتي لوحدك بعد وفاة ماما ... عارفة إني طول عمري كنت حِمل تقيل على كتافك .. وقفتِ حياتك بدل ما تكمليها وتعيشيها ... فضلتي إنك تعيشي عشاني ونسيتي نفسك ... 

لم تظهر "عهد" تأثرها البالغ بل ظلت على جمودها الظاهر برغم إختلاج قلبها من كلمات "وعد" لتردف ..

- وإيه إللي حصل بعد كدة ...!!! ما إنتِ عاوزة ترمي نفسك فى النار برضه ... يعنى مش كفاية أول مرة لأ ... عايزة تكرريها تاني وتوقعي نفسك تانى ...

إعتدلت "وعد" لتحاول إقناعها بما ليست مقتنعه به على الإطلاق ...

- مش يمكن كدة أحسن لـ"زين" ... مش عايزة أتحرم منه يا "عهد" ... إفهميني ... وبعدين مش يمكن "محب" يكون غير "عاطف" ... أنا عمري ما حوافق إلا لما إنتِ توافقي الأول ...

ضحكت "عهد" بسخرية فكيف ينبت نبات صالح بتربة فاسدة ...

- عشم إبليس في الجنة ... 

وضعت "وعد" كفها فوق صدرها تترجي "عهد" بقبول الأمر و نيل رضاها ...

- بالله عليكِ ... لو خاطري غالي عندك ... وافقي .. ومتزعليش مني ...

كيف ستتقبل إهدار نفسها للمرة الثانية ، لمَّ القلب أصبح ضعيف لهذا الحد ...!!!

زمت شفتيها بإمتعاض لتردف مجبرة رغم عدم تقبلها ..

- طيب ... إنتِ مش صغيرة ... أنا كان نفسي تكوني أقوى من نفسك ومن ماما ومن خالتك "زكيه" ...

بأمل جديد بأن حياتها القادمة مع "محب" ربما يمكن أن تكون مختلفة لإختلاف طباعه وشخصيته عن "عاطف" ، أو ربما ستتحمل لأجل قرة عينها ولدها الوحيد ...

- يمكن يا "عهد" يكون غيرهم ... يمكن ..

تنهدت "عهد" بضيق لتشبث أختها بالضعف كسائر نساء تلك العائلة ..

- مش قادرة أصدق ده ... بس لو إنتِ عايزة كدة ... مش حقف في طريقك .. وبرضه البيت هنا مفتوح لك في أى وقت ... ولو حد بس فكر يدوس لك على طرف قوليلي وأنا قادرة أمحيهم كلهم فى لحظة ...

- يا حبيبتي يا أختى ...

بعد عناق طويل إستمدت به "وعد" قوتها لإكمال طريقها ، لم تلبث "وعد" الكثير بعد ذلك لتصطحب ولدها الذى تركته لدى خالتها لتعود لبيت العائلة لتلتقى ما هو مقدر لها ...

الصفحة التالية