-->

رواية جديدة ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » مكتملة لقوت القلوب - الفصل 21 جـ 1 - 1 - السبت 7/12/2024

  

قراءة رواية ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية ظننتك قلبي

« لكن بعض الظن إثم »

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة قوت القلوب


الفصل الواحد والعشرون

الجزء الأول

1

تم النشر يوم السبت

7/12/2024

 « إتفاق مشروط »



وبين كل قصد وتفسيره ظن وليتنا نعلم بأن بعض الظن إثم ، لِمَ تَترُك فِكرك للظنون فربما كان إحساس القلب صدقٌ يُخبرَك ، فإن تشوشت أفكارك وحل الظنون برأسك تذكر أن القلب لا يكذب ...


بيت المستشار خالد دويدار ( شقة عيسى) ...

حان موعد رحيله لكنه لا يقدر على ذلك ، دار "عيسى" حول نفسه متخبطًا بتشوش عما يستطيع فعله الآن فلديه موعد لا يؤجل بينما حالة "غدير" لا تسمح له بالمغادرة ...

تذكر ليلة الأمس حين عادت "غدير" من زيارتها لـ"مودة" بأنفاس متحشرجة وصدر مُتعب ، ملامحها الباهتة وإختناق وجهها ...

مشهد مخيف لقلبه الحنون ...

ساعات مضت وهي بنفس الحال لا يقدر سوى بإنتظار مفعول أدويتها أن تخفف من آلامها ...

دموع عيناها المتألمة من ضيق تنفسها لم يضاهي ألم قلبها وتخوفها من أن يكون قد لاحظ لقائها بـ"رشيد" ، كانت تخشى معرفته بالأمر ، لكن الغيرة من طبع "عيسى" ولن يقبل كرجل شرقي حر أن تتقابل زوجته مع أيًا كان ...

حاولت أن تطمئن قلبها بأنه إن كان رآها لما صمت حتى هذه اللحظة بل لكانت ثورته قاسية ضاربة بكل هدوئه عرض الحائط ...

بملامح مكفهره جلس "عيسى" إلى جوار "غدير" ...

- شكلك مش مريحني أبدًا ... إيه إللي حصل .. ؟!! أنا كلمتك وإنتِ نازله من عند "مودة" وكنتِ كويسة ... إيه إللي تعبك جامد كدة ...؟!!

تساؤله جعلها تناظر عيناه المتلهفتان بحيرة ، هل يدرك ما حدث ويستدرجها بالحديث بذكائه أم إنه لا يعلم ويود الإطمئنان عليها فقط ، وإن كان كذلك هل ستخبره بلقائها بـ"رشيد" أم تخفى الأمر بستر الله عليها ولا داعى لإثارة متاعب هي بغنى عنها ...

نظراتها المقلقة وحيرة عيونها الدامعة كانت تغرس كالخناجر بقلب "عيسى" القلق ، لكنها إكتفت بإجابة مقتضبة ...

- مش عارفه ... 

تنهد "عيسى" بتألم لحالها ...

- أنا مقدرش أنزل وأسيبك فى الحالة دى ... حتى ماما فى المستشفى وبابا فى الشركة ... قلبى حيبقى مشغول عليكِ طول الوقت ...

سحبت نفسًا متألمًا لتردف بتهدج كلماتها المتقطعة ...

- متقلقش .. عليا ... أنا حكلم .. "مودة" ... تيجى تقعد ... معايا شوية ...

أغمض عيناه بضيق من الظروف التى تحكم عليه بإكمال ما لا يريده وترك ما يعشقه ...

- لسه بدري عقبال ما "مودة" ترجع من الشركة ... مش حقدر أسيبك ده كله ... 

بإبتسامة باهتة إقترحت "غدير" أمرًا ربما يحل تلك المشكلة ...

- نادي .. لي .. "أم مجدي" تقعد .. معايا ...

رغم عدم تقبله لهذا الأمر إلا أنه مضطر لذلك فلديه موعد هام بالسجن قد حصل على تصريح له بغاية الصعوبة ...

- طيب .. الأمر لله ...

حضرت السيدة "أم مجدي" لمرافقة "غدير" بعد مغادرة "عيسى" لكن ليطمئن قلبه إتصل بوالدته ...

- السلام عليكم ... أخبارك إيه يا ماما ...؟!؟

أجابته "منار" بقلق ..

- أنا كويسة ... خير يا "عيسى" ... فيه حاجة ..؟!! بتتصل بدري ليه كدة ...؟!!

مسح وجهه بكفه بقلق محاولًا الهدوء قبل أن يخبرها ...

- "غدير" جت لها الأزمة ... وعندي معاد مهم أوى مقدرش أقعد ... وقلقان عليها يا ماما ... أنا خليت "أم مجدي" تقعد معاها ... بس برضه مش مطمن ...

هبت "منار" على الفور ...

- لأ طبعًا ... أنا جايه لها ... روح إنت شغلك ومتشغلش بالك ... أنا حعمل إذن وآجي أفضل معاها طول اليوم ...

ببعض الراحة أجابها ...

- ربنا يبارك لنا فيكِ يا ماما ... خدي بالك منها أوى ... دى عندية وبتنسى الدواء ...

رغم قلقها على "غدير" إلا أنها إبتسمت لمحبة وقلق قلب "عيسى" الحنون على حبيبة قلبه ...

- متقلقش ... 

أنهى "عيسى" مكالمته وإتجه نحو السجن لقضاء تلك الزيارة الهامة التى جهز لها منذ الأمس ...


❈-❈-❈


مبني المخابرات العامة (مكتب نظمي) ...

توهج وجه "عهد" بحمرة قاسية فلن تسمح لنفسها بالسقوط أمام أى شخص كان حتى لو إمتلك قلبها رغمًا عنها ، ولن تسمح له أيضًا بالضغط عليها وكسر أنفها بأى حيلة كانت ...

شعرت بالخيانة مرة أخرى كما لو كان يتعمد ذلك بكل مرة ، رفعت وجهها المتوهج وعيناها الحادتين تجاه "نظمي" لتردف بإنفعال ...

- لا يمكن يا فندم ... لايمكن أشتغل فى المجموعة دي ...!!!

لأول مرة منذ عملها بالجهاز ترفض عملًا وكلَ إليها ، لكن ذلك لا يشفع لها معارضة رغبة "نظمي" ليهب واقفًا بغضب ظهر جليًا على ملامحه الغليظة ليصرخ بها بحدة ...

- نعم ...!!! هو إيه إللي لا يمكن ...!!! هو لعب عيال ... ده شغل وإنتِ مُكلفة بيه ... إنتِ بتعصي الأوامر ...؟!!!

دارت الدنيا من حولها فبماذا ستجيبه الآن لتردف بغضب ظهر بنبرة صوتها لكنها أخفت حدتها قليلًا ..

- مقصدش يا فندم ... لكن مقدرش أشتغل فى الجو ده .. أنا عايزة شُغل لوحدي زى ما كنت سيادتك بتكلفني .. مش عايزة أشتغل في مجموعة ...

- هو بمزاجك ... عايزة شغل بالتفصيل ... الدلع ده مش هنا ...

أنهى عبارته بقوة إهتزت لها "عهد" من داخلها فهو قاسى للغاية بالتعامل معها هى بالتحديد منذ يومها الأول ، بل لم يكن محبذًا أن تعمل إمرأة بهذا المجال الشاق لتستفزها كلمة (دلع) فهي لا تنطبق عليها مطلقًا لتردف برفض لإتهمامها بالتخنع والدلال ..

- لا يا فندم ... بس أرجوك إعفيني أنا من الشغل ده ...

رفع "نظمي" حاجبه الأيسر بإزدراء ليجد بذلك ضالته بالإستمتاع بإجبارها رغم أنها بإمكانها رفض التعاون مع المجموعة وإسناد عمل آخر لها ...

- والله هو ده إللي عندنا ... مش عاجبك شوفيلك شغلانه تانية ...

كظمت "عهد" غيظها من هذا المتعنت المتعجرف لتردف بقوة فهي ستقدر على تطويع نفسها تحت أى ضغط ولن تترك عملها مهما حدث لتردف بتحدى لكن بنبرة إنصياع ترضى نفس "نظمي" ...

- عاجبني يا فندم ... تمام ...

بسمة زهو وإنتصار علت ثغر "نظمي" المائل وهو يأشر لها بالورقة مرة أخرى ...

- وقعي عليها وإتفضلي على المكتب إللي في آخر الطرقة ... الرائد "معتصم" مستنيكِ هناك ...

بإيمائة مغتاظة هزت "عهد" رأسها بخفة قبل أن توقع بالموافقة والعلم لتتجه صوب مكتب "معتصم" وهى تغمغم بسخط تلعن اللحظة التى ستجمعهما من جديد ...


❈-❈-❈


شركة عسرانكو للإستيراد والتصدير ...

خلال تلك الفترة القصيرة إستطاع "خالد دويدار" فحص أغلبية الملفات الخاصة بالعقود المُبرمة بين شركة عسرانكو وبعض الأشخاص والشركات وبحنكته كرجل قانون متمرس إستطاع فهم كيفية عمل وإدارة تلك الشركة بسهولة ...

جلس بمكتبه يفحص آخر ملف قُدم إليه بتمعن حين حضر "فوزى" بإبتسامة عريضة ملأت وجهه النحيل ...

- أستاذنا .. أخبارك يا "خالد" بيه ...

رفع "خالد" وجهه تجاه مصدر الصوت ليخفض نظارته الطبية الخاصة بالقراءة قليلًا ليستطيع رؤيته بوضوح ...

- صباح الخير يا أستاذ "فوزي" ...

دلف "فوزي" مستكملًا ...

- ده حضرتك شكلك خلصت الملفات كلها ... 

أومأ "خالد" بهدوء ..

- الحمد لله .. 

أشار "فوزي" بعيناه تجاه الملف الموضوع فوق سطح المكتب ..

- وإيه الأخبار ... خد بالك .. أنا إللي كنت براجع كل الشروط ... يعنى حاجة ميه ميه مفيش كلام ...

بدبلوماسية شديدة حاول "خالد" عدم التقليل من قدرات رفيقه قائلًا ...

- اه طبعًا ... تمام ... تمام ...

وجدها "فوزي" فرصة ذهبية لإظهار قدرات لا يتحلى بها ليتملكه بعض الغرور ....

- كل عقد من دول أقدر أقولك كل إللي فيه وأنا مغمض ... بس ... أكيد الأستاذ "عسران" شايف إنك بخبرتك حتفيد الشركة أكتر .. بس أنا كنت بشتغل ميه ميه ...

لم يشأ "خالد" أن يعارضه لكنه لم يبدى موافقته ليردف بهدوء ...

- أظن إنك عملت إللي كان مطلوب منك وزيادة ... ولو إحتجت مساعدتك أكيد حطلبها يا أستاذ "فوزي" ...

كان ذلك طلب منه للمغادرة لكن بلباقة شديدة تفهمها "فوزي" لينهض مستأذنًا ببعض الحرج ...

- طيب ... أروح أنا للأستاذ "محمد" ... أصله ميستغناش عني أبدًا ...

فور مغادرة "فوزي" عاد "خالد" لمراجعة ملفه الأخير بتمعن لينتهى منه ويبدأ مرحلة أخرى بعمله وهو صياغة بنود جديدة للإتفاقات والتعاقدات القادمة ....


❈-❈-❈


بين تلك القضبان الحديدية وحرية مُنعت من أصحابها لتكبل النفوس قبل الأجساد بعقاب مؤلم للنفس ، الحرمان الذى يستحقه كل مجرم مخالف للقانون ، لكن من يدرى لعل بين هؤلاء مظلوم يلتمس بصيص نور وإخلاء سبيل ...

جلس "عيسى" بمكتب آمر السجن بإنتظار حضور موكله "رمزي" الذى حُكم عليه بالسجن لقضاء عقوبته لكنه مازال لديه الفرصة بمحكمة الإستئناف لهذا الحكم الجائر والذى أوكل له "عيسى" لذلك ...

دقائق قليلة وكان "رمزي" يقف قبالة "عيسى" بنفس مهترئة وأمل مرتقب ...

- أستاذ "عيسى" ... 

صافح "عيسى" رمزي" برسمية قائلًا ...

- أهلًا يا "رمزي" ... تعالى ...

وقف آمر السجن سامحًا لهم بالتحدث بأريحية ...

- أسيبكم شوية مع بعض ... عندي مرور مهم ...

- إتفضل يا فندم ... شكرًا لمساعدتك ...

قالها "عيسى" بإمتنان لمساعدته له بهذا اللقاء العاجل بموكله ثم أكمل حديثه تجاه "رمزي" ..

- أقعد يا "رمزي" عشان هي نص ساعة بس أقدر أفهم منك إللي حصل وبسرعة ...

تفهم "رمزي" محدودية الوقت ليبدأ بإيضاح ما تورط به لـ"عيسى" ...

- تمام يا متر ... الحكاية وما فيها إن أنا كنت بشتغل فى شركة ... أنا مجرد وسيط يا بيه والله ... لا ليا في الطور ولا في الطحين .. كنت باخد ورق من هنا لهنا ... أوصل رسالة مهمة ....كدة يعنى ... لكن كان يوم إسود يوم ما علمت إن الناس إللي أنا شغال معاهم بياخدوا أراضي ومناقصات برخص التراب ... بالصدفة والله عرفت كدة ... وإنهم بيدفعوا رشاوي لناس كبيرة أوى فى البلد ... مخى الغبي خلاني أقول لهم أنال من الحب جانب ... فكرتهم حيدوني قرشين وخلاص عشان أسكت ... لكن لقيتهم رموني بتهمة والله ما عملتها ولا أعرف عنها حاجة ... أنا عارف إني غلطان لما ساومتهم على فلوس ... لكن وربنا ما عملت حاجة ولا أخدت جنية ..

تنهد "عيسى" بضيق وهو يمسح جبهته متفكرًا ...

- كل ده أنا عارفه ... وسمعته منك ومن أخوك ... وعارف إنك ولا سرقت ولا حاجة لكن إزاى نثبت براءتك وإنت مقبوض عليك وفيه حرز بالفلوس إللي سرقتها ... يعني متلبس ... ساعدني وقولي معلومة تخليني أساعدك ...

دارت عينا "رمزي" بيأس ثم أردف بقلة حيلة ...

- مش عارف يا متر ... قولي عاوز مني إيه بالضبط وأنا أعمله ...

بتفكير مُجهد بعد ليال طويلة ودراسة وافيه لملابسات تلك القضية ...

- عشان أطلعك من هنا لازم نعمل حاجتين ... أولهم لازم نثير الرأى العام عشان نوضح إنك مكنتش غير كبش فداء ... والحاجة التانية إننا لازم يكون عندنا أسماء الناس إللي أخدت الرشاوي دي ...

إتسعت عينا "رمزي" بفزع ...

- بس دي ناس كبيرة أوى ... أنا مش قدهم ... ممكن يخلصوا مني فيها ...

رفع "عيسى" رأسه بإعتزاز ...

- أنا بقى قدهم ومش بخاف ... بس لازم يكون معايا إثبات رسمي عشان أقدر أثبت براءتك ...

إحتارت مقلتي "رمزي" قبل أن يردف بنبرة خفيضة متخوفه من أحد يسمعه أحدهم ...

- أنا شايل ورقه ... فيها أسماء الناس دي والمبالغ إللي أخدوها ... بس بالله عليك ... أنا خايف أتأذي ...

تعمق "عيسى" بتقاسيم وجه "رمزي" يحاول إدراك مدى صدقه ليردف بشك ...

- ولما إنت معاك الورقة دي .. مسلمتهاش من الأول للنيابة ليه ...؟!!

لملم "رمزي" شفتيه المرتجفتان وهو يتلفت حوله ..

- خوفت يكون حد منهم تبعهم ويخفيها ولا يحرقها وساعتها حقي كله حيضيع ...

- أنا عاوز الورقة دي ...

أومأ "رمزي" بتوجس مما سيلقى نفسه به لكنه يثق بـ"عيسى" ليردف بهمس ...

- حقولك هي فين بالضبط ...

أوضح "رمزي" له أين يخفى هذه الورقة والتى ستعتبر ورقة رابحة ستغير مجرى القضية بشكل تام فقد أوشك على النجاح بهذه القضية ...


الصفحة التالية