رواية جديدة ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » مكتملة لقوت القلوب - الفصل 25 - 1 - الأحد 29/12/2024
قراءة رواية ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ظننتك قلبي
« لكن بعض الظن إثم »
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة قوت القلوب
الفصل الخامس والعشرون
1
تم النشر يوم الأحد
29/12/2024
« ليته حلم ...!!!»
أتخبط برؤيتي الضبابية دون إدراك هل ما أراه حقيقة أم مجرد أحلام ، فأحيانًا أتمنى أن يكون واقعي مجرد حلم ...
كم إختلط على الأمر ولم أعد أثق فالملح يشبه السكر أحيانًا ، ليت ما أراه حلمًا فيمكنني يومًا أن أصحو منه ...
مازال الليل لم ينتهي والظلام قد أحلك خيوطه يغزلها برياح قوية وأمطار عاصفة ، وبالرغم من تلك الأجواء القارسة إلا أن فضول البعض جمعهم لمتابعة ما يحدث ببيت النجار ...
إضطر "بحر" للإنسحاب بعد طلب "نغم" منه الرحيل لكنه كان يشعر بالضيق والخزلان من تركها ، من التعقل أن يضطر للإبتعاد لتصمت تلك المرأة ولا تزيد تطاولها وقذفهم بإتهامات باطلة ...
لكن هذا الجمع صمت تمامًا حتى كاد يُسمَع رذاذ الأمطار المتساقطة حين هتف هذا الصوت الجهوري من خلفهم ...
- أنا حتجوز "نغم" ...
إلتفوا جميعًا يناظرون من هذا الذى يطلب الزواج من تلك الساقطة سيئة السمعة لتتعالى صوت شهقة قوية صادرة من "صباح" تتبعها بضربة قاسية فوق صدرها ...
- يا مصيبتي !!!! يعني إيه تتجوزها !!!! ملقتش إلا دي وتتجوزها يا "مأمون" ..!!!!
وجههُ المقتضب الثابت تمامًا دون الإكتراث بتلك العيون المحدقة بإستنكار خاصة والده ووالدته ليشير تجاه الدرج بنبرة حادة حازمة للغاية ...
- مش عايز أي حد هنا ، إتفضلوا على بيوتكم ، ( أنهى حديثه بصراخه بهؤلاء المتطفلين ) ، يلااااا ...
أسرع المتجمعين للمشاهدة بهبوط الدرجات عائدون لبيوتهم القريبة لتتبقى فقط عائلة النجار جميعها ...
وقفت "حنين" بالدور الأرضي تسترق السمع لما حدث وهي تشعر بالنشوة لصراخ "صباح" ببنات "زكيه" ، ثم سعدت بتجمهر الجيران للتشفي بهؤلاء الفتيات وأمهن ، حتى أنها سعدت للغاية بسماعها طلب "مأمون" الزواج من "نغم" لتهمهم بغبطة ...
- أحسن ، أحسن ، يا فرحتي فيكِ يا ست "ريهام" هانم ، أهو "مأمون" حيتجوز ويكيدك ، ويا سلام بقى لو تمم الطلاق قبل جوازته دي ، ده يبقى يوم السعد ...
عيون "فريد" المترقبة كادت تخترق جسد "حنين" من خلفها فمازال أثر كذبتها يشعل وميض غريب بداخله لكنه لا يقوى بعد على مواجهتها لكنه يود بالفعل معرفة أين كانت دون علمه ...
فضول سيقتله و جُبن سيقضي على رجولته فقد وقع بين كفي الرحى ، هل يقبل أن تتجول من دون إذنه ومعرفته أم يرفض ويثور وهذا لن يكون بشكل هادئ مع شخصية متملكة كـ"حنين" ..
لم يهتم "فريد" إطلاقًا بما يحدث بالخارج ليدلف لغرفة النوم متظاهرًا بالنوم لينهي تلك الليلة ...
وقفت "راوية" منذ الوهلة الأولى تتطلع بصدمة لصياح والدتها وصراخها ، تناظر بكاء "زكيه" وخنوعها ، لكنها بقيت صامتة تشاهد فقط من بعيد لبعيد دون تدخل ...
أكمل "مأمون" صعوده لدرجات السلم وهو يأشر لوالده بمرافقته ...
- تعالي يا حاج ( ثم نظر نحو والدته بنظرة يملؤها التحدى ) ، إتفضلي يا ماما مينفعش نتكلم على السلم كدة ...
فغرت "صباح" فاها بلا إستيعاب لما يفعله "مأمون" لتصرخ بإنفعال وهي تشير بإتجاه شقة "زكيه" ...
- أجي فين ؟؟! هناااا ؟؟! إنت أكيد إتجننت !! أنا أدخل شقة دي ، بقولك إيه على الله تعمل اللي بتقول عليه ده !!! على الله تتجوز الـ***** بنت الـ***** دي ...
لم يثني "مأمون" طلبه بل تخطاها نحو الداخل قائلًا ..
- برضاكِ أو غصب عنك حتجوزها ، تعالي أحسن ...
هاجت "صباح" وإشتدت حدة صوتها لتهبط درجات السلم مُعلنة رفضها التام لتلك الزيجة مغمغة بصوت مسموع ..
- وربنا ما يحصل ولا أخطى عتبة بيتها ، بقى أنا "صباح الجزار" يحصل لي كدة ؟!! أنا بنت الحسب والنسب إللي عيالي أعلى الناس ييجي في الآخر وإبنى أنا يتجوز بنت الخدامة ، هو إيه الزمن بيعيد نفسه تاني ولا إيه ؟!! يعني على آخر الزمن تبقى دي مرات إبني أنا ...!!!
كانت قد دلفت لشقتها لتستأنف عويلها وهي تضرب فخذيها بحسرة ..
- اه يااااني !!! هو إيه أصله ده !!! هو أنا عامله العمل عند الشيخ "كرامه" عشان هي تتحسر ولا أنا ؟؟؟! يعني إيه "مأمون" يتجوز "نغم" !! يعني إيــــــــــه ؟!! ما تفهميني يا أختي !!
قالتها تنظر نحو "راويه" التى تناظر والدتها بذهول وقد إعتلت عيناها أحاديث كثيرة لم تنطق بأى منها ، لتعقب بهدوء زاد من ثورة "صباح" وهياجها ..
- وأنا أعملك إيه ؟؟ أنا مالي ، كل واحد حر ...
رد فعل بارد أثار جنون "صباح" التى لم تعد تحتمل لكلمة بعد لتضرب رأسها وجسدها بكفوفها تتمنى لو كان مجرد حلم وتفيق منه وأن ما حدث غير حقيقي ...
شقة زكيه ..
من المفترض أن تكون تلك مجرد جلسة عائلية لكن كل النفوس بها مشحونة ، تجمع "زكيه" وبناتها مع "فخري" و "مأمون" ...
تعامل "فخري" مع الأمر بهدوء شديد لا يفهم منه هل هو يرضى بما حدث أم ينكره ليبدأ "مأمون" حديثه ...
- أنا عند كلامي وعاوز أتجوز "نغم" ، مكنتش بقول كدة وخلاص ..
تطلع به والده بإستغراب لموقفه خاصة وهو يدري جيدًا ظروف زواجه من "ريهام" وأن بذلك يسدل على هذا الزواج ستار معلنًا النهاية فـ"ريهام" لن تقبل وجودها مع زوجة ثانية ..
- تتجوز "نغم" !!! إنت واعي لكلامك يا "مأمون" ..؟؟!
برد قاطع أجاب والده وهو ينظر تجاه "نغم" أردف ..
- واعي جدًا لكل كلمة ، مش بتقولوا كلام عليها ، أنا بقى جاي أقطع لِسنة كل الناس دي ، جوازي من "نغم" حيخلي الناس تقفل بوقها ومتفتحوش تاني ، هي بنت عمي وشرفي وأنا بقولكم أهو ، مفيش حاجة ترفع رأسها تاني فى الحته غير جوازي منها ...
لم يكن لـ"فخري" نية للرفض فعيناه تركزت على حبه القديم متسائلًا بتردد ...
- رأيك إيه يا "أم شجن" ..؟؟!
ضيق نفسها المهتزة بعد أفعال "صباح" وتشويه سمعتها وسمعة بناتها أمام الناس جعلها تجيبه بنفس مهترئة راضخة بإستسلام ...
- إللي تشوفه يا "أبو فريد" ، يتجوزها ...
أومأ "فخري" بالإيجاب قائلًا لولده ..
- خلاص يا "مأمون" ، طالما إنت شايف كدة ...
كل تلك الأحداث لم تمر مرور الكرام على "شجن" التى فغرت فاها بلا تصديق لتلك الهراءات التى يتفوهون بها حتى إنتهوا من قرارهم لتزيغ عيناها تجاه والدتها المستسلمة لهم ثم طالعت أختها التى كانت بحالة هيام وسعادة تعلقت عيناها بـ"مأمون" بوله طفلة تحققت أحلامها للتو ، نعم هي لا تتعدى طفلة لا تدرك الصواب من الخطأ ، وهذه الزيجة هي الخطأ بعينه لتنفعل "شجن" بقوة وهي تمد كفيها بصدمة وإندهاش ...
- بس بس ، جواز إيه و"مأمون" إيه !!! لأ طبعًا ، ( نظرت نحو والدتها تحثها على رفض هذا القرار الظالم ) ، ما تتكلمي يا ماما ، مينفعش ، الجوازة دي متنفعش خالص ...
نكست "زكيه" رأسها لتردف بضعف وخضوع ...
- بس يا "شجن" ، ده إللي حيسكت الناس ..
إتسعت عينا "شجن" بقوة تنهر والدتها من هذا الضعف ...
- يا ماما !!! ليه كدة ؟!! إحنا معملناش حاجة غلط ، بقى يبقى أمه هي السبب وإحنا إللي نرضى بالوضع ده ...
أنهت عبارتها مشيرة نحو "مأمون" الذى إنتفض بحدة لينهض محذرًا "شجن" من التطاول ...
- "شجن" !!! خدي بالك من إسلوبك معايا ، الحل ده أحسن حل لكل المشاكل دي ، ولا أنا غلطان ؟!!!
نظر تجاه "زكيه" لتجيبه بما يُصمت "شجن" والذى لم تتباطئ "زكيه" عن مجاراته لتهتف بـ"شجن" لتنهى هذا الجدال الذى لن يفيد ..
- "شجن" أنا قلت خلاص ...
نهضت "نغم" تحاول السيطرة على سعادتها المفرطة التى حلت على قلبها المتيم فبين لحظة وأخرى تحول الأمر من إتهام قبيح أدام قلبها للسعادة الكاملة بقرار زواجها من "مأمون" الذى لم تكن تتخيل أنه أمر يمكن حدوثه ، إنه بالتأكيد حلم ما ، إبتلعت ريقها المضطرب تلملم إبتسامتها التى حلت فوق ثغرها قائله ...
- خلاص يا "شجن" ، ميصحش كدة ...
رفع "مأمون" رأسه بخيلاء وقد رسمت بسمة إنتصار جانبية على ثغره يطلب من والده ..
- يلا يا حاج ( ثم نظر تجاه "زكيه" كمن يعطي الأمر لا أكثر) ، كتب الكتاب الجمعة الجاية يا مرات عمي ، جهزوا نفسكوا ...
قالها ليغادر برفقة والده فلا داعي لنقاش الأمر لأكثر من ذلك ..
خرج كلاهما على مرأى ثلاثتهن ليكتفي "مأمون" بموافقة والده دون المرور بوالدته مطلقًا ليترك أمر إبلاغها بزواجه على والده ، الذى أخبرها دون الدخول بأية تفاصيل قد تسبب له الإمتعاض لعدم تقبلها الأمر ...
❈-❈-❈
بيت المستشار خالد دويدار ...
بموعده الثابت عاد "رؤوف" من الشركة مشتت الفكر ، الذى لم تشغله سوى تلك الفاتنة الصغيرة التى سيطرت بالكامل على عقله منذ أن أخبره "حمدي" بعشقها له ...
مواقف عدة ولحظات متفرقة أخذ يستعيدها بذاكرته منذ زواج "غدير" من "عيسى" ، كلما تذكر إحداها زادت من إتساع بسمته كما لو أنه أدرك للتو أن عشقها له لم يكن وليد اللحظة ..
قلب مضطرب وسعادة دبت بهذا الساكن ليشعر بشعور غريب لم يشعر به مع "نيره" ، إن قلبه يدق وينفعل ، كانت علاقته مع "نيره" تقتصر على شكل محدد لرغبته ببناء أسرة سعيدة كأخيه "عيسى" ، وجد بـ"نيره" فتاة رائعة تلائمه للغاية ، أجبر نفسه على التعلق بها فهو بالنهاية شاب مستقيم يضع مشاعره بنصابها الصحيح وإن ظهر للبعض غير ذلك ...
دلف لداخل الشقة بملامح حالمة سعيدة للغاية ليجد والدته تنتظر عودته بعيون يظهر بها بعض الضيق ، بادر بتحيتها بلطافة ..
- ست الكل واقفه بنفسها مستنياني ، ده إيه الهنا ده ...
رغمًا عن ضيق نفسِها تبسمت مردفه ..
- شكل مزاجك رايق النهاردة ...
رفع حاجباه بحبور مجفلًا بعيناه لوهلة قبل أن يجيبها بنبرة حالمية للغاية ..
- أوي أوي أوي يا ماما ...
لم تكن تلك فرصة ملائمة لإبلاغه بقرار والده لتؤجل تلك المسألة للصباح وعليها تركه يهنأ أولًا بنوم هادئ ونفس سعيدة كما يبدو عليه ، أجابته "منار" بدبلوماسية ..
- دايمًا يا حبيبي يا رب ...
شعر "رؤوف" أن والدته تخفي عنه أمر ما ، يظهر بنبرتها المتضايقة ليتسائل بقلق ..
- مالك يا ماما ، فيه حاجة مضايقاكِ ؟؟!
ربتت فوق كتفه بحنو لتردف بالنفي الكاذب ..
- أبدًا يا حبيبي ، أنا بس قلت أطمن عليك قبل ما أنام ، تصبح على خير ...
تركته "منار" ليتابعها بقلق وجهل بسبب ضيقها ، لكنه عاد لخياله الحالم بـ"مودة" متعجبًا من حاله وإنشغال فكره بها كما لو أن "حمدي" سلط الضوء بقلبه عن شئ لم يكن يدري عنه شيئًا ربما إعجاب مختبئ لها دون تدخل منه ...
❈-❈-❈
شقة عيسى ...
إنتهى اليوم عند الكثيرين لكنه لم ينته لهذا الغيور ، بالكاد تحامل على نفسه دون أن يظهر ما بداخله ، وها هي "غدير" سقطت غافية بعد إنهاك يوم طويل ...
تطلع "عيسى" نحوها يود لو يصرخ بها ليتأكد من هذا الذى كانت معه ، ولما لم تخبره عنه كما لو أنها أرادت إخفاء هذا الأمر ...
دماء ثائرة تسري بعروقه كاد لها أن تفجر رأسه من شدة تضاربها كأمواج البحر ، ليته كان حلمًا ويستيقظ منه على واقعه الذى يحبه ، أن يكون رؤيته لها مجرد كابوس سيستيقظ منه ليجد محبوبته قطعة الشيكولاته تتقد عشقًا وتبث به الحياة التى كاد يفقدها من شدة الإختناق ...
نظر نحوها مطولًا قائلًا ...
- مخبيه عني إيه يا "غدير" ؟!! ليه متكلمتيش عنه ؟؟! مين ده وكنتم مع بعض ليه ؟!!
أمسك برأسه المتألم مستطردًا ..
- دماغي حتفرقع ، والشيطان دخل دماغي ( إعتدل يتسعذ بالله من وساوس الشيطان التى بدأت تملأ رأسه تجاهها محاولًا تمالك نفسه وألا يترك له الفرصة بغلبته فهذا أقصى ما يتمناه ، أن يفرق بينه وبين زوجته ) ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، لأ ، لا يمكن أسمح للظن والشك يدخل ما بينا ، دي مهما كانت "غدير" ، هي الروح لحياتي ، عمر ما قلبي يكذب عليا وأنا متأكد من حبها ليا ، متأكد ...
حاول من خلال كلماته الأخيرة أن يلتمس بعض الراحة والنوم لتداعب رائحة اللافندر التى تفوح من حبيبته أنفه ليشعر بالسكينة ويستغرق بالنوم ...