رواية جديدة ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » مكتملة لقوت القلوب - الفصل 25 - 2 - الأحد 29/12/2024
قراءة رواية ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ظننتك قلبي
« لكن بعض الظن إثم »
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة قوت القلوب
الفصل الخامس والعشرون
2
تم النشر يوم الأحد
29/12/2024
بيت النجار ( شقة زكيه) ...
من قال أن الغرقى بالبحر فقط ، فإحساس الغرق يتملكني وأنا أنعم بالهواء حولي ، ليتي أستطيع العيش فقط ، لكني أحارب ، أحارب نفسي وظروفي وعقلية من يحيطون بي ، أحارب كل ظن سئ وإتهام باطل ، ألم يخبركم الله ﴿إن بعض الظن إثم ﴾ لم تظنون بنا ما ليس فينا وتصدرون أحكامكم ...
وقفت "شجن" مشدوهة غير مصدقة ولا يستطيع عقلها إستيعاب هذا الخنوع والخزلان ، دنت تهتف بأختها تثنيها عما ستوقع نفسها به ...
- فوقي يا "نغم" ، "مأمون" ده مينفعكيش ، بطلي تكوني سطحيه كدة ، إنتِ كدة بترمي نفسك في النار ، "مأمون" مش أكتر من حب مراهقة عشان وقفته معانا في الفترة الأخيرة ...
إنها فرصتها ولن تهدرها ، هكذا وقفت "نغم" تتشبث بزواجها من "مأمون" حب طفولتها وعمرها كما تحسب ...
- لأ يا "شجن" ، إنتِ فاهمه غلط ، أنا موافقه ومش حلاقي أحسن من "مأمون" صدقيني ، "مأمون" ده راجل بمعنى الكلمة ...
إلتفت "شجن" تجاه والدتها فربما تستطع أن تثني تلك السطحية عن رأيها ...
- يا ماما ، شوفيها ، مينفعش كدة ، كدة بترمي نفسها في النار ، كلميها ...
بيأس تملك من نفسها أجابتها "زكيه" ..
- يا "شجن" إحنا دلوقتِ في ورطة ، و حلها الوحيد هو إن "نغم" تتجوز "مأمون" ، الناس مبترحمش ، ده موضوع جوازها ده جالنا نجدة من السما ...
ضربت "شجن" كفيها بصدمة من سلبيتهما التى لا توصف ..
- إنتوا إزاي كدة ؟!! مش معقول بجد ؟!! لازم يكون فيه حل تاني ، نمشي يا ماما ، نسيب البيت المقرف ده ونمشي من هنا ...
تشبث "نغم" ببقائهم ولأول مرة تعترض طلب "شجن" بالرحيل ...
- لأ لأ ، بالله عليكِ لأ ...
تهدجت أنفاس "شجن" بقوة لإستسلامهن المثير لأعصابها ...
- حرام عليكم ، هو إيه إللي لأ ، "مأمون" ده حيفرق إيه عن أمه وإخواته ، حتى عمي ميقدرش يقولهم لأ ، ترمي نفسك بين العقارب ليه ، إنتِ نسيتي إنه كمان متجوز وعنده ولاد .؟!!
بثورة غضب لما ستفسده عليها أختها بعد عناء وصبر لتنال قرب من تحب ...
- "مأمون" غيرهم كلهم ، وموضوع "ريهام" كلنا عارفين المشاكل إللي بينهم وإنهم حيتطلقوا ...
إقتربت منهم "زكيه" تهدئ نفوسهم فكل ما ترضخ له فقط لسلامتهن وأمانهن ..
- خلاص بقى ، كفاية كلام لحد كدة ، نصيبنا كدة ، حنعمل إيه ...؟؟؟
طالعتهم "شجن" بنظرات متحسرة لكنها تمااكت غضبها وإنفعالها تحاول إقناعهم بهدوء ...
- بلاش يا ماما نضيع كل حقوقنا حتى بالسعادة وحياتنا إللي جايه ، ليه نرضى بحياة مكتوب عليها التعاسة والفشل ، بالله عليكم فكروا تاني ، يمكن يكون فيه حل ...
رغم إشفاق "زكيه" على ما أجبرت عليه "نغم" إلا أنها ليس لديها حيلة أخرى ..
- يا ريت كان فيه !!! أمرنا لله ، يلا كفاية كدة إحنا تعبنا ، إدخلوا صلوا وإدعوا لربنا يفرجها علينا وناموا ...
رضخت الفتيات لطلب أمهن لكن بقلب "شجن" أحاديث عدة فتغيير المصير يجب أن يُتبع بعمل وفقًا لإرادة الله وليس الأمور تتم بالدعاء فقط ، فعلينا السعي وعليه التوفيق ...
❈-❈-❈
فيلا المراقبة ...
وبين قلب يتلهف ليخبرك وبين عقل يهمس بلا لن أتحدث ، يتخبط العاشق بين حيرة متأرجحة بين قلب وعقل ...
ساعات تمر حتى لاحت خيوط الفجر لتعلن حلول ساعة الصفر ، بجدية تامة ملأت الوجوه تخفي ما يكنه الصدور وقف "معتصم" يحدد مجموعته بمهارة ...
- "عبد الرحمن" و "طه" دوركم دلوقتِ حيكون إبلاغنا بأي جديد يحصل في الفيلا ، عنيكم زي الصقر متفوتش حاجة ، ( ثم إلتفت تجاه "عهد" و"حليم" ) ، وإنتوا لازم نتحرك حالًا لإسكندرية ...
بدأ ثلاثتهم بالإستعداد للمغادرة وإتخاذ حذرهم لتبدأ مهمتهم ..
تحرك "معتصم" أولًا تجاه السيارة التى سيقودها بينما لحقته "عهد" و "حليم" ..
تذكر حين جاءوا وإصرار "عهد" بالجلوس بالمقعد الخلفي للسيارة لتتقد مقلتيه بدهاء فهو أدرك أمر هام للغاية بطباع تلك المتوحشة ، إنها دومًا تفعل عكس ما يطلبه منها ليوجه حديثه لـ"حليم" بغرض إستفزاز "عهد" ..
- تعالى يا "حليم" أقعد معايا قدام أحسن حضرة الضابط "عهد" تقريبًا من النوع إللي بيتكسف ، فنخليها ورا براحتها ...
بالفعل إستطاع إستفزازها من أكثر من جانب ، فهي لا تريد أن تعامل كالفتيات ويكون لها معاملة خاصة فهي مثلها مثل الرجال ، ومن جانب آخر هي لن تنصاع لأمره وعليها فعل ما يخالفه لتبثت أنها لها شخصيتها المستقلة ..
وبالفعل وقعت "عهد" بشباك حيلة "معتصم" لتتقدم دون إنتظار أي منهما لتجلس بالمقعد الأمامي للسيارة وإلى جوار "معتصم" ...
لو كانت قد ألقت بنظرها تجاه "معتصم" لرأت بسمة إنتصار وتحقيق هدف رائع يحسب له لكن إنفعالها جعلها تجلس تناظر الطريق أمامها دون حياد ...
رغم إستياء "حليم" لإندفاع "عهد" للجلوس بالمقعد الأمامي إلا أنه جلس بالمقعد الخلفي فالأمر سيان بالنسبة إليه ، فيما جلس "معتصم" خلف مقود السيارة لينطلق بطريقه نحو الإسكندرية ...
❈-❈-❈
بيت النجار ( شقة فخري) ...
أسوأ الأعداء من يقابلك بعداوة دون أن ترى أسباب لها ، فالكل يرى بعين طبعه لكنه يظل ناقصًا يسعى للكمال بإيذاء الآخرين ...
لم يهنأ لها بال ولم يغمض لها جفن طيلة الليل ، فعلى الرغم من خلاف"صباح" المستمر مع "مأمون" إلا أنها شعرت بالقهر لطلبه الزواج من إبنة غريمتها ، أبعد كل ما تفعله بها تنتصر عليها وتأخذ أحد أبنائها بتلك السهولة ...
كالصقر الجريح أخذت "صباح" تتخبط هنا وهناك تدور بحركات عشوائية دون هدوء أو راحة حتى حل الصباح ...
ساعة تنتظرها منذ الأمس لترفع هاتفها لأذنها بعجالة ...
- ألو ، أيوة ، بقولك إيه ، عايزة أشوفك دلوقتِ حالًا ، تجيلي بسرعة ، أيوة فيه حاجة ، ده فيه حاجات وحاجات ، لازم تيجي بسرعة قولتلك ، يلا ...
أنهت مكالمتها ولم تستطع حتى الجلوس للإنتظار فما حدث لا يمكن أن يمر بهذه السهولة ...
شقة زكيه ...
لم ترضخ "شجن" كما فعلت أمها ، ولن تستسلم كما فعلت جميع نساء عائلتهم ، إنها مختلفة ذات طبع متمرد ، لن ترضى بهذه المهانة ، لن تضحي بسعادة أختها المغيبة عن مصلحتها ، لن تتركها ولن تتخاذل ...
علمت بأن "نغم" متشبثة كطفلة صغيرة بزواجها من "مأمون" ، وأمها سلبية ومستسلمة إلى حد بعيد ، فكان عليها التصرف حتى لو بمفردها ...
خرجت "شجن" بهدوء لوجهة واحدة أيقنت أنها الحل الوحيد حتى إذا فرضت ذلك على كلتاهما ...
وصلت لمكتبة بحر تنظر للافتتها المعلقة بتمعن ثم أخرجت هاتفها من جيب سترتها الطويلة لتدفع بإحدى خصلات شعرها القصير خلف أذنها كحركة لا إرادية حين تشعر بالتوتر ، دقت الأرقام المدونة بأعلى اللافتة على شاشة هاتفها لترفعه لأذنها تستمع للرد والذى لم يتأخر بالمرة ...
- السلام عليكم ...
صوت رجولي هادئ أدركت أن هذا صوت "بحر" بالتأكيد لتجيبه "شجن" بنبرة سريعة تحمل بعض الإنفعال لما يصحبها من أفكار منذ ليلة الأمس ..
- أستاذ "بحر" ...؟!!
- أيوه ، مين حضرتك ؟!!
سحبت نفسًا طويلًا قبل أن تجيبه ..
- أنا "شجن" أخت "نغم" ...
على الفور تبدلت نبرة صوته الهادئة لأخرى قلقة للغاية ..
- طمنيني بالله عليكِ ، أنا منمتش من إمبارح ، الست دي عملت إيه ؟!!
برزانة شديدة أجابته "شجن" ..
- مش حينفع في التليفون ، أنا عايزة أتكلم معاك ضروري ...
كانت كمن أعطته الإذن بالتحرك ليردف بدون تردد ...
- حالًا حكون عندك ، إنتِ فين ؟!!
ناظرت "شجن" الشارع من حولها وخلوه من المارة بصباح يوم الجمعة لتردف بنفس ضائقة ...
- أنا واقفة قدام المكتبة ...
أسرع "بحر" بتأكيد قدومه إليها على الفور ...
- دقايق وحتلاقيني قدامك ، مش حتأخر ...
لا يدرى كيف تحرك ووصل للمكتبة بتلك السرعة التى ماثلت ضربات قلبه المتخوفة على "نغم" والتى أجفلت النوم من عينيه وتوجس قلبه قلقًا وخوفًا من تطاول تلك السيدة ...
وقف أمام "شجن" بأنفاس متهدجة فيبدو أنه قطع الطريق ركضًا يتلهف للإطمئنان على "نغم" ليبدأ حديثه على الفور ...
- كويس جدًا إنك كلمتيني ، أنا كنت حتجنن من إمبارح ، وبأنب نفسي إني مشيت ، بس كنت حاسس إن أنا إللي عملت المشكلة دي ...
نظرت نحوه "شجن" بنظرة جدية للغاية ، لم تهتم بمبرراته فقد رأت إلحاح "نغم" عليه بالرحيل بأعينها ، لتردف بأمر مختلف تمامًا ...
- أستاذ "بحر" ، أنا عاوزاك تتجوز "نغم" ...
تيبس جسده بصورة مفاجئة مذهولًا من طلبها ، لا ينكر أن قلبه تراقص فرحًا لكن يبدو أن الأمر يحمل بين طياته شئ آخر ، ليتسائل بتوجس مستفهمًا ...
- أتجوز "نغم" ؟!! قصدك إيه بالضبط ..؟!!
قالتها صريحة بدون إخفاء أو تلميح ..
- أنا عارفة ومتأكدة إنك بتحبها ، وبتحبها أوى كمان ، بس هي الغشاوة ماليه عنيها ، والحل الوحيد إنك تتجوزها ...
تذكر "بحر" رفض "نغم" له لينكس عيناه تألمًا بضيق ...
- أنا فعلًا بحبها ، بس هي مبتحبنيش ...
بفطنة لاحت بعيناها قبل شفتيها نطقت "شجن" بتساؤل أثار نفس "بحر" ...
- مين قالك ؟!! "نغم" أختى وأنا عارفاها ، هي السِكينة سرقاها وفاكره إنها مش بتحبك بس كلامها دايمًا عنك وعن كلامكم مع بعض في المكتبة بيقول غير كدة ، هي بس غبية ومش عارفه تحدد مشاعرها ، المشكلة إنها فاكره نفسها صح ، وهي غلط غلط غلط ...
إمتعض وجه "بحر" بدون فهم لمقصدها ...
- أنا مش فاهم حاجه ، وبعدين حتى لو هي مش مدركة أنا بالنسبة لها إيه مينفعش أجبرها على الجواز مني بالشكل ده ...
أجابته بما صدمة لتحثه على التحرك ولا داعي للتراخي بهذا الأمر ...
- ما هي لو إنت متجوزتهاش حتتجوز "مأمون" الجمعة الجاية ..
إتسعت عسيتاه بصدمة ولاح الفزع بمقلتيه لينفعل بقوة ...
- مين ؟!! "مأمون" ؟!! إزاي يعني ؟!!
أخذت "شجن" تقص عليه ما حدث ليلة الأمس وموافقة "نغم" ووالدتها وإصرارهم على إتمام زواجها من "مأمون" وأنها رأت أن الحل الوحيد بين يديه هو فقط ليجيبها بقوة ...
- مش حستنى ترمي نفسها في النار دي ، أنا حتصرف ، "نغم" لا يمكن تتجوز "مأمون" مهما حصل ...
بسمة إرتياح حلت بملامحها المقتضبة لتردف قبل تركه ..
- أنا حرجع البيت ، وإنت تعالى نخلص القصة دي ...
- تمام ، أنا جاي ...
عادت "شجن" لبيت النجار لتقبع بإنتظار مجئ "بحر" الذى سوف يخلصهم من زواج إجباري سوف يسبب لهم جميعًا التعاسة ...
❈-❈-❈
بيت النجار (شقة فخري) ...
عروش واهية تلك التى يبنيها الكذب ، ففجأة تسقط من فوق السحاب لأسفل أرضٍ تسحقك ، ومن حفر بئر لابد أن يسقط به ...
ليل طويل وساعات قاسية قضتها "صباح" متأملة حلول الصباح لتجد حلًا لمصيبتها ...
دارت حول نفسها عدة مرات كثور هائج لا يدرى طريقه ، تجنبت "راويه" والدتها الغاضبة وقبعت بشرفتها المحببة بعيدًا عن كل تلك الأحداث فيكفيها ما تطاله من والدتها بالعادة ولا طاقة لها بتحمل غضبها الآن ...
خرج "فخري" بهدوء من غرفته مارًا بتلك المشتعلة وإكتفى بنظرة جانبية دون تعقيب ، إتجه نحو باب الشقة للمغادرة فحتي يوم الجمعة لا يحصل على تلك الراحة بالبقاء بالمنزل فهو لا يطيق البقاء لأكثر من ذلك برفقة "صباح" ...
أوقفته "صباح" قبل خروجه متسائلة بإستنكار ...
- إنت موافق يا "فخري" على الجوازة دي ؟؟! حتسيب "مأمون" يقع الواقعة دي وتقف تتفرج ..!!!!
تنهد "فخري" بتملل ..
- والله إبنك راجل مش عيل صغير ، وهو شايف كدة ، أنا أعمل له إيه ؟؟! أضربه على إيده !!!
ضمت شفتيها الغليظتان بغضب ثم أردفت ..
- لأ يا أخويا ، وقفه ، هدده إعمل أي حاجة بس ميتجوزش بنت الخدامة ...
إلتف "فخري" نحوها بإشمئزاز ..
- إبنك عندك ، إتكلمي معاه ، متوجعيش دماغي ..
خرج "فخري" مبتعدًا عنها فبالكاد يطيق وجوده بالبيت ، لا طاقة له بحديث معها والرضوخ لطلباتها وتحقيق مساعيها ...
خروجه بهذا الشكل المستفز جعلها تبحث عمن تفرغ بها شحنة غضبها وبالتأكيد لم تكن سوى "راويه" لتتجه نحو الشرفة تبدأ بصراخها المعتاد الذى لم تعد "راويه" تكترث به ...