رواية جديدة ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » مكتملة لقوت القلوب - الفصل 25 - 3 - الأحد 29/12/2024
قراءة رواية ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ظننتك قلبي
« لكن بعض الظن إثم »
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة قوت القلوب
الفصل الخامس والعشرون
3
تم النشر يوم الأحد
29/12/2024
طريق السفر ..
بين كلمة قاسية نطقتها أردت بها (أحبك) وبين بُعدٍ قصدت به قربك ، كانت تلك أنا معك ، حياة التضاد تلك التى أحياها بقربك فلا تصدقني لكني لن أخبرك بهذا ...
بعد أن سار "معتصم" عدة ساعات بطريق سفرهم إلى الإسكندرية رفع سوداوتيه تجاه المرآة العاكسة أمامه ليجد "حليم" قد سقط غافيًا بعد بقائهم متيقظين ليومين على التوالي ، وجدها فرصة عظيمة للتحدث مع شرسته بمفردهما فسار بمحاذاة الطريق حتى توقف تمامًا على جانبه لتناظره تلك الصامته منذ بداية سفرهم بإستفهام مقتضب ...
- وقفت ليه ؟!!
دون الإكثار من الحديث حتى لا يوقظ "حليم" أشار إليها بعيناه نحو الخارج بشموخ غريب يدعوها للترجل دون النطق بذلك ...
فهمت "عهد" طلبه على الفور لتبقى للحظات دون الإستجابة له ، لكنه ترجل من السيارة ليلتف حول مقدمتها ليقف بإنتظارها بعيدًا عن السيارة لتجد نفسها تلحقه مصطنعة الجدية والإعتزاز لمعرفة فيمَ يريدها الآن ....
وقفة شامخة نظر بها نحو الأفق البعيد واضعًا كفاه بجيبي بنطاله الأسود يسحب شهيقًا بطيئًا بإنتظار متوحشته لتنصاع لطلبه وتلحق به ، نظرة ثاقبة بتلك الجوهرتان السوداوتين تظن لوهلة أنه يخترق بها الأفق الخالي نحو الفراغ المبين أمامه حتى شعر بقدومها ، هزة لاحت بهذا الساكن بين ضلوعه تُشعره بنشوة سعادة إجتاحته فيبدو أنه يدير الأمر لترويضها كما يجب ...
لم يكن منها إلا وقفة صامته إلى جواره تطالع بعسليتيها الفراغ المنبسط أيضًا فلن تبدأ بسؤاله عما يريد ، لن تتنازل ولن تتهاون ...
وقفة معتدة من كلاهما طال بها الصمت فكلاهما عنيد معتد بنفسه شامخ و .. محب ...
رغم ضربات قلوبهم التى تسارعت والتى تجاهلها كلاهما إلا أن كل منهما تحلى بالثبات بإنتظار خضوع الطرف الآخر ، لكن أمر حل بكلاهما فبداخل "عهد" تتشوق بشدة لمعرفة عما يريد التحدث به ، وبداخل "معتصم" حماس لا يوصف لبدء حديثه معها ، وبعد إنتظار لبعض الوقت ظن كلاهما أن الآخر لن يتحدث ليلتفا بذات اللحظة بمواجهة الآخر ..
هنا فقط سقطت الحصون وتلاقت العيون الولهه لكل منهما ، إنها الوحيدة التى صرحت بما يضمراه بداخلهما فعيونهما نطقتها بشوق ولهفة لكن جفت ألسنتهم عن ذلك ...
زاغت سوداوتيه بعينيها الناعستان فلم يعد يطيق الصبر ، ولن يخفي الأمر ، إنه يحبها حبًا حقيقي ليس ظنًا أو خيال وعليه الآن معرفة هل تكنُ له ذات الشعور أم أنه قد فهم بالخطأ ذلك ...
تهدلت ملامحها المتجهمة بليونة أمام مقلتيه البراقتان النافذتان نحوها لكنها سرعان ما أخفت ذلك خلف نبرتها الجافة متسائله ..
- خير ، عاوز مني إيه ..؟!!
لم يعد للأمر حاجة للإخفاء ، قرر التحدث ووضع كل النقاط بحروفها ...
- إنتِ ليه بتعملي كدة ؟؟!
تصنعت عدم الفهم وهي تتهرب بعينيها عن عينيه الكاشفتان لأمرها ...
- بعمل إيه يا فندم ، هو فيه حاجة عملتها غلط !!!
إتسع جفناه ببعض الحدة ثم أردف ينهرها ..
- "عهد" ، بلاش الغباء ده لأنه مش لايق عليكِ ، إنتِ فاهمه كويس أنا عاوز أقول إيه ...
ضمت شفتيها بتهكم معقبة متصنعة عدم الإهتمام ...
- مش مهم فاهمة ولا لأ ، عادي يا قائد ...
زفر "معتصم" بقوة فهو لا يتحمل هذا الإسلوب المراوغ كثيرًا فهو محترف به ولن تحاول معه بما هو ماهر به ...
- إفهمي بقى يا "عهد" ، أنا مكنش ينفع أقولك ، ده مهما كان شغل وأوامر ، حاجات مش جديدة عليكِ ، لأن واحد زائد واحد يساوي إتنين ، أنا لو كنت قولتلك على طبيعة المهمة كان ممكن تعرضي نفسك لخطر ، أنا مكنش ينفع أخالف الأوامر ...
وجدت نفسها لا إراديًا تعاتبه بحدة وتتنازل عن قوقعتها وإخفاء الأمور بداخل نفسها ، لأول مرة بحياتها تتخلى عن قناع تحلت به وتخرج مشاعرها المنفعلة تجاهه ...
- خطر !! يعني إنت مكنتش عارف إن أنا كنت في خطر ...؟!!
إنتشاء لحظي بإحساسه بتحطيمها لتلك الهالة الغير عابئة التى غلفت بها نفسها ليستكمل موضحًا برغبة مُلحة في توضيح الأمر وإنهاء سوء الظن ...
- "عهد" أنا كنت مَأمِنِك أكتر من نفسي ، صدقيني مكنش حيكون فيه أذى ليكِ ولو حصل حيكون ده بعد ما أفديكِ بحياتي الأول ...
لحظة من الصمت المندهش وهي تطالع عيناه المحبة ، لمحات من مشاعر لا تعرفها ، إحساس جديد لأول مرة تشعر بالإرتجاف حين تدركه ، شئ مفرح ومخيف بذات الوقت ، بل إحساس مفزع لنفسها حين لاحت الفكرة برأسها ، لا لن تنساق بهاوية العشق ، لن تصبح كنساء عائلتها الضعفاء ، توجمت بتحفظ لتعقب بخفوت ...
- لا ، لا مينفعش ...
تساءل لعدم وضوح مما ترفض ...
- هو إيه إللي مينفعش يا "عهد" ..؟؟؟
دون توضيح أجابته ...
- ولا حاجة ، كمل ...
هو لا يسقط ببحور الهوى بسهولة ، لكنه أيضًا تعلم إنتهاز الفرص ، حياته سلسلة من النجاحات والقبض على الفوز حين يلمحه ، وهي فرصة لسعادة قلبه ومشاعر لم يدرك أنه يحمل قلب مفعم بها ، لهذا يتوجب عليه ألا يخسرها فهو الرابح بكل المعارك وتلك المعركة بالخصوص لن يتواني عن الفوز بها فهي جائزته التى حلُم بها منذ زمن بعيد ، زفر بقوة قبل أن يستطرد محفزًا نفسه على إخراج تلك الكلمات التى توقفت بحلقه ...
- لما عرفت من "طه" إنكم مخطوبين بعدت ، لكن دلوقتِ أقدر أكلمك وأقولك على إللي جوايا بصراحة ...
تخوفت "عهد" من إستكمال حديثه لتخطو جانبًا عائدة إلى السيارة ، لكنه إستوقفها بخطوة جانبية ليقف حائلًا أمامها يمنعها من الفرار ...
- متهربيش ، أقفي قدامي هنا ، إسمعي مرة كلامي للآخر ...
رفعت عسليتاها الحائرتان ليقابلهما بنظرة نافذة إخترقت قلبها وأصمتت لسانها ليكمل بإحساس مفعم بكل حرف ينطق به ..
- "عهد" ، أنا بحبك ، مش عارف إمتى وإزاي ، لكن إنتِ بجد خطفتِ قلبي مني ، حقيقي وبقولهالك ، أنا .. بحبك ...
إبتلعت ريقها المتحجر وقد تيبست بموضعها لتشعر بتوتر غريب لا يناسب شخصيتها القوية ، شعرت بالإهتزاز والإرتجاف لكلماته لتجيبه بما لم يكن ينتظر سماعه ...
- أنا مش ضعيفة ، ومينفعش أكون ضعيفة ، أنا طول عمري قوية عشان مكنتش منتظرة من حد إنه يحبني ، أنا لا عايزة أتحب ولا عايزة حد يتحكم فيا ...
ضاقت عيناه بتجهم ليطالعها بنظرته الحادة الغير مقتنعة بما تتفوه به ...
- يتحكم فيكِ !!! ومين قال إن إللي بيحب حد بيتحكم فيه ويخليه ضعيف ، بالعكس ، الحب بيديكِ القوة ، الحب مش فرض سيطرة ...
ضحكت "عهد" ضحكة تهكمية خفيفة قبل أن تردف بتساؤل ساخر ..
- يعني إنت عاوز تفهمني إنك بشخصيتك دي مش حتتحكم وحتبقى متفاهم وكيوت و تسيب الحرية للبني آدمه إللي حتتجوزها ، عاوز تفهمني إنك ملاك نازل على الأرض بجناحات ، بلاش مثالية وكلام فارغ ، كل ده عشان توصل لهدف ، ووقت ما توصل له خلاص ، كل الكلام ده بيتمسح ، زي شخصيتي ما حتتمسح ، لا يا "معتصم" باشا ، أنا قوية ، وحفضل طول عمري قوية ...
أراد أن يثبت لها أنها تتفوه بما لا تشعر به كاشفًا مشاعرها أمام نفسها ...
- يعني أفهم من كدة إن مفيش أي مشاعر ليا جواكِ ؟!! ، وإن لما كنا فى الكوخ كل ده كان تمثيل في تمثيل ، تبقي غلطانة ، أنا متأكد إن إللي جواكِ و إللي بتحاولي تخبيه غير كلامك ده إللي بتقوليه ...
رفعت رأسها بشموخ تنفي فهمه لمشاعرها التي لا تدري كيف تأكد منها إلى هذا الحد ...
- أيوة ، مجرد تمثيل في تمثيل وإنت ولا حاجة بالنسبة لي ، ويا ريت بقى نقفل على الموضوع ده أنا لا بتاعة حب ولا عواطف ...
أنهت عبارتها وأسرعت بخطواتها تجاه السيارة هاربة منه ومن نفسها الفزعة التى أدركت عشقه لها ، لكن المخيف هو تيقنها أنها أيضًا تعشقه ...
جلست بمقعدها وهي تلمح "حليم" بطرف عينيها قبل جلوسها للتأكد أنه مازال نائمًا ولم يلاحظ توقفها مع "معتصم" ...
هي رفضت الإفصاح عما تشعر به من عشق له بينما لاحت إبتسامة ماكرة فوق ثغرة الممتلئ متيقنًا بأنها تبادله نفس الشعور لكن عليه الآن جعلها تعترف بهذا العشق وتتدارك مخاوفها التى تثير فزعها بلا داعي ...
عاد "معتصم" للسيارة جالسًا بمقعد السائق لتدور برأسه عدة أفكار لجعل تلك المشاكسة تعلن الإستسلام والرضوخ للعشق ، أدار محرك السيارة مستكملًا طريقهم للأسكندرية لإتمام المهمة ...
❈-❈-❈
بيت المستشار خالد دويدار ( شقة عيسى) ...
وسط صراع من نفسه تجاه ظنه ، صراع بين النفس وشيطانها وبين الشك والألم ، صراع يجعلنا نُدهَس بين كفي الرحى ، يرضى بمن يتغلب لكن القوة بمن يغلب نفسه ويهزم شيطانه وظنه ...
بهدوء نفس رغم ما أثاره رؤية زوجته بهذا الوضع الغريب بالأمس إلا أنه يدرك شئ وحيد أنها لن تخون ، لن تُسقط ثقته بها ، إنها أهل له ولقلبه ، لهذا عليه فهم الأمر أولًا قبل أن يصدر أحكام ، لكنها بالنهاية تبقى "غدير" القلب ومنبعه ...
تحدثت عيناه المتسائله بينما إلتزم الصمت والمراقبة حتى حين أخذت "غدير" تثرثر كعادتها كان يقابلها بهدوء صامت ...
- حتى يوم الجمعة يا "إيسوووو" صاحي بدري ، عاوزة أنام يا أستاذ يا نشيط ..
تسائل بداخله دون التصريح به ...
-( مين ده ؟!! وكنتي واقفه معاه ليه ؟!!) ..
رفعت "غدير" حاجبيها أثناء ميل رأسها الصغير بتعجب من صمته وعيناه الحائرة المسلطة عليها ...
- مالك ؟! مبحلق لي كدة ليه ؟! ما ترد عليا ، نشاط أوفر الصراحة ...
قالتها وتعالت ضحكاتها الصاخبة لكنها إبتلعتها بعد قليل عندما لم تجد تجاوب من "عيسى" لمزاحها لتقضب حاجباها بجدية قبل أن تجلس إلى جواره متسائلة بقلق ...
- "عيسى" مالك ؟! حاجة مضايقاك ولا إيه ؟!!
تطلع مرة أخرى بوجهها كما لو أنه سيكشف ما بداخلها من مجرد نظرة عميقة من نظراته ، نظرة جعلتها تشعر بالإرتباك وعدم الفهم ...
إبتلعت ريقها ليصاحبها تهدج لأنفاسها بإضطراب قلقًا عليه ...
- "عيسى" مالك بجد ؟؟ ساكت كدة ليه ؟!!
زفر مطولًا قبل أن يخرج كلماته بصعوبة ...
- مفيش يا "غدير" ، نامي إنتِ أنا نازل تحت عند بابا وماما ...
نهض ببطء ليثير إقتضابه قلقها وتخوفها بداخل نفسها محدثه إياها ...
- ( ماله النهاردة ، هو زعلان مني ولا إيه ؟!! مش عوايده خالص ) ...
تابعت تحركه حتى غادر الشقة بنظرات حزينة من أن تكون قد أغضبته أو قامت بفعل ما ضايقه ، حتى أنها شكت بأنه قد رآها بالأمس لتهمس بنفي تام ..
- لأ لأ ، أكيد مشافنيش ، ده جه بعدها ، ومقالش حاجة ، اه ، لو كان شافني مكنش سكت ...
أين ستجد النوم والراحة بعد ضيق "عيسى" ، لن تشعر بالراحة وهو على هذا الحال لتبحث عن سبب مناسب لغموض ضيقه المفاجئ ...
- يمكن حاجة فى القضية بتاعته شاغله دماغه ولا حاجة !!! أه أكيد كدة عشان لو كان حاجة تانية كان قالي ...