-->

رواية جديدة ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » مكتملة لقوت القلوب - الفصل 24 - 1 - الأربعاء 25/12/2024

  

قراءة رواية ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية ظننتك قلبي

« لكن بعض الظن إثم »

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة قوت القلوب


الفصل الرابع والعشرون

1

تم النشر يوم الأربعاء

25/12/2024

« زواج إجباري ....»


تقول الأفعى إن البشر يلعنونني كل يوم ، وكيف لهم أن ينعتوني بذلك على الأقل لم أبتسم بوجههم يومًا ، فلست أنا من أظهر غير ما أبدو فأنا بوضوح لم أجبر أحد على التعرض إلىّ ، كلنا مجبرون على حياة نعيشها ، الخوف من أن يتم الإجبار من ظالم بلا قلب ، أو من سوء الظن ...


إنتصف اليوم وإنتهت منبع الحياة من ترتيب شقتها برفقة "أم مجدي" لتغادر بعدها على الفور متجهه لبيت أختها لزيارة جديدة تريح قلبها وفكرها المنشغل بأختها طوال الوقت ...

بروح متفائلة من جديد تنير الحياة بإقبالها عليها تلقى بالعثرات خلف ظهرها ، وصلت "غدير" لبيت "مودة" سعيدة مرة أخرى بإيجاد مفتاح الشقة بحقيبة يدها لتفتح الباب مباشرة قبل أن تدلف لتصدح بقدومها الصاخب ...

- أ "دوداااااا" ، إنتِ فين يا فتاة ، أنا جييت ..

طلت "مودة" برأسها فلم تلبث دقائق فقط منذ أن عادت من الشركة لتهتف مرحبة بأختها ..

- "دورا" ..!! مقولتيش إنك جاية ، تعالي تعالي ...

أغلقت "غدير" الباب من خلفها لتدلف بإرهاق تلقي بنفسها فوق الأريكة بصدر ناهج ...

- تصدقي شكلي عجزت ، الواحد خلاص حيكمل الأربعين ..

فاهت "مودة" بتعجب فهي مازالت صغيرة ولا تقرب حتى من هذا العمر لتردف بمزاح ..

- أربعين إيه يا أختي ؟؟ قصدك أم أربعة وأربعين !!! 

تصنعت "غدير" الإندهاش لتجيب بإشمئزاز ..

- هو إنتِ بوقك ده مبيتقفلش ، على ذكر البوق محضرتيش غدا حلو ولا أبلتك "سامية" مبعتتش أكل مبوظاه تاني ، مش عارفه جعانة ليه ؟!!

جاورت "مودة" أختها لتجيبها بنفي أثار شكوك "غدير" ..

- لأ ، مفيش ، أصل أنا خلصت الأكل إللي عندي عشان أخدته معايا وأكلنا أنا و "رؤوف" ..

إعتدلت "غدير" تحاول فهم مقصد "مودة" ...

- ليه ؟! إنتوا بتاكلوا مع بعض ؟؟!

إضطربت "مودة" فيبدو أنها أخطأت وظهر جليًا توترها وإحتقان وجهها بحمرة مشتعلة لتردف بتلعثم ...

- لأ ، اه ، قصدي عادي يعني ، كنت واخده معايا أكل وأكلنا ، عادي ، عادي خالص ...

تحولت "غدير" بجديتها لشخصية أخرى تمامًا ، تملكها دور الأخت الكبرى التى تخشى على أختها من الأخطاء ..

- "مودة" !! إيه الحكاية ؟!! مالك ومال "رؤوف" ، طريقتك وشكلك مش مريحني ، هو "رؤوف" قالك حاجة أو عمل حاجة غريبة ؟!!

تهمة ستلصق به ويصبح خائن لـ"نيره" وهو لم يفعلها ، بل هي المخطئة وتدرك ذلك ، لتنكس "مودة" رأسها بحرج قائله ...

- لأ يا "غدير" ، هو معملش حاجة ، ولا قالي حاجة ، بالعكس بيعاملني زي أخته ...

قالتها بمرارة علقت بحلقها فهمتها تلك العاشقة من قبلها فيبدو أن أختها ببحور العشق غارقة لتتسع عيناها الواسعتان بفزع ...

- "مودة" ، إوعي تكوني ااااا ...

لم يعد هناك بُد من إخفاء الأمر لتطأطئ "مودة" رأسها مكتسية بإحساسها بالذنب الذى يغرقها تمامًا ..

- والله غصب عني يا "غدير" ، غصب عني ...

أحاطتها "غدير" بذراعيها لتقبع "مودة" بأحضانها تزيح ثقل مشاعرها الحبيسة عن قلبها المرهق ..

- بحبه وعارفه إننا مش لبعض ، بس مش قادرة أمنع نفسي ...

تنهدت "غدير" بقوة قائله ..

- وأنا إللي حطيت البنزين جنب النار وزودتها عليكِ بشغلك معاه ، بس مينفعش يا "مودة" ، "رؤوف" مش خالي وإحنا أخلاقنا مش كدة ...

بندم شديد عقبت "مودة" ...

- والله عارفه ، وأنا مبينتش حاجة ، بس قلبي خاني وحبه ، أعمل إيه !!!!

بتفهم لمشاعر أختها الوليدة أجابتها ...

- مش عارفه ، بس إوعي تسمحي لنفسك مهما كان مؤلم إنك تفرقي بينه وبين "نيره" ، إبعدي يا "مودة" ، إلا الخيانة ، مؤلمة أوي ...

أغمضت "مودة" عيناها بألم فهي تدرك ذلك ، وربما هذا هو ما يضيق صدرها طيلة الوقت ، فعشقها كُتب عليه الموت قبل أن يظهر للنور ...


❈-❈-❈


فيلا المراقبة ...

بعد عودة "طه" و "عهد" إلتزم كلاهما الصمت لتعود "عهد" لموقعها دون الإهتمام بشئ آخر كما لو أنها لم تفعل شيئًا منذ قليل ، كذلك "معتصم" كان يعمل بحرفية شديدة لكن بين الحين والآخر يسترق النظر تجاه تلك الغافلة عنه كما لو أن رؤيتها إلى جواره تصيبه بلذة غريبة وإستمتاع لا حدود له حتى أنه ذات لحظة طال النظر إليها لتعلو عيناه نظرات محبة أدركها "طه" على الفور فقد تحفز للمراقبة لكن هذه المرة هي مراقبة "معتصم" و "عهد" ...

أصوات تخبطت برأسه محدثًا نفسه ...

- ( الظاهر الحكاية جد و الضابط المحترم وقع في ست الحسن والجمال ، وأنا هنا طرطور ) ...

تعمق "طه" ببصره تجاه "عهد" المندمجة بأحد الأجهزة تستمع لحوار أفراد الشبكة وتخطيطهم ليستكمل حديثه لنفسه ...

- ( بقى أنا تبهدليني وتمرمطي بكرامتي الأرض ، عشان هو ضابط كبير وله وزنه إنما أنا آجى إيه جنبه ، ماشي يا "عهد" ، مسيري حردهالك ...) ...

بركان ثائر بداخل نفسه وهو يطالع "معتصم" بغيره وحقد ليس فقط لحصوله على قلب "عهد" بل لأنه ضابط قوي محنك يخترق الصعاب والجميع يوقره ويمجده ...

شرود تام أصابه لم يفق "طه" إلا بصوت "معتصم" الشجي ...

- سامعني يا "طه" ...!!!

إنتبه له "طه" منتفضًا من جلسته ..

- أفندم يا قائد ...

إمتعض وجه "معتصم" لشرود "طه" بوقت صعب كان يجب أن يكون بكامل إنتباهه وإدراكه ليبوخه أمامهم جميعًا كما لو أن الأمر يتحمل التوبيخ أيضًا بنفس "طه" ...

- ما تفوق معايا كدة ، مينفعش الإستهتار ده إحنا مش بنلعب ...

هز رأسه بإرتجاف من قوته مجيبًا إياه بإذعان ..

- تحت أمرك يا قائد ...

عاد "معتصم" حديثه مرة أخرى ...

- سجل لي كل التسجيلات دي مكتوبة بسرعة عشان الوصف والعناوين ...

- تمام يا قائد ...

عاد "طه" لموضعه يستمع للتسجيلات ويدونها بينما أخذ "معتصم" و "حليم" بمراقبة الفيلا بالنظارات المعظمة ...


❈-❈-❈


عطارة النجار ...

قيل بالأمثال الشعبية البيت بيت أبونا والأغراب يطردوننا ، لكن هذا المثل لا ينطبق أبدًا على "فخري" وولده ، فالبيت بالفعل بيت والده لكن من يصده عنه ليس بالغريب ...

وقف "فخري" بأعين مقتضبة ووجه مكفهر ينظر لـ"فريد" الذى تجاوز حده وجلس بمكتبه دون إذن منه ، لقد إستغل إنشغاله وسفر "مأمون" ليظن نفسه الآمر الناهي بالوكالة ...

كذلك "فريد" لم يكن بالقوة والثبات لمواجهة والده ومطالبته بأبسط حقوقه وهي مكانته بالوكالة كأخيه تمامًا ، بل طأطأ رأسه بخزي وخنوع فقد فعل إثمًا يستحق اللوم عليه ، نهض "فريد" بإرتباك وهو يرى والده يناظره بغضب ليتلعثم قائلًا ...

- أهلًا ، يا ااا حاج ...

دنا منه "فخري" ينهره بغلظة ..

- إنت إيه إللي مقعدك هنا ؟! مالك إنت ومال الوكالة ..؟!!

إبتلع "فريد" ريقه المتحجر بحلقه وقد سرت برودة بأطرافه تخوفًا من والده ورد فعله العنيف إزاء تخطيه حدوده التى سمح له بها ..

- مفيش يا حاج ، ده أنا كنت باخد بالي من الوكالة وإنتوا غايبين عنها ...

دفعه "فخري" بقسوة من كتفه نحو الأمام ليَظهر بُغضه له ولسلوكه المشابه لوالدته ...

- متشكرين يا أخويا ، لو كنت عاوز خدماتك كنت طلبتها منك ، إتكل على الله ...

ضغينة حملها "فريد" بداخله ليكتفي بضم شفتيه بقوة دون التفوه بكلمة ، ربما لأنه لا يدري كيف يتصرف بذكائه المحدود ليحرك رأسه إيجابًا مرغمًا ...

- ماشي يا حاج ...

أشار "فخري" تجاه الخارج بذراعه الطويل متحدثًا بجفاء ...

- من غير مطرود يلا ، وريني عرض أكتافك ...

لملم كرامته المبعثرة أمام العمال بالوكالة ليخرج على الفور وهو يغمغم بسخط ...

- طيب طيب ، هو إيه أصله ده ، كل الناس يتطردني وتهزقني ، مفيش حد عامل لي قيمة أبدًا ( ليتذكر زوجته فهي الوحيدة التي تسعى لمصلحته ) ، أنا أروح البيت لـ"حنين" هي الوحيدة إللي عايزة مصلحتي ...


إتخذ "فريد" طريق عودته فهو لن يذهب للمخازن الآن فضيق نفسه جعله لا يتحمل البقاء بالعمل بل عليه العودة بعد أن قام والده بطرده من الوكالة ، كلما حاول الوصول لمبتغاه يجد والده أو "مأمون" يغلقون بوجهه كل الطرق ليزداد حنقًا وبغضًا لهم يوم بعد يوم ...

ظل يركل الحصى بأقدامه بضيق فالطريق للبيت ليس ببعيد عن الوكالة ، هبت بعض الرياح الباردة التي تنذر بقدوم ليلة عاصفة ممطرة ليزداد تمسكًا بسترته ليحمي نفسه من هبوب الرياح ، إنتبه لصوت مألوف لمسامعه ينادى بإسمه ليرفع بصره نحو صاحبة هذا الصوت المتسم بالسوقية ليردف بتفاجئ ...

- خالتي "أم حنين" ...!! بتعملي إيه في البرد ده ..؟!!

تقدمت منه إمرأة نحيلة بأواخر العقد السادس من عمرها تحتفي بزوج إبنتها ...

- طالعة أجيب لعمك "السيد" دواء البرد أحسن مبطلش كحة من إمبارح .. وإسم الله عليك جاي منين بدري كدة ...؟!!

أخفى "فريد" سبب عودته مبكرًا متعللًا بسبب كاذب ...

- أصل أنا كمان داخل عليا برد فقلت أروح أرتاح شوية ...

ربتت "أم حنين" بكتفه بغلظة لا تناسب إمرأة بعمرها ..

- وماله يا أخويا ، أهو تشرب لك حاجة دافية ولا البت "حنين" تعملك شوية شوربة ، (مصمصت شفتيها بملامة ثم أكملت ) ، على عيني أسيبك بس الست "صباح" لا بتحب تاكل ولا تشرب من إيد حد غريب ، قال يعني أنا غريبة عنكوا ...

حرك "فريد" رأسه بتفهم فهذا طبع والدته منذ زمن بعيد ليردف ببعض الإعتذار ...

- ما إنتِ عارفة طبعها ..

بتملل أومأت "أم حنين" مصطنعة التفهم ..

- أيوة طبعًا ، عارفة يا أخويا ، عمومًا إبقى قول لـ"حنين" تبقى تيجي تشوف أبوها العيان ده أحسن بقالها كام يوم معدتش علينا ...

- حاضر يا خالتي ...

قالها "فريد" وهو يهم بتركها وإستكمال طريقجه للبيت الذى لم يعد يبعد الكثير خاصة وأن تغير الطقس أصبح مقلق للغاية ...


بعد مرور بعض الوقت كان "فريد" يقف بغرفة المعيشة يدور حول نفسه متعجبًا ...

- الله ، هي "حنين" فين ؟؟! تكون فوق عند أمي ؟!! 

دلف لغرفة أولاده ومازالت الحيرة متعلقة بعينيه وهو يسألهم بإندهاش لغيابها دون أن تطلعه على ذلك ...

- أمكم فين يا ولاد ...؟؟؟

- مش عارفين ، خرجت من بدري ...

كانت تلك إجابة إبنته قبل أن ينتبهوا لصوت ما لتردف إبنته مرة أخرى ...

- الظاهر جت أهي ...

عاد "فريد" لغرفة المعيشة ليجدها "حنين" بالفعل ليتسائل بغرابة ...

- إنتِ كنتِ فين يا "حنين" ؟!! مقولتيش يعني إنك خارجه ...؟؟

ألقت "حنين" وشاحها بإهمال لتجيبه على الفور ...

- حكون فين يعني !! عديت على أمي وأبويا شوية ، إيه فيها حاجة دي ؟؟!!

إستنكار بوقاحة لتتسع عيناه بذهول من كذبها فلولا مقابلته مع والدتها منذ قليل لكان صدقها حقًا ...

زاغت عيناه بحيرة وضعف فهو لن يجادلها ولن يقوى على تعنيفها وإظهار كذبها ليسائل بقلة حيلة ...

- وهم كويسين ؟!!

ربما أراد لنفسه إثبات صدقها فربما ذهبت لبيت والديها حينما غادرت أمها ، لكنه فوجئ بتبجحها بالإجابة لتصمته تمامًا بحدتها ...

- أه ، كويسين ، زي إمبارح وأول ، حيجرى لهم إيه يعني ؟؟!

شك دب بقلبه حين تذكر كلمات أمها منذ قليل حين أخبرته أن "حنين" لم تزورهم منذ عدة أيام ، أشواك مُهدت بطريقه ليرغم على السير فوقها حافي القدمين فهكذا رأى كذبها وتبجحها بذلك أيضًا ، ضاقت نفسه ليدرك أن من كانت وحيدة بدربه تركته يصارع البقاء وحده ، لقد باع كل شئ وإشتراها فالآن تكذب ترى ماذا تخبئ بعد !!!

إبتلع ريقه المتحجر ليستسلم مجبرًا دون الإفصاح عن معرفته بكذبها متخوفًا من رد فعلها ، لتبقى الأفكار تجول برأسه مصورًة له متاهات ومتاهات لسبب كذبها عن سبب خروجها ولمن ذهبت دون علمه ...


الصفحة التالية