-->

رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 45 - 1 - الجمعة 3/1/2025

 

قراءة رواية حان الوصال كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الخامس والأربعون

1

تم النشر يوم الأحد

3/1/2025

"تعيش الروح بين متناقضات الحياة، حيث ينبض الأمل من بعيد، وتواجهنا التحديات التي تقف أمامنا كجدران صلبة لا تنكسر بسهولة. ولكن، ورغم كل الصعوبات، يظهر دائمًا خيط رفيع من الأمل، ليذكرنا بقدرتنا على التغلب. في كل خطوة نخطوها، نتعلم شيئًا جديدًا عن أنفسنا وعن الحياة. فالفصول تتعاقب، وتختلف أحداثها، ولكن هناك دائمًا دروس مخفية في كل لحظة. ما يجعلنا أقوى هو تمسكنا بالإيمان، والأمل في غدٍ أفضل، مهما كانت الظروف."


بوق السيارة الذي كان يصدح صوته في الخارج دون توقف، بإزعاج أثار استياء إيهاب، الذي كان يستعد للذهاب إلى جامعته، لينفخ بضيق وتأفف وهو يخرج من غرفته مناديًا النجدة:


يا صباح يا عليم يا رزاق يا كريم، حد ينبه صاحبنا يوقف لعب العيال بدل ما أخرج له أنا وأعملها خناقة على أول الصبح.



سارعت بهجة بالتلطيف معه:


أنا مخلصة وجاهزة وخرجاله حالًا يا إيهاب، بربط بس شعر عائشة.


ومتربطش هي ليه؟ إيدها مشلولة ولا لسة نوغة؟



قالها بضيق نحو عائشة التي لم تسكت كالعادة:


بعد الشر يا روحي ما أبقى مشلولة، بهجة بتعمللي شعري عشان أنا بحب كده.


حبك برص يا أختي.

صوت استنكار صدر منها عقب تقليده لها بسخرية امتزجت بغيظها، لتتوجه بقولها نحو بهجة التي أصابها التعب من مناكفتِهما، بالإضافة لاستعجال الآخر بعدم رفع يده عن بوق السيارة:


عاجبك كده يا بهجة؟ يعني لما يخرج مني لفظ مش كويس ناحية صاحبنا ده، هيسكت ولا هيلم نفسه ولا هتجيبي انتي اللوم عليا.


لا يا قلبي لا عليكِ ولا عليه، أهو خلصت القوطتين زي ما بتحبي.

وختمت بقبلة أعلى رأسها، لتذهب إلى غرفتها سريعًا تتناول حقيبتها، فكادت أن تصطدم بشقيقتها جنات التي كانت خارجة من المطبخ بصينية الشطائر التي أعدتها على عجالة للإفطار، وقد كادت أن تقع منها لولا انتباهها:


حاسبي يا بيبو... لا إخواتك الغلابة ما يلقوش حاجة يفطروا بيها.

طالعتها بأسف حتى همّت أن تتوقف وتسايرها المزاح، لولا الصوت المزعج الذي دوى فجأة، لتنتفض وتتركها نحو طريقها، ثم تخرج في أقل من ثوانٍ تلوّح بكفيها:


طيب أنا ماشية، ولو في أي حاجة اتصلوا عليّ، وانتي يا جنات ما تسيبيش عائشة غير وهي داخلة باب المدرسة.


طب مش هتفطري؟

هتفت بها جنات لتعطيها الرد وهي تخرج من المنزل دون أن تلتفت إليها:


هبقى أفطر في الجمعية. سلام بقى.


سلام.

تمتم بها إيهاب، يتبعها حتى وقف خلف السور الصغير الفاصل بين مدخل المنزل والحديقة في الأسفل، يتبعها بأبصاره حتى وصلت إلى هذا المتعجرف، والذي كان متكئًا على سيارته بخيلاء واعتدل كي يستقبلها بقبلة على جانبي وجهها، قبل أن يلتفت إليه ملوّحًا بكفه. فكان رده ابتسامة صفراء، تظهر المزيد من الحنق لأفعاله.



أما الآخر فبادله بابتسامة سمجة، ثم التف ليأخذ مكانه خلف عجلة القيادة كي يتحرك مغادرًا بشقيقته، ليعقب إيهاب في أثره:


ده مكانش أسبوعين دول اللي هاخدهم فوق دماغي، الله يسامحك يا شادي.



❈-❈-❈

#


أما بداخل السيارة التي كانت تقل الاثنين، كان الحديث الدائر بينهما:


إيهاب كان على تكة واحدة ويخرج يتخانق معاك، أنت كنت مزودها أوي النهاردة يا رياض.



قابل نقدها بعدم اكتراث وتحدي:


ما أنتي لو كنتِ خرجتي من أول مرة رنيت فيها مكنتش أنا زمرت بالغربية ولا عملت قلق.



ضحكت تضرب كفًا بالآخر بعدم استيعاب:


تعمل قلق عشان بس اتأخرت عليك! يا نهار أبيض يا جدعان! دا كدة إيهاب كان عنده حق لما قال شغّل عيال صغيرة.


مش هو اللي اتشرط وعَاند معايا بالاتفاق مع الغضنفر ابن عمته،  وخلاه يأجل فرحنا أسبوعين،خليه بقي ينفعه.



سمعت تردد من خلفه بدهشة لا تتوقف، كلما لمست منه ذلك الجانب الصبياني الذي كان متخفيًا خلف ستار الوقار والجمود:


قلت بنفسك أسبوعين يا حبيبي، أسبوعين يعني يخلصوا في غمضة عين يا رياض، بس أنت قلبك أسود، حاططهم في دماغك مع إنهم ما طلبوش كتير ولا طلبوا أي حاجة صعبة، دول يدوب أسبوعين على قد التجهيزات السريعة كمان 



رمقها بنظرة فهمت عليها قائلاً:


بلاش تلاوعي معايا يا بهجة، عشان أنتِ عارفة كويس إني مستعد أستنى شهر ولا شهرين كمان على ما يجهز الفرح اللي أنتِ عايزاه...


بس أكون في بيتك ومعاك!.

أضافت بها على كلماته ضاحكة لتضاعف من حنقه، ثم تسارع في التلطيف معه وكأنها تهادن طفلاً صغيراً:


رياض أنا بهزر معاك، بلاش التكشيرة دي الله يخليك، دا إحنا حتى لسه في أول الصبح.


بلاش تقولي الكلام دا عشان أنا على آخري.


حاضر.

تمتمت بها بطاعة وابتسامة رائعة تزين محياها، حتى كاد هو الآخر أن يفعل ولكنه استطاع رسم الجمود، 

لتعود مردفة:

طب أنت علي كدة تنساني خالص بقى النهارده، يا تستنى أتصِل أنا بيك  بالليل، عشان هخرج بدري من الجمعية أروح على صفية أجهز معاها وأقف جنبها في كتب كتابها، زي ما هي وقفت جنبي.



نطقت الأخيرة بغصة مريرة شعر بها هو الآخر، يتذكر الفرق الشاسع بين الاثنين، ليعود بذهنه لتلك المشاجرة الأخيرة التي كادت أن تنهي ما بينهما على الإطلاق:


مش ناوية تحكيلي بقى عن خناقتك مع اللي اسمها نادين؟ اطمني مش هأذيها، أنا بس عايز أعرف هي قالت لك إيه؟



تبدلت ملامحها من العبث والشقاوة إلى حزن، وانكمش حاجباها بضيق شديد تعيد الرفض:


وإيه لزوم إني أقول ولا أعيد، خلاص اللي حصل حصل وأنا نسيته، دول آخرهم كلمتين ماسخين زيها، المهم بس تلم نفسها، وتخف وتبطل تاخد آدم حجتها.


إن كان عليها، أنا إن شاء الله هلاقيلها صرفة، المهم أنتِ، أنتي فعلاً شايفاهم كلمتين مش مستاهلين، ولا نسيتيهم؟ ع العموم حاضر يا بهجة، أنا مش هزن تاني، وهانتظرك برضو تيجي تقوليلي بنفسك... لما تفتكري.


لما أفتكر.

تفوهت بها وكأنها لا تبالي أو هي بالفعل لا تذكر، لكن رأسها يستعيد كل ما حدث...

، من بداية دخولها المنزل والقاء بها، ثم التعرف على آدم وذلك الحديث الذي دار بينهم، عقب التلميح السافر من الأخرى.


أفندم، وانتي مالك بقى إن كنت مراته في السر ولا في العلن؟ هو فين رياض أصلاً؟ يا رياااض.



وتحركت أقدامها للصعود مواصلة النداء باسمه، والأخرى لحقت بها، حتى دلفت داخل غرفة نومه:


رياض انت فين؟


مش موجود يا حلوة،

 بقي دا كله دا ولسه مفهمتيش؟

تفوهت نادين بهذه الكلمات مستندة بكتفها على إطار المدخل، تتابع بمكر:


الباشا أخد دش ولقمة ع السريع، وبعدها لبس وراح شغله، أمال بقى عاملة نفسك مراته إزاي وانتي حتى ما تعرفيش خط سيره.



كانت تنتقي كلماتها بذكاء شديد حتى تصيب هدفها بقلب بهجة التي اشتعلت زمردتيها بغضب عاصف، لتهتف ردًا عليها:


مش واخدة بالك إنك مزوداها بتلميحاتك المستفزة، أنا مراته ولا مش مراته، أعرف خط سيره ولا ما أعرفش، انتي مالك؟ انتي آخرك هنا تشوفي ابن أختك بكل أدب وبعدها تروحي، مش تردي على تليفون صاحب البيت وتبرطعي في غيابه ولا كأنه بيتك.



برقت عينيها تدعي الدهشة لتسخر ضاربة بيدها على صدرها:


يا لهوي، وكمان بتتشرطي عليا، دا على أساس إنك صاحبة البيت فعلاً.



توقفت تقرب وجهها منها متابعة بفحيح:


ما تزعليش مني، أصل انتي لو صحيح مالية مركزك بجوازة على حق من الباشا اللي معلق صورك في أوضته، كان أكيد أول واحد هيعرف يبقى آدم ابن أختي، ما كنتش أنا هاجي ألاقي مكانك خالي في بيتك، ما كنتيش هترني على الجرس عشان أنا اللي جوا البيت أفتح لك تدخلي.



تشعر بسم الكلمات يخترق جدار كرامتها، هذه الملعونة تغرز أظافرها بكل قسوة داخل الجروح المفتوحة، دون رحمة، ليحل بها صمت مطبق تستمتع لصوت الواقع المرير من فم تلك المرأة.

الصفحة التالية