-->

رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 45 - 2 - الجمعة 3/1/2025

  

قراءة رواية حان الوصال كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الخامس والأربعون

2

تم النشر يوم الأحد

3/1/2025

سكوتك ده يا بهجة يأكد فعلاً إني بقول كلام صح، على العموم رياض باشا حبوب وزي القمر، دا غير إنه قاعد لوحده وشيء طبيعي يحتاج لواحدة ست على ما ربنا يفرجها عليه ويلاقى بنت الأصول اللي تليق بيه، ويتشرف بيها قدام الخلق، أنا لو منك أمسك في الفرصة بإيدي وسناني، حتى لو طلب مني جوازة في السر أو... شكلكم ضاربين ورقتين عرفي صح؟



سمعت بهجة بالأخيرة لتستفيق من سباتها وكأنها قد تلقت صفعة، لتزأر كلبوة شرسة نحوها:


الورقة العرفي اتعملت لأشكالك يا حيوانة، ما هو واحدة بدنو أخلاقك دي، شيء طبيعي تفكر كل الناس زيها، أوعي من قدامي يا حقيرة يا منحلة أوعي.



ورفعت قبضتيها تضربها على صدرها حتى ابتعدت من أمامها تتأوه بتوجع ووعيد:


آآآه، وبتضربيني كمان، طب وربي المعبود لا أكون قايلة للباشا اللي خلاكي عيشتي الدور وافتكرتي نفسك ست بحق، وربنا مانا ساكتة على الإهانة دي.



تركتها بهجة تهذي بالوعيد والسباب عليها، دون أن تلتفت برأسها حتى نحوها، فقد كانت بحالة من الانهيار، تنتظر فقط الإشارة للوقوع، لتواصل طريقها نحو الخروج من المنزل، مقررة إنهاء كل شيء، لتطوي الصفحة كاملة بلا عودة، وحتى لا تتراجع أو تضعف قررت الذهاب إلى ابن عمتها شادي لتوكله بتلك المهمة، مهمة إنهاء هذا الأمر.


بهجة انتي نمتي؟

وصلها الصوت الرخيم لينتشلها من تلك اللحظات الموجعة، تتأمل ملامحه الجميلة الجادة وهو يقود السيارة بولَهٍ وعشق.

بعد أن تبدل قدرها في لحظات وفرحتها الكبيرة بالاقتران به باتت على وشك الحدوث.

❈-❈-❈

داخل المصنع

كان يسير بخطواته المتسعة داخل الطابق الذي يضم مكتبه، ليمر في البداية على مكتب السكرتيرة الجديدة، والتي انتقاها بجدية كي تحل محل لورا، تلك الفتاة التي كانت ممتازة في كل شيء، وكان عيبها الشديد هو رغبتها الغبية في الارتباط به، وتدبير المؤامرات لذلك، حتى ذهبت تحمل جرحًا بقلبها حينما علمت أنه لا فائدة مرجوة منه.

ألقى بالتحية نحو الفتاة قبل أن يصل لغرفته:


صباح الخير يا منيرة.


صباح الخير يا فندم، أستاذ كارم في انتظارك جوا بقاله فترة.



أجابت بها الفتاة ليقطب حاجبيه باستغراب حتى دلف إليه داخل المكتب، متحدثًا بمرح:


فاجأتني يا كارم والله بحضورك، مش بعادة يعني تيجي بدري كده؟



ضحك المذكور، يلملم في الأوراق التي كان يراجعها، لينهض عن كرسي المكتب، يجاريه ويقابله في الجلسة على الأريكة الجانبية في الغرفة:


طب أعملك إيه؟ وانت مقضيها دلع من دلوقتي، حتى قبل ما تعمل فرحك ولا تروح شهر العسل. أنا بحاول من دلوقتي يا برنس عشان ما اتزنقش لما تسافر انت، وأشيل لوحدي.



رمقه بإعجاب مرددًا خلفه:


والله انت اللي برنس، مفيش حاجة تفوتك أبدًا. عارف يا كارم، أنا لو معايا كام واحد زيك كده أسيطر على سوق الشرق الأوسط كله.



عقب كارم بتحفيز:


يا باشا هيحصل بإذن الله، بس الحكاية محتاجة شوية وقت مش أكتر. المهم، انت أخبارك إيه؟ وأخبار فرحك اللي قرب؟ وقبل كل حاجة أنا عايز أعرف منك، انت ناوي تعمل إيه مع آدم؟ هتسيبه مع خالته، ولا الست الوالدة هتتكفل بيه؟



أسئلة مهمة، تلك التي طرحها وقد كانت هذه الأسئلة أيضًا هي ما تشعل رأس الآخر، ليتنهد بتعب قائلًا:


والله ما أنا عارف أقولك إيه؟ والدتي، انت عارف طبعًا مفيش أحن منها، بس أنا مش عايز أفرض آدم عليها نظرًا لصعوبة الوضع. صفة الشبه الشديد اللي بتجمع بين آدم والسيد الوالد، ممكن تبقى عامل هايل وممكن تبقى بشكل سيئ، خصوصًا وهو بيمثل لها كل الذكريات السيئة. ومن الناحية التانية، الزفتة نادين اللي لازقة للولد وبتعلقه بيها، أنا شايف إنها هتبقى سبب كبير في وجود مشاكل بيني وبين بهجة. لذلك أنا محتار أعمل إيه معاها، نفسي أديها على دماغها وفي نفس الوقت خايف أخسر آدم لو منعته عنها أو هي نفخت في دماغه ناحيتي. أنا خدت المغرز ده قبل كده يا كارم من أختها، وخسرت أبويا. مش عايز كمان يتكرر وأخسر أخويا.


أممم.

تمتم بها الأخير بتفكير متعمق، بتفهم شديد لتلك المعضلة التي يقع بها شريكه وصديقه، حتى اهتدى إلى فكرة ما:


عارف يا رياض، اللي زي نادين دي حلها إيه؟


لايمني عليه الحل ده الله يخليك.



قابل كارم رجاء صديقه بنبرة مطمئنة:


لا، أنا مش هلايمك عليه دلوقتي. أمخمخ بس وأرتبها في دماغي وأقولك عليه، أو أفاجئك أحسن.


❈-❈-❈

بداخل إحدى المقاهي الشعبية التي أصبحت ترتادها معه، وفي تعمق لتلك العلاقة أو الصداقة التي تجمعهما منذ فترة، تستمتع بالجديد عليها في كل شيء معه.


تحبوا تشربوا إيه يا بهوات؟

توجه بها النادل نحوهما مرحبًا بهما بحبور، 

بإبتسامة ودودة، ردت تسبقه لورا بالإجابة:


أول حاجة عايزة شيشة...



قاطعها سامر معقبًا بدهشة:


إيه شيشة! شيشة يا بنت الحسب والنسب؟



ضحكت تومئ برأسها، متابعة مع النادل:


وواحد قهوة كمان، عايزة أجرب قهوتكم.


من عنينا الجوز يا هانم، أحلى شيشة وأحلى قهوة. وانت يا باشا؟

تبسم سامر متفكهًا في إجابة النادل:


يعني هي هتطلب شيشة وأنا هطلب ليمون مثلًا؟ نزل زيها يا عم الحج، شيشة وقهوة،ولا أقولك شاي ، عشان شارب قهوة كتير النهارده.


من عيوني.

قالها النادل بابتسامة، ليذهب بحماسه أمامه، فتعلق لورا في أثره:


عاجبني أوي الحماس اللي بيتكلم بيه، ولا الحيوية في المكان كله، حاجة كده بتنبض بالحياة وصخب المدينة، أنا بفرح أوي بالأماكن دي. مرسي أوي سامر.



توجهت بالأخيرة بامتنان نحوه، لتثير بفمه ابتسامة عابثة:


افضلي كده أشكري وفخمي فيا على مشاوير تافهة أنا بعملها كل يوم، يا بنتي محسساني إنك جاية من القمر.



استجابت بضحكة رقيقة في ردها له:


ماشي يا سامر، اتريق عليا براحتك. بس اللي أنت شايفه تافه ده، في غيرك شايفه حاجة مهمة وكبيرة أوي. واحدة زيي طول عمرها متعودة على الوحدة وشايفة إن دي الحياة الطبيعية. شيء طبيعي لما تختلط وتشوف الواقع بمنظور تاني تبقى تحب الزحمة والإزعاج. يمكن أكون ببالغ، بس أنا بعبر عن اللي حاسة بيه.



رمقها بصمت وتأثر، لعلمه الأكيد أنها تصيب الحقيقة دائمًا، وكم يسعده ذكرها لكل ما تشعر به أمامه دون خجل أو مواربة. ولكنه أيضًا لا يريد الوقوف عند هذه النقطة، يطمع في المزيد من القرب، وكيف تأتيه الجرأة لذلك.


سرحان في إيه يا عم؟

أفاق من شروده على طرطقة بأصبعيها أمام وجهه، ليستجيب مبتسمًا لفعلها:


يا ستي وما أَسْرَح على كيفي، هو انتي مراتي؟



وكأنها فهمت تلميحه المبطن، لاح الخجل على محياها لتردد باضطراب، وضح جليًا في قولها:


لا يا سيدي، لا سمح لها. أسرح براحتك. المهم استعجلنا الولد اللي أخد الطلبات يجيب الشيشة. ولا أنده أنا... جرسون! فين اللي طلبناه؟


❈-❈-❈


داخل منزل خميس، حيث كان يتولى اليوم مهمة تصليح غسالة الملابس، حتى لا يدخل المنزل رجل غريب في غياب رجاله، ونظراته لا تكف عن العبث نحو تلك التي كانت تتعمد الميوعة أمامه، رغم ادعائها التجاهل والعبوس، تتركه لوالدتها تأكل رأسه بالثرثرة بأحاديث لا تتوقف، وهي تشعل رأسه بالذهاب والإياب أمام عينيه المتصيدة.


الخاين الدون، نسي عشرة العمر وراح لواحدة قد عياله يتجوزها وتلهف منه فلوسه. الفلوس اللي تعبت وشقيت فيها معاه! بقى دي جزاتي؟ دي جزاتي يا طلال يا بني؟


معلش يا حماتي، بكرة ربنا يهديه ويرجعلك لما يعرف قيمتك.

تمتم يراضيها بها على مضض، رغم عدم اقتناعه، وهي تواصل ادعاء المظلومية:

الصفحة التالية