رواية جديدة حارة الدخاخني مكتملة لأسماء المصري - الفصل 22 - 1 السبت 11/1/2025
قراءة رواية حارة الدخاخني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حارة الدخاخني
للكاتبة أسماء المصري
قراءة رواية حارة الدخاخني
رواية جديدة قيد النشر
من روايات وقصص
الكاتبة أسماء المصري
الفصل الثاني والعشرون
1
تم النشر يوم السبت
11/1/2025
توصلت لكثير من المعلومات بالأيام الفائتة بعد زياراتها المتكررة له بمحبسه وكانت مرغمة تخبر بها يحيى حتى تخلص شقيقها من محبسه، ولكنها وجدت كلما أخبرته بمعلومة لا يكتفي أبدا، بل يطلب أكثر وأكثر حتى شعرت أن ناقوص الخطر بدأ يدق وسيف السجان أوشك أن يوضع على عنقها، خصوصا بعد زيارتها الأخيرة لرشوان الذي امتد حبسه لخمس وأربعون يوماً؛ فانتقل من القسم إلى السجن كحبسا مؤقتا فلم يستطيعوا زيارته يومياً كما حدث بالقسم، بل بمواعيد زيارة محددة لكل المساجين فتقابلت مع ضرائرها بتلك الزيارة التي جمعت أربعتهن، ولكنه امتنع عن مقابلة الجميع ما عداها التي سمح لها بمقابلته؛ فدلفت متخوفة من سبب طلبه لمقابلتها بمفردها وهي تعلم أنها ربما كشفت أمامه.
دلفت فوجدته يجلس على المقعد ساندً راحتيه أمامه منتظرا إياها؛ فجلست تبتلع ريقها برهبة حاولت إخفائها وهمست بصوت متحشرج:
-عامل ايه انهاردة؟
هز رأسه مبتسما بسمة مقتضبة:
-زي ما أنتي شايفه، تجديد حبس 4 في 15 في 15 في 45 واديني في السجن مع المساجين.
تنهدت تحاول رسم ابتسامة خفيفة فخرجت باهتة:
-معلش، أنت مش بتقول أنك هتخرج من أول جلسة؟
هز رأسه وقد ارتسمت على شفتيه الانزعاج:
-باللي بيحصل ده ممكن أطول يا ملك.
اقترب أكثر ساندا على المنطدة المعدنية التي أمامه حتى اقترب من وجهها كثيرا وهمس بنبرة خطيرة:
-أصل في حد بلغ بموت فتحي، وواضح كده انهم بيدورو على جثته.
دمعت عيناها فاعتدل بجسدة مزهوا بنفسه وهو يضيف:
-أول مكان دورو فيه كان المكان اللي اتدفن فيه، ومحدش يعرف المكان ده غير أنا ويوسف واتنين كمان.
نهجت على الفور خوفا وذعرا:
-طبعا هتتهم يوسف مش كده؟ طيب ليه مشكتش في الاتنين التانيين؟
ضحك عاليا:
-ﻷنهم ببساطه مينفعش يتشك فيهم.
صرت على أسنانها بغل:
-ليه؟ بتثق فيهم أكتر مني ومن أخويا؟
نفى بحركة من شفته العليا وأجابها:
-عشان ماتو من سنين، إلا لو هيبلغو ظابط الأمن الوطني من جوه القبر.
ابتلعت ريقها وقد تأكدت أنها الآن وبتلك اللحظة قد تم كشفها خصوصا بعد أن اخبرها:
-طبعا جثة ابوكي مش مدفونه في المكان ده لاني نقلتها من زمان لمكان تاني عشان ابوكي، فتحي الله يرحمه كان دراعي اليمين وكان يستحق غُسل وكفن ودفنه تليق بيه مش بيدفن غرقان في دمه، وده أنا عملته بس من غير حضور لا أخوكي ولا أمك.
أطرقت نظراتها ﻷسفل واستمعت له يسألها:
-يوسف مختفي فين كل ده؟
ردت بوجل:
-بيشتغل في بورسعيد...
قاطعها هادرا:
-بطلي كدب، يوسف مش في بورسعيد أصلا، والناس اللي برا طالما مش عارفين يوصلوله يبقى ملوش غير تفسير واحد.
صمت متنفسا بحدة:
-أنه بيشتغل مع البوليس وهم مخبينه لحد يوم الجلسة عشان يشهد ضدي، صح ولا أنا غلطان؟
رمقته بنظرة متخوفة وهو يتابع:
-بلغي اللي مخبينه أنه هيتقتل وهو داخل المحكمة يوم الجلسة، يعني حتى مش هيلحق يحلف اليمين حتى.
نهجت بتوتر وبدأت عبراتها تنزل على وجنتها رغما عنها وخرج صوت بكائها وهو يضيف:
-آخر واحده كنت ممكن أفكر انها تخوني هي انتي يا ملك، كل المعلومات اللي بلغتي بيها وصلت للناس بره وعرفو إنك بتبلغي عني وعن اللوا هاشم وصفوت الدمرداش ابو ماهيتاب.
ارتعشت شفتيها وغزا العرق جبينها فهدر صارخا:
-ليييه عملتي كده؟ ليه ده أنا سلمت نفسي عشان متقعديش هنا ثانيه واحده.
بكت مطرقة رأسها فاقترب منهما الحارس يأمره:
-وطي صوتك بدل ما ارجعك الزنزانة.
أومأ بغل وزفر زفرة طويلة تنم عما بداخله:
-أنا هخرج هخرج يا ملك، ومكانش المفروض تعملي كده حتى لو عشان خاطر أخوكي لأني برده متأكد إنك متعمليش كده من نفسك وأكيد حد ضاغط عليكي، مش كده؟
هزت رأسها عدة مرات وتكلمت بسرعة تتسلح بكلماتها:
-والله كنت هاجي أقولك بس هم خاطفين يوسف وبيهددوه وأنا مش عارفه اعمل ايه! وخوفت لو قولتلك متعرفش تتصرف وأنت هنا.
عقب عليها رافعا حاجبه:
-تقومي تخونيني! طيب كنتي استني لما يتحكم عليا بمؤبد ولا إعدام عشان تضمني أني مش هخرج واخلص عليكي أنتي واخوكي.
رهبة توغلت بداخلها وهو يرمقها بسهام حارقة وصرير أسنانه العالي أخافها وهو يحذرها:
-لو اتصرفتي من دماغك تاني هرفع حمايتي عنك وهسيبهم يتعاملو معاكي زي ما هم شايفين.
أومأت فتابع:
-عايزك تعرفي مكان اخوكي فين عشان الرجالة تخرجه بدل ما تلاقيه سايح في دمه قدام المحكمة.
هزت رأسها مجددا ولكن غلبها البكاء فأحنت رأسها تنظر للأرض وهي تبكي يأسا واستسلاما فهتف هو بصوت أجش:
-كنتي منتظره ايه؟ تخيلتي إن رشوان الدخاخني وقع والسكاكين هتكتر من حواليا فانضميتي للي عايزين يخلصو مني؟
ظلت صامته وفقط عبراتها تسيل على وجهها فصاح بصوته الخشن، ولكنه تدراك نفسه سريعا قبل أن يأخذ تحذيرا آخر من المسئولين عن الزيارة:
-إزاي تبلغي عني يا ملك؟ ازاي؟ عقلي مش قادر يستوعب اللي حصل منك.
تنفس عميقا وأخرج زفرة قوية وهو ينظر للساعة المعلقة بأحد حوائط غرفة الزيارات:
-الوقت مش هيقضي نتكلم أكتر من كده، بس في حاجه مهمة لازم تعرفيها.
صاح بها بحدة وصوت منخفض:
-بوصيلي وأنا بكلمك.
رفعت وجهها وعبراتها تغرقه فتكلم غير عابئ بحالها:
-آخر مره هسامحك أنتي ويوسف، بلغيه بالكلام ده عشان بعد كده مش هقدر أقف للمنظمة دي عشان احميكم، وفهميه يبطل غباء ويخاف عليكي ربع ما بتخافي عليه.
قضم أسفل شفته بغيظ:
-ورطك ورطه مش عارف هخرجك منها ازاي، زي ما ورطك قبل كده معايا.
ضحك ساخرا:
-بس الورطه معايا كانت آخرها جوازه، إنما الورطه مع البوليس ومع الناس اللي أنا شغال معاهم آخرها الموت.
ابتلعت رهبة دخلت جوفها واستمعت له يكمل:
-مطلوب مني تكملي تعاونك مع الظابط إياه بس تبلغيه باللي أنا عايزه وبس لحد ما يتصرفو معاه بطريقتهم، شوفتي بقى غباء يوسف ورطك في ايه.
كتمت أنفاسها تستطلع وجهه الغاضب وهو يضيف:
-هتبلغي الظابط ده بأنك انكشفتي وإن أنا عرفت، وتبلغيه إن يوسف هيتقتل وهو داخل المكمة ولو سألك على رد فعلي هتقوليله أني عارف أنك عملتي كده عشان خاطر يوسف أخوكي واني سامحتك بشرط تبعدي عنه خالص بس هو طبعا مش هيبطل يطلب منك معلومات وأنا كل زياره هديكي اللي تقوليهوله، ماشي!
أومأت بصمت فحذرها بصوت حاد:
-لو خونتيني تاني هتكوني كتبتي نهايتك باديكي يا ملك واللهم بلغت.