-->

رواية جديدة حارة الدخاخني مكتملة لأسماء المصري - الفصل 25 - 1 الجمعة 31/1/2025

 قراءة رواية حارة الدخاخني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 




رواية حارة الدخاخني

للكاتبة أسماء المصري


قراءة رواية حارة الدخاخني

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة أسماء المصري



الفصل الخامس والعشرون

1

تم النشر يوم الجمعة

31/1/2025

ما أرادته لنفسها لم تحصل عليه ولكنها غيرت خططها ألف مرة لتفرح مرة وتبتسم مرة وتنسى مرة وربما لتحزن مرة ولتعش ألف مرة ومرة.

خواطري أسماء المصري.


تضاربت مشاعرها ما بين معاملته الطيبة لها بالأيام المنصرمة وبين شعورها بالرفض وأحيانا بالنفور من لمساته التي تعمد أن يجعلها جريئة أكثر فأكثر، ولكنها أخيراً عادت بكنف والدتها العزيزة وأخيها الذي لا تعشق أكثر منه بعد أن أعادها لتأدية موادها الباقية من الدراسة، وها هي أخيراً انتهت من تأدية امتحاناتها بكفاءة تلك المرة بالرغم من حزنها من تدني درجاتها السابقة ولكنه وعدها بما لم تحلم به قط.


استقبلته أمام باب مدرستها ببسمة وصعدت بجواره تهتف بفرحة:

-الحمد لله الامتحان كان سهل خالص.


انحنى يقبل راحتها مبتسما:

-الحمد لله يا روحي، خلينا نعلمو شهر العسل بقى أحسن أنا زهقت.


ابتلعت فورا لعابها بوجل فضحك ضحكة عالية من شكلها المرتعد ووضح:

-مش اتفقنا مفيش دخله لحد ما تأذنيلي.


غمز بنهاية حديثه فخجلت منه وأطرقت بصرها، فسحب نفسا عميقا وطرده بتمهل وسألها:

-تحبي نروحو على بيتنا ولا على مامتك؟


ردت بلهفة:

-على ماما يا رشوان عشان خاطري.


هز رأسه موافقا والبسمة تعلو وجهه وتحرك بسيارته وهو يتمتم:

-هضطر أبات انهارده عند صفيه، مع اني بحاول اتلاشى التعامل معاها من يوم ما خرجت من السجن.


التفتت له متفاجئة من حديثه:

-ليه بس؟ دي طنط صفيه طيبة أوي والله.


ضحك على برائتها فقبل راحتها:

-ملاكي انتي، أصلها يا ستي زعلانه مني.


نطق وجهها بالفضول فتابع يقص عليها أحداث صبيحة يوم خروجه من السجن عندما أخذها ليعيدها لوالدتها لتأدية الامتحانات وذهب بعدها لزيارة بيته الأول وهو لا يعرف أن الخبر الكاذب قد يصل بهذه السرعة لزوجاته الثلاثة:

-حمدالله ع السلامة يا معلم.


احتضنها فابتعدت عنه تدفعه بقوة فلمعت عينيه متفاجئا وسألها بصوته الخشن:

-أنتي اتجننتي يا صفية! بتزقيني كده ليه؟


زمت شفتيها ضاغطة على أسنانها بغل:

-ايه اللي جابك؟ مش كنت فضلت مع عروستك ولا لحقت مليت وزهقت!


نفى فورا يؤكد لها:

-ملاك محدش يزهق منها بس عندها امتحانات وجبتها تذاكر عند أمها عشان تركز.


ضحكت ساخرة من دلاله لها:

-ملاك وهي ملاك فعلا يا معلم، إلا قولي.


نظر لها بتركيز فسألته:

-كان إحساسك ايه وأنت بتدخل على عيلة اصغر من بناتك؟ حسيت أنك دكر أوي وسيد الرجاله ولا كنت حاسس بإيه وأنت نايم معاها؟


قوس فمه بغيظ من إهانتها له بهذا الشكل وهي تضيف:

-بذمتك مقرفتش من نفسك؟ طيب مشبهتش عليها بورد بنتك وهي عريانه تحت منك؟


حاول أن لا يظهر غيظة وغضبه حتى لا تشعر بزهو أنتصارها عليه فابتسم بسمة صفراء يسألها:

-انتي غيرانه ولا ايه يا أم محمد؟ أول مرة أحس أنك بتغيري عليا.


ضحكت ضحكة رقيعة وعالية امتعض هو منها:

-أغير!


عادت ضحكاتها العالية بشكل مستفز له ولرجولته:

-أغير على ايه يا حسره، ما حال ما أنت راكن صف تاني من عمر ورد.


أطلقت ضحكة أخرى فصر على أسنانه يصيح بها:

-لا يا هانم انا زي الفل بس أنتي اللي بقيتي مش عايزة لمستي عشان كده انا بعدت، لكن روحي اسألي ضرايرك عن رشوان الدخاخني و...


قاطعته بضحكة صاخبة:

-ما أنت منفع الشركة إياها بتاعة الحباية الزرقا، ميتهئليش حد بيشتري منها ادك.


ركز بقيادته وقد قص لها نصف الحديث وفقط أخبرها برفض زوجته لما وصل لمسامعها عن إتمامه الزواج بتلك الصغيرة:

-بس يا ستي ومن ساعتها وهي مضايقه مني عشان دخلت عليكي.


التفت بلمحة سريعة ينظر لها وعاد يركز بالطريق:

-طبعا الخبر وصل للبيوت التلاته وخلاص الكل هيتعامل معاكي من هنا ورايح انك مراتي مش مجرد حبر على ورق زي الأول يا ملك فاهمة؟


هزت رأسها بتفهم فسألها:

-مقولتليش رد فعل أخوكي وأمك كان ايه لما قولتيهم ع الدخله؟


رمقته بنظرة باهتة تحاول الهروب من الإجابة فعقبت بشكل ساخر وصوت رقيق أذابه في الحال:

-اسمها أمك؟


ضحك على مشاكستها فصحح:

-اقصد مامتك، انتي عامله زي ماهيتاب الظبط كل كلمه لازم تعدل وتصححلي.


رسمت الأمتعاض على وجهها:

-هو لازم كل شويه تجيب سيرتها قدامي.


لمعت عينيه متعجبا:

-انتي بتغيريي عليا يا ملاكي؟


هزت رأسها بالإيجاب فسألها:

-أومال لما بتكلم عن صفية ولا ناهد مش بتتضايقي ليه؟


رفعت كتفيها:

-معرفش، بحس علاقتك بيهم عادي مش زيها يعني.


شعر بالسعادة تغمر خلاياه لكذبة بسيطة يعلم تماما أنها غير حقيقية ولكن يكفه أنها تحاول الإندماج معه بالرغم من الرفض الظاهر عليها كلما حاول الإقتراب منها.


وصل الحارة فترجلت أمام منزل والدتها ووقفت متفاجئة لتجده يترجل هو الآخر فسألته:

-مش قولت رايح لطنط صفية؟


أومأ ووضع راحته خلف ظهرها يقودها للداخل:

-ايو بس عايز يوسف في كلمتين.


فتحت والدتها الباب تسألها بلهفة:

-عملتي ايه يا ملك؟


ردت مبتسمة:

-الحمد لله يا ماما كان سهل.


ابتعدت قليلا لرشوان ليدلف فمد الأخير راحته لوالدتها ولكنها لم تصافحه وأشاحت وجهها عنه وتعمدت التحدث ﻷبنتها أمامه:

-ادخلي ريحي شويه يا بنتي على الأكل ما يجهز.


دلفت المطبخ وتركتهما بالصالة فحاولت ملك تلطيف الأجواء قليلا:

-معلش يا رشوان، أنت عارف...


قاطعها مقبلا وجنتها:

-متشغليش بالك، ناديلي يوسف وأدخلي أنتي ارتاحي.


خرج يوسف مركزا نظراته به وجلس بعد أن رحب به بفتور:

-خير يا معلم؟


رد رشوان وهو يخرج سيجارته ويشعلها ساحبا نفسا عيمقا منها لداخل صدره:

-كل خير يا يوسف، أنا سبتك بتاع اسبوع أهو توضب أمورك عشان تبدأ الشغل معايا من بكره إن شاء الله.


ابتلع ريقه وتحدث بصوت بح فجأة متأثرا بألمه الداخلي:

-تفتكر يا معلم البوليس هيسبني في حالي ولا هيحاول معايا من تاني؟


رد بثقة غريبة:

-أكيد هيحاولو معاك خصوصا بعد شهادتك الأخيره في المحكمة.


ارتبك الآخر متسائلا:

-وممكن بدل ما يحاولو يخلوني أشهد ضدك يحاولو يسجنوني أنا كمان بسبب شهادتي.


ابتسم رشوان هازا رأسه:

-ده أكيد مش مجرد احتمال، الظابط إياه اتعلم عليه جامد أوي في الحكاية الأخيرة، ووصلني أخبار أنه واخدها تار شخصي وناويلك على شر.


لمعت عين يوسف:

-ومطمن إن شغلك هيمشي تمام يا معلم! إزاي مش قلقان؟


غمز له بطرف عينه يؤكد له:

-طول ما أنت في حماية الكبار اللي بره متقلقش، عارف امتى تقلق يا يوسف.


رمقه منتظرا أن يجيبه فتابع رشوان:

-لما تغلط وفرصك معاهم تخلص.


عقب عليه ساخرا:

-زيك كده؟


قوس رشوان فمه وغمز نافيا:

-لا يا بني، اللي حصل معايا كان له أسباب تانيه ومتقلقش كل واحد غلط هيتحاسب وهاخد حقي بالشكل اللي يرضيني.


سأله بغصة وغضب:

-وما أخدتش حقك من اللي قتل أبويا ليه لما هو سهل كده الموضوع؟


نفخ دخان سيجارته ورد وهو يهم بالوقوف:

-كل موقف وله الرد المناسب في الوقت المناسب يا يوسف، خليك معايا أنت بس وهتتعلم الشغل كله على أصوله عشان أنت اللي هتمسك من بعدي يا بني.


أطرق رأسه وتنفس عاليا بحزن فربت رشوان على كتفه:

-معلش، أنا عارف أنك مكنتش عايز تدخل الشغل ده بس أنا مليش ولاد وأنت ابني اللي مخلفتوش ومش هثق في حد غيرك.


هز رأسه مستسلما فتابع الأول حديثه:

-موضوعك مع ورد خلص على كده، انساها وفكر في نفسك.


رمقه بنظرة متعجبة وهتف:

-مع اني مش فاهم ازاي قدرت تقنعها تفسخ الخطوبة بس انا كمان حسيت إننا مش لبعض.


أومأ رشوان يؤكد:

-صح، انتو بحكم قربكم من بعض فسرتو المشاعر دي غلط وأنا مكنتش هبقى مبسوط لو اتجوزتو وفوقتو على الحقيقة دي، فكده أحسن للكل.


غادر فنظر يوسف في إثره بامتعاض وزفر بأنفاس حادة مغلقا عينيه يشعر بعتمة تتسلل لداخله ولكنه مجبر على هذا الوضح فلا هروب ولا مفر منه.


❈-❈-❈

استلمت رسالته ففتحتها بوجه مبتسم وابتلعت ريقها تنظر حولها حتى لا يراها أحد وقرأتها بصوت هامس بالكاد استمعت هي له:

-وحشتيني أوي، انا نويت أكلم باباكي انهارده على موضوعنا، ها موافقة؟


أرسلت ردها وأغلقت شاشة الهاتف وخرجت على صوت فتح الباب لتتفاجئ بوالدها يدلف مبتسما فهرعت ناحيته تحتضنه:

-بابا.


الصفحة التالية