رواية جديدة أرهقته حر با لتوتا محمود - الفصل 19 - 2 - الثلاثاء 7/1/2025
رواية أرهقته حربًا الجزء الثاني من رواية عشق بعد وهم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية أرهقته حر با الجزء الثاني من رواية عشق بعد وهم
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة توتا محمود
الفصل التاسع عشر
2
تم النشر بتاريخ الثلاثاء
7/1/2025
انهالت عليه الذكريات، كل اللحظات التي ظن فيها أن والده كان البطل الذي لا يشوبه خطأ، وكل التضحيات التي اعتقد أنها من أجل العائلة ، الآن، تلك الصورة المثالية تتشقق أمامه، والحقيقة التي بدأت تتضح كانت أشبه بالخنجر في قلبه.
وقف ببطء، وعيناه لا تزالان مثبّتتين على الرسائل ، كان عليه أن يواجه جدته «حميدة» الآن، لكنها لم تكن فقط تخفي سر «أيان»، بل كانت تحجب عنه جزءًا من ماضي والده.
تمتم بصوت قاطع، وكأنّه يعاهد نفسه :
ـ مش هسيب الموضوع ده يفضل مدفون أكتر من كده ، لازم أعرف كل حاجة.
جمع الأوراق والصور بعناية، ووضعها داخل الصندوق مرة أخرى. ثم أغلقه بحذر، ووقف ناظرًا حول الغرفة كأنه يودع الماضي الذي عاش فيه بجهل.
خرج من الغرفة بخطوات ثابتة، لكن بداخله كانت العاصفة تشتعل من جديد، عاصفة من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات واضحة، مهما كانت مؤلمة.
عاد إلى سيارته، وادار المحرك بسرعة ، كان الليل قد بدأ يرخي سدوله، لكن عيناه كانتا مملوءتين بعزيمة جديدة ، قرر أنه لن ينتظر حتى الصباح، سيعود إلى القصر الآن، وسيواجه «حميدة» بالحقيقة التي وجدها، ولن يسمح لها هذه المرة بالتهرب أو إخفاء المزيد من الأسرار.
قال بحزم وهو ينظر إلى الطريق أمامه:
ـ كل ده لازم ينتهي الليلة.
انطلقت السيارة بسرعة، تاركة وراءها المنزل القديم بأسراره المدفونة، لكنها لم تترك الأسئلة التي بدأت تُفتح أمام «نوح»، بل حملها معه إلى المواجهة التي لا مفر منها.
❈-❈-❈
كانت «كاميليا» تقود السيارة بسرعة البرق بعد ما اكتشفت معلومات جديدة عن «أيان» ، فهى ذهبت الى المستشفى اليوم حتى تسأل عن اسم والد «أيان» ، ولكنه خرج ولم يبقى في المستشفى ، مما لعنت حظها ، واتصلت على احد رجالها ، يجلبون معلومات عن «أيان» .
كان الهاتف يهتز بجانب «كاميليا»، وهي تقود السيارة بسرعة جنونية على الطريق السريع ، أجابت على المكالمة بسرعة، وعينيها مثبتتان على الطريق، بينما عقلها يعصف بالأسئلة والمعلومات المتشابكة.
ـ إيه الأخبار؟ لقيتوا حاجة عن أيان؟؟
جاء صوت الرجل من الطرف الآخر، هادئًا لكنه مليء بالجدية:
ـ أيوه يا هانم، جبنا معلومات مهمة ، اسم والد «أيان» هو باسم حبيب ، والدته اسمها حياة ، وكل يوم تقريبا ، بيروح بالليل مقابر بتاعتكم ، يقرأ الفاتحة على روح المتوفين في عائلة النويري ويرجع تاني .
تجمدت «كاميليا» في مكانها، وعينيها اتسعتا بالدهشة ، «باسم حبيب» ، «حياة» لم تستطع أن تستوعب الربط بين هذه الأسماء وعائلة «النويري» ، لكن الجزء الأخير من حديث الرجل زاد من حيرتها بشكل أكبر.
ـ بيروح مقابر عائلة النويري؟؟ ، ليه؟
جاء صوت الرجل مرة أخرى، محاولًا تقديم المزيد من التفسير :
ـ مش واضح لينا ليه يا هانم، بس واضح إنه عنده ارتباط بالمكان، وده بيحصل بانتظام كل ليلة تقريبًا ، مفيش غير الأيام دي اللي مش بيروح بسبب أنه في المستشفي .
كانت «كاميليا» تشعر أن هناك شيئًا غريبًا يحدث، وأن الحقيقة قد تكون أعمق مما توقعت ، أخذت نفسًا عميقًا، تحاول استجماع أفكارها وسط دوامة التساؤلات.
ـ تمام، خليكوا متابعينه، وبلغوني بأي جديد.
أغلقت المكالمة بسرعة، وعادت تركيزها إلى الطريق. الأسئلة تملأ عقلها بلا توقف. ما الذي يجعل «أيان» يزور مقابر عائلة النويري؟ وكيف يرتبط باسم حبيب وحياة بهذا كله؟
تمتمت لنفسها وقد اكتفت بعد من ذلك السر اللعين :
ـ الليلة لازم أعرف كل حاجة، مش هفضل عايشة في الضلمة أكتر من كده .
زادت من سرعة السيارة، متجهة مباشرة إلى القصر ، الليلة ستكون حاسمة، وستكشف كل الأسرار التي ظلت مدفونة طويلاً.
❈-❈-❈
ذهبت «وعد» الى المستشفى التي كانت موجود فيه «أيان» حتى تعرف من هم أهله حتى تجتمع كل المعلومات والتفاصيل أكثر وتعرف من هو «أيان» ومن هم عائلته .
وقفت «وعد» أمام مكتب الاستقبال في المستشفى، تنظر إلى الفتاة التي كانت منهمكة في مراجعة الأوراق. شعرت بالتوتر يسيطر عليها، لكنها حسمت أمرها. اقتربت بخطوات ثابتة، وقلبها يخفق بسرعة.
ـ مساء الخير.
رفعت الفتاة نظرها نحو «وعد» بابتسامة خفيفة:
ـ مساء النور، ازاي أقدر أساعدك؟
تنفست «وعد» بعمق قبل أن تتحدث:
ـ أنا هنا عشان أسأل عن مريض كان موجود هنا، اسمه أيان ، جاه هنا من يومين ، ممكن أعرف لو عندكم أي معلومات عن أهله؟
نظرت الفتاة إلى «وعد» بحذر، ثم قالت بتوتر :
ـ حضرتك انتِ حد من قرايبه .
ترددت «وعد» قليلاً، لكنها قررت أن تقول الحقيقة:
ـ لا، مش من أقاربه، بس الموضوع ضروري جدًا، وأنا محتاجة أعرف أكتر عن حالته وعيلته.
نظرت الفتاة حولها للتأكد من أن أحدًا لا يستمع، ثم انحنت قليلاً نحو «وعد» وهمست:
ـ أيان كان هنا لفترة، لكن خرج من المستشفى من فترة قريبة. المعلومات الشخصية عن المرضى محمية، بس اللي أقدر أقوله إن اسمه الكامل أيان باسم حبيب.
أحست «وعد» بارتباك، فكررت الاسم بصوت منخفض:
ـ باسم حبيب؟
هزت الفتاة رأسها بتأكيد:
ـ أيوه، ده اسم والده.
ثم أضافت بصوت خافت:
ـ ولو مهتمة تعرفي أكتر، أعتقد إن في معلومات ممكن تلاقيها عند السجلات القديمة في الأرشيف، بس مش هيكون سهل الوصول لها.
شعرت «وعد» بأنها اقتربت خطوة من الحقيقة، فابتسمت للفتاة وقالت بلطف وهى تعطى لها مال مما ابتسمت الفتاة واخذتهم منها علي الفور :
ـ شكراً جدًا على مساعدتك ، هحاول اوصل للسجلات.
غادرت «وعد» المكتب وعقلها ملئ بالأفكار ، الآن لديها خيط جديد ، اسم والد «أيان»،«باسم حبيب» لكن ما علاقة هذا الاسم ، بعائلة النويري؟ وهل يمكن أن تكون هناك أسرار أخرى مخبأة في الأرشيف؟؟
توجهت بخطوات سريعة نحو الأرشيف، مصممة على كشف الحقيقة، مهما كان الثمن ، دخلت الى الغرفة وقلبها يطرق بالجنون من معرفة الحقيقة.
داخل غرفة الأرشيف، كانت الأضواء خافتة، والجدران محاطة برفوف طويلة تحمل ملفات قديمة مغبرة. شعرت «وعد» بثقل الجو، وكأن الأسرار المدفونة منذ سنوات تنتظر من يكشف عنها. أخذت نفسًا عميقًا وبدأت تبحث بين الملفات، يدها ترتجف قليلاً من التوتر.
مرت دقائق كأنها ساعات، بينما كانت تقلب الأوراق وتحاول العثور على أي شيء يتعلق باسم «باسم حبيب» أو «أيان».
وأخيرًا، توقفت عيناها عند ملف قديم كتب عليه بخط واضح «أيان باسم حبيب» .
كادت أن تمسك الملف ولكن شعرت بأحد يسعل بشدة ويحتاج للمساعدة مما توقفت من الاقتراب نحو الملف ، و استدارت «وعد» بسرعة نحو مصدر الصوت، فرأت رجلاً مسناً يبدو وكأنه يعاني من نوبة سعال حادة، ويمسك بصدره بشدة ، تخلت فوراً عن الملف وتوجهت نحوه بخطوات سريعة، وعيناها مليئتان بالقلق.
ـ حضرتك بخير؟ محتاج مساعدة؟
أومأ الرجل برأسه وهو يحاول التنفس بعمق ، أمسكت «وعد» بذراعه بلطف، وقادته نحو كرسي قريب :
ـ اقعد هنا، هجيبلك ميه.
ركضت نحو المكتب وأحضرت كوبًا من الماء، قدمته للرجل الذي بدأ يشربه ببطء ، وانتظرت حتى هدأت نوبة السعال قليلاً، ثم قالت بصوت مطمئن :
ـ حاسس بـ ايه دلوقتي؟؟
ابتسم الرجل ابتسامة ضعيفة وهو يهز رأسه:
ـ شكراً يا بنتي، أنا بخير دلوقتي، بس كنت محتاج شوية راحة.
جلست «وعد» بجانبه، وهي تشعر بالارتياح لأنه بخير وهى تهتف بلطف محُب :
ـ طيب، لازم تطمن على نفسك، مش المفروض تتعب نفسك بالشكل ده.
ابتسم الرجل مرة أخرى وقال بحنان لاهتمامها :
ـ شكراً لاهتمامك، يا ريت كل الناس زيك.
كانت كلمات الرجل مليئة بالامتنان، وشعرت «وعد» بشيء من الطيبة نحو هذا الراجل ، لكنها لم تنسَ المهمة التي جاءت من أجلها ، بعد لحظات من الاطمئنان على الرجل، عادت بعينيها إلى الملف الذي كان بانتظارها.
ـ ممكن أساعدك بـ حاجه تانية؟؟
هز الرجل رأسه بلطف:
ـ لا يا بنتي، كفاية اللي عملتيه ، أنا حاسس إني أفضل دلوقتي.
ابتسمت له «وعد» وهي تقف تستعد حتي تمسك الملف الذي رأته منذ قليل :
ـ طيب، لو احتجت حاجة، أنا موجودة.
عادت «وعد» بخطوات هادئة نحو الرف، وقلبها ينبض بسرعة من الإثارة والقلق ، عادت الى مكان الملف ولم تجده مما بحثت هنا وهنا ولم تجده مما وضعت يـ ـدها على رأسها تحاول أن تفهم اين الملف كأنه اختفى حين رأت الراجل المُسن..
الراجل المُسن؟؟؟
استدارت نحو مكان الراجل ولم تجده مما لعنت عقلها وطيبة قلبها والآن فهمت أن هذا الراجل كان متفق مع «أيان» حتى يخفي الملف عنها ، اللعنة كيف وثقت به؟؟؟