رواية جديدة أرهقته حر با لتوتا محمود - الفصل 20 - 1 - الأحد 12/1/2025
رواية أرهقته حربًا الجزء الثاني من رواية عشق بعد وهم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية أرهقته حر با الجزء الثاني من رواية عشق بعد وهم
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة توتا محمود
الفصل العشرون
1
تم النشر بتاريخ الأحد
12/1/2025
تجمدت الأجواء في القصر، كأن الزمن توقف في تلك اللحظة المشحونة بالغضب والدهشة ، نظرات الجميع متوجهة نحو «يمن» و«أيان»، وكأنهم لا يصدقون ما يحدث أمام أعينهم ، «حميدة» وقفت هناك، تكافح الغضب والدموع التي بدأت تلمع في عينيها، محاولة التماسك، لكنها كانت على وشك الانهيار.
بصوت متحشرج مليء بالدهشة والخوف، نطقت:
ـ انتِ أكيد بتهزري، انتِ مكتبتيش حاجة لـ أيان صح؟
لكن «يمن» لم تتراجع، بل أطلقت ابتسامة شماتة زادت من توتر الأجواء ، عينيها تلمعان بالحماس، وكأنها تستمتع برؤية «حميدة» في هذه الحالة المزرية ، رفعت حاجبيها بسخرية وقالت بنبرة متهكمة :
ـ لا مش بهزر، أيان كتبتله كل حاجة باسمي، وأنا وجوزي جاين ناخد حقنا.
كانت الكلمات بسيطة في ظاهرها، لكن وقعها كان كالصاعقة التي ضربت الجميع في الصميم ، ارتجفت «حميدة» وكادت أن تسقط تحت وطأة الصدمة، شعرت بالدوار يلف رأسها كإعصار ، في اللحظة الأخيرة، أسرع «نوح» وأمسك بها، نظراته مملوءة بالحزن والقلق ، هزّ رأسه برفق، كأنه يقول لها ألا تستسلم، وألا تضعف أمام هذا الموقف.
أغمضت «حميدة» عينيها للحظة، تحاول جمع شتات نفسها، تحاول أن تبقى قوية، أن تصمد أمامهم مهما كان الثمن ، شعرت بيـ ـد «وعد» تمسك بيدها الأخرى برفق، وكلماتها المليئة بالحنان والخوف تنساب في أذنيها :
ـ تعالى يا حبيبتي نوصلك، ترتاحي في أوضتك شوية، يلا يا نوح نوصلها.
لكن «حميدة» لم تتحرك على الفور ، استدارت نحو «يمن» بعينين مليئتين بالقسوة والرفض ، كل مرارة السنين والتجارب المؤلمة تجمعت في صوتها القاسي، الذي اخترق الصمت كالسيف :
ـ كل مرة بتأكد أنك مش من عيلة النويري، استحالة تكوني من نفس الدم، استحالة.
كلماتها كانت كسياط لاذعة، تشق الهواء وتزرع الألم في قلوب الجميع ، لم تنتظر الرد، بل اتجهت إلى الدرج، وخطواتها ثقيلة كأنها تحمل العالم على كتفيها ، «نوح» و«وعد» يسندانها، يحاولان تخفيف حملها الثقيل .
أما «يمن»، فقد تراجعت إلى الخلف قليلاً، عينيها تلمعان بالدموع المكبوتة، لكنها لم تستسلم ، شعرت بيد «أيان» تمسك بيدها بقوة، تمنحها القوة لتظل صامدة، قوية، و متمسكة بموقفها .
توقفت من شرودها على صوت «راندة» التي هتفت بعصبيه وقد طفح به الكيل من تصرفاتها التي غير مقبولة ابداً :
ـ انتِ اتعدتى حدودك ، ازاي كتبتي كل حاجه بإسم ده؟؟
شاورت علي «أيان» الذي يبتسم باستفزاز وهتفت بقسوة وعصبية :
ـ انتِ ازاي قدرتي اصلا تحطى املاكنا اللي اهلنا تعبوا عشانها لواحد حقير زي ده؟؟؟ .
رفعت حاجبيها بأستفزاز وهتفت بسخرية وعيناها تمتلئان الحدة والشجاعة كأنها تتحداها :
ـ اتكلمى بأسلوب حلو مع جوزى ، هو مش واحد بيلعب معاكي في الشارع .
بينما اكملت وهي تقترب منها بحده جعلتها تشعر بالحيرة من جرأتها تلك :
ـ وبعدان املاكى اكتبها لجوزي ولا اتبرع بيها انتوا مالكم ، املاكى وانا حره فيها .
كادت أن تتحدث بغضب ولكن صمتت حين هتفت «كاميليا» بحده ولكن كانت نظراتها مليئة بالاشمئزاز والخيبة :
ـ انتِ بتحاولي تقنعى مين يا راندة ، دي واحده حاطه الأولوية لـ أيان وبس ، ميهماش بقي عيلتها ولا ستها اللي كانت هتقع من طولها ، يمن اللي تعرفيها خلاص ماتت ، اللي قدامك دي واحده غريبه منعرفهاش ، ومش عايزين نعرفها .
تجمدت اللحظة، وكأن كل شيء توقف ليشهد تلك المواجهة الحامية ، الصمت الذي تلا كلمات «كاميليا» كان كالنصل، يخترق الهواء، ويزرع توتراً في المكان. الجميع كانوا في حالة ترقب، ينتظرون كيف سترد «يمن» على هذا الهجوم القاسي.
«يمن» لم تتحرك، لم ترمش حتى ، كانت تحدق في «كاميليا» بعينين تشتعلان غضباً واحتقاراً، لكن في أعماقها، كانت تشعر ببركان من المشاعر المتناقضة.
أمضت سنوات وهي تبحث عن هذه اللحظة، اللحظة التي تقف فيها قوية، واثقة، متحكمة بمصيرها ومصيرهم ، أخذت نفساً عميقاً، ثم قالت بصوت بارد كالجليد، لكنه يحمل بين طياته كل التحدي الذي في العالم:
ـ مش محتاجة أبرر نفسي لأي حد فيكم ، أنا عملت اللي شايفاه صح، واللي يقدر يغير اللي حصل يتفضل.
الكلمات كانت بسيطة، لكنها محملة بالثقل، كأنها أغلقت الباب أمام أي محاولة للنقاش أو التفاهم.
لم تستطع «راندة» تحمل المزيد ، تقدمت خطوة نحو «يمن»، وجهها محمر من الغضب، وعيناها تضيقان بحقد :
ـ إنتِ فاكرة إنك كسبتي؟ دي مش نهاية القصة، دي مجرد بداية، وأنا مش هسكت.
كان «نوح» واقفاً بعد ما خرج من غرفة «حميدة» تدخل بهدوء ولكن بحزم، كأنه يحاول تهدئة العاصفة قبل أن تتفاقم أكثر :
ـ مش عايز اسمع نفس فيكم ، وكفايه لحد كده
لكنه كان يعلم في أعماقه أن هذه الكلمات لن توقف البركان الذي بدأ بالثوران .
وفي تلك اللحظة، تقدم «أيان» خطوة إلى الأمام، ممسكاً بيد «يمن» وكأنه يعلن أنهما معاً ضد الجميع ، قال بصوت ناعم لكن حاد :
ـ مفيش حد هنا له حق يحاسب «يمن» على اللي عملته ، هي اختارت، وأنا معها في كل حاجة.
الكلمات كانت كالرصاص، تضرب الجميع في مقتل «لبني» والدة «نوح» التي كانت تحاول التماسك، شعرت بأن كل ما بنته طوال حياتها بدأ يتهاوى أمام عينيها ، عيناها المليئتان بالدموع التقتا بعيني «نوح»، وكأنها تطلب منه المساعدة، لكنه هو الآخر كان عاجزاً.
الجو كان مشحوناً، ثقيلًا، كأن الهواء أصبح لا يطاق ، كل شخص في القصر كان يحمل في قلبه ناراً مشتعلة، وكانت الشرارة تنتظر فقط من يشعلها.
لكن، في أعماق كل هذا الفوضى، كانت «يمن» تشعر بشيء من الارتياح، كأنها أخيراً تحررت من قيود العائلة، حتى لو كان الثمن باهظاً.
قطعت الصمت صوت «يمن» وهي تتشابك يـ ـدها نحو يـ ـد زوجها امامهم وهى تهتف بهدوء واستفزاز جعلتهم يريدون قتلها والأن :
ـ انا طالعه انا وجوزي علي اوضتنا لاننا تعبانين جداً ، واه لازم تتقابلوا وجودنا في البيت ، لان احنا معانا ورق يثبت انه احنا عندنا حق زينا زيكم في البيت ، يلا تصبحوا علي خير .
ختمت حديثها واتجهت الى غرفتها هي و «أيان» ، وتركتهم يشتعلون من قرارها الذي قتل قلبهم الى اشلاء صغيرة
تلاشت خطوات «يمن» و«أيان» في الممر الطويل المؤدي إلى غرفتهما، تاركين وراءهما أجواء مشحونة بالاستياء والغضب المتأجج.
تركوا وراءهم قلوبًا تمزقت
وأرواحًا في الظلام تاهت
لكن بين الحطام، تنبض الأماني
وفي الأعماق، الحقيقة ظهرت.
بدت الغرفة وكأنها تعج بأصوات الصمت الصارخ، حيث كان كل شخص في القصر يغلي من الداخل، وكأن كلمات «يمن» الأخيرة كانت وقوداً أشعل النار في قلوبهم.
كانت «راندة» تقف في مكانها، متجمدة، كأنها تمثال من الغضب المتجمد ، عيناها كانت تلتمعان بدموع لم تنزل، لكنها كانت على وشك الانفجار ، التفتت بحدة نحو «نوح»، صوتها كان خليطاً من الحزن والغضب المكبوت :
ـ مش هنسكت يا نوح ، مش هنسمح لـ أيان انه يعيش معانا تحت سقف واحد .
لكن «نوح» كان ينظر إلى الأرض، كأنه يحمل فوق كتفيه عبء العالم ، تنهد ببطء، ثم رفع رأسه، وعيناه مليئتان بالحيرة والإنهاك :
ـ عارف يا راندة، بس لازم نكون أذكى ، الوقت دلوقتي مش في مصلحتنا ، لازم نفكر بهدوء، نلاقي طريقة نرجع بيها حقنا بدون ما نخسر كل حاجة.
كلمات «نوح» كانت بمثابة محاولة للسيطرة على الأعصاب المنفلتة، لكنه كان يعلم أن الصراع الحقيقي لم يبدأ بعد. «وعد» التي كانت تقف بجانبه، وضعت يديها على كتفه بلطف، وقالت بهدوء:
ـ نوح عنده حق، لازم نلعبها بذكاء ، هم جايين مستعدين، وإحنا مش جاهزين لرد فعل عنيف ، لازم نخطط بهدوء.
تدخلت «كاميليا»، التي كانت تراقب الموقف بعينين حادتين كالصقر، وقالت بحدة:
ـ بس مش معناه إننا هنستسلم ، هنرد، بس هنرد بالطريقة اللي تضمن لنا النصر.
في هذه اللحظة، تدخلت «لبنى» ، والدة «نوح» في النقاش، بعد أن هدأت قليلاً من الصدمة ، كانت تبدو وكأنها قد فقدت كل ما لديها من قوة، لكن عينيها كانتا تلمعان بإصرار:
ـ مش هسيب البيت ده يقع في إيـ ـد أيان ، البيت ده تعبنا فيه سنين، ودم عممك ودم مرات عمى ، لو هو فاكر انه كسب، يبقى غلطان
صوتها كان مشحوناً بالألم، لكنه مليء بالإصرار على القتال. «نوح» نظر إليها بحنان وهدوء، ثم قال:
ـ كلنا معاكِ، مش هنسمح لحد ياخد حاجة مننا ، بس لازم نكون جاهزين لكل خطوة.
مرت لحظات من الصمت المشوب بالتوتر، ثم بدأت العقول تعمل، تحاول أن تضع خطة لاستعادة ما أخذ منهم ، كانت الليلة مليئة بالأفكار والخطط التي ستحدد مصير القصر، ومصير كل من فيه.