-->

رواية جديدة أرهقته حر با لتوتا محمود - الفصل 18 - 2 - الأربعاء 1/1/2025

  

رواية أرهقته حربًا الجزء الثاني من رواية عشق بعد وهم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية أرهقته حر با الجزء الثاني من رواية عشق بعد وهم

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة توتا محمود


الفصل الثامن عشر

2

تم النشر بتاريخ الأربعاء

1/1/2025

نظرت الي الشرفة تداعب بشرتها  ، وهي تفكر بهدوء بملامح «أيان» والشبة الذى بينه وبين إبنها  ، وغير ذلك  ،تلك الوحمة التى كانت في يـ ـد إبنها  ، ليس كل هذه صدفه بكل تأكيد  ، اغمضت عينيها وهي تتذكر تلك الليلة.. 

 



Flash back 




ـ متعمليش فيا كده يا تيته  .  


اقتربت منه بقسوة لاذعة وقد تنسات أمر إبنها وهتفت بحدة وهي ترفع سبابتها عليه  :  


ـ إياك تنطق وتقول تيته تانى  ، المسموح ليهم يقولوا الكلمة دى دول احفادى  ، و انت مش حفيدي ولا عمرك هتكون حفيدي  . 


بينما أكملت وهي تنظر بقسوة إلى الرجال الذي كان خلفه  :  


ـ ادفنوه يلا مش ناقصه قرف  . 


وحينما ختمت هذه الجملة وقع منهم وهو يغيب عن الوعى ويتمنى أن ذلك بأكمله حلم  .. 


 كادوا أن يحملوه بعد ما غاب عن الوعى ويدفنوا ولكن اهتزوا حينما سمعوا  صوتها التى يهتف بقسوة   : 


ـ إياكم تيجوا جنبه  ، سيبوه  . 


وبالفعل تركوه وابتعدوا عنه  ، اما هى اقتربت منه وهى تتمنى أن الذى لا ترى صحيح ابداً  ، امسكت يـ ـده التى يوجد بها الوحمة وجدتها في يـ ـده اليسار  ، مما نظرت الى ملامحه بتركيز وجدته بالفعل يشبه ابنها «أمجد»  ، مما توقفت أنفـ ـاسها فجأة  ، وهى تشعر انه ترى النصف الثانى من إبنها «أمجد» والنصف الثانى من حفيدها «نوح»  ، مما وقفت بصعوبة وهى تنظر لـ «أيان» بحنان وحُب هذه المرة  . 


هتفت لهم بجدية ومازالت تنظر لـ «أيان» بحُب وهي تشعر بمشاعر مختلفة بداخلها  :  


ـ عايزكم تخلى بالكم كويس جدا منه  ، وترجعوه تاني اوضته  ، بس قبل ما ترجعوه  ، اسحبوه منه عينة دم في نفس مكان الحقنه اللي دكتوره ادها في دراعه الشمال  ، عايزه لما يصحى  ، ميعرفش انه ده حقيقة اصلا  ، وانه كل ده كان حلم  ، فاهمين؟؟  .  


اهز رأسهم وكانوا ملامحهم يصرخون من الحيرة من فرط مشاعرها فجأه  ، فـ هم يعرفون «حميدة النويرى» جيداً  ، حين تغضب من أحد  ، أو أحد يأذى أحفادها  ، سيرى الجحيم على يـ ـدها بدون أن تشفق عليه ابداً  ، فهذه هى المره الأولى التي تتراجع عن أذية شخص… 



End flash back 

 



وقفتُ أمام الرياح وهى تفكر  ، ماذا إذا أصبح حفيدها حقاً  ، فـ ملامحه تشبه إبنها  ، وتلك الوحمة التى تذكرها بإبنها  ، بينما كان قلبها  أصداءٌ يهزُّ بأمنياتها  ، تمعنُت النظر في ذكرياتٍ قديمة، تغزلُ ألغازًا بين ماضٍ وآتِ  ، رأيتُ وجهه، في ملامحه سرُّ ، كأنّ الزمن يعيدُ سيرةَ القدرِ، وهذه الوحمةُ  ، على يده اليسرى، تُعيد لقلبها ألمًا مضى وانكسرِ


تذكرتُ الليلَ، وحلكةَ الموقف

حين كان الغضبُ سيدَ المواقفِ

وقلتُ بحدّةٍ، بقسوةٍ لا ترحمُ 


"لستَ حفيدي، ولن تكون قريبًا للأعماقِ"


لكنَّ النظراتِ كشفتْ المستور، وكأنَّ روحها تهامست مع الشعور  ، أبني هذا؟ أم سرابٌ يراوغني؟

أم أنّ القدر يُعيدُ نفسه ليُثني الشرور؟ ، تذكرت وهى  تمسك  يده، وفيها العلامة  ، تاهت الكلماتُ، وذابت الملامة، رأيتُ وجهًا يشبه إبنها  ، وفيه ظلٌّ من حفيدها ، تلك الوسامة  ، تراجعتَ ، والقلبُ يئنُّ حنينًا  ، كيف أنكرُ الدم الذي صار يقينًا؟  ، هتفتُ بجديةٍ وهى تغمض عينيها ، لكن بقلب حُبّ


ـ احمُوه، فهو من يحملُ السنينَ


ولكن بيني وبينهم أسرارٌ

لا تُقال إلا في قلبِ النهار

سأنتظرُ، حتى تبوحَ الحقيقة

وأحميه من شَرِّ كلِّ الأخطار


يا قدرًا يخطُّ دروبه بغموض

ما بال قلبٍ يعانقُ الفروض؟

هل تُعيدُ لي ما فقدتُ من نور؟

أم تجعلني أسيرَ الألم والجحود؟



هربت دمعة سقطت من عينيها  ، وثواني إزالتها  ، وهي تشعر بالخوف يروضها  «أيان» ينتقم منهم لسبب مجهول لا تعرفه  ، ماذا إذا اصبح حفيدها؟؟؟  . 



ذكرياتٌ تراقصُ وجهها بعنف وحلمٌ يُراوضها رغم الحذر

"أيانُ" شبيهُ ابنها بحق وهذي العلامةُ؟ هل هي القدر؟


لكنَّ وجهه يروي الحكايا  ، والدمُ يجري ليكشفَ الخفايا، أهو ابنُ الدمِ الذي ظننتُهُ مات؟ ، أم أنَّ الأقدارَ تسوقُ المنايا؟


يا ربّ، أزلْ عن قلبي ارتيابًا

واجعلْ اليقينَ في دربي جوابًا

إن كان حفيدي، فبالقلبِ مقيم

وإن كان خصمًا، فلا أريدُ العقابا


لكنّي أخشى أن يكون القريبُ

هو ذاته الجرحُ الذي لا يغيبُ.



اخذت تفكر ماذا عليها أن تفعل  ، وكيف عليها أن تتصرف  ، فى ذلك الموقف ، وقفتُ في مهبِّ الرياحِ تفكر، والقلبُ بين الحيرةِ يتكسر  ، ملامحٌ تشبهُ أملَ الأمسِ  ، وعلامةٌ كأنها القدرُ يُقرر ،«أيان»، أهو حفيدها الذي غاب؟، أم طيفٌ يُعيد للأيامِ العذاب؟، تحمل في عينيها شوقًا دفينًا

، وأخشى أن يكون للحلمِ ارتياب، يا دمًا يجري، أفصح باليقين  ، هل أنتَ امتدادُ نسلي الأمين؟  ، أم أنكَ سهمٌ يعيد الجراح  ، ويوقظ الماضي في قلبٍ حزين؟  


قررتُ أن تواجه القدرَ الجسور  ، تروي للأحفادِ سرَّ الصدور  ، يا ربّ، اجعل الحقَّ في دربي  ، وأزل عن دروبنا غيمَ الشرور  ، إن كان قريبًا، ستحميه بنفسها  ، وإن كان خصمًا، فلن تخشى العُسرَ  ، لكنّي تخشى أن يكون الجوابُ

،  هو ألمها الذي لا يُمحى في العمر.


خرجت من غرفتها  ، وهى قررت أن تتحدث مع احفادها  ، فـ احفادها يريدون أن ينتقموا من «أيان»  ، ذلك الشخص الذى تشعر انه حفيدها جزء من قلبها  ، لذلك قررت أن تبعد أحفادها عن «أيان» حينما تعرف بالحقيقة  … 


قابلت «كاميليا» فى طريقها وهى تسألها بتساؤل ولكن عينيها تحكى الكثير والكثير من الاسئلة  :  


ـ مين في البيت يا كاميليا؟؟  . 


نظرت لها بحيرة وهتفت بهدوء ولكن مليئة بالثقة  :  


ـ انا ونوح وراندة  ، كلنا فى البيت يعتبر  ، مفيش غير وعد  ، راحت الشركة الصبح بدرى  . 


نظرت لها بجدية وتركتها وغادرت ولكن قبل أن تغادر هتفت بلهفة ولكن مليئة بالجدية    : 


ـ روحى بلغى نوح و راندة انى عايزهم في المكتب وانتِ تبقى موجوده معاهم  ، وانا هتصل على وعد تيجي  ، يلا  . 


وقفتُ على عتباتِ الأسرار  ، تخطى بخوفٍ نحو الانتظار، قلبها ينازعها بين شوقٍ  ، وحقيقةٍ تخشى الانكسار  ،«أيان»  وجهك يرسمُ حكايا  ، تحملُ ظلاً من ذكرياتِ المنايا ، علامةٌ على يدك تخاطبُ ماضي  ، وكأنَّ القدرَ يرسمُ المرايا  ، أحميك لأنكَ جزءٌ من دمي؟  ، أم أصدُّك خوفًا من الألمِ؟  ، يا ربِّ، اجعل دربي مضاءً  ، واحفظ قلوبنا من السقمِ  ،  قررت أن تروي سرَّ الليالي  ، كي لا يكون الغدُ في ظلامٍ يعمّ  ، لكنها تخشى من حديث القدر، أن يكشفَ جرحًا لا يندملُ الأثر  ، فهل يكون "أيان" سلامًا قريبًا؟

أم ذكرى حزنٍ تصنعُ الضرر؟؟  . 




❈-❈-❈


كان هو نائما بعمق والأجهزه الطبية تحيط به  ، ولكن شعر بـ ـيد تمسك يـ ـده بقوة وتقبـ ـله مما فتح عينيه براحه وهدوء  ، وجد «يمن» تبكى بجانبه وحين شعرت بـ  استيقاظه  ، هتفت بلهفة وتحاول أن تعدل من وضعيته حتى يجلس نصف جالسة على الفراش  : 


ـ حبيبي أنت كويس؟؟  . 


هز رأسه وجلس نصف جلسة بمساعدتها ولكن عينيه جاءت بصدفة على الباب  ، وجدت «شهاب» أمام الباب لم يتحرك من مكانه  ، تذكر حديثه انه لم يتركه  ، ولم أحد يقترب منه  ، ولكنه تذكر ذلك المشهد التي اختطفته «حميدة»  ، يشعر وكأنه حقيقة  ، ولكن كل شئ حوله يخبره انه كان بالحلم بكل تأكيد  ، آفاق علي صوت «يمن»  ، مما انتبه لها  :  


ـ أنا اسفه يا حبيبي حقك عليا  ، انا حاولت اخلى نوح يدفع التمن هو وعيلتي  ، بس فشلت  ، وانا عارفه انك سحبت الدعوه  ، بس ليه عملت كده  . 


نظر لها بحنان بعد ما تنهد وهتف بهدوء  :  


ـ مقدرش اخلي عيلة حبيبتي تدفع التمن  ، حتى لو مش بيحبوني  ، كفاية انك بتحبيني  .  


ابتسمت وسط بكائها  ، وهتفت بحُب وهي تمسك يـ ـده  : 


ـ ربنا يخليك ليا يا حبيبي وميحرمنيش منك  . 


بينما اكملت بسعادة وعينيها يصرخون من الحماس  :  


ـ وكمان انا عرفت من الدكتور انك هتطلع بكره وانه مفيش اي حاجه  ، وانك بقيت كويس  ، اه في شوية جروح بس مش خطيرة الحمد لله  . 


هز رأسه وهتف بهدوء ونظر لها بحنان  : 


ـ الحمد لله يا حبيبتي  . 


كانت تبتسم وهى بجانبه لم تشعر بنفسها وهى تقول بحُب بعد ما تنهدت  : 


ـ ما تيحي يا أيان نتجوز ونمشي من هنا وبعيد عنهم؟؟ 


نظر لها بعمق واختفت ابتسامته وابعد يـ ـده التى كانت تمسكها وهتف بهدوء  :  


ـ بس انا مش موافق  . 


تلاشت إبتسامتها  ، وعينيها اجتمعوا غيمه من الدموع  ، نظرت إليه «يمن» بصدمة، وكأن كلماته صفعتها بقوة  . 



كلماتهُ كسرتها كرياحٍ عاتية،

تركتها بين شكٍّ وأمنياتٍ باقية.

أيُعقلُ أن يهربَ الحبُّ منها؟

أم أنها كانتُ تعيشُ وهْمَ الرواية؟





❈-❈-❈


وصلت الى الشركة متأخرة وكانت هذه المرة الأولى  ، بسبب قلة نومها ونامت ساعتين فقط  ، وكانت غير مستوعبة انها استيقظت بالأصل  ، دخلت الى غرفة الاجتماعات بسرعة ولهفة  ، وجدتهم في حالة توتر من تأخيرها  ، نظر لها «كمال» بقلق  ، ويمسك هاتفه  ، وينظر لها  ، بمعني " أنا اتصلت عليكِ كثيراً  "  ، اغمضت عينيها بأسف  ، وجلست مكانها بعد ما اعتذرت لهم عن تأخيرها بطريقة لطيفة ومهذبة  ، وبعد ثواني بدأ الاجتماع  ، كان جـ ـسدها في الاجتماع نعم  ، ولكن عقلها كان ليس هنا  ، بل كان مع «يمن»  ، تلك الفتاة التي مهما فعلت أي شئ ستظل تحبها  … 


الذى لم تفهمه هو «أيان»  ، لماذا يفعل هكذا  ،  ويحاول أن يجعل «يمن» بعيدة عن عائلتها  ، فـ السبب ليس المال هى متأكدة بذلك  ، يبدو أن فى شئ لم تعرفه عن هذا الشخص  ، فهى تريد أن تعرف لما يوجد عدائية بداخله تجاه عائلتها  ، تريد أن تفهم لما هذا الكره والحقد  ، فـ عائلتها لم يسبق لهم أن ظلموا أحدهم من قبل ، عائلة النويري تنتقم فقط من الأشخاص الذي يؤذن أحد من تلك العائلة  ، فـ «أيان» لم يعرف عائلة «النويري» جيداً  ، فهو إذا فعل شئ لـ «يمن» هذه المرة سيفتح على نفسه أبواب من الجحيم لم تنتهي بعد…  


أفاقت على صوت «كمال» الذى كان يراقبها عن ثقب  ، نظرت له بحيرة  ، مما أعاد السؤال لها مره ثانية  :  


ـ ايه رأيك في المشروع اللي شركة العباسى قدمته؟؟؟  . 


وقفت هي وتنظر لهم بجدية وتهتف بثبات زائف  : 


ـ هدرس المشروع كويس اوي  ، وهعرضه لـ نوح النويري  ، واشوف هيقولي ايه وهبعتلكم مسج بردي   ،  عن اذنكم  . 


ختمت جملتها وغادرت بسرعه من امامهم  ، واتجهت الي مكتبها  ، وبعد ثواني دخلت مكتبها وهى تخرج تنهيدة قوية محملة علي صـ ـدرها  ، جلست علي كرسي مكتبها واغمضت عينيها بتعب من ألم رأسها من كثر التفكير بـ «يمن» وعن ماذا تفعل معها  ، فهى لم تنام أمس جيداً من كثر القلق على «يمن»  . 


ماذا عليها أن تفعل حتى تجعل عقلها يعود عن ما كان وتعرف حقيقة نواياه «أيان» الخبيثة  ، فهى لم تركز في الأجتماع جيداً اليوم وهى تفكر في أكثر من شئ.. 


أين «يمن»؟؟؟  


وهل هي على ما يرام اما لا؟؟  


هل تأكل جيداً اما لا؟؟؟  


هل نامت جيداً اما لا؟؟  . 


هذه الاسئلة والقلق يروضها وبقوة  ، مع انها فعلت لها الكثير  ، ودفعتها نحو الدرج بقسوة  ، ولم تسأل عليها يومها  ، ولكن لم تكرهها ابداً  ، بلا تحبها كأنها مثل شقيقتها وأكثر…. 


قطع خيوط افكارها دخول «كمال» وهو ينظر لها بقلق  :  


ـ مالك؟؟  ، كنتى سرحانه في الاجتماع ومكنتيش مركزه  ، في حاجه معاكي؟؟  . 


رفعت «وعد» رأسها نحو ملامح «كمال» التى كانت ملامحه تصرخ من القلق عليها  ، ولكنها حاولت أن تكون متماسكة قليلاً  ، وهى تهتف بهدوء عكس بما داخلها  :  


ـ مفيش يا كمال  ، انا بس عشان منمتش النهاردة كويس فـ مش مركزه خالص  . 


ختمت حديثها واغمضت عينيها بتعب  ، وكانت تضع يـ ـدها علي المكتب  ، اقترب منها وامسك يـ ـدها بحنان  ، مما فتحت عينيها وهي تنظر له بحيرة  ، نظر لها بحنان  :  


ـ تعرفى انك مبتعرفيش تكدبي ابدا يا وعد  ، انا عارف انك مش عايزه تقولي  ، بس  ، بس انا موجود  ، وقت ما تحتاجيني هتلاقيني  . 


نظرت له نظره امتنان لـ وجود «كمال» بجانبها وتفهم موقفها  ، وبعد ذلك نظر لها بحماس  ، وقف فجأة وهو يهتف بحماس  :  


ـ وبعدان يلا  ، انا عازمك النهاردة على حته مكان  ، متعرفهوش قبل كده   . 


كادت أن تتحدث ولكن قاطعها وهو يمد يـ ـده حتي يمسك يـ ـدها بحنان  :  


ـ ومن قبل ما ترفضي  ، اعتبريني واحد مسكين  ، انا بجد مفطرتش ولا اتغديت النهاردة  ، وبنسبة لـ صداع اللي عندك  ، هنجيب مُسكن ونشرب قهوة  ، ونأكل ونروح المكان اللي انتِ عايزه  . 


ابتسمت «وعد» بخفة، لم تستطع منع نفسها من الشعور بالدفء تجاه اهتمام «كمال» وإصراره على التخفيف عنها  ، كانت في البداية على وشك الرفض، لكنها شعرت بأن ربما استراحة قصيرة معه قد تساعدها على تهدئة أفكارها المتشابكة  . 


قالت وهي تبتسم بخجل وتنظر له بحنان :


ـ طيب  ، بس المكان اللي هتوديني فيه يكون هادي .


ضحك «كمال» بحماس، وكأن قبولها هو كل ما كان يحتاجه :

ـ وعد، هتشوفي مكان هادي لدرجة إنكِ هتسمعي صوت قلبك بس  ، 


مد يده لها مرة أخرى بإصرار، وكأنه يخشى أن تغير رأيها، وقال بحماس ومزاح خفيف :


ـ يلا، مش هنضيع وقت  ، المسكن والقهوة أول حاجة  . 


ضحكت بخفة على اندفاعه، وقامت من كرسيها لتأخذ حقيبتها  ، شعرت ولو للحظة ، أن وجود «كمال» بجانبها يجعل الأمور أقل ثقلاً، حتى وإن كانت كل أفكارها ما زالت تدور حول «يمن» وما تمر به  . 


أثناء خروجهما من المكتب، كانت تراقب تصرفاته العفوية وضحكاته، شعرت وكأنها تخرج من قوقعة التوتر للحظات  ، ربما لم يكن الحل لكل شيء، لكنه بالتأكيد كان بداية لتخفيف الحمل الذي تحمله بمفردها  . 


قال «كمال» بابتسامة وهو يفتح باب السيارة لها :


ـ يلا، القهوة دي هتبقى أفضل حاجة في يومك، وأنا متأكد إنها هتبقي كده  . 


جلست «وعد» في المقعد بجانبه، وأغمضت عينيها للحظة، وهي تحاول أن تسمح لنفسها بأن تستمتع بهذا اليوم الصغير، بعيداً عن كل ما يشغلها  ، ربما، فكرت في داخلها، تحتاج أحياناً لمن يساعدها على التوقف عن التفكير ولو قليلاً، و«كمال» كان الشخص المناسب لذلك  . 


وبعد قليل قرر أن يمزحها بدعابته السخيفة ويضحك بعدها  ،  اما هى كانت تضحك علي ضحكته ليس علي دعابته  


 شعرت وكأنها تحررت للحظات من العبء الثقيل الذي كان يضغط على قلبها  ، ضحكات «كمال» كانت معدية، تنساب إلى داخلها وتزيل طبقات التوتر والخوف  ، كانت تضحك بصوت عفوي، ليس بسبب مزاحه السخيف، بل بسبب الطريقة التي كان يضحك بها، تلك الضحكة التي ملأت السيارة بالفرح والراحة  . 


نظر إليها «كمال» بابتسامة عريضة وهو يمسك المقود ومازال يقود وينظر الي الطريق تارة والى ضحكتها التى ملئت السيارة تاره :


ـ إيه؟ شكلك بتمثلي إنك بتضحكي على النكت ، مع إنها عبقرية! اعترفي  . 


ردت وهي تحاول كتم ضحكتها وهى تنظر له بمزاح :


ـ كمال، نكاتك  أسوأ حاجه سمعتها  ، لكن ضحكتك هى اللي تضحك  . 


وضع يده على صدره وكأنه تلقى صدمة، وقال بمزاح :


ـ إيه القسوة دي؟ كنت فاكر إنكِ أحنّ شوية من كده  .

الصفحة التالية