رواية جديدة أرهقته حر با لتوتا محمود - الفصل 18 - 3 - الأربعاء 1/1/2025
رواية أرهقته حربًا الجزء الثاني من رواية عشق بعد وهم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية أرهقته حر با الجزء الثاني من رواية عشق بعد وهم
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة توتا محمود
الفصل الثامن عشر
3
تم النشر بتاريخ الأربعاء
1/1/2025
ردت بابتسامة دافئة وهى تنظر له بحنان ، بانه الوحيد الذي اهتم لأمرها ويحاول أن يخرجها من دوامة حزنها وافكارها :
ـ كمال، وجودك النهاردة كفاية ، شكراً على إنك بتحاول تخليني أضحك، حتى لو بأسلوبك الغريب ده .
التفت نحوها للحظة، وقال بنبرة جدية لكنها مليئة بالدفء والحنان :
ـ وعد، أنا مش بحاول ، أنا بس عايزك تبقي بخير، تضحكي من قلبك، وتنسي أي حاجة تقيلة ولو للحظة ، لأنك تستاهلي تكوني سعيدة .
شعرت «وعد» بكلماته تخترق الحواجز التي بنتها حول مشاعرها ، لم ترد، فقط نظرت إليه بعينيها الممتنّتين، ثم أعادت نظرها إلى الطريق ، كانت تلك اللحظة مليئة بالصمت، لكنه كان صمتاً مريحاً يحمل بين طياته الكثير من التفاهم بينهم .
بعد قليل، توقف «كمال» أمام مقهى صغير مطل على حديقة هادئة ، قال بحماس وهو ينزل من السيارة :
ـ المكان ده هتحبيه، وعد مني .
ابتسمت «وعد» وهي تتبعه، شعرت بأنها مستعدة أخيراً للاستمتاع بتلك اللحظة، وأن تترك مشاعر القلق جانباً لبعض الوقت، على الأقل وهي برفقته .
دخلت «وعد» إلى المقهى برفقة «كمال» وهي تشعر بهدوء لم تعهده منذ فترة ، كان المكان مميزًا، تحيط به الأشجار المورقة والزهور المتفتحة، مع نسمات الهواء اللطيفة التي تداعب وجنتيها ، كان المقهى هادئًا، والأجواء فيه مريحة كأنها تنتمي إلى عالم بعيد عن همومها وأفكارها المتشابكة .
قادها «كمال» إلى طاولة صغيرة بجانب النافذة المطلة على الحديقة، وسحب لها الكرسي برقة وهو يبتسم :
ـ إتفضلي، المكان ده معمول مخصوص عشان يخلي الناس ترتاح وتنسى أي حاجة مضايقاها .
ابتسمت «وعد» وجلست، وهي تنظر إلى الحديقة الممتدة أمامها ، شعرت بشيء من السكينة، كأن هذا المكان كان العلاج الذي لم تكن تعلم أنها تحتاجه.
جلس «كمال» أمامها، ثم أشار للنادل ليطلب قائلاً :
ـ اتنين قهوة ، وشوية حاجات حلوة كده تخلي المزاج يتعدل .
نظرت إليه «وعد» بابتسامة خفيفة وقالت :
ـ كمال، شكلك مرتب كل حاجة من قبل ما أوافق أجي.
رد عليها بابتسامة واسعة :
ـ طبعًا، كنت متأكد إنكِ محتاجة الهروب من اللي في دماغك شوية ، وأنا موجود عشان أساعدك على كده .
ارتسمت على وجهها نظرة امتنان، شعرت بأنها محظوظة بوجود شخص مثل «كمال» بجانبها، يحاول دائمًا أن يكون الدعم الذي تحتاجه دون أن تطلب ذلك.
بينما كان النادل يحضر الطلبات، حاول «كمال» كسر الجدية التي غلفت اللحظة قائلاً بابتسامة :
ـ "بس متوقعتش إنك تحبي مكان هادي كده ، كنت فاكر إنكِ أكتر حد ممكن تختار مكان فيه دوشة وشغل .
ضحكت «وعد» بخفة وقالت بهدوء وهى تنظر له بهدوء :
ـ يمكن أول مرة اعرف إن الأماكن الهادية فعلاً بتريح ، شكلك بتفهمني أكتر من نفسي
رد بمزاحه المعتاد وهو يبتسم لها :
ـ ده شيء طبيعي، لأن كمال دايمًا في الخدمة .
لم يستطع «كمال» أن يخفي فرحته وهو يرى «وعد» تبتسم وتضحك ، كان يعلم أن ما بداخلها لا يزال يثقل قلبها، لكنه كان مصممًا على أن يجعل يومها أفضل ولو قليلًا .
عندما وصلت القهوة والحلويات، بدأ الاثنان بالحديث عن مواضيع خفيفة، تبادل النكات والقصص الظريفة، حتى شعرت «وعد» أن الوقت مر سريعًا، كان صوت ضحكاتهما يملأ الأجواء، كأن المكان بأكمله كان يحتفل بعودتها للحياة ولو للحظات قصيرة .
بينما كانت ترشف من فنجان القهوة، نظرت إليه وقالت بنبرة صادقة :
ـ كمال، شكرًا على اليوم ده ، يمكن فعلاً كنت محتاجة حاجة زي كده .
ابتسم «كمال» برقة وقال بمزاح وهو ينظر لها بجدية :
ـ لسه اليوم مخلصش ، احنا بس يعتبر فطرنا ، لسه هنقعد شويه انا وانتِ وبعد كده نتغدى ، عشان متقوليش بس عليا اني راجل بخيل .
ضحكت «وعد» بعفوية وهي تهتف بمزاح :
ـ يا سلام عليك ، كمال ده راجل كريم بصحيح .
اعتدل «كمال» في جلسته وهو يهتف بنبرته الخائفة ويبتسم بمزاح :
ـ لا لا انا اقصد الغدا عليكي يا حبيبتي ، انا خلاص عزمتك على الفطار هي شغلانه بقي .
ضحكت «وعد» من أعماق قلبها، متناسية همومها ولو للحظات، وقالت بمزاح وهي ترفع حاجبيها :
ـ يعني كنت مفكرة إنك كريم، بس طلع الموضوع فخ فعلا.
رد «كمال» بنبرة مرحة وهو يضع يده على قلبه مدعيًا الألم :
ـ "إيه الكلام ده؟! ده أنا اعزمك على الدنيا كلها بس مشكلتي الوحيدة إني خفيف جيب .
ضحكت فهذه اللحظة ضحكة صوتها عالي ، مما الجميع نظروا لها بحيرة ، مما اقترب منها و وضع يـ ـده علي فمها حتي يكتم ضحكتها وهو يهتف بمزاح :
ـ ايوا اه كنت عايزك تضحكى ، بس مش الضحك اللي تفرجى علينا الناس دي .
كانت هي تضحك تحت يـ ـده وبعد مده نظرت له بحُب نحو عينيه التي تأسرها دائما ، والى اقترابه التي يجعل قلبها يطرق كالطبول ، تلك القيود التي بنيتها نحو قلبها ، الآن ازالت على يـ ـده هو ..
شعرت «وعد» بأن قلبها يخفق بجنون، وكأن ابتسامتها التي رسمها «كمال» قد اخترقت كل الحواجز التي أقامتها حول مشاعرها، نظرت إلى عينيه بتمعن، وكأنها تبحث عن تفسير لهذا الدفء الذي يحيط بهما ، كان "كمال" لا يزال يضع يده على فمها بخفة، بينما يبتسم ابتسامته المعتادة، التي تحمل بين طياتها كل معاني الحنان والدعم .
وبعد لحظة
سحب يده ببطء وهو يضحك بصوت منخفض وينظر لها بحُب :
ـ خلاص، الضحكة طلعت! أنا كده حققت مهمتي .
ابتسمت له وهي تخفض عينيها بخجل، وقالت بصوت خافت :
ـ كمال ، شكراً بجد ليك فعلا .
نظرت إلى القهوة أمامها، وكأنها تحاول إخفاء ارتباكها ، أما هو، فلم يترك تلك اللحظة تمر دون أن يرد بصوت هادئ و مليء بالعاطفة الذي بداخله :
ـ وعد، مش محتاجة تقولي شكراً ، أنا عايز أشوفك كده دايماً سعيدة ومبسوطة ، وبعدان ايه شكراً دي احنا بقينا اصحاب دلوقتي .
شعرت كلمات «كمال» وكأنها تطرق أبواب قلبها المغلق. حاولت أن تتجاهل تلك المشاعر التي بدأت تتسلل إليها، لكنها كانت قوية، حقيقية، وكأنها أخيراً وجدت الشخص الذي يمنحها الطمأنينة التي كانت تفتقدها.
حاولت كسر تلك اللحظة بصوتها الهادئ وهى تنظر له بحُب فشلت انها تخفيها :
ـ اكيد اصحاب يا كمال ، طب وإيه المكان اللى هنتغدى فيه؟ ولا برضه فخ جديد؟؟ .
ضحك "كمال" بخفة وأجاب بهدوء وتسلي :
ـ ده هتكون مفاجأة ، بس أؤكد لكِ إنها هتكون أجمل مفاجأة شفتِها .
ابتسمت وهي تنظر إليه بعينين تحملان امتناناً وحباً بدأ ينمو بصمت ، شعرت أن وجوده بجانبها قد يغير كل شيء، وربما يكون هو المفتاح الذي تحتاجه لتبدأ من جديد، دون خوف أو قيود .
وبعد ساعة
خرجوا من المقهى وبعد الشمس تغيب ويحل محلها الليل ، أخذواشعرت "وعد" بأن قلبها يخفق بجنون، وكأن ابتسامتها التي رسمها "كمال" قد اخترقت كل الحواجز التي أقامتها حول مشاعرها. نظرت إلى عينيه بتمعن، وكأنها تبحث عن تفسير لهذا الدفء الذي يحيط بهما. كان "كمال" لا يزال يضع يده على فمها بخفة، بينما يبتسم ابتسامته المعتادة، التي تحمل بين طياتها كل معاني الحنان والدعم.
بعد لحظة، سحب يده ببطء وهو يضحك بصوت منخفض:
ـ خلاص، الضحكة طلعت! أنا كده حققت مهمتي
ابتسمت له وهي تخفض عينيها بخجل، وقالت بصوت خافت:
ـ تعرف انى عمرى ما ضحكت كده من زمان اوي
نظرت إلى القهوة أمامها، وكأنها تحاول إخفاء ارتباكها. أما هو، فلم يترك تلك اللحظة تمر دون أن يرد بصوت هادئ و مليء بالعاطفة:
ـ عشان تعرفى انى مش اى حد برضوا .
شعرت كلمات "كمال" وكأنها تطرق أبواب قلبها المغلق ، حاولت أن تتجاهل تلك المشاعر التي بدأت تتسلل إليها، لكنها كانت قوية، حقيقية، وكأنها أخيراً وجدت الشخص الذي يمنحها الطمأنينة التي كانت تفتقدها.
حاولت كسر تلك اللحظة بصوتها الهادئ:
ـ قصدك تقول انك غيرهم؟؟
أبتسم «كمال» بخفة وأجاب :
ـ اكيد غيرهم .
ابتسمت وهي تنظر إليه بعينين تحملان امتناناً وحباً بدأ ينمو بصمت ، شعرت أن وجوده بجانبها قد يغير كل شيء، وربما يكون هو المفتاح الذي تحتاجه لتبدأ من جديد، دون خوف أو قيود.
بعد ساعة ونصف ، خرجوا من المقهى بعد أن غابت الشمس وبدا يحل محله الليل ، اخذوا تمشوا قليلاً بعد أن خرجوا من المقهى، وجلسوا يتحدثون في أمور عادية، عن الطعام وأحلام كل واحد منهم .
بينما كان الليل ينسج خيوطه حولهما، كانت نسمات الهواء الباردة تلامس وجهي «وعد» و«كمال» برفق، وكأنها تخبرهما أن العالم قد أصبح مكانًا أكثر دفئًا في تلك اللحظات.
نظر «كمال» نحو السماء المرصعة بالنجوم :
ـ بصّي لـ سما كده ، مش بتحسي إن النجوم دي بتقول حاجات؟؟ .
اسندت رأسها على كتفه ، فـ شعر بـ قلبه يطرق كالطبول ، وشعر انها امسكت يـ ـده حتى تطوله ولو قليلاً بدون أن تقع ، اغمض عينيه وهو يشتم رائحتها التي تخلخلت روحه ، ويريد أن يجعل الزمن أن يتوقف فهذه اللحظه .
ابتسمت "وعد" وهي تنظر نحو السماء أيضًا وهي تسند رأسها علي كتفه وهي تشعر بالامان يتخلخل روحها :
ـ بتقول إيه مثلاً؟؟
بينما كان الليل ينسج خيوطه حولهما، كانت نسمات الهواء الباردة تلامس وجهي "وعد" و"كمال" برفق، وكأنها تخبرهما أن العالم قد أصبح مكانًا أكثر دفئًا في تلك اللحظات.
نظر " كمال " نحو السماء المرصعة بالنجوم :
ـ بصّي السماء، مش بتحسي إن النجوم دي بتقول حاجات؟"
ابتسمت "وعد" وهي تنظر نحو السماء أيضًا:
ـ "بتقول إيه مثلاً؟"
رد بنبرة مرحة، لكنها تحمل في طياتها صدقًا عميقًا :
ـ بتقول إن الدنيا فيها لحظات تستحق نعيشها، حتى لو كانت بسيطة ، زي اللحظة دي .
شعرت «وعد» بحرارة كلماته تخترق صمتها، وتُذكّرها بأن الحياة ليست دائمًا عن المشكلات والهموم، بل عن اللحظات التي تمنحها الأمان والفرح ، ابتعدت عنه قليلاً ،و نظرت إليه بابتسامة خفيفة وقالت :
ـ كمال، إنت دايمًا بتعرف تقول الكلام اللي يخلي الواحد يفكر، مش عارفة إزاي بتعمل كده ؟؟
ضحك «كمال» بخفة، ورفع كتفيه كأنه لا يعلم :
ـ دي موهبة بقى، لازم أستغلها، خاصة معاكي .
ابتسمت له بمرح وكادت أن ترد عليه ولكن وجدت هاتفها يهتز برقم جدتها ، مما ابتعدت عن «كمال» قليلاً ، وردت عليها :
ـ ايوا يا تيته .
ـ ايوا يا وعد ، عايزكى في البيت متتأخرش ، عايزة اتناقش معاكم في موضوع كده .
ـ تمام يا تيته حاضر جاية في الطريق .
ـ تمام بس حاولي متتأخريش وخلي بالك من نفسك .
ـ حاضر يا حبيبتي ، مع السلامة .
ختمت حديثها واغلقت الهاتف ونظرت الى «كمال» بأسف ، وهى تهتف باعتذار وتوتر :
ـ حقك عليا يا كمال ، مضطره امشي ، تيته عايزنا في البيت في حاجة ضرورية .
نظر لها بهدوء واهز رأسه وقد غيروا مسار طريقهم ، حتى يعودوا الى سيارته حتى يوصلها :
ـ ايه اللي بتقوله ده ولا يهمك ، المفاجأة بتاعتى هتستناكى ، ولو مكنتش النهاردة يبقى بكره .
ختم حديثه وابتسم لها ابتسامة لطيفة ، لا تدري بنفسها وهى تعانـ ـقه بلطف ، وهي تهتف بامتنان وحُب :
ـ انا مبسوطه انى قضت اليوم معاك ، اه محستش بالوقت وانا معاك ، وكان نفسي أقضي وقت كمان بس لسه الايام جاية .
بدلها العنـ ـاق هو الآخر وهو يشعر بلذة احـ ـضانها ، قلبه كان يطرق كالطبول وهي قريبة منه ، ولكن كان يتمنى أن لا تغادر اليوم وتبقى قريبة منه .
وبين هذا العنـ ـاق والمشاعر تجاه بعضهم كان أحد يراهم وهو يشعر بالتوتر وهذا الشخص كان والد «شهاب الشوري» وخال «أيان» ، كان يسند يـ ـده على الشجرة ، وهو يتنفس بصعوبة ويهتف بنبرة خافتة تحمل الكثير والكثير :
ـ ازاي اقدر افهم شهاب أن وعد مش بتحبه ولا هتحبه ، انا لازم افهمه ، بدل ما يتجوزها والماضي ينعاد من اول وجديد ، و زي ما قتل مراته الاولى هيقتل وعد بهوسه ليها .
كان هو يفكر ويخطط بهدوء كيف يبعد «شهاب» عن «وعد» حتى لا يكرر مرضه او هوسه مره اخرى ، ولكن لا يعرف أن القدر سيجعل «وعد» تقع في براثن مريض نفسي ، مهما فعل لا يستطيع منع القدر ابداً…
يا أقدارُ، رويدًا، لا تُثقلي قلوبنا
دعينا نعيشُ أحلامنا، وأمانينا
لكنّكِ دومًا تسوقيننا بعنفٍ
كأنّنا خاضعون لظُلم السنينَ.
❈-❈-❈
خرج «نوح» من المرحاض وهو يجفف شعره بمنشفة صغيرة، وقبل أن ينطق بكلمة، توقفت عيناه عند «نور» ، بدت كأنها خرجت من لوحة فنية، بفستانها الأبيض الذي يصل قليلاً أسفل الركبة، يتناسب مع لون بشرتها الناعمة، بينما تضفي المساحيق لمسات ساحرة على ملامحها ، شعرها المنسدل بحرية على كتفيها أضاف لمسة من العفوية والجاذبية، مما جعلها تبدو كأنها نجمة في ليلة ساحرة.
شعر «نوح» بأن قلبه ينبض بقوة، لكنه حاول التماسك ليخفي ارتباكه ، تقدم نحوها بخطوات هادئة، وعيناه لا تفارق وجهها ، قال بنبرة هادئة، لكنها تحمل بين طياتها الكثير من الإعجاب :
ـ ايه الحلاوة والطعامة والقمر اللى على الصبح ده .
التفتت «نور» نحوه، وقد ارتسمت على شفتيها ابتسامة خجولة، وقالت وهي تحاول أن تبدو طبيعية :
ـ شكراً ، قلت لنفسى اغير شوية في الالوان ، وقلت البس أبيض ، بس متصورتش أنه الفستان حلو .
تقدم خطوة أخرى، وهو يضع المنشفة جانباً، ثم قال بصوت أكثر عمقاً وهو يتفحص ملامحها :
ـ الفستان كان عادى خالص ، انتِ لما لابستيه بقى مميز وحلو .
ارتبكت «نور» للحظة، وحاولت أن تبعد عينيها عنه لتكسر تلك اللحظة التي شعرت بأنها تكشف الكثير مما في قلبها ، لكنها لم تستطع منع احمرار وجنتيها من الظهور.
قالت بخفة وهي تنظر للمرآة لتعدل شعرها بتوتر من قرب «نوح» :
ـ يلا، ما نضيعش الوقت ، زمان الكل مستنى على الفطار .
لكن «نوح» لم يتحرك ، ظل ينظر إليها بتمعن، وكأن كل كلمة تريد أن تخرج منه تتعثر في طريقها ، وأخيراً قال بصوت خافت وهو مازال يتفحص ملامحها :
ـ نور، أحياناً أتمنى الزمن يوقف ، زي دلوقتي .
نظرت إليه بدهشة، وكأن كلماته تركت أثرًا أعمق مما توقعت ، ثم همست وهي تحاول أن تتجنب عمق عينيه :
ـ نوح ، يلا نمشي عشان اتأخرنا .
ابتسم بخفة، وكأنه أدرك تأثير كلماته عليها، وقال وهو يفتح الباب بعد ما سرح شعره هو الأخر و يرتدي جاكت البدلة الكلاسيك :
ـ تمام، بس عارف إني مش هنسى اللحظة دي أبداً.
خرجت «نور» قبله بخطوات سريعة، تحاول الهروب من ذلك الشعور الذي بدأ يتسلل إلى قلبها دون استئذان ، أما «نوح» ، فظل خلفها، يراقبها بصمت، وكأن كل خطوة تخطوها تزيده يقيناً بأنها شيء مختلف تماماً في حياته.
قطع تأمله صوت «كاميليا» التى نادت عليه وهي خلفه مما التفت له ، وحين «نور» سمعت نداء «كاميليا» التفتت هى الأخرى ، نظرت «كاميليا» لـ «نور» وهى تبتسم لها إبتسامة لم تصل لعينيها ، بدلته «نور» الأبتسامة أيضاً ولكن لم تبرز اسنانها ، ولم تصل لعينها .
نظرت «كاميليا» الى «نوح» وهى تهتف بنبرة هادئة :
ـ نوح تعاله على المكتب تيته عايزه تتكلم معاك ومعايا و راندة و وعد .
عقد حاجبيه بحيرة وهتف بنبرة مثل ملامحه تماما :
ـ متعرفيش عايزنا ليه .
رفعت اكتـ ـافه وهى تهتف بنفس نبرتها الهادئة :
ـ معرفش صدقنى .
هز رأسه وهتف بنبرة هادئة ولكن ملامحه يهتفون بحيرة :
ـ تمام روحى انتِ و راندة وانا جاي .