-->

رواية جديدة بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض) لعفاف شريف - الفصل 18 - 2 - السبت 18/1/2025

  

  قراءة رواية بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض) كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض)

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة عفاف شريف


الفصل الثامن عشر

2

تم النشر السبت

18/1/2025



«قلب خائف، متألم وحائر،

يغوص كل يوم في خوف والم جديد،

تتألم وتصمت،

وخوفها الدائم يطفئ روحها، دون أن تدري.»


تسللت من بين ذراعيه بعدما تأكدت من نومه العميق.

ظلت تطالعه لعدة دقائق،

محتارة.

الحقيقة هي أنها لم تعد تفهم علاقتها بعمر.

علاقة تتعقد يومًا بعد يوم.

هي تعافر وهو يعافر،

لكن والغريب،

إنهما لا يلتقيان في نقطة واحدة،

كأنهما خطين مستقيمين غير مُقدر لهما التلاقي يومًا.

ماذا تفعل هي؟ تحاول،

لكن أصبح الوضع أثقل مما هي تتحمل.

البيت، المسؤولية،

المطبخ وعقده،

الطبخ ومقادير الزيت والزبده،

ونصف ملعقة ملح.

وإن زادت، تضيع الطبخة.

ماذا تفعل هي؟ لا تحب هذا.

وأيضًا لا تنسى،

ولا تظن أنها ستنسى

مشهده وفي أحضانه أخرى.

كلما تذكرت ما حدث،

تندلع بداخلها نيران لا تقدر على إطفائها.

وتود لو تمسك بأول شيء تطاله يدها

وتقذفه على رأسه ورأس تلك...

ماذا كان اسمها؟

لا تتذكر.

لا يهم.

المهم أنها سيئة،

وهي لم تحبها.

وما زاد ألمها وإحساسها بإهدار كرامتها،

رغبته أن تذهب مرة أخرى.

هي لا تريد،

لكن لأجله ستذهب.

ستذهب مجبرة لأجله، للأسف.

حركت يدها تمسد على خصلاته بحيرة،

أبعدتها سريعًا وهي تشعر بتحركه،

قبل أن تترك الفراش.

تسير ببطء وحرص شديد،

تناظره بصمت قبل أن تغادر الغرفة،

محاولة إصلاح ما أفسدته

السيدة لوزة.

وبداخلها تدعو عليها،

قطة بعقل مجرم.


❈-❈-❈

وقفت في منتصف الغرفة تتطلع حولها بيأس.

لوزة تمثل طفلًا صغيرًا شقيًا يسعى في المنزل فسادًا.

التفتت تنظر إلى لوزة الجالسة على الأريكة تشاهد التلفاز وهي تتمتم موبخة:

 شوفتي البيت بقى عامل إزاي؟ خليكي مكانك يا لوزة لحد ما اخلص.

ناظرتها لوزة لوهلة قبل أن تعيد وجهها للتلفاز.

هزت فريدة رأسها بيأس.

حسنًا، الغباء منها تحادث قطة.

إنها قطة، لا امرأة حامل تشاركها منزلها.

رغم أنها تتصرف بأريحية لا تفعلها هي شخصيًا.

تركت غرفة المعيشة في الوقت الحالي، ودلفت إلى غرفة نومهم.

نظرت للفراش المبعثر بضيق.

حسنًا، هي لا يرضيها ما حدث.

من اليوم لن تدلف لوزة إلى غرفة نومهم، احترامًا لرغبة عمر.

وقفت تنظر إلى الغرفة بيأس، تحتاج للكثير من العمل.

اليوم ستكون المرة الأولى كتنظيف فعلي للمنزل، وهي لا تحب تلك الأمور.

لكن لأجله، لأجله ستعتاد عليها.

وكانت أصعب ساعتين مرت بهما.

نظفت الفراش من أثر لوزة، وكان الأمر حقًا مرهقًا، فلوزة تترك أثرها في كل مكان بكل قلة أدب.

بدلت الشراشف بصعوبة، هذا الأمر لا تحب أن تأخذ فيه نصف ساعة لكي يتم ضبطه.

مسحت المكان وأزالت الغبار، وضعت ملابسه في سلة الغسيل، ووضعت الباقي في الخزانة.

رتبت طاولة الزينة، وأخيرًا اللمسات الأخيرة.

نثرت المعطر في الغرفة، فتحت النافذة، ووضعت أيضًا الهاتف علي القرآن.

وأخيرًا، وقفت تناظر الغرفة بإرهاق حقيقي.

مسحت وجهها بتعب قبل أن تلتفت إلى لوزة الواقفة خارج الغرفة تنوي الدخول.

اقتربت منها تحملها وهي تداعبها برفق قائلة برفق:

"سامحيني يا لوزة، بس من النهاردة ممنوع تدخلي الأوضة دي.

وأغلقت الضوء والباب، متوجهة للخارج تحملها

وهي تفكر أن أمامها الكثير قبل استيقاظ عمر.

❈-❈-❈

أربع ساعات من العمل الشاق وغير المعتاد لها.

كل دقيقة تنظر لنفسها بقرف،ملابسها المتسخة بفعل التراب وجهها المتعرق ترغب في التوقف.

هي لا تريد هذا.

هي لا تعرف أصلاً.

تبحث على مواقع التواصل عن كل شيء.

أبسط الأشياء لا تعرفها.

لكن تظل تخبر نفسها أن ذلك هو الطبيعي.

تلك الأمور، التنظيف، إعداد الطعام، الذهاب إلى السوق.

هذا الطبيعي بالنسبة لأي زوجة تجاه منزلها.

ومن الطبيعي أن تعتاد هي أيضًا.

لكنها لا تستطيع، وتتساءل دائمًا: هل هي فقط بحاجة للوقت؟

أم أن الأمر لا يناسبها وإن توفر الوقت؟

❈-❈-❈

خرجت من الحمام تجفف خصلاتها بشرود بعد أن حصلت على حمام دافئ ومريح بعد كل هذا العناء.

تنظيف المنزل لم تكن مهمة سهلة أبدًا.

نظرت للشقة برضا قبل أن تنتبه لوزة الواقفة أمامها لتسألها قائلة برفق وهي تنحني تلاطفها:

جعانة صح؟ تعالي نحضرلك أكل قبل ما ندخل ننام.

وسارت نحو المطبخ تطالع فطور عمر المجهز له خصيصًا مغطى بعيدًا عن متناول فم لوزة.

جهزت لها هي وجبة كبيرة، ووضعت لها طبق الماء أيضًا.

جلست بجانبها تراقبها بحنان وعطف منتظرة أن تنتهي.

لوزة ونيستها في هذا المنزل.

لكنها تريد أن تأخذ خطوات أخرى لتشعر هي بالاستقرار.

❈-❈-❈

حملت لوزة متوجهة نحو الأريكة.

لم يتبقَّ سوى ساعة واحدة على استيقاظ عمر.

إذا نامت بالداخل، ربما لن تشعر به.

فلتظل هنا حتى تضع له الفطور وتريه كيف أصبح المنزل نظيفًا.

مسدت على لوزة، وهي تفكر هل ستظل هكذا، بهذا المنزل فقط؟

ليلًا ونهارًا وحدها.

هي تريد شيئًا آخر.

تريد بناء منزل وليس مجرد بيت.

منزل دافئ يحاوطها بدفئه، يحتضن قلبها المتعب.

وغفت وكان هذا اخر ما تفكر به.

❈-❈-❈

استيقظت على شعور بحركة حولها.

فتحت عينيها تنظر حولها 

لتجد يتحرك بسرعة هنا وهناك.

اعتدلت سريعًا ناظرة للساعة لتتسع عينيها وهي ترى تأخره ثلاث ساعات عن موعد استيقاظه!

تحركت سريعًا خلفه وهي تراه يدس محفظته في جيب بنطاله بملامح جامدة مبهمة لتسأله بخفوت قلق من مظهره:

عمر راحت عليك نومه ازاي؟

وهنا لم تدري من أين أتى انفجاره بها.

وهو يهتف بعصبية وضيق ملتفًا يناظرها بغضب:

"طبعًا راحت عليا نومه! عشان الهانم بدل ما تبقى نايمة جمبي تاخد بالها مني، رايحة نايمة جمب القطة بتاعتها!

أصلاً خلاص القطة بقت أهم مني، أهم من أكلي، وراحتي، ونومتي، وشغلي!"

بهتت ملامحها تحت وطأة هجومه الغير صحيح.

هي ظلت طوال الليل تنظف حتى غفت متعبة، ويقف هو أمامها يحاسبها على شيء ليست من ضمن مسؤولياتها.

كانت ستصمت منزوية، إلا أنها لم تجد نفسها سوى وهي تصيح به هي الأخرى قائلة بخيبة أمل:

"صحيانك مسؤوليتك، وانت عارف ده.

أنا ولا مرة صحيتك.

فلو راحت عليك نومه واتأخرت ده مش ذنبي أبدًا.

وبالنسبة إني مش يهتم بيك ولا بالبيت ولا بحياتك، فلو انت شايف كده، يبقى بجد يا خسارة تعبي في المحاولة دائمًا عشانك.

عارف أنا نمت بره ليه؟

نمت تعبانة ومرهقة بعد ما خلصت تنظيف الشقة كلها عشان تصحي تكون مبسوط وسعيد.

وبعد ما حضرتلك فطار، وجهزته وقلت بدل ما أنام جوه ومحسش بيك، أنام هنا عشان أفطرك.

بص، أنا عملت إيه وبص، أنت بتعمل إيه؟"

أخذت نفسًا عميقًا للغاية صامتة لدقيقة قبل أن ترفع وجهها تطالع ملامحه المتجهمة متابعة بإرهاق:

"بص يا عمر، أنا مش ملاك.

أنا بس إنسانة بتحاول تعافر في حياة صعبة عليها مش بلومك، بس أنا قلتلك كتير أنا محتاجة وقت.

وقت عشان أتعود على حياة مختلفة تمامًا عن حياتي.

حياة صعبة بالنسبة لي.

أنت دائمًا بتقلل من محاولاتي اللي بالنسبالي مجهود كبير أنت مش قادر تقدره.

أنا تعبت يا عمر من إني أفهمك.

أنا مقدرة اللي أنت بتعمله، مقدرة تضحيتك بوجود لوزة وعدم حبك ليها، وبكل الطرق بحاول أرضيك.

مقدرة أنك مش زي أي زوج طبيعي بيرجع يلاقي البيت نظيف والأكل زي ما بيحب.

مقدرة كل ده، لكن أنا مش زي أي زوجة.

مش إنقاص مني ولا منهم، لكن أنا مختلفة عنهم وهم مختلفين عني.

أنا كنت عايشة بطريقة مختلفة، مختلفه تمامًا.

وبحاول أفهمك.

أنت وعدتني.

وعدتني أنك مستحيل تحسسني أني أقل من حد.

مستحيل تجرحني.

هتقف جمبي وتساعدني واحدة واحدة.

بس شوية شوية بحس أن كل ده مش بيتحقق.

وبحس أني بزرع في أرض مش قابلة تكون أرضي."

قالتها وهي تكاد تبكي.

قبل أن تلتف مغادرة الغرفة، وبداخلها تعلم أنة و لكي تنجح تلك العلاقة، يجب عليهما أن يكونا سويا.

لا هي بمفردها، ولا هو بمفرده.

يجب أن يكونا هما سويا.

وهذا ما لا يفهمه هو.

فهي تحارب في معركة هو لا يعلم عنها شيئًا.

❈-❈-❈

سارع بالخروج من البناية،

لا وقت لديه أبداً للحديث.

انفجاره بها

لم يكن بسبب التأخير فقط، ولْيكن صادقاً،

بل كان أيضاً بسبب تلك الرسالة التي وجدها على هاتفه.

أخرج هاتفه بضيق يناظره باستياء مرةً أخرى

قبل أن يفتح الرسالة المزعومة.

كانت في المجموعة الخاصة بالعمل،

حيث روفيدا توجه له التوبيخ على أحد القضايا الخاصة بهم

لكن على الملأ،

وسط الجميع بكل بساطة.

رسالة صوتية

بصوتها العالي

تهدده

وتوبخه كطفل في الرابعة.

وبدل أن يصب غضبه على تلك الحية،

أصابت فريدة،

كالعادة.

أصبح لا يقدر على التحكم بغضبه،

لكنه يريد منزلاً طبيعياً،

طبيعياً جداً،

أبسط الأشياء،

وهذا ما لا تقدر عليه فريدة،

مهما حاولت.

قالها لنفسه بتعب

وهو يخرج من البناية.

ولا يعلم لما رفع عيناه في تلك اللحظة 

لتلتقي عيناه بعين الواقف تنظر له من الشرفة.

توقع أن تهرب للداخل،

لكن عيناها أبت أن تنزاح عن عينيه،

كأنها تخبره بقوة،

"تلك المرة أنت مخطئ."

وحينما طالت النظرات،

لم يجد حلاً سوى فصل ذلك التواصل،

مغادراً سريعاً،

شاعراً برأسه سينفجر.

ف روفيدا تنجح في جعله يخرج عن السيطرة.

❈-❈-❈

دلف للمكتب بسرعة،

يلقي بنفسه على المقعد،

لكن صوت صديقه أنبأه بسرعة: "بسرعة على مكتب مدام روفيدا،

قلبت الدنيا عليك من الصبح."

مسح عمر وجهه بتعب وإرهاق،

قبل أن يتوجه ببطء وقوة نحو مكتبها.

دق على الباب،

لتسمح له بالدخول بعد ثلاث دقائق.

دلف ليجدها تنظر لأحد الملفات أمامها،

ليقف صامتاً منتظراً التوبيخ الجديد،

لكنها لم تعره هي أي اهتمام،

بل تابعت ما تفعل بهدوء.

قبل أن تغلق الملف،

مرجعةً ظهرها للخلف،

تناظره بابتسامة ساحرة قائلة بهدوء: "اتفضل اقعد."

انعقد حاجباه بشدة، يناظره بشك واستغراب.

حسناً، هناك شيء قادم

ولن يعجبه أبداً.

شعور بداخله أخبره بذلك،

لذلك رد قائلاً بهدوء: "أنا كويس كده.

اتفضلي، حضرتك طلبتيني."

رفعت حاجبها، تناظره بعين متفحصة.

تحرك المقعد يميناً ويساراً ببطء شديد،

قبل أن تقول بتوبيخ طفيف: "متأخر."

أومأ لها قائلاً باعتذار على مضض: "بعتذر جدّاً،

غصب عني.

حضرتك تقدري تخصميلي،

وبعتذر مرةً ثانية، مش هتكَرَّر تاني.

حركت رأسها نافيه وعيناها لا تترك عينه:

"عادي، وأي المشكلة لما تتكرر؟

لكل مشكلة حل،

ومشكلتك أنت تحديداً،

حلها عندي أنا.

عقد حاجباه يناظرها بضيق شديد،

لتكمل هي حديثها واقفةً بهدوء،

خاطيةً خطواتها المدروسة نحوه ببطء شديد،

قبل أن تقف أمامه لا يفصلهما سوى خطوات معدودة،

قائلةً بتأكيد: "أنت عايز تشتغل بهدوء وبدون مشاكل وتاكل عيش.

ورفعت يدها تمس صدره في ثوانٍ دون أن يدرك ما يحدث،

هامسةً بعزم: "وأنا عايزاك أنت.


الصفحة التالية