-->

رواية جديدة بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض) لعفاف شريف - الفصل 14 - 1 - الأربعاء 1/1/2025

 قراءة رواية بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض) كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض)

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة عفاف شريف


الفصل الرابع عشر

1

تم النشر الأربعاء

1/1/2025


الخوف الدائم هو خوف مضاعف بحد ذاته.

يجعلنا نحيا في اضطراب مستمر، نخشى اليوم والغد وحتى الأمس الذي مضى.

تتراكم المخاوف كأثقال على الروح، حتى تتحول إلى طريق يقودنا للهلاك.

❈-❈-❈

كانت تسير ببطء وسعادة، تتأبط ذراعها.

يكاد يضمها إلى صدره عله يخبئها بداخل قلبه.

اليوم اصطحبها أنس لشراء بعض الملابس الخاصة بها، تحديدًا المناسبة للحمل وزيادة الوزن.

فمع زيادة وزنها، رغم أنها لم تزداد كثيرًا،

لكنها أصبحت تحتاج للكثير من الملابس المريحة والواسعة.

ولم تعد تطيق ملابسها التي ضاقت عليها.

رغم أنه أخبرها بعبث ليلة أمس أنه يحبها كما هي،

لكن بعيدًا عن المزاح هو يعلم أنها لا ترتاح أبدًا سوى بالملابس المريحة.

وأنها أيضًا تخلصت من كل ملابس حملها السابق بابنهم رحمه الله لأحد السيدات الحوامل المحتاجات.

ولم يمنعها هو يومًا.

فأصر عليها اليوم ورضخت هي تحت إصراره.

ولم تعلم أنه لم يأخذها فقط لشراء الملابس،

بل كان بحاجة لإخراجها ببطء من تلك الحالة التي تلبستها مؤخرًا.

راغبًا وبشدة في استعادة حبيبته،

وأم أبناءه، ورفيقة دربه.

يريدها كما كانت،

كما وقع في غرامها أول مرة ومن أول نظرة.

يريد تلك التي لم تخبو الضحكة عن وجهها أبدًا.

كانت بجانبه دائمًا، والآن حان دوره.

دورة أن يحتضن قلبها

ويشعرها بالأمان.

كانت تسير صامتة إلى حد ما.

يثرثر هو وترد هي.

يلقي النكات.

حتى انطلقت ضحكتها ولم يستطع هو التحكم بها.

انفرجت شفتاه بابتسامة محبة وهو يشير لها على أحد المحلات المشهورة.

لكن توقفها فجأه، مما جعله يناظرها باستغراب يرى ماذا حدث.

قبل أن ينظر لها،

وهو يراها تقف متصنمة.

تغمض عينيها وترفع رأسها قليلاً.

اقترب منها يهمس في أذنها باستغراب وإحراج: "ملك، إنتي عايزة تدخلي الحمام ولا إيه؟

وقفة وانتِ مغمضة كده ليه؟"

فتحت عينيها سريعًا تناظره شذرًا.

قبل أن تهمس له هي الأخرى، وهي تشمشم حولها كالقطط: "شامم..."

هز رأسه نافيًا وهو يتشمم الهواء بحثًا عن تلك الرائحة المجهولة بالنسبة له.

قبل أن يجدها تتحرك وتسير للجهة الأخرى،

كأنها مسلوبة الإرادة.

تبعها سريعًا وهو يمسك يدها مرغماً.

فهذه المجنونة يتوقع منها كل شيء.

وفي النهاية، وقفت به أمام أحد محلات المشويات بالقسم المخصص للمطاعم.

ورغم أنه يبعد الكثير،

إلا أن أنفها التقط الرائحة.

أنفها يعمل بضمير منقطع النظير.

فأحضرها لهنا.

أمسكت كم سترتها تشدها للأسفل،

وهي تقول بدلال وجوع: "أنس حبيبي،

لو سمحت، عايزة وجبة كفتة وطرب،

وزود السلطات."

اتسعت عيناه يناظرها بصدمة.

فهي تناولت طبقًا كبيرًا من طعام الغداء قبل أن يخرجا معًا.

كيف جاعت وهو يشعر بأن بطنه ستنفجر؟

إلا أنه عاد وتذكر أنها حامل.

فلْتأكل قدر ما تشاء، المهم أن تكون هي والصغير سعيدين.

وبعد بحث طويل عن مكان للجلوس بسبب الزحام،

أجلسها وذهب لشراء ما طلبت.

وقبل أن يعود مرة أخرى،

أرسلت له رسالة.

تطلب أن يأتي لها أيضًا باثنين من الحواوشي.

واحد لها،

وواحد له.

وعندما أخبرها أنه لا يريد،

أصرت هي بأن يأتي به ولا يتدخل.

فعاد سريعًا ليطلب لها.

وظل محله،

لعلها تطلب أي شيء آخر.

فيعود مضطرًا.

ورغم غيظه منها، تلك المحتالة،

إلا أنه سعيد.

سعيد بكونها تتفاعل من جديد.

❈-❈-❈

أحضَر لها الطعام ولنفسه كوب قهوة،

وجلس يطالعها وهي تأكل بشهية، مصدرها أصوات استمتاع وسعادة حقيقية.

قبل أن تمسك لقمة تدسها في فمه  متسائلة برقة: "حلو صح؟"

أومأ لها مع ابتسامة.

قبل أن يرفع يده يعدل حجابها بهدوء.

يراقبها ولا يمل أبدًا.

وكيف يمل من تلك الجنية؟

وجد يدها تمتد لما أحضر له ليسألها بمشاكسه: "مش ده الحواوشي اللي قلتي ليا ؟"

هزت رأسها قائلة بتأكيد: "هو."

بس، مش أنت بتقول شبعان هأكله أنا.

حرام يترمي.

وأكملت بتذكر: "طنط إمبارح وهي بتكملني بتقولي إنها مستنية أجي أولد في مصر.

هو أنت مقلتلهمش إني هولد هنا؟

عشان مش هقدر أنزل أولد هناك."

ناظرها لثوانٍ قبل أن يقول بضيق: "قلتلها،

بس هي كل مكالمة تصر على الموضوع ده،

مصره يعني عشان تطمئن على الطفل وكده.

بتقول عايزاه في حضني."

قالها ولم يخبرها الحديث كله،

فأمه تتهم ملك بأنها السبب فيما حدث.

ومهما نهرها عن قول تلك الأمور لا تتوقف.

ويخاف بل يرتعب أن تسمعها ملك.

ليكمل قائلاً: "فقلت خلاص مش مشكلة،

وقتها نقول إن الدكتورة منعتك من السفر.

هنلاقي سبب مقنع إن شاء الله،

بس الأهم عندي هو أنتِ.

أنتِ ليه مش حابة تولدي هناك يا حبيبي؟

يعني هناك هتكوني هناك وسط العيلة،

وعمو وتميم وكلهم أكيد هيكونوا موجودين.

وبرضو أكيد الاء هتنزل تكون معاكِ."

إجابتها سريعًا بتوتر: "لأكثر من سبب.

أهمهم طنط يا أنس.

صدقيني أنا مش عايزة أبدًا أزعلك،

بس طنط يا أنس بتضغط عليا،

وأنا مش بحب أزعّلها أبدًا.

وقتها هتصر أولد هناك في شقة في البيت بتاعها،

وأنت عارف أنا مش متعودة على الجو هناك،

وكمان مفيش أي خصوصية أبدًا.

يعني بنروح نقعد شوية بتشوف اللي بيحصل.

تخيل لو ولدت عندها،

مش هقدر لا أنام ولا أخد بالي من البيبي خالص.

فهي لو مش هتزعل من رفضي كنت ولدت هناك،

بس أنت عارف إيه اللي هيحصل،

وأنا مش حابة أقضي الفترة دي في تعب ومناهده وكلام مش لطيف من أي حد.

أنت عارف أكيد هي بتزعل من أقل حاجة أنا بقولها."

تنهد بضيق وهو يُجيبها مؤكداً: "عارف، للأسف.

إن شاء الله محلولة يا حبيبتي،

متزعليش، بإذن الله نراضيها وما يكونش في زعل أبدًا."

أومأت له، وقبل أن تعود لطعامها،

قاطعهم رنين هاتف أنس،

ولم تكن سوى أمه.

ناظرها سريعًا وهو يقول: "كملي أنتِ أكلك،

وأنا هرد وأجي."

كانت تعلم ممن تلك المكالمة،

ولم يكن لها طاقة في تلك اللحظة

لإفساد يومها بسبب حماتها العزيزة.

❈-❈-❈

ابتعد قدر الإمكان قبل أن يجيب قائلاً بابتسامة: "حبيبتي وحشتني، عاملة إيه؟

والكل عندك؟"

"الحمد لله بخير،

وملك كمان كويسة."

"لا مش جنبي دلوقتي،

بعدين إن شاء الله هخليها تكلمك."

"آه، قوليلي طبعًا."


إجابة أمه بنبرة أمره: "أنس، أنا عايزة مراتك تنزل تولد هنا

في بيتي أنا،

عشان أخلي بالي من العيل."

صمت قليلاً،

لتكمل هي: "أديك شفت اللي حصل المرة اللي فاتت،

أكيد بسبب إهمالها.

ما كان الحمل ماشي كويس.

أنا يا ابني عايزة أفرح بابنك،

مش كفاية قهرتي على اللي راح."

قالتها بحزن.

ليلتفت هو يطالع تلك التي تناظره من بعيد،

قبل أن يهديها ابتسامة وهو يقول بتأكيد: "ماما، الكلام ده قبل أوانه،

والي حصل مع ابني مكنش سببه ملك.

ده كان قسمه ونصيب،

نصيبه وعمره.

مينفعش اللي بتقوليه ده أبدًا.

أرجوكي، أنا مش عايز أبدًا ملك تسمع الكلام ده،

لأنك وقتها هتكوني بتاذيني أنا قبلها.

لو سمحتي يا ماما."

"تمام."


ظل الصمت يظلل المكالمة بضع ثوانٍ،

قبل أن تقول أمه بغضب: "كده يا أنس؟

ماشي، اعمل اللي أنت عايزه."

وأغلقت.

ظل ينظر للهاتف بضع ثوانٍ،

قبل أن يحادث والده

ليخبره الآخر أن يطمئن، هو سيحل الأمر.

ومع ذلك كان حزينًا،

لا يرضيه أبدًا حزنها،

لكن ماذا إذا كان يمس زوجته؟

هي في مكانه،

وملك في مكانه،

ولن يميل لجهة لأجل الأخرى أبدًا،

أبدًا ما حيَّا.

❈-❈-❈

انتهت من الطعام،

ودلف كل منهما إلى المسجد  ليصليا.

وما إن انتهيا حتى توجه معها لشراء ما أتيَا لأجله.

وقف ينتقي لها قطعًا مريحة تناسب ذوقها، لكن لم يعجبها أي شيء،

وحركت كتفها بدلال مخبرة إياه: "مفيش حاجة حلوة، تعالي نبص في مكان تاني."

وخرجا سريعًا.

ولم يدرك أنها خرجت به ليس لأنها لم يعجبها شيء،

بل بسبب نظرات العاملة التي لم تكف عن التحديق به والابتسام.

ولم يرها هو حتى.

ودلفا إلى آخر،

وانتقت ودلفت لغرفة القياس لتقيس وتريه.

وظلا هكذا حتى انتهت تمامًا.

أجلسها في أحد المقاهي

حتى يضع الحقائب في السيارة ويعود لها.

وجلست هي تطلب كوب الشاي بالنعناع

وحلوى بالشكولاتة،

وله بالمانجو لأنها تحبها.

❈-❈-❈

عاد إليها وكانت تتناول حلواها بهدوء،

قبل أن تبتسم له مشيرة على الحلوة.

وظلا هكذا يجمعهما حديث هادئ

حتى ظهرت امرأة من حيث لا تعلم

تحادث أنس بابتسامة كبيرة تشمل وجهها، وهي تقول بسعادة ودهشة: "إيه ده يا أنس؟

إيه المفاجأة الحلوة دي؟"

التفت لها الآخر يبتسم لها بهدوء وعينه على تلك التي تركت شوكتها ورفعت أحد حاجبيها،

وعادت بظهرها للخلف قليلاً واضعة يدها على بطنها، تناظره بشر.

وقبل أن ترفع الأخرى يدها للسلام،

مد يده وضعها على صدره بإحراج قائلاً بهدوء: "أهلاً، إزايك آنسة صافي؟"

ردت عليه الأخرى بحفاوة شديدة: "الحمد لله،

أنت عامل إيه في شغلك الجديد؟

والوضع إيه؟"

ارتفع حاجب ملك أكثر وهي تردد بصوت لم يسمعه سوى أنس: "ما شاء الله يا حبيبي.

ها، وأي كمان؟

أشجيني.

وكمان، آنسة؟

يا حلاوتك."

تغير لون أنس وهو يطالعها تارة وزوجته تارة

قبل أن يرد على الأخرى قائلاً: "الحمد لله،

الحمد لله."

ظلت الأخرى تثرثر

قبل أن تقول: "وحشتنا كلنا والله يا أنس.

لازم تيجي تزورنا مرة،

أو نتجمع كلنا.

إيه رأيك؟

أنت معاك رقمي صح؟"

ارتفع حاجب ملك أكثر وهي ترى ما يحدث.

قبل أن تنهض ببطء مقتربة منه قائلة بصوت يحمل الكثير من الوعيد: "مش يلا ولا إيه؟"

نظرت لها الأخرى بملامح متفحصة

وهي تسأل: "أختك؟"

ابتسمت لها ابتسامة صفراء وهي تمسك بأنس من ذراعه قائلة بدلال وهي تقرصه من خصره في الخفاء: "الله، هو مش قايل إنه متجوز ولا إيه؟

كمان.

يا حبيبي،

مراته.

مراته يا حبيبتي."

قالتها وهي تنزع يد زوجها،

ترفعها لتريها خاتم زواجهم

علها تضع في عينها حصوة ملح.

ابتلع أنس ريقه وهو يبعد ملك قليلاً للخلف،

يخشى أنها تنقض عليها في أي لحظة.

تجاهلت الأخرى نظرات ملك قائلة بابتسامة: "إيه رأيك نقعد سوا في الكافيه هنا؟

بقالى كتير مشفتكش."

قالتها وهي تضع يدها على ذراعه،

ليبعدها هو فورًا بحده.

وحدث بعدها كل شيء في غمضة عين.

ففي ثوانٍ معدودة لم يدركها هو حتى.

كانت ملك تضع يدها على جنينها تحتضنه،

تصرخ بأعلى صوت

وهي تصيح بألم شديد: "أنس،

الحقني،

الحقني أنا بولد!"

"آه!"

قالتها بصراخ سمره للحظة.

ينظر لها بذهول،

قبل أن يحملها برعب شديد،

يركض بها خارج المقهي،

يركض في الرواق بهلع شديد.

وهنا خفت صراخها شيئًا فشيئًا،

وبطأت خطواته هو الآخر شيئًا فشيئًا،

كانه يحاول أن يدرك ما يحدث.

حتى توقف تمامًا وهو يناظرها بعين متفحصة،

قبل أن يقول بإدراك وغباء: "دقيقة.

إيه الهبل ده؟

بتولدي في الخامس؟"

قالها بتأكيد وتفحص شديد.

الصفحة التالية