رواية جديدة راهبات الحب لهالة محمد الجمسي الفصل 58 - الأثنين 13/1/2025
رواية رومانسية جديدة راهبات الحب
من روايات وقصص الكاتبة
هالة محمد الجمسي
رواية جديدة
راهبات الحب
تنشر حصريًا
على مدونة رواية وحكاية
قبل أي منصة أخرى
الفصل الثامن والخمسون
تم النشر الأثنين
13/1/2025
كانت ود تحاول جاهدة أن تشرح ل آسر أنها غير قادرة على التفكير بهذا الأسلوب وما كادت تجيبه بالرفض، غير أنه بادرها قائلاً:
ـ طيب انا عندي انتظار مكالمة من لوس انجلوس، هنكمل كلامنا بعدين، اوكي٠
أغلقت ود الهاتف، خرجت إلى الحديقة، سارت في ارجائها وقت قصير، ثم نظرت إلى الضوء المنبعث من زجاج غرفة المكتب ، فكرت قليل لا ريب أن سليم ترك النور مضاء ورحل، دلفت إلى البيت واتجهت مباشرة نحو الغرفة، كادت أن تغلق النور، وتصعد إلى أعلى، ولكن الأوراق الموضوعة على المكتب، جعلتها تتحرك نحوها مثل مغناطيس يجذبها في قوة له،
عينيها لم تخطيء الورق
أنه هو، الرواية الخاصة ب سليم، جلست أمامها
و داخلها شغف كبير، حجم الورق يشير إلى زيادة به، هل سليم عاد إلى الكتابة مرة ثانية؟
معقول؟! منذ اختفاء الورق من المكتب وهي لم تشاهده، الآن تشاهد الاوراق أمامها، مدت يدها في رفق شديد
ارتعشت يدها وهي تلمس الحبر الذي تجدد على الأوراق وشعرت بدفء كبير يحتوي
قلبها، نبض قلبها تأرجح في سعادة ونصر
مثل من تعانق صديق قديم عاد بعد سفر طويل، عاد لها أخيراً
وشاهدته، زهوة اللقاء بعد فراق تحيي أمالاً
كانت قد دفنت داخلها،
ترقرقت دمعة في عيونها وهي تشاهد خط سليم مرة ثانية يعود إلى الأوراق، قرأت في نهم وحنين كبير إلى معرفة الأحداث الجديدة
التي خط بها سليم روايته، مسار الرواية رغم الحزن الشديد لكنه جذاب وممتع إلى أقصى حد، غريب أن يكون الحزن بكل هذا الرونق،
حزن مسكوب في حلق
وعمقه تستطيع أن تلمسه داخل روحك،
هي لا تعلم كيف سرقها هذا الوقت داخل الرواية؟ مثل من تعيش بين دروبها و تصافح أبطالها وتربت
في رفق شديد على
كل من ذاق الألم بها
ولكنها لا تستطيع أن تمنحهم الفرح، أو تمنع هذا الحزن أو توقفه، مثل نهر يتدفق في سرعة شديدة، كتبت
سطور النهاية وقرأتها هي في في هدوء ورغم الفراق ليس عليها سوى أن تقر و تعترف أن الكاتب قد أذهلها في كل حرف بها، أغلقت الأوراق
وتنهدت في عمق شديد
رفعت رأسها في بطء وهي تشعر بظل يقف هناك عند الباب، صوته جعلها ترتجف قليل، ليست المفاجأة وحدها هي من جعلها ترتجف، عين سليم كانت تراقبها في بطء وعمق شديد، نظرة فشلت هي في التعرف عليها، هل هو غاضب من هذا الأمر؟ من اطلاعها على الرواية؟ لقد أخذت الرواية كل تركيزها، لم تنتبه أن الوقت تأخر فعلاً وسليم على وشك العودة، واقترابه من المكتب جعلها تحاول أن تبحث عن كلمات حتى تبرر له أن الأمر كان صدفة، بعد أن أخفى الرواية عنها دون أن تكتمل هذا يعني أنه لا يرحب بقراءتها لها، ولكن سليم وضع يد على المكتب أما مها وقال في صيغة سؤال، ينتظر إجابته سريعة:
ـ قريتي الرواية؟!
فكرت ود في أول الأمر أن سليم يستهزأ بها، أنه يعلم أنها قرأتها للنهاية، تشعر أنه كان موجود منذ فترة وهي التي لم تنتبه له، هذا أمر لا شك به، لقد شاهدها وهي تلتهم الرواية بعينيها، قراءة صامته ولكن بها تركيز كبير، قالت وهي تهز رأسها علامة الموافقة:
ـ أيوا قريتها٠
جلس سليم أمامها في هدوء شديد وتابع:
ـ رأيك اي؟!
همست ود وهي تنظر إلى وجه سليم المترقب كلماتها:
ـ عايز رأي في روايتك؟؟
نهض سليم فجأة، ثم وقف إلى جوارها تماماً، استنشقت ود عطره، استطاعت أن تميز هذا العطر، عطر(جود تايمز) ( أوقات جيدة) لقد كان يستخدمه في أوقات ما فترة المراهقة، أوقات متباعدة، قد تكون اربع مرات فقط قال سليم في بساطة:
ـ عايز اعرف رأيك علشان بعد كدا٠
تساءلت ود وهي تنظر له في حيرة:
ـ بعد كدا اي؟
لمعت عين سليم ببريق خفيف، أمسك إحدى ورقات الرواية بيده وقال:
ـ أعرف مصيرها هيكون اي؟ يعني أنا عارف كويس اوي انك عندك تذوق فني لكل حاجة، مش رسم بس، انت قارئة و ناقدة كمان، واكيد رأيك هيكون فيه
حافز ليا، اشوف كنت كاتب جيد ولا لأ٠
ساد صمت بينهم، ود كانت تنظر إلى الرواية في اعجاب حقيقي، تنظر إليها وكأنها شيء من مقتنايتها عاد لها أخيراً، كلمات سليم أيضاً وسؤاله يخبرها أن هناك كثير من الجليد والجفاء الذي كان بينهم قد ذاب،
هناك تغيير قد حدث في طباع سليم، تستطيع ود أن تلمسه جيداً، رفعت رأسها له في هدوء وشاهدت هذا البريق الخفيف في عينيه، أنه سعيد، سليم قد استعاد جزء كبير من شخصيته القديمة، لقد تجاوز محنته مع غرام، لهذا قالت في صوت منخفض:
ـ الرواية تحفة، متكاملة ومافيهش أخطاء ٠
تساءل سليم وهو ينظر لها في عمق كبير:
ـ طيب والنهاية؟!
أعقبت ود وهي تنظر الى الاوراق مرة ثانية، لا تزال ود تعيش أجواء الرواية:
ـ نهاية مقنعة٠
اعترض سليم في صوت منخفض:
ـ يعني مش سوداوية اوي ومخليه أجواء الرواية كئيبة زي ما بيقولوا؟
هتفت ود في هدوء:
ـ لا، بالعكس، اي نهاية غير كدا هتكون مش منطقية ولا مقنعة٠
ثم انتبهت فجأة إلى كلمات سليم، هذا يعني أن هناك أشخاص آخرين قد قرأو الرواية:
ـ ناس مين اللي بيقولوا؟؟
ابتعد سليم عنها عدة خطوات، ألقى نظرة من النافذة على الخارج، كررت ود السؤال:
ـ مين اللي معترض على النهاية؟ الرواية مش فيلم عربي قديم لازم البطل يتجوز البطلة في النهاية، نسبة وعي الناس اتغيرت اوي، طريقة التفكير كمان اختلفت اوي، ونسبة القراء بقت اكتر من الأجيال اللي سبقت، القاريء مش طول الوقت عايز النمطية والتكرار، دا مش فيلم هابط ولا فيلم كوميدي، الرواية دي من واقع الحياة،والواقع اللي احنا عايشين فيه والكل بيعيشه و قائم بينا بيقول أن الفراق لازم يكون هو الحل، زي ما الطبيب بيبتر جزء مش صالح علشان ينقذ حياة انسان، الفراق في الرواية دي ضروري، تركيب الشخصيات بالطريقة اللي انت كتبتها، مينفعش غير كدا، واضح أن اللي قرأ الرواية و بيقترح كدا مخدش باله من تفاصيل كتير، بص الرواية من برا اتنين اتقابلوا خلاص يكملوا مع بعض، اكيد قرأ ملخص أو نبذة عنها، علشان لو ابطال الرواية كملو هيبقى كل واحد فيهم بيخدع التاني أنه بيثق فيه، هتكون رواية هزلية بمعنى اصح، أو فيلم كارتون زي توم أند جيري، مش كل الأخطاء لازم نغفرها، ومش كل الندم يستحق فرصة جديدة، بالعكس الافضل هو الفراق٠
أنهت ود كلماتها وهي تنظر إلى وجه سليم، شاهدت زوايا قاتمة تزداد حول عينيه، أنه يفكر في أمر ما يزعجه، مما دفعها أن تقول:
ـ سليم اي تغيير في الرواية هيكون تشويه ليها٠
أدار لها سليم وجهه، نظر لها في عمق، مما دفع ود أن تسأله:
ـ مين اللي اقترح عليك تغيير نهاية الرواية؟
سليم رفض أن يجيب السؤال، ولكنه قال في لهجة حاسمة:
ـ خلاص يا ود مافيش تغيير هيحصل فيها٠
❈-❈-❈
(إن ما بيني وبينك
أن تسألني في جوف ارق
ما يبكيك؟؟
فأجيبك
أنا أبكي لأنك حزين
وكيف يطرق الفرح أبواب قلبي؟!
وأنت سر سعادته وألقه
أيها المسافر في دروب التيه
أنا هنا
أنا بوصلة قلبك
أي مكان تشرد به
نبضاتي تتبعك
هذا أنا
من تحدثت إلى الجمع
أن قلبي راهب لن يخطو
أرض الحب يوماً
وزعمت كذباً أن
الهوى لم يطرق فؤادي
وأحكمت غلق أسراري
على جدران معبدي
أسبح أسمك
كلما بزغ نجم
أو ظللت الشمس
هذا الكون
فؤادي الجريح
بهواك لن يشفى
الإ بك ومعك)
رائحة القهوة التي عبقت المنزل في صباح اليوم التالي، هي من داعبت أنف ود حتى تستيقظ من النوم، تمطت ود بجسدها حتى تطرد الكسل من خلاياها، وأبدلت ملابسها، التقطت حقيبتها في سرعة وهبطت الدرج، كان سليم يقف في أول الدرج ينظر لها في صمت، في حين قالت ود:
ـ سليم،٠
كان نداءها له صيغة سؤال لماذا هو هنا؟ انتبهت إلى فظاظة ما فعلته، خاصة أنه تمنى لها ليلة سعيدة في الأمس بعد أن وافق على ترك نهاية الرواية كما تريد، ولقد شعرت ود بعدها ب حالة سلام كبيرة وراحة وسكينه، لقد كان هذا الموقف هو عقد هدنة لكل منهم، وتجديد ثقة لها في علاقتها مع سليم، بعد كل تلك المشاحنات التي حدثت في الأيام الماضية، فقالت في لهجة اعتذار:
ـ افتكرتك رحت الكافية٠
بدا لها أن سليم لم يستمع لكلماتها، فقالت وهي تستنشق رائحة القهوة:
ـ مزاج مش كدا؟
هز سليم رأسه علامة النفي، وتابع وابتسامة خفيفة على وجهه:
ـ لا دا نوع جديد، أنا اتعاقدت معاهم الأيام اللي فاتت، اسمه رواق٠
أشار لها سليم بيده أن تتجه إلى المطبخ وقال:
ـ أنا عملت اللي يكفي فنجانين صغير٠
قبلت ود الدعوة، ذهبت في خطوات متوازية إلى جوار خطواته إلى حيث منضدة المطبخ الصغيرة٠
سكب الفناجين في سرعة وقال وهو يضع أمامها فنجان ومعه قطعة شيكولاته:
ـ اعتبريها شكر ليك٠
تذكرت ود طفولتهم معاً، لقد كان سليم يهديها قطع شيكولاته بعد أن يهزمها في أحد الالعاب
تناولت ود القهوة واكتفت بوضع الشيكولاته في حقيبتها، نهضت من مكانها بعد أن أنتهت من شرب القهوة تساءل سليم وهو يضع الفنجان المتسخ في الحوض:
ـ آسر هيعدي عليك؟
كانت ود قد سبقت سليم بخطوتين وهي تقول:
ـ لا آسر مسافر، وأنا مش هروح على الوكالة النهاردة، أنا هاخد أجازة يومين٠
استمعت ود إلى صوت سليم وهو يقول:
ـ آها٠
سليم تنامى إلى عقله أن ود أن تذهب بسبب عدم وجود آسر، ود فضلت أن لا تقف حتى تشرح اي شيء، هي تريد الاسراع بالذهاب ولكن آسر استوقفها قائلاً:
ـ ود، أنا عندي كذا مشوار في وسط البلد، ممكن اوصلك ٠
أعقبت ود في بساطة:
ـ أنا هروح مشغل مدام دارين٠
كانت خطوات كل منهم قد وصلت إلى سيارة سليم في الحديقة، قال سليم وهو يخرج المفاتيح من بنطاله:
ـ اكيد في طريقي، يا لا هوصلك واروح الكافية٠
ظلا صامتين في السيارة مدة الطريق ، حين أوقف سليم سيارته، قبل أن تترجل هي من السيارة، قال وكأنه تذكر شيء:
ـ مدام دارين، أنا فاكر الأسم٠
همست ود في صوت به شجن وحزن:
ـ كانت صحبة ماما مسك، أعز صحبة ليها٠
تابع سليم وهو ينظر لها في عمق:
ـ دارين يوسيل مش كدا؟
هزت ود رأسها علامة الموافقة، ثم أسرعت في الهبوط من السيارة قائلة:
ـ لازم اكون النهاردة معاها٠
دارين المرأة العجوز التي تقترب من الستين، امرأة تميل إلى القصر ، ممتلئة الجسد، رغم أن خطاها على الأرض سريعة وخفيفة لا تسمع لها وقع، شعرها يشبه كرة الخيوط البيضاء، عينيها زرقاء ذات بريق حاد، وفم ممتليء و جه بيضاوي مكتنز، انف صغير جداً ذات ملامح جميلة لم يستطع العجز هز يمتها أو مدارتها، من أصول يونانية استقرت في البلد منذ زمن بعيد مع أسرتها، وعملت في التفصيل والحياكة، وكانت تصمم ملابس مسك دائماً وقامت على تصميم بعض من ملابس ود وهي صغيرة
استقبلت دارين ود بحضن كبير دافيء، ثم وضعت يد على شعرها في حنان بالغ:
ـ حبيبتي أنت، مثل ما اكون شايفة مسك قدامي، شبهها كتير أنت أنت لازم تيجي المشغل كتير٠
هتفت ود وهي تخرج من ذراع دارين في رفق شديد:
ـ معايا تصميم أنا اللي عملاه، ولازم يتعمل في اسرع وقت، بكرة الصبح لازم يكون في أيدي، ضروري ضروري٠
أخرجت ود من حقيبتها التصميم الذي صنعته، وأعطته إلى دارين المرأة العجوز، التي قالت في لهجة إعجاب::
ـ اووه، تصميم حلو كتير عليك ٠
نظرت ود لها في هدوء ثم قالت في لهجة رجاء:
ـ هيخلص النهاردة٠
ابتسمت دارين وتابعت في لهجة تبرير:
ـ عندنا شغل كتير ود، ممكن يومين كمان٠
هزت ود رأسها علامة النفي وقالت:
ـ لا أنا هاساعد البنات هنا، لازم يخلص النهاردة، هتكون موجودة طول اليوم٠
حاولت دارين أن تعترض:
ـ شغل كتير حبيبتي هنا٠
ود نظرت إلى إحدى الفتيات التي تراقب الموقف عن بعد وهتفت:
ـ خلاص ممكن أستعين باتنين بس معاي النهاردة٠
أشارت لها الفتاة علامة النصر أنها تؤكد لها انها على استعداد، في حين قالت دارين:
ـ طيب حبيبتي، اختاري واحدة بس، وانا بعد الضهر هاكون معاكي، باقي البنات في طلبات كتير، لازم نسلم الليلة٠
وافقت ود وهي ممتنة ل دارين، لقد كان قرارها مفاجئ، وهي في النهاية لن تستطيع أن تلوم على العجوز، أنها تمتلك عمل يدر عليها كال ولن تستطيع أن توقف عملها
حين انتهت ود في نهاية اليوم من تصميم الفستان، كانت الفتاة التي تدعى نرجس تنظر لها في اعجاب قائلة:
ـ تحفة بجد ورقيق اوي، دا فستان مناسبة، اكيد خطوبة أو كتب كتاب٠
هزت ود رأسها علامة الموافقة في حين رفعت دارين عينيها بعد أن فرغت من التطريز وقالت:
ـ ارتباط شيء مفرح٠
هزت ود رأسها علامة الموافقة وقالت وهي تنظر إلى الساعة التي أعلنت التاسعة مساء:
ـ أنا بجد بشكركم٠
ثم أخرجت مبلغ من المال وضعته في يد دارين التي حاولت في البداية الرفض ولكن تصميم ود جعلها ترضخ، وأعطت مبلغ آخر إلى الفتاة، التي قبلته في امتنان قائلة:
ـ يتمم افراحكم على خير٠
ما أن انتهت ود من تغليف الفستان حتى كان اتصال سليم الذي أخبرها أنه في مكان قريب من المشغل، ويستطيع أن يقلها إلى المنزل، وضعت نرجس الفستان في رفق شديد في المقعد الخلفي للسيارة، ثم نظرت إلى سليم وقالت:
ـ الفستان هيكون عليك تحفة، ربنا يسعدك٠
كانت ود تلوح إلى دارين وهي تخبرها أنها سوف تعود مرة ثانية من أجل زيارتها ولم تسمع جيداً كلمات نرجس، في حين قاد سليم السيارة في سرعة متجهاً نحو المنزل، حين وصلا أخيراً، هبطت ود من السيارة، احتضنت الفستان في رفق شديد، واستمعت إلى صوت سليم:
ـ فستان فرح دا يا ود؟
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هالة الجمسي، لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية