-->

رواية جديدة بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض) لعفاف شريف - الفصل 15 - 2 - الثلاثاء 7/1/2025

  قراءة رواية بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض) كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض)

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة عفاف شريف


الفصل الخامس عشر

2

تم النشر الثلاثاء 

7/1/2025

ظل ينظر في أثرها بضع ثوانٍ،

وقبل أن يسرع خلفها محاولًا الشرح لها،

انتبه إلى خروج عمته التي كانت تلهث بشدة وتعب نتيجةً لخروجها سريعًا على أصوات صراخ ابنتها الوحيدة تستنجد بها.


التفت ينظر في أثر فريدة بتشتت وضيق،

وحينما لم تتحرك الأخرى لمساعدة أمها، وهي تجلس أرضًا تبكي، تنظر لخصلات شعرها بضيق وتتحسس وجهها،

حدّجها بلومٍ قبل أن يتجه

سريعًا لعمته يساعدها برفق ويدخلها للشقة مرةً أخرى،

متجاهلًا همسات الجيران على ما حدث،

وأغلق الباب بقوة بعد أن دلفت ابنة عمه هي الأخرى.


أجلس عمته على فراشها،

وما إن اطمأن عليها وكاد يغادر سريعًا،

حتى أمسكَت يده قائلةً بغضب:


"إيه اللي حصل ده يا عمر؟

إزاي مراتك تضرب بنتي بالطريقة دي؟

معقول اللي حصل ده؟

بنتي تضرب يا عمر؟

ده أنا عمري ما مديت إيدي عليها أبدًا!

إزاي تسمح بحاجة زي دي؟"



ربَّت على يدها قائلًا بضيق:


"معلش يا عمتي، انتي مشفتيش اللي حصل.

سلمي كمان غلطت، وغلطت جامد.

أول ما فتحت الباب، رمت نفسها عليا، حضنتني،

وأنا قلت لها ألف مرة حرام.

كام مرة اتكلمت في الموضوع ده؟

قلت لها كتير: متعمليش كده لا لوحدنا ولا قدام حد.

قلت حرام وعيب، وتعبت من التكرار، وهي مصرة.

واديكي شفتي النتيجة أهو، تحضني قدامي مراتي.

متوقعة إيه يعني؟ تاخدها بالحضن؟

وفريدة مكنتش تعرف ولا تفهم،

عشان كده حصل اللي حصل."



تنهد بضيق وهو يرى ملامح عمته المتجهَّمة،

قبل أن يقول بسرعة وضيق:


"عمتي، أنا لازم أمشي بسرعة.

فريدة متعرفش المكان هنا وممكن تتوه،

وأنا مش هقدر أسيبها أكتر من كده.

يلا سلام عليكم."



والتفت يغادر الشقة سريعًا،

قبل أن تحدّقه ابنة عمته بنظرات غاضبة،

وهي تقف تضم يدها تبكي وخصلاتها مشعثة،

ووجهها يملؤه الخدوش،

لتصيح به بحزن:


"ده اللي ربنا قدرك عليه يا عمر؟

بقى أنا مراتك تضربني، وده يكون رد فعلك؟

اخس عليك يا عمر!

بتفضّل واحدة غريبة لسه عرفها عليا

على بنت عمتك اللي عشت معاها عمرك؟

أنا زعلانة منك ومش هكلمك تاني أبدًا!"



وقبل أن ينطق أي كلمة،

هتفت عمته بصوت عالٍ:


"سلمي، اخرسي خالص!

مش عايزة أسمع صوتك!

كفاية اللي حصل لحد دلوقتي.

ادخلي يلا، هاتي مطهر عشان أطهر وشك،

وابعتي رني على صحبتك تيجي تخدك وتكشف عليكِ بسرعة."


وأكملت وهي تشير لعمر:


"روح يا ابني، يلا روح لمراتك.

يلا روح."


ظل ينظر لها عدة ثوانٍ،

كانت تناظره بحزن وضيق،

تخبره أن يغادر لزوجته،

فهي أصبحت أهله.


تنهد بضيق واقترب منها سريعًا يقبِّل رأسها معتذرًا منها بشدة،

قبل أن يغادر سريعًا مخبرًا نفسه بالصبر فقط،

ليلحق بفريدة، وسيعود لمصالحتها ويفعل أي شيء لترضى عنه،

لكن الآن، فليجد زوجته وبسرعة.


❈-❈-❈

كانت تسير في الشوارع الضيقة لا تعلم إلى أين تذهب حتى هي لا تعلم أين هي.

الشوارع ضيقة ذات رائحة غريبة.

الجميع يناظرها بعيون متفحصة،

كأنها غريبة عنهم،

لا تناسبهم،

ولا يناسبوها.

ليس لفقرهم،

بل لأنهم يروها لا تشبههم،

وهي لن تشبهم يومًا.

كانت تسير تبكي وهي تعدل خصلاتها التي جذبتها تلك الفتاة.

تفكر أنه حتى لم يتبعها،

لم يفعل أي شيء،

بل العكس.

صاح بها،

وبخها.

كيف يسمح لنفسه أن يفعل هذا؟

كيف يسمح أن تحتضنه أخرى؟

اتلك وعوده،

إذاك حبه؟

أين كل هذا؟

تلاشى.


وقفت تنظر حولها لا تعلم أين هي.

قبل أن يلفت انتباهها عدة أصوات خلفها.

التفتت تنظر لتجد ثلاثة شباب يقفون خلفها،

يناظرونها بنظرات جعلت جسدها يرتجف،

وهم يلقون بوجهها كلمات غريبة بذيئة.

ارتعش جسدها وهي تمد خطواتها

لتخرج من هذا الزقاق،

إلا أنها وقبل أن تركض،

أوقفها أحدهم بوقوفه أمامها،

وهو يقول:

"رايحة فين يا حلوة؟"


اتسعت عيناها،

وهي تعود للخلف خطوة بتوتر،

قبل أن تستصدم بآخر خلفها.

وقبل أن تصرخ أو أن تقوم باي رد فعل،

كان الواقف أمامها يُزاح بيد عمر الذي انهال عليه بالضرب ،

يضربه بقوة وغضب شديد،

يسبه بأبشع الألفاظ.

وضعت يديها على فمها تمنع خروج شهقاتها،

وهي ترى الجميع يحاول أن يبعد عمر عنه بسرعة.

وما إن فعلوا حتى فر الآخر هاربًا كرفاقه.

وقبل أن يركض خلفه،

صرخت به هي بتعب:


"كفاية، كفاية يا عمر!"


التفت لها،

يناظرها بغضب قبل أن يمسك يدها بقوة،

خارجًا من المنطقة،

وهي تحاول إبعاد يده،

تحاول التحرر،

لا تريد الذهاب معه.

حتى التفت لها،

يصرخ بها بأنفاس لاهثة:


"مش عايز أسمع نفسك، فاهمة؟"


صمتت،

وهي تستمع إلى صراخه عليها للمرة الثانية،

وهي تردد بداخلها:

يكفيها ما حدث اليوم،

فلتصمت.


❈-❈-❈

حرّك رأسه بتعبٍ وإرهاقٍ وهو يستمع إلى شرح أحد المهندسين عن أحد المشاريع القادمة له.

أوقفه نفس الصوت للمرة العاشرة... لا، الحادية عشرة... أم الثانية عشرة؟

حسنًا، لا يهم.

ها هو يبدي تعليقًا جديدًا، رأيًا جديدًا، وفكرة جديدة.

حسنًا، لا بأس. رغم ضيقه، لكنه لن ينكر أن أفكاره من ذهب.


والصوت؟

لم يكن سوى لياسر الفاروقي.

تحدث بهدوء وثقة وهو يقترح ما طرأ بباله، قبل أن يناظر تميم قائلاً بهدوء:

 إيه رأيك يا بشمهندس تميم؟ أنا شايف إن دي مناسبة أكثر، بالذات أن الموقع هناك هيتيح لينا التنفيذ براحتنا بدون عوائق.

حابب أسمع رأيك أكيد، يمكن في شيء غفلت عنه.



حرّك تميم رأسه قائلاً بتأييد رغم غيظه:


بالعكس، فعلاً صحيح. بالطريقة دي هيكون الوضع أنسب. الاقتراح كويس ونقدر ننفذه إن شاء الله. الموضوع مش صعب وهيوفر بعدين حلول لمشاكل تانية.

تفكير سليم يا بشمهندس.



ابتسم له ياسر بهدوء.

وقبل أن يكمل المهندس المسؤول عن العرض حديثه، قاطعه رنين هاتف ياسر، الذي ما أن رن هاتفه حتى انتفض من مكانه يعتذر بسرعة، مغادرًا الغرفة.


نظر تميم بضيق إلى ساعته.

لا وقت لديه للأسف اليوم.

لديه سلسلة طويلة من الاجتماعات، والتخطيطات، والتوقيعات.

وفي النهاية، مضطر أن يذهب لوالده، رغم أنهم في آخر فترة لا يتحدثون كثيرًا.

فمن الواضح أن أباه منشغل بشيءٍ هو لا يعرفه، وتلك المرة يثق أنه لا يخصه، حتمًا يخص أحد إخوته.

واثق هو.


لذا تنهد وهو يعود برأسه للخلف.

في رأسه ألف شيء، لكن يظل الأكثر إلحاحًا...

قطعة السكر.

تلك التي يريد الذهاب إليها، حيث هي، ليراها.

ليتحدث معها.

ليناقشها.


ولا يدري من أين ظهرت صورة قريبتها تلك في تفكيره...

آسيا.

كانت تحاوطه بطريقة غريبة، ترغب في مصادقته.

تبعت رسائل... لا يرد هو عليها ويتجاهل.

حتى صمتت فجأة.


تعجب هو، ولم يحظرها، واكتفى بسكوتها.

ولم يعلم أنها تتابعه بصمت على جميع حساباته.

ولم تمل حتى الآن.

لكن في نفس الوقت، تنتظر فرصتها المناسبة بفارغ الصبر.

تُدبّر وتخطط لتحصل على جائزتها الخاصة.

جائزتها الأهم.


فرصتها القادمة...

هو.


❈-❈-❈

وقف خارج غرفة الاجتماعات، يضع السماعة في أذنه، ويديه في خصره، مغمض العينين، شاعرًا برأسه على وشك الانفجار.

يستمع لها بهدوء وصبرٍ شديد، قبل أن يفتح عينيه، يتطلع أمامه بملامح متجهمة، ويزفر بتعبٍ قبل أن يقول برفق:


أوك يا كوكو، حاضر، بس لما اليوم يخلص.

بابي هيجي، أوك؟

أوك.

حاضر.

تمام، ممكن دلوقتي تروحي الكلاس بتاعك لحد ما اليوم يخلص؟

أوك يا كوكو.

حاضر، هتكون بينك مش بلو.

أوك، ورد أبيض.

حاضر.

أوك، باي يا حبيبي.



وأغلق الخط.

ظل ينظر أمامه بصمت...

معضلة كل يوم.

ولا مفر.

لا مفر.

❈-❈-❈

عاد مرة أخرى إلى غرفة الاجتماعات، وطال الحديث والشرح تلك المرة لساعة كاملة.

انتهوا فيها من مناقشة الكثير، وانتهى الاجتماع على خير.

وقف ياسر يصافح تميم قائلاً بهدوء:


هنبدأ التنفيذ إمتى إن شاء الله؟


أجابة تميم بعملية:


في أقرب وقت إن شاء الله. كل التصاميم تجهز ونبدأ، بس أحب نشتغل في هدوء وتخطيط عشان تمشي كل حاجة على أكمل وجه.


أومأ له ياسر قبل أن يغادر سريعًا.

وتوجه تميم إلى مكتبه لمهاتفة حسام، ف الآخر مختفي منذ يومين.

على غير العادة، هو هادئ، وهدوء أيٍّ من إخوته تتبعه مصيبة دائمًا.


الصفحة التالية