-->

رواية جديدة سرداب الغرام لندا حسن - الفصل 11 - 1 - الأحد 5/1/2025

 

قراءة رواية سرداب الغرام كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية سرداب الغرام

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة ندا حسن


الفصل الحادي عشر

1

تم النشر يوم الأحد

5/1/2025


"كيف للمرء أن يُداوي جراح قلبه المُمزق بفعل يد حبيب!."


في اليوم التالي ذهبت "مهرة" إلى الشركة حيث يتواجد والده كما طلب منها في نفس الموعد استعدادًا للذهاب إلى الطبيب الذي يريده هو لكي يتأكد من حملها..


كانت تقدم قدم وتؤخر الأخرى خائفة أن يكون هذا فخ منه تندم بعده على عدم استماعها لحديث "يوسف" واضعة يدها على قلبها خوفًا منه ومن أفعاله وكل ما يأتي بخلدها بعد مكابرتها أن يكون يكذب عليها في كل ما قال ويريد أن يستدرجها إلى أن تذهب معه لكي يجهض جنينها حتى وإن ماتت معه.. 


ولكن لقد أرسل إليها "يوسف" في الأمس ليلًا رسالة أنه لن يتركها، ولن يجعل أحد يؤذيها مهما حدث وسيكون معها ويساندها مادام عنادها أصبح بينهم ولكن الأهم بالنسبة إليه هي وليس العناد أو أي شيء آخر.. لا يهمه أن يكون حديثه صحيح هو لا يكره أن يكون والده صادقًا بل يتمنى ذلك ولا يريد أن يرى الندم على ملامحها بل يريد أن يراها فرحة بكل ما فعلت وتظهر زوجته في النور..


الآن عليه أن يُسير في هذا الطريق راضيًا مرغومًا فقط لأجلها وإن كان هناك شيء يستطيع تغييره بعدما واجه والده بالحقيقة ووقف أمامه يحدثه عن عدم خوفه وأنه لن يسمح أن يحدث لها شيء لن يستطيع إلا إذا استطاع حمايتها حقًا وهي لن توافق أن تبتعد بتلك السهولة كما كل مرة سابقة..


كانت مطمئنة لأنه معها ومهما فعل والده هو لن يتركها ولن يؤذيها وقد كان هذا ما حدث، ذهب "يوسف" مع والده و "مهرة" إلى حيث الطبيب الذي أراده والده والذي أكد صحة حديثها أنها حامل في الشهر الرابع تحمل داخلها صبي لعائلة رضوان..


ظهرت معالم الفرحة على وجه والده وهو رآها جيدًا لدرجة استغرابه التام منه، كيف لوالده أن يسعد لأنه سينجب طفلًا؟ لقد كانت تعابيره حقيقة غير مريئة إلا له هو فقط! هل والده صادق؟ لا لن يقع في فخه أبدًا سيظل إلى النهاية يخونه حتى يتوفى أحدهم إما هو أو والده ولكن لن يعطي إليه الأمان مهما حدث وإن لانت تصرفاته معه وإن أحبه على الرغم من أن هذا صعبًا على الطرفين ولكن سيبقى إلى المنتهى داخله الشكوك التي تُشير إليه في كل شيء يحدث.. وداخله عدم الأمان والطمئنينة له..


ذهب مع "مهرة" إلى شقتهم، عش الزوجية السري والسرداب الغرامي لقصتهم، دلفوا سويًا لكن القلوب لم تدلف، تغيرت النظرات وتعبيرات الوجوه، تغيرت المشاعر إلى أخرى غريبة عنهم كليًا، لم تكن مشاعر الحب أبدًا هي من تغيرت بل كل يوم تزداد عنده تجاهها وهي تراه هو الوحيد الذي يستحق حبها ولكن.. الضجر الخوف، التوتر والقلق الذي انتاب كل منهما بعد ما حدث، انزعاجه منها ونظرات العتاب الذي يُلقيها عليها كلما تلاقت الأعين وكأنه يسألها لما؟ لما المخاطرة بأغلى الأشياء عندي وهي أنتِ، تبريرها الجاد ونظراتها الحادة كلما شعرت به يعاتبها تُجيبه أنها تريد الخلاص من سردابه الذي بات يخنقها بداية من إعلان خطوبته والذي سيليها الزواج وتكمل تبريرها بأنها تريد شعاع النور يطول حياة ولدها القادم لعائلة رضوان.. 


كثير من الأشياء، مشاعر، نظرات، كلمات ونبرات الأصوات تغيرت، ولكن هل تتغير إلى الأبد؟ هل تظل إلى المنتهى! دومًا يحدث بيننا وبين الأشخاص الذين نحبهم مواقف تزعجنا، تخالف رغبتنا، نتغير ونبتعد ربما لفترة ولكن دومًا ما نعود، نعود أقوى وأفضل من السابق نعود بحبٍ أكبر وبمشاعر أصدق..


❈-❈-❈


انتشر خبر على مواقع التواصل الاجتماعي المهتمة بعائلة "رضوان" وكأنهم مثل نجوم السينما يقول أن قد تم عقد قرآن "يوسف" و "نورا" ابنة عمته في يوم الخطبة ولكن العائلة لم تعلن إلا عن الخطبة فقط!.. كانت إشاعة كاذبة هناك من فرح بعد رؤيتها والاستماع إليها وهناك من طعن بظهره.. 


نظر والده إليه بعدما وجده مُصرًا على نفي هذا الخبر: 


-متردش ومتكدبش حاجه 


كان يقف بعيدًا عنه يستند بذراعه على أعتاب الباب يقف حائرًا مغتاظًا من حديثه:


-يعني ايه؟ أنا ونورا مخطوبين وبس إزاي مردش 


أجابته "نورا" قائلة بنعومة:


-وهيفرق في ايه يا حبيبي ما تسيبهم يقولوا اللي يقولوه ما إحنا كده كده هنتجوز


عقب على حديثها بجدية والأمر يزعجه أكثر فلا يريد الاستماع إلى تلك الأحاديث:


-لأ هتفرق لأن كده كل واحد قاعد فاضي يقدر يطلع عننا إشاعة وإحنا نسكت بقى.. 


وقفت على قدميها وأقتربت منه لتقف جواره وضعت يدها فوق ذراعه قائلة:


-طالما دي إشاعة مش هتضرنا يبقى ليه نتكلم أصلًا ما نسكت عادي لكن لو حاجه تانية هنرد


تحدث والده بجدية وليست قسوة أو بطريقة الأمر بل تغير ولو قليل في التعامل معه الآن:


-متردش يا يوسف قولتلك مش هينفع تقول حاجه في الوقت ده 


سأله ناظرًا إليه:


-وده ليه


تابعه والده ناظرًا إليه نظرة ذات مغزى ألقى إياها عليه مع بقية حديثه الذي ذهب إلى منعطف آخر:


-أنت عارف ليه يا يوسف.. كلها كام شهر وكل حاجه هتتغير زي ما قولتلك مش هينفع كتر كلام عننا خصوصًا في الفترة دي 


لقد فهم أنه يتحدث عن "مهرة" والإعلان عنها زوجة وأم لولده في الفترة القادمة بعد ولادتها ولكن؟ هل يثق به من الأساس، توجه إلى طرف آخر:


-الشغل مالوش علاقة باللي بيحصل دلوقتي 


نفى والده حديثه قائلًا:


-لأ طبعًا ليه.. والكام شهر الجايين هيتغير فيهم حاجات كتير أوي وقتها هنرد ونقول كل حاجه 


نظرت "نورا" إلى خالها وأقتربت منه متسائلة بعدما جلست جواره على الأريكة:


-هو ايه اللي هيحصل الفترة الجاية وتردوا تقولوا ايه


أجابها كاذبًا ناظرًا إليه بقوة:


-دي حاجات في الشغل يا نورا متشتغليش بالك بيها يا حبيبتي المهم إن يوسف عارفها كويس وهتبقى في مصلحته 


توجه "يوسف" إلى الخارج وهو يدعو والده متحدثًا بجدية:


-خلينا نتكلم جوا في المكتب 


أوقفه حين قال:


-يا يوسف الموضوع شارح نفسه مش محتاج نتكلم جوا.. أنت مش هترد كلها كام شهر وهنرد بكل حاجه نكدب الخبر ده ونأكد غيره 


استدار ينظر إليه ليستمع إلى حديث "نورا" التي كانت تؤكد حديث والده فقط دون فهم أي شيء:


-كده كده يا يوسف هو مش مأثر علينا في حاجه سواء ردينا أو لأ خالو معاه حق على فكرة المهم أننا مأكدناش بردو 


تسائلت "يمنى" التي كانت جالسة على الأريكة المقابلة له في حضرة بقية العائلة تقول باستفهام:


-بس أنا مفهمتش ايه اللي هيتغير كمان كام شهر علشان تردو مرة واحدة 


أجابتها الأخرى التي أخذت زمام الأمور بيدها وبادرت بالقول:


-أكيد خالو يقصد مثلًا إننا لما نحب نكدب الخبر ده هنطلع وإحنا بنكتب الكتاب وبالصور ويبقى ده أكبر دليل أنها إشاعة ونزلت وإحنا معبرناش 


أومأ والده ضاحكًا برفق مؤكدًا حديثها ثم ناظرًا إلى ولده:


-بالظبط كده زي نورا ما قالت.. صح يا يوسف 


أومأ إليه "يوسف" بعد لحظات فقط:


-صح عندك حق.. هنرد وقتها بالدليل  


لحظات فكر بها، تابع نظرات والده وحديثه، لا يدري لما في هذا الوقت بالتحديد تظهر هذه الإشاعة عن زواجه من "نورا"؟ هل هذا الأمر مختلط مع شيء آخر أم أنه أصبح يشك بكل حدث وكل كلمة تصدر حوله؟ ولكن في النهاية هو سيفعل كما قال لن يكذب شيء لأنه فقط في نهاية المطاف سيعلن زواجه من "مهرة" شاء والده أم أبى.. سيكمل الطريق الذي بدأه والده سواء كان صادق أو كاذب لكنه لن يتركها ولن يترك والده يحرك اللعبة بخيوطها الذي تحكم عليها في قبضة يده.. دومًا سيفعل ما يريد ما دامت هي بخير.. ولم يكن متأكدًا من ذلك!.. 


هل تغير الظروف ما كنا نخطط له؟ هل نرغم على فعل أشياء أقسمنا على ألا نفعلها؟ هل نتخلى عن أشخاص بمثابة الحياة لنا لمجرد حمايتهم فنفقدهم ونفد الحياة من بعدهم؟ لما لأ؟ بل نعم كل هذا يحدث وأكثر..

الصفحة التالية