رواية جديدة رواية تائهة في قلب أعمى لزينب سعيد القاضي - الفصل 54 - 1 - الجمعة 17/1/2025
قراءة رواية تائهة في قلب أعمى كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر
رواية تائهة في قلب أعمى
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة زينب سعيد القاضي
الفصل الرابع والخمسون
1
تم النشر الجمعة
17/1/2025
"عندما يولد الشك فأما أن يكبر حتي يدمر كل شئ، أما أن يؤد قبل أن يظهر من الأساس"
ظل يرمقها بعدم تصديق وعقب قائلاً:
-صفا إنتِ بتهزري صح؟
حركت رأسها نافية وعقبت بإيضاح:
-لأ بتكلم جد يا ياسين وجد الجد كمان أنا حابة ده يحصل من زمان من يوم ما أتولد مودي كمان.
قطب جبينه بحيرة وتسأل:
-صفا أنتِ عندك شك أني لو لواحد في المليون عندي شك في نسب ابننا؟
حركت رأسها نافية واستطردت بإبانة:
-لأ طبعاً يا ياسين بس ده أفضل إنتَ شايف المتصيدين حوالينا عاملين إيه مفيش حد سايبنا في حالنا خلينا نقفل باب الشك ونخلع جذوره قبل ما تكبر.
رمقها بحزم قبل أن يقبل جبين طفله ويضمه بحنان:
-أنسي يا صفا مش هيحصل لو السماء أطربقت علي الأرض مش هيحصل مش هنوصل نفسنا لكده مش هعرض أبني للمأساة والمهانة دي يا صفا عشان أرضي الناس أنا كفيل أقطع لسان أي شخص يفكر يتكلم عنك إنتِ أو هو أو حتي يمسكم بسوء يبقي حفر قبره بإيده كمان يا حبيبتي أنا لو حكيت ليكي حكيت عشان خوفت الحيزبونة دي تحاول تتواصل معاكي وتلعب في دماغك كنت حابب تخدي حذرك وبس.
نظرت إلي زوجها بفخر واعتزاز فكل يوم يبرهن لها إنه جدير بعشقها الذي بات مزدهرٍا داخل قلبها.
فاقت من شرودها على صوته المحبب لقلبها:
-سرحانة في إيه يا قلبي ؟
تبسمت بحب وهتفت بحنان:
-ولا أي حاجة عموماً أطمئن هي مش هتحاول تقرب مني أعتقد الحركة دي رد فعل عن إلي حصل إمبارح.
قطب جبينه بحيرة وتسأل:
-هو إيه إلي حصل إمبارح إنتِ مخبية عني حاجة ؟
نظرت له بتردد قبل أن تسرد له ما حدث بالأمس وهو يستمع لها باهتمام.
انتهت من سردها وتساءلت بحيرة:
-إنتَ ساكت ليه ؟
رد بهدوء:
-المفروض أقول إيه؟
رفعت كتفيها وهتفت بتوتر:
-قول أي حاجة بس متسكتش كده.
زفر أنفاسه بضيق وقال:
-صفا مكنتيش تتكلمي معاها من الأساس مش واقفة تقدمي ليها نصح وإرشاد؟! هو إنتِ ليه كده ليه فاكرة كل الناس طيبة زيك يا صفا مع إن كده مش صح يا حبيبتي.
ردت باختصار:
-ياسين حتي لو هي مش طيبة زي طبيعي أني لما الاقي حد محتاج مساعدة أقدمها ليه.
تهكم قائلاً:
-حبيبتي أفهمي النصيحة لشخص غير أهل للنصيحة ما هي إلا مضيعة وقت لحضرتك وحقد لغيرك فهمتي ؟! أسمعي مني يا صفا تاني مرة لو فريدة قابلتك أو مامتها تسبيهم وتمشي ومتسمحيش ليهم يفتحوا مجال للكلام يا حبيبتي ممكن؟
تنهدت بحزن وردت:
-حاضر.
تبسم بحب وقال:
-الأكل برد يا هانم يلا نأكل أفضل من التفكير في أمور لا تقدم ولا تأخر.
وافقته بحماس:
-يلا نأكل أنا أصلاً عصافير بطني بتصوت خلاص.
ضحك الاثنين وبدأوا يتناولوا طعامهم في جو يسوده الألفة والمحبة.
❈-❈-❈
وضعت الغداء علي الطاولة تزامناً مع فتح باب الشقة ودخول أمير الذي أطلق صفيرًا عاليًا بإعجاب:
-يا سلام سلم علي الأكل الجامد والروائح الحلوة.
تبسمت بحب وهي تفتح ذراعيها بحنان اقترب هو علي الفور ضمها وقبل أعلي جبينها:
-وحشتيني يا ست الكل.
ردت بحنان:
-وإنتَ كمان يا حبيبي.
ابتعد عنها وأشار إلي الطعام وتحدث بعتاب:
-إيه الأكل ده كله تعبتي نفسك ليه بس؟
تبسمت بهدوء وردت:
-ولا تعب ولا حاجة يا قلب خالتك تعبك راحة يا حبيبي وبعدين حبيت أعوضك عن غياب إمبارح.
رفع كلتا يديها وقبلها بحب:
-تسلم ايديك يا ست الكل مش عارف من غيرك هعمل أيه ؟
مازحته قائلة:
-عندك يا حبيبى نور.
تهكم قائلاً:
-نور هتطبخ ليا الأكل ده؟ نور مش بعيد لو جاعت تأكلني أنا شخصيًا.
انفجرت ضاحكة علي داعبته قبل أن تضربه بخفة علي ظهره:
-بس يا واد يا بكاش إنت وروح إغسل إيدك يلا وتعالي قبل ما الأكل يبرد.
أومأ بإيجاب:
-في دي عندك حق.
ذهب لغسل يده وعاد وجلسوا سويًا وهم يتبادلون أطراف الحديث.
تسأل باهتمام:
-انبسطي إمبارح مع ياسين وصفا؟
ردت باختصار:
-أيوة.
قطب جبينه بحيرة وتدارك مستفهماً:
-في حاجة حصلت هناك ضايقتك ولا إيه ؟
زفرت أنفاسها بضيق وقالت:
-أحمد كان هناك.
ترك ما بيده وأنصت لها باهتمام:
-وبعدين اتكلمتوا سوا ؟
حركت رأسها نافية وعقبت:
-لأ رفضت أنول وفضلت فوق لغاية ما هو مشي.
رمقها بتردد قبل أن يستجمع شجاعته ويتحدث بحذر:
-خالتو طيب ما تفكري كويس في موضوع رجوعك من عمي أحمد اديه فرصة تانية.
آخذت نفس عميق وغمغمت بحزن دفين:
-هو إنتَ وياسين ليه فاكرين إن سهل عليا أسيب أحمد؟ لأ ده صعب أوي كمان أحمد حب عمري الراجل الوحيد إلي عيني فتحت عليه ولا عرفت ولا شوفت راجل قبله ولا هشوف ولا هعرف راجل بعض بس صعب عليا أرجع لأحمد مش هقدر أحمد مش هو الشخص الي عرفته وحبيته زمان حاسة إنه شخص غريب عني رغم إنه جه كتب كتاب ياسين وبين إنه خلاص استسلم للوضع ومتقبل جواز ياسين وصفاكمان لكن أنا مش شايفة ده في عنيه أنا شايفة رافض وخداع وعندي إحساس كمان إنه ممكن يفكر يبعد عن صفا وياسين تاني عن بعض وده شئ متأكدة منه أحمد مش الشخص المسالم إلي يرضي يتحط قدام الأمر الواقع لأ لأ أحمد غير كده خالص هو بيفكر في حاجة بس إيه هي معرفش هدوءه في حد ذاته ميطمنش بس المرة دي أنا إلي هقف في وشه وأمنع ده يحصل مش هسمح حياة أبني تدمر تاني.
❈-❈-❈
حديث خالته مع ما قالته نور جعل الشك يتأجج داخله أن زوج خالته هو من تسبب في الحادث بالفعل، لاحظت شرود أمير فنادته برفق:
-سرحت في إيه يا حبيبي ؟ كمل أكلك يا أمير أسفة يا حبيبي لو شغلتك عن الأكل بس كنت برد علي سؤالك يا حبيبي وأقولك مخاوفي.
تبسم بهدوء وعقب قائلاً:
-إنتِ تشغليني براحتك يا ست الكل أنا سرحت في كلامك وكلام نور.
جعدت ما بين حاجبيها واستفسرت :
-كلامي مع كلام نور هي نور قالت إيه ؟
حدق بها بتردد قبل أن يفجر قنبلته:
-أحم هي شاكة أن عمو ياسين هو إلي أتسبب في حادثة ياسين أنا الصراحة كنت شاكك في فريدة ووالدتها بس كلام نور وكلام حضرتك خلاني أشك إنه هو لسبب كمان إنه هو إلي كان عارف بموضوع كتب الكتاب بس بردوا ممكن تكون حادثة عادية ودي كلها افتراضات غلط مش عارف يا خالتو أنا بجد دماغي لفت وعملت ايرور.
رمقته سلوي بتفكير:
-أحمد ممكن يفكر فعلاً يفرق ياسين وصفا لكن الشئ إلي أنا واثقة منه ومتأكدة منه حب أحمد لياسين استحالة شوف استحالة مجرد تفكير في حاجة ممكن يعملها وتأذي ياسين فهمت يا حبيبي ممكن تبقي حادثة عادية أصلاً.
تنهد بشرود وقال:
-ممكن .
حثته على تناول الطعام بلطف:
-يلا يا حبيبي كمل أكلك الأكل هيبرد.
تبسم بحب وقال:
-تسلم إيدك يا ست الكل.
❈-❈-❈
كان يجلس علي مكتبه منهمًكا في متابعة الأوراق التي أمامه حتى قطع اندماجه فتح باقتحام مكتبه وصياح السكرتيرة بهذا الدخيل والذي لم يكن سوي "أحمد المحمدي".
أشار إلي السكرتيرة بالخروج، ونهض هو وهو يقوم بغلق أزرار حلته وتحدث بنبرة هادئة:
-أحمد باشا المحمدي بذات نفسه منورني هنا ؟ أهلًا بحضرتك منور.
مد يده يرحب به ولكن الأخير وضع يده في جيبه ببرود وتجاهل يد الآخر الممدودة:
-من غير ولا أهلًا ولا سهلًا شوف ليك حل في مراتك وبنتك ولمهم بعيد عن أبني لا إلا أقسم بربي أتصرف أنا معاهم بطريقتي .
تجهم وجه الآخر وتحدث بتلبك:
-مراتي وبنتي؟ مالهم مراتي وبنتي ؟ عملوا إيه لياسين مش كل واحد راح لحاله والموضوع خلص من الأساس أنا بنتي اتخطبت و هتتجوز خلاص وإنتَ عارف هتتجوز مين يعني مش أي جوازة من السلام عشان بنتي تفكر في إبنك أصلًا ولا ممكن تفكر تجري وراه زي ما إنتَ بتقول.
تهكم أحمد قائلًا :
-بجد ؟ لا والله ضحكتني يا صفوت أمال مراتك كانت جاية لأبني تعمل أيه إمبارح؟ أنا استكفيت المرة دي أرمي مراتك في الشارع المرة الجاي متزعلش بقي من رد فعلي لما أشيلك إنتَ شخصيًا من شكرتك والهيلامان إلي إنت فرحان به ده وإنت عارف كويس أوي إني أقدر أعملها فكر كويس وحط عقلك في رأسك تعرف خلاصك إنتَ مش قدي وعارف كويس أوي قلبتي بتبقي عاملة إزاي يلا سلام.
غادر أحمد بزوبعته كما دخل، بينما تهاوي الآخر علي مقعده واضعًا رأسه بين كفيه بإنكسار لقد أصبح كاي قوسين أو أدني من حافة الإنهيار وكل هذا يتلخص في شئ واحد هو من أوصله لذلك "غدير" يتساءل داخله كيف أحبها يومًا؟ كيف كان يسير خلفها كالأبله ويا أسفاه فقد أضاعته وأضاعت ابنتهم الوحيدة الشئ الوحيد الذي أهدته إياه في هذه الدنيا ولكن لا لن يسمح لها أن تتمادى في تدمير حياته من جديد حتي لو وصل بهم الأمر إلي الانفصال وإخراجها من حياته بلا رجعة.