-->

رواية جديدة ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » مكتملة لقوت القلوب - الفصل 26 - 2 - الأربعاء 1/1/2025

  

قراءة رواية ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية ظننتك قلبي

« لكن بعض الظن إثم »

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة قوت القلوب


الفصل السادس والعشرون

2

تم النشر يوم الأربعاء

1/1/2025

على الفور ملست "عهد" بكفها فوق شعرها الأسود ثم تحفزت بإغلاق سترتها تأهبًا لحماية هذا الرجل ..

رمقها "معتصم" بخفة بجانب عيناه آمرًا إياها ...

- إلبسي واقي الرصاص ...

بعناد ظاهر أجابته تلك المشاكسة ...

- ليه ، ملهوش داعي خالص ، إحنا نازلين وسط بيوت ، ومحدش يعرف معاد وصولنا ، إيه إللي حيحصل يعني !!!

إحتد "معتصم" آمرًا إياها بنبرة صارمة لا تحتمل النقاش ...

- ده أمر ، أنا قلت تلبسي الواقي يعني تلبسي الواقي ، ملهاش لزوم طريقتك المعارضة على كل حاجة دي ...

ثم نظر للمرآة موجهًا أمره لـ"حليم" أيضًا ...

- وإنت كمان يا "حليم" ، لازم نكون جاهزين لأي مفاجآت ...

أجابه "حليم" بإنصياع لتوجيهاته ..

- تمام يا قائد ، حلبسه ...

بتذمر شديد رفعت "عهد" سترتها الواقية من الرصاص لترتديها وتحكم إغلاقها بتحفز فقد أوشكت رحلتهم على التوقف بينما شعر "معتصم" بالتلذذ من مشاكستها التى يحبها ...


❈-❈-❈



بيت محفوظ الأسمر (شقة وعد ) ...

"لأجل عين تكرم مدينه" ، هكذا قيل فمن أراد عطائي أكرم أحبائي ، وليس هناك حبيب أكثر من هذا الصغير "زين" ، الذى جلس بسعادة تشق الإبتسامة وجهه الصغير ...

أشرقت شمس حياة هذا الصغير للتو ، فمجرد رؤية ضحكته شعرت "وعد" أن الدنيا بأمان ...

ضحكات متتابعة تضج البيت حياة وسعادة ، تلك الضحكات التى تتوقت لسماعها منذ أن دبت به الحياة ...

جلس "محب" يداعب هذا الصغير بألعاب ومزاح أخرج ضحكته التى نادرًا ما تسمعها ، لا تدري أتسعد لسعادة ولدها أم لهذا الوسيم الذى يليق به أن تثتثنيه عن الكل ...

ضحك "محب" وهو يتابع "وعد" بنظراته الولهه وهي تقترب منهم ليعتدل من جلسته المائلة إلى جوار "زين" ...

لم تكن تنتبه من قبل أن لـ"محب" طلة وسيمة للغاية حينما يضحك ، حتى أنها لم تتذكر متى رأت ضحكته من قبل ، لكنها متيقنة الآن أنه يزداد توهجًا حينما يبتسم ...

تلقائيًا إتسعت إبتسامتها وهي ترى سعادتهم وإهتمام "محب" بولدها الصغير ، سألته "وعد" بنعومتها التى لم يعتادها ...

- صباح الخير ، إنت صحيت بدري النهاردة صح ؟؟؟ إنت مش عوايدك تصحى بدري كدة !!!

نهض "محب" بمواجهتها ليسبل بنيتاه بخضراوتيتها الجذابتين ...

- مش قادر أنام وأقفل عيني عنك ، كأني مش هاين عليا أقضي وقت مشوفكيش فيه ...

ضحكت "وعد" بحالمية سلبت عقل هذا المحب ...

- ما بلاش الدلع ده !!! حتندم ...

رفع كفيها بيديه نحو شفتيه يقبلهما بهيام قائلًا ..

- عمري ، أنا لو أفضل كل إللي باقي من عمري أبص فى وشك بس ، كفاية عليا ...

لم تشأ أن تشكك بعشقه لها لتسأله متهربة ...

- طب حتنزل المعرض إمتى عشان أحضر لك الفطار ..؟؟؟

طال الوقت دون إجابة لترفع خضراوتيها تنظر إليه ، لن تُكذب تلك العيون العاشقة ، فهل أصبحت كأختها تشكك بكل شئ ، لم لا ترضخ لهذا العاشق دون تفكير ...

أجابها بنبرته الهادئة التى تلائمت تمامًا مع نعومتها ..

- أنا لا رايح ولا جاي ، أنا قاعد معاكِ هنا النهارده ، مش حسيبك ، هو إيه مش أنا عريس بقى ولا إيه ...؟!!!

أنهاها بغمزة ساحرة لتشعر بموجة عاصفة من السعادة فقد إختارها وقرر البقاء معها ، لم يبعد ويتهرب ، لم يصارخ ويسب ، أليس هذا هو الإختيار الصحيح ؟!!


غياب "محب" عن "عتاب" جعلها تنفعل مغتاظة من تجاهله لها لتُحدث نفسها بتوعد ..

- هو إيه أصله ده ، مش المفروض ينزل يقولي عمل معاها إيه ، ماشي يا "محب" وربنا ما أنا سايباك ...

رفعت "عتاب" هاتفها تدق بأخيها لتقطع تلك الوصلة الساحرة بين قلوبهم المحلقة ليتمتم "محب" بغضب مكتوم من غلاظة تلك المتطفلة الآن ...

- أيوة يا "عتاب" ، خير ؟؟!

أجابته بحدة لتجاهلها كل هذا الوقت ...

- جرى إيه يا أخويا ، إنت صدقت ولا إيه ، حتفضل قاعد جنب السنيورة ، ما تيجي عاوزاك ...

تطلع "محب" بوجه "وعد" الهادئ أثناء إستكماله محادثته مع "عتاب" ليردف بنفور رغم تطلعه بوجهها بنظرات حالمه ..

- حلي عن دماغي النهاردة يا "عتاب" ، أنا مش نازل ولا رايح في أى مكان ...

إبتسمت "وعد" ليشرق وجهها بحمرة متوهجة ليلاطفها "محب" بحركة ناعمة من أطراف أصابعه التى مررها على وجنتها الناعمة مستكملًا ...

- عايزة حاجة تانية ...

قضمت "عتاب" شفتيها بغيظ فعليها أن تفسد يومهم بأية طريقة لتردف بكذب ...

- ماما تعبانه ، مش حتيجي تشوفها وتشوف نجيب لها دكتور ولا إيه ، ولا حتسيب الحمل كله عليا أنا ؟!!

دارت عيناه للأعلى بسأم من أفعال "عتاب" التى لا تنتهي ليردف بإنصياع مجبرًا عليه ...

- تمام يا "عتاب" ، نازل لك أهو ...

وبدون حتى إنهاء للمكالمة أغلق الهاتف بوجهها مما أثار حنقها وغيظها ...

أكمل حديثه الهادئ لـ"وعد" بهيام ..

- عشر دقايق حنزل أشوف ماما وأرجع ألاقيكِ غيرتي هدومك إنتِ و "زين" حنتغدى بره النهاردة ...

أومأت "وعد" بسعادة لتتفهم مسؤوليته تجاه والدته ..

- براحتك ، شوف طنط "قسمت" الأول ...

ليؤكد على وعده لها ...

- أنا وعدتك أهو ، أنا حغير حياتك دي خالص ، يلا غيري هدومك وأنا حطمن عليها وأرجع على طول تكونوا جهزتوا ...

- حاضر ...

خرج "محب" متجهًا للدور السفلي ليطمئن على والدته بعدما أخبرته "عتاب" بأنها ليست على ما يرام ...

إنتهزت "وعد" تلك الفرصة لتدلف إلى المرحاض لتنعم بإستحمام هادئ بعد أن وضعت بعض الألعاب لـ"زين" حتى تنتهي من حمامها وتجهيز نفسها للخروج بعد قليل ...


❈-❈-❈


الإسكندرية ...

تلك المدينة الساحرة المكتظة بأهلها كانت هادئة تمامًا بهذا اليوم ، فالجميع يوم الجمعة ينعم بيوم عطلته المميز ...

هدوء تام عم المنطقة فيبدو أن العطلة وبرودة الأجواء بالأمس جعلت الجميع يفضلون الراحة ببيوتهم لهذا كان الشارع خاليًا إلا من قلة قليلة من المارة ..

صف "معتصم" سيارته ليخلع حزام الأمان بهدوء ، تبعته "عهد" برزانتها تتأكد من توقفه بالبداية قبل أن تترجل من السيارة ، لكن ذلك لم ينطبق على "حليم" فقد كان متحمسًا للغاية للعمل بهذه المهمة التي على ما يبدو أنها سهلة للغاية ...

- أنا نازل يا قائد ...

فور أن ترجل "حليم" من السيارة تحول "معتصم" ببصره تجاه خاطفة قلبه قائلًا ...

- لسه برضه عند كلامك ، لسه مش عاوزة تليني دماغك الناشفة دي وتعترفي باللي جواكِ ...؟؟؟

رفعت رقبتها بإستعلاء مجيبه إياه مصطنعة اللا مبالاة وملامح الجدية المرتسمة على ملامحها ..

- شكلك بتحب تضيع وقتك يا حضرة الضابط ... 

قالتها وهي تتابع تحرك "حليم" لمقدمة السيارة ، بينما رفع "معتصم" حاجبه يضم شفتاه الممتلئتان قائلًا بثقة أشبه بالغرور ...

- لما نشوف مين فينا نفسه أطول ، يا أنا ، يا أنا ...

قالها يستفزها بقدراته على تغييرها وكشف مشاعرها لتعقص أنفها ساخرة منه ...

- ده عند الست الوالدة ...

رمقها بعينيه البراقتين أرجفتها دون أن تظهر ذلك ليهتف بحدة ...

- "عهد" !!! 

إبتلعت ريقها تشيح بوجهها عنه ناظرة نحو "حليم" الذى وقف بإنتظارهم أمام السيارة ..

فتحت "عهد" باب السيارة لتسدل قدمها مترجلة منها لتفاجئ بدوى صوت إطلاق رصاص لا تعرف وجهته أرجفها بقوة وهي تري "حليم" يخر أرضًا مصطدمًا بالأرض ...

صدمت "عهد" من رؤيتها له ساكن دون حراك وبدأت الدماء تنساب من أسفله ..

وقفت للحظات مشدوهة بهذا المنظر المفاجئ فلا أحد يعلم بقدومهم فمن هذا الذى فاجئهم بإطلاق الرصاص ...؟!!!

كانت متماسكة لكنها مندهشة مصدومة للغاية ، فهو زميلها صغير السن الذى إلتحق مؤخرًا بالعمل معهم بالجهاز ..

أسرع "معتصم" بخفة ومهارة بالخروج مسرعًا من السيارة ملتفًا من خلفها ليسحب "عهد" المتيبسة ليحتموا بهيكل السيارة من طلقات الرصاص التى بدأت تنهال عليهم ...

لم يشعر بالتخوف مطلقًا من قبل على أحد لكنه حينما رأى "حليم" هوى بعد أن إستقرت به رصاصة ما توجه ببصره على الفور تجاه "عهد" الواقفة كهدف سهل للغاية لمن يتربص بهم ليدب الفزع بقلبه خارجًا من السيارة لا مبالي لسلامته فقط أراد حمايتها من تلك الضربات العشوائية ...

تواروا خلف السيارة يحتموا بها ليسحب "معتصم" سلاحه الناري من داخل السيارة متقدمًا بخطوة جاعلًا "عهد" خلفه يحميها من هذا الإستهداف الواضح لهم ...

كان عليه أيضًا جذب "حليم" من قدميه فهو لا يدري مدى إصابته فربما مازال على قيد الحياة ..

تقدم ببطء وقد عملت عيناه كجهاز رصد دقيق للمحيط من حوله يستكشف من أن يأتي الرصاص ...

وبالفعل إنتبه للجانب الأيسر الذى يطلق منه النيران ، أخفى رأسه متحدثًا بجهازه اللاسلكي يطلب فرقة الدعم على الفور ...

- من صقر إلى بدر الدعم بدون تأخير ، ضابط مصاب ، تأكيد ، ضابط مصاب ...

- عُلم يا فندم ..

لن ينتظر بقية فريق الدعم فعليه الوصول لـ"حليم" حتى لا تصيبه رصاصة أخرى ، مد بجذعه على مستوى منخفض ليسحب "حليم" من قدميه لتنطق "عهد" بفزع أخيرًا ..

- إنت بتعمل إيه ؟!! إنت مجنون !!! إنت كدة هدف سهل ..

نظر نحوها بسرعة خاطفة لتضئ عيناه ببريقهما المتقد معقبًا ..

- يمكن يكون لسه عايش ، مقدرش أسيبه ...

وبالفعل إستطاع سحبه للخلف لتصبح السيارة كدرع حامي لهم ...

زفر "معتصم" بقوة ليشعر ببعض الراحة حين وجد "حليم" مازال على قيد الحياة ...

- الحمد لله لسه عايش ، بس إصابته صعبة جدًا ...

دنت "عهد" تتفحص بعينيها إصابة "حليم"...

- لازم الإسعاف تيجي فورًا ...

زاغت عينا "معتصم" هنا وهناك فوجودها هنا ليس بالأمان مطلقًا ، ولن يجازف ببقائها هنا وتعريض حياتها للخطر ...

- "عهد" ، إتحركي ناحية العمارة إللي هناك دي بسرعة ، وأنا حغطيكِ ...

ضيقت عيناها بدون فهم ، هل يطلب منها التحرك من دونه ..

- لأ طبعًا ، مش حتحرك ...

بأمر مباشر و حِدة لاحت بنبرته يصعب عليها معارضته بها ..

- مش وقت معاكسة ، لو فضلتي هنا حيجرى لك حاجة ، لازم تروحي هناك ، العمارة من جوه أمان أكتر ...

إهتزت نفسها لإيثاره لسلامتها على حساب نفسه لتتسائل بتوجس ...

- وإنت ؟؟!!

أتلك نظرات عاشقة لاحت بسوداوتيه ، هل هذا خوف على سلامتها ، هل بالفعل سيضحي بسلامته لأجلها ، وقفت "عهد" تنتظر إجابته بنفس قلقة حين أجابها مجبرًا إياها على التحرك فلا وقت للتقاعس ...

- أنا ححمي ظهرك ، إتحركي ، بسرعة مفيش وقت ، ومهما حصل متقفيش أبدًا ...

تهدج تنفسها خوفًا من أن يصيبه مكروه أثناء حمايته لها ، رفع سلاحه بدقة موجهًا ظهره نحوها يتحرك معها خطوة بخطوة وهو يشهر سلاحه الذي يصوبه بإتجاه مصدر إطلاق الرصاص لحمايتها ، بينما تحركت "عهد" بخطوات سريعة نحو أحد مداخل البنايات وهي تغطي رأسها الذى تنحني بجذعها لحمايته ...

كادت "عهد" أن تصل لمدخل البناية وهو يلحق بها لكن أصوات طلقات متعددة من الرصاص جعلتها تلتفت نحوه حين سمعته يتأوه بألم مكتوم ...

- اه ...

إتسعت عسليتاها بفزع حين وجدت "معتصم" قد سقط أرضًا مصابًا بطلق ناري سالت له الدماء ليرفع سلاحه مستكملًا التصدي لهؤلاء المجرمين رغم إصابته ..

- إدخلي بسرعة يا "عهد" ، بسرعـــــــــــــة ..

لن تتركه يصارع الموت من أجلها وتبقى هي متفرجة دون المحاولة لإنقاذه ...

بعض الأوقات نفاجئ بما نحمله من قوة كامنة ، قوة الخوف هي أعلى القوى قدرة على التأثير بوقت الشدائد تُخرج قوانا الكامنة لتظهر بقدرة فائقة لم نتخيل إمتلاكها ...

فبرغم قوته وتفوقه حجمًا و ثقلًا إلا أنها إستطاعت سحبه لأحد الحدائق المشابهة للغابات للإختفاء عن هذا المترصد لهم ...

بتلك اللحظات وصلت قوة الدعم لتنتشر بمحيط البنايات تبحث عن مطلقي النيران والقبض عليهم ونقل "حليم" لإحدى سيارات الإسعاف والتحرك مباشرة نحو المستشفى ...

بعد أن لاحظت "عهد" إستكانة الأصوات وهدوء حذر أحاط بهم ، نظرت نحو "معتصم" الملقى أرضًا إلى جوارها دون حراك وقد تغطي جسده ببقع الدماء المتناثرة لا تدري كم رصاصة أصابته ...

هتفت به بفزع ..

- "معتصم" ، "معتصــــــــــــم" رد عليا يا "معتصم" ...!!!

لكن الصمت كان إجابة لها والسكون مؤلم لقلبها تلك المرة ...


الصفحة التالية