-->

رواية جديدة أنا لست هي مكتملة لبسمة بدران - الفصل 25 - 1 - السبت 11/1/2025

  

 قراءة رواية أنا لست هي كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية أنا لست هي

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة بسمة بدران


الفصل الخامس والعشرون

1

تم النشر يوم السبت

11/1/2025



بسعادة كبيرة رحبت ندى بوالديها اللذين قاما بزيارتها لأول مرة بعد زواجها. 

استقبلتهم ندى في غرفة المعيشة وما هي إلا دقائق حتى انضم إليهم سالم الذي استيقظ من نومه للتو. 

هتفت ندى بسعادة حقيقية استشعرتها بعد وقت طويل قادته في مأساتها: "وأهو سالم صحى كمان يبقى نفطر كلنا مع بعض."


حاولت والدتها إيقافها مردفة بهدوء: "والله يا ندى أنتِ عارفة إن أبوكِ بيصحى يفطر بدري وأنا اتعودت على كده بس ممكن أجي أساعدك تحضري الفطار لكِ ولجوزك وأعمل قهوة أبوكِ."


أومأت ندى بالإيجاب ثم ذهبتا سويًا إلى المطبخ تاركتين زوجها ووالدها يتجاذبان أطراف الحديث.


أما في المطبخ فتساءلت والدتها بخفوت: "طمنيني يا ندى إيه الأخبار؟"


أجابتها ندى بكذب لم تلحظه والدتها: "كله تمام يا ماما ما تقلقيش اطمني."


تنهدت والدتها بارتياح بينما شعرت ندى بوخزة قوية في صـ درها وهي تتساءل في داخلها: "إلى متى ستنجح في إخفاء ما تشعر به عن الآخرين وخاصة والدتها الحبيبة؟"


ربما لأنها ما زالت تأمل في شفاء زوجها لذا عليها أن تصبر عليه ولا تفضح سره لأي أحد مهما كان حتى لو كان أحب الناس إليها.


❈-❈-❈


كانت تتحدث معه عبر الهاتف وهي تشعر بأنها أسعد امرأة على وجه الأرض.

 أيقنت حينها أن عوض الله أجمل بكثير مما كانت تتخيل.

 فقد تركها زوجها السابق في أكثر وقت كانت تحتاجه فيه بسبب أمر ليس بيدها لكن الله عوضها برجل مثالي مثل فريد المنصوري ذلك الرجل الوقور الذي رغم كبر سنه ما زال يحتفظ بوسامته وشبابه وكأن الأعوام لم تمضِ عليه. ناهيك عن معاملته الحسنة وكلامه المعسول الذي يخصها به وحدها.


أفاقت على صوته المرتفع وهو يقول: "إيه؟ بقالي ساعة باتكلم وأنتِ ما بترديش عليّ!"


تنحنحت بحرج ثم أجابت مغمغمة: "آسفة... كنت بتقول إيه؟"


اتسعت ابتسامته وهو يهتف بمزاح: "لأ ده أنتِ كنتِ سارحة بقى... أكيد سارحة فيَّ صح؟ 


"صح."


قالتها بعفوية جعلته يضحك بشدة لكنها شهقت بقوة عندما أدركت ما تفوهت به فهتفت بحدة طفيفة: "تصدق أنا غلطانة إني باتكلم معاك؟ يلا أنا هقوم دلوقتي عشان ورايا حاجات كتير أعملها سلم لي على ليان."


رد عليها سريعًا: "طب استني بس... قولي لي هتردوا عليّ إمتى؟ بقالي يومين لا حس ولا خبر!"


أجابته بهدوء: "أنا طلبت من حسن فرصة أفكر فعلى حسب بقى. أنا محتاجة وقتي وأفكر كويس."


هتف بصوت جاد: "نعم! تفكري؟ ده على أساس إنك ما قلتيش إنك موافقة من يومين اسمعي الرد يجي لي النهارده وإلا أنا هاتصل بأخوكي بنفسي وأقول له إنك موافقة ماشي يلا سلام عندي شغل كتير النهارده."


أغلقت الهاتف وهي تهتف بعدم تصديق: "المجنون قفل في وشي السكة! طيب... ماشي يا فريد أما وريتك ما أكونش أنا هيام نصار."


❈-❈-❈


جالسًا خلف مكتبه شعر رائف بقلق شديد لم يعرف مصدره.

 كان يحدق في الأوراق أمامه دون أن يركز حتى اقتحم صديقه رحيم المكتب كالعادة دون استئذان وهو يهتف بسعادة: " بكرة وبعده واللي بحبه هيوفي بوعده

 أخيرًا أختك هتيجي بكرة وهتجوز بقى! اشمعنى أنت يعني؟ حرام عليكم يا ناس! هتجوز على نفسي خلاص!"


أطلق رائف ضحكة عالية ثم هتف بعدم تصديق: "يخرب بيت فقرك يا ابني مش ناوي تعقل بقى؟"


رد رحيم بجدية ساخرة: "أعقل إيه بس أختك جابت لي الضغط مش عارف شهادات إيه وكلام فاضي إيه ده! وهي أصلًا هتتجوز وتقعد في البيت. يلا الحمد لله خدت الماجستير وبتقدير عالي كمان"


رفع رائف حاجبه هاتفًا بجدية مصطنعة:"مين قال لك إنها هتتجوز وتقعد في البيت؟ حتى قالت لي إنها بتفكر تعمل الدكتوراه وبعدها تتجوز!"


وقف رحيم فجأة يهتف بجنون: "نعم! بتقول إيه يا حبيبي؟ دكتوراه إيه وكلام فاضي إيه؟ وربنا أختك لو فكرت تعمل كده لأكون قاتـ لها ومنتـ حر عايز أتجوز يا ناس تعبت وربنا تعبت!"


انفجر رائف في ضحكات مرة أخرى ثم قال من وسط ضحكاته: "والله ضحكتني يا رحيم بس أنا حاسس إن في حاجة مش كويسة بتحصل ربنا يديمك في حياتي يا صاحبي اقعد بقى عشان نخلص الملف اللي شغالين عليه وأروح بسرعة وحشتني اوي."


أطلق رحيم صافرة رومانسية من فمه هاتفًا بسعادة: "الله يسهل له ربنا يزيدكم وبلاش إحنا"


هتف رائف بحدة مصطنعة: "الله يخرب بيت قرك أهو قرك ده اللي جايبنا ورا اقعد بقى بدل ما أسيب لك الشغل كله وأروح."


انصاع له رحيم على مضض وشرع الاثنان في إتمام عملهما بجدية. 

لكن قلب رائف ظل مقبوضًا وكأن هناك أمرًا سيئًا يقترب دون أن يدرك سببه.


❈-❈-❈


صـ رخة قوية شقت السكون صدرت عن ماجي التي كانت تشعر بألم شديد في بطنها. 

لم تمر سوى ثوانٍ حتى هرولت إليها كل من هيام ونهال.

 اقتربت منها هيام تسألها بلهفة: "إيه يا ماجي يا حبيبتي مالك؟ حاسة بإيه؟"


أجابتها ماجي ببكاء ممزوج بالألم: "بطني بتوجعني كتير يا هيام... حاسة إني رح موت من الوجع!"


ركضت هيام باتجاه غرفتها تبحث عن هاتفها والتقطته بسرعة لتتصل بشقيقها حسن. 


أجابها حسن على الفور: "إيه يا هيام؟"


ردت هيام بلهفة: "الحقنا يا حسن ماجي تعبانة جدًا ومش عارفين نعمل لها إيه!"


أغلق حسن الهاتف على الفور وركض للخارج مسرعًا وهو يهتف: "أنا لازم أرجع البيت حالًا يا ماجد ماجي تعبانة جدًا كمل أنت الشغل مكاني!"


بعد حوالي خمسة عشر دقيقة وصل حسن إلى المنزل ودون تردد حمل زوجته بعناية واتجه بها إلى المشفى ترافقه كل من نهال وهيام.


❈-❈-❈


فتحت عينيها ببطء شديد وسرعان ما تذكرت ما حدث معها قبل أن تسقط مغشية عليها.

 فاستقامت جالسة  تجول ببصرها في أنحاء الغرفة وقبل أن تستوعب أين هي انفتح الباب وطلت هي من خلفه تهتف بسخرية: "حمد الله على السلامة يا سيلا هانم ولا تحبي أقول يا ليلى؟"


اتسعت حدقتا ليلى بعدم تصديق مغمغمة: "سيلا؟! انتِ فِقتي؟ الحمد لله على سلامتك! أنا فين؟ وجبتيني هنا ليه؟ وليه ما رحتيش لحسن باشا؟ 

هو إيه اللي بيحصل بالظبط يا سيلا؟"


رسمت سيلا ابتسامة خبيثة على محياها ثم أغلقت الباب من خلفها ودنت منها تجلس بجوارها على طرف الفـ راش الذي تقبع عليه ليلى مجيبة إياها بسخرية: "إيه كل الأسئلة دي يا ليلى؟ عموماً على الرغم من إني ما بحبش الكلام الكتير بس أنا هجاوبك على أغلبية الأسئلة. 

فِقت إمتى؟ ده من مدة طويلة جداً أما بقى ما قلتش لحسن باشا ليه؟ فدي حاجة تخصني لوحدي وبخصوص أني جبتك هنا هقول لك بصراحة..."


صمتت قليلاً ثم تحولت عيناها إلى حمم بركانية وهي تستطرد حديثها ولكن بصوت حاد: "ما بحبش حد ياخد مكاني! وانتِ اتعديتِ حدودك اوي مش بس أخدتِ مكاني في البيت وفي قلب ماما وبابا لأ وكمان أخدتِ مني رائف ودي الحاجة الوحيدة اللي عمري ما هسامحك عليها!"


شعرت ليلى بالخوف الشديد من حديث تلك الأفعى التي تقبع أمامها فلم تجد سبيلاً سوى أن تتحدث بمهاودة فعينا سيلا لا تبشران بالخير أبداً لذا تمتمت بخفوت: "أنا ماليش ذنب في اللي حصل ده يا سيلا حسن نصار هو اللي جابني وطلب مني أكون مكانك عشان خاطر مامتك وباباكي كانوا متأثرين جداً بغيابك أكيد مش قصدنا إن إحنا ناخد مكانك  والحمد لله إنك فقتي. ارجعي وقولي إنك بقيتِ كويسة وكل حاجة ترجع لطبيعتها زي ما كانت وأحسن."


قهقهت سيلا بلامبالاة هاتفة وهي تضغط على أسنانها بغضب: "لا والله تصدقي ضحكتيني عادي كده يعني كل حاجة ترجع زي ما كانت طب ورائف اللي انتِ اتجوزتيه؟ ويا ترى بقى اتجوزتيه على إنك سيلا ولا ليلى؟ ولما حصلت علاقة بينكم كان بيتعامل معاك على إنك سيلا ولا ليلى يا محترمة!"


أجابتها ليلى باندفاع: "لا والله ما فيش حاجة حصلت بيني وبينه بس هو اتجوزني على إني ليلى. رائف عارف كل حاجة يا سيلا!"


وقعت كلمات ليلى على أذن سيلا كالصاعقة وأيقنت بأن رائف قد ضاع منها للأبد فتزايد الحقد بداخلها على تلك المسكينة التي تتطلع إليها بخوف ممزوج بالترقب.

 ألقت عليها نظرة كارهة ممزوجة بالتوعد ثم دلفت للخارج تطوي الأرض تحت قدميها من شدة الغضب تاركة الأخرى خلفها تشيعها بنظرات مرتبكة.

الصفحة التالية