رواية جديدة أنا لست هي مكتملة لبسمة بدران - الفصل 27 - 1 - الأحد 26/1/2025
قراءة رواية أنا لست هي كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية أنا لست هي
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة بسمة بدران
الفصل السابع والعشرون
1
تم النشر يوم الأحد
26/1/2025
في صباح اليوم التالي اجتمعوا حول مائدة الإفطار يتناولون طعامهم في صمت فكل واحد منهم يحمل الكثير بداخله.
كان الصمت سيد الموقف حتى قطعته سيلا وهي تتناول فطورها بقولها بنبرة هادئة: "نعم؟ مالكم يا جماعة؟ ليه ساكتين كده؟"
أجابتها والدتها بسعادة وهي تربط فوق كتفيها: "قولي انتِ حبيبتي شكلك جعانة اوي."
ردت سيلا بابتسامة مرحة: "اوي يا مامي نفسي مفتوحة على الآخر."
قالت ذلك وهي ترمق رائف بنظرات غامضة مما جعله يتطلع إليها ببرود ونيران غضب تتأجج بداخله لو خرجت هذه النيران لاحتـ رق الأخضر واليابس فما زال صوت حديثها مع وليد ذلك الحقـ ير يتردد في رأسه وكأن العالم ينهار فوقه.
حبيبته عند ذلك الو غد؟!
لكن رائف قرر كتمان غضبه وعدم التحدث حتى يطمئن على ليلى.
عاد أدراجه إلى الفـ راش قبل أن تنتبه إليه سيلا
عضّ شفـ ته السفلى بقوة محاولًا كبح مشاعره ثم رسم ابتسامة صغيرة على وجهه ونظر إليها نظرة هادئة مما جعلها تشعر بسعادة لا مثيل لها.
أما عن حسن نصار فقد كان يضع الطعام أمام زوجته الجميلة ويهمس لها بكلمات هادئة في أذنها
بينما ماجد كان يراقب ابنته وهو على يقين بأن زوجته كانت على حق.
الطريقة التي تأكل بها سيلا الآن لا تمت لسلوكها السابق بصلة.
في هذه اللحظة أيقن ماجد أن التي تجلس أمامهم هي سيلا الحقيقية ابنتهما لكن ماذا عن الأخرى؟ أين ذهبت؟ وما الذي حدث؟
أسئلة كثيرة كانت تراود عقل ماجد بلا هوادة لكنها كانت أسئلة بلا إجابة.
استفاق من شروده على صوت شقيقه الذي وقف فجأة وهتف بجدية: "لو شبعت يا ماجد يلا بينا عندنا ميتنج مهم دلوقتي."
نظر ماجد إلى ابنه الشارد ثم قال: "وأنت كمان لو خلصت يلا بينا."
أومأ رائف دون أن يتفوه ببنت شفة
بينما تناول ماجد بعض المحارم مسح فمه ونهض واقفًا ليتبعه للخارج.
أما رائف فقد كان داخله غضب مكبوت تجاه سيلا الجالسة أمامه تلك المحـ تالة التي ترمقه بنظرات هيام وكأنها عاشقة وليست الخـ ائنة التي طعـ نت قلبه دون رحمة.
قبض على يده بقوة ثم وقف فجأة ودنا منها ليطبع قبـ لة على حجابها.
اندفع للخارج قبل أن يفقد أعصابه تاركًا سيلا جالسة تنظر أمامها بابتسامة نصر واثقة.
❈-❈-❈
أمام الموقد وقفت شاردة الذهن تسترجع حديثها معه بالأمس وموافقتها السريعة على البقاء معه رغم عيبه الكبير.
كانت حزينة لكنها تحبه كثيرًا وكأي فتاة كانت تحلم بأن تصبح أمًا وتعيش السعادة مع من تحب.
لكنها سرعان ما نهرت ذاتها: "ربما هذا قدري... وهذه مشيئة الله عز وجل وعليّ أن أرضى وأصبر."
ابتسمت بسعادة وهمية عندما شعرت به يقف خلفها يهتف بحنو: "تحبي أساعدك بحاجة يا حبيبتي؟"
استدارت له تبادله الابتسام قائلة: "أنا خلصت خلاص خذ بس الأطباق دي وحطها على السفرة."
أومأ بالموافقة وشرع في تنفيذ ما طلبته وهو يحمد الله في نفسه لأنه رزقه امرأة كـ"ندى" تربت على الأصول والواجب. فكّر بامتنان: "لو كانت فتاة غيرها لكانت فضحت أمري أمام عائلتها وعائلتي."
لقد كان اختياره صائبًا بلا شك ولذلك تعهد لنفسه أن يجعلها سعيدة وينفذ كل ما تحتاجه مهما كلفه الأمر
لكنه كان غافلًا عن الحزن الذي يعتريها رغم الابتسامة التي ترتسم على وجهها.
❈-❈-❈
وعلى الجانب الآخر كانت نرجس تجلس في غرفتها وأفكار شيطانية تترسخ في ذهنها تتمحور حول كيفية جعل أملاك زوجها ملكًا لها بالكامل.
كانت هذه خطتها منذ أن وطأت قدماها ذلك المنزل.
عانت نرجس كثيرًا في حياتها السابقة تجرعت ويلات الفقر والذل والمهانة.
لذا قررت أن تستخدم جمالها ودلالها سلا حًا لتجعل مختار متيمًا بها.
وها هي الآن قد نجحت في ذلك لكن الجزء الأهم في خطتها لم يُنفذ بعد: الحصول على أملاك مختار بما فيها السوبر ماركت الخاص به والمنزل الذي تقطن فيه.
راحت تفكر مرارًا وتكرارًا في كيفية تنفيذ خطتها لكنها عجزت عن إيجاد الحل المثالي.
شعرت بالإحباط للحظات لكنها سرعان ما استجمعت أفكارها وقررت أن تستعين بأحد لمساعدتها في خطتها الخبيثة.
توجهت نحو خزانتها تبحث بين أوراقها وفي تلك اللحظة ارتسمت على شفتيها ابتسامة نصر خبيثة وكأنها وجدت المفتاح الذي سيفتح لها باب أطماعها.
❈-❈-❈
كانت ليان جالسة برفقة والدها يتناولان الفطور في صمت.
هي شاردة الذهن تفكر في تلك الرسائل المجهولة التي تأتيها باستمرار والسؤال الذي يسيطر عليها هو: من صاحب تلك الرسائل؟ وماذا يريد منها؟
فكرت مرارًا في أن تشرك والدها في الأمر لكنها تراجعت فهي تعلم أن والدها المعروف بصرامته قد يتصرف بشكل حاد وربما يأخذ الأمر إلى الشرطة. لكنها في أعماقها كانت ترغب في معرفة هوية ذلك الرجل بنفسها فقد أثارت الرسائل فضولها.
ابتسمت بعذوبة وهي تتذكر رسالته بالأمس: "إيه اللي إنتِ لابساه ده يا هانم؟ طالعة لي في البلكونة بالهوت شورت؟ ادخلي استري نفسك وبلاش مرقعة وقلة أدب."
استفاقت من شرودها على صوت والدها المتعجب: "بتضحكي على إيه كده يا ليان؟ لا وسرحانة في إيه يا بنتي؟ مالك؟"
أجابته بسرعة محاولة إخفاء توترها: "لا لا مفيش حاجة يا بابي... أصلها حاجة كده خاصة بواحدة صاحبتي."
وقبل أن يتمكن والدها من سؤالها المزيد هبت واقفة عندما أضاء هاتفها الذي كان بجوارها على الطاولة التقطته بسرعة وقالت: "دي رسالة من واحدة صاحبتي... أنا شبعت يا بابي بألف هنا وشفا."
ركضت إلى غرفتها بسرعة تاركة والدها يتابعها بدهشة.
قال لنفسه بقلق: "يا ترى إيه اللي بيحصل معاكِ يا ليان؟ وإيه المصيبة اللي إنتِ عاملاها المرة دي؟"
ازدادت عينيه حدة عندما تذكر افتراءها عليه سابقًا هتف بتوعد: "والله لو تعملي حاجة زي اللي عملتيها قبل كده مش هسامحك عليها أبدًا."
❈-❈-❈
استفاقت ليلى من نومها القلق وتآوهت بقوة.
قضت ليلتها تفترش الأرض الصلبة وداخلها مليء بالخوف والحزن من القادم.
ناهيك عن الغيرة التي كانت تمـ زق أحشاءها إذ كان وجود تلك "الأفعى" مع حبيبها كفيلًا بأن يحـ رقها حيّة.
نزلت دموعها في صمت وكأنها رفيقة دربها التي لا تفارقها أبدًا.
رفعت كفيها إلى السماء وتضرعت قائلة: "يا رب خليك معايا وما تخذلني أبدًا أنا استحملت كتير يا رب ودائمًا عندي أمل وثقة إنك عمرك ما هتخذلني أتوسل إليك يا رب خليك معايا واحفظ لي رائف."
كانت دموعها تتسابق على وجنتيها غافلة عن وليد الذي كان يقف بالخارج يستمع إلى كل كلمة تقولها.
بداخله كان الحقد يشتعل وكأن كل كلمة قالتها كانت تعمق الجرح في قلب لو خرج لكان سيدمر كل شيء.
تساءل في نفسه: "لماذا كل هؤلاء يعشقون رائف نصار ويركضون خلفه؟ ما الذي يجعله مميزًا إلى هذه الدرجة ليفوز بكل هذا الحب من الفتيات؟ ناهيك عن الاحترام والتقدير الذي يحظى به من الجميع."
ثم اقتحم الغرفة فجأة ودنا منها جذبها بعـ نف من فوق الأرضية لتقف قبالته وراح يهزها بعنف وهو يصرخ بجنون: "رائف نصار ده تنسيه! ما تفكريش فيه خالص! لأنك عمرك ما هترجعي له أنا قررت إنك حتبقي معايا على طول يا ليلى فاهمة؟ مش هفرط فيكِ أبدًا!"
قالها بنبرة مجنونة جعلت ليلى ترتعد وترتجف من رأسها حتى أخمص قدميها.
كانت كل خلية في جـ سدها تشعر أن القادم لا يبشر بالخير أبدًا.
❈-❈-❈
كان رحيم يدندن بكلمات أغنيته المفضلة "بكره وبعده بكره وبعده واللي بحبه هيوفي بوعده" وهو يدخل مكتب صديقه رائف كعادته.
رفع حاجبيه بدهشة عندما لاحظ عدم وجود أي رد فعل من رائف فدنا منه متسائلًا: "رائف مالك؟ في إيه؟"
تطلع رائف إليه مطولًا ولم يعقب.
مما جعل رحيم يقرر الجلوس في المقعد المقابل لمكتبه ثم عاد يسأله مرة أخرى: "مالك؟ في حاجة؟"
تنهد رائف بقوة وكأن هناك عبئًا ثقيلًا على قلبه ثم حسم أمره وقرر أن يشارك صديقه بما يحدث له لعلّه يجد حلاً لتلك المعضلة.
بدأ يقص عليه ما حدث معه
وكان رحيم يستمع إليه باهتمام.
وكلما توغل رائف في حديثه كانت دهشة رحيم تزداد وعينيه تكاد لا تصدق ما يسمع.
ما كان يدور في ذهن رحيم أن المدعوة سيلا قد تمادت كثيرًا وتعدت كل الخطوط الحمراء.
عندما انتهى رائف من حديثه هتف رحيم بغضب: "وازاي تسكت وانت إيه عرفك ليلى بتمر بايه دلوقتي وهي عند الكـ لب اللي اسمه وليد؟"
أجاب رائف بغضب مماثل: "كنت عايزني أعمل إيه يعني يا رحيم؟ أضربها كم قلم وأقول لها قولي على مكان ليلى
صدقني مش ده الحل لأن الحل ده ممكن يئذيها لكن طول ما سيلا فاهمة إني ما أعرفش حاجة هتتصرف براحتها وهنعرف مكان ليلى بسهولة.
أنا حبيت أحكي لك عشان تقول لي أعمل إيه أو أبدأ منين اللي بيحصل لي ده كتير اوي يا رحيم ليلى البني آدمه الوحيدة اللي بحبها بعيد عني دلوقتي ومش عارف إيه اللي بيحصل معاها."
قالها بحزن شديد استشفه رحيم على الفور فصمت قليلًا يفكر مليًّا ثم هتف بجديّة: "بص يا صاحبي ما قدامكش غير حل واحد بس."
تطلع رائف إليه باهتمام فاستطرد رحيم: "هقول لك بس ركز معايا كويس اوي عشان الموضوع كله متوقف عليك إنت وطبعًا مش محتاج أقول لك إنك لو احتجتني في أي حاجة هتلاقيني في ضهرك."