رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 20 - 3 - السبت 11/1/2025
قراءة رواية بحر ثائر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بحر ثائر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة آية العربي
الفصل العشرون
3
تم النشر السبت
11/1/2025
بعد عدة أيام
قضتها ديما بين المنزل والمكتب والحديقة التي اتخذتها وسيلة ترفيه وجلسة قراءة لها .
قرأت الكثير وجمعت الكثير من البراهين التي ستستعملها في مناظرتها أمامه .
استشفت القليل عن شخصيته ، يحب الانضباط في العمل والمواعيد ، لا يعرف للمرح سبيلًا ، دائم العبوس كأنه يخفي ماضٍ حزينًا مثلًا !
ضحكت عاليًا على نفسها فهي تخفي ماضٍ حزينًا ولكنها ليست عابسة بل على العكس الابتسامة لا تفارق محيّاها حتى أنها باتت توزعها عمن هم يؤيدونه في أفكاره فباتوا يتقبلونها نوعًا ما بعدما كانت تشعر بينهم بالغربة .
جلست خلف مكتبها تعدّل أواخر قصتها كي تسلمها له حتى يتم نشرها ومن ثم تبدأ المناظرات بينهما .
انتهت وأرسلتها عبر بريده ثم زفرت بقوة وفردت ظهرها على المقعد تتلوى بملامح منكمشة حيث تصلب ظهرها وآلمها مجددًا .
نهضت تخطو نحو النافذة المطلة على المكتب الخارجي وتلاحظ حركة المحررين من حولها لتجد صبيًا يدلف المكتب مرحبًا بالجميع فيبدو أنه يعرفهم حيث أنهم يبادلونه بحبور .
قطبت جبينها حينما وجدته يتجه نحو مكتب ثائر لتردد على لسانها بخفوت :
- ابنه ؟
هو لم يظهر ابنه على المواقع قط ولكنها تعلم أن لديه طفل من طليقته لذا أدركت أنه بالفعل ابنه ليسحبها رنين هاتفها من تتبعه لذا عادت لمكتبها تستل هاتفها قبل أن تبتسم وتفتح الخط مجيبة على صديقتها ليان :
- لينو ، وحشتيني يا بنت .
أجابتها ليان بحبور :
- وانا ولهت عليج وايد .
ابتسمت ديما وجلست على مقعدها لتسألها ليان بترقب :
- ارمسي يالا عن هالريال الغامض ، رفيجاتي كلهم يقولون يا بختج يا ديما .
تعجبت ديما من حوارها ونطقت باستنكار :
- يا سلام ؟ مش للدرجادي يعني ، هو الغموض أصلًا صفة مش حلوة ، مافيش أحسن من الإنسان الواضح .
أومأت ليان تؤيدها الرأي وتجيبها :
- هيه صح ، لكن بالرغم من شِذي خاقين عليه .
أتبعت جملتها بضحكة عالية جعلت ديما تهز رأسها بقلة حيلة وتشاركها الضحك ثم بدأت تتحدث معها عن عملها قليلًا والأخرى تحاول معرفة أي شيءٍ عن ثائر تخبره لصديقاتها الأخريات .
❈-❈-❈
وصل منذ ساعة إلى مقر القناة هو وزينة التي ألزمته باصطحابها .
جلس معهما المعد يوضح لهما كيف سيجري اللقاء الذي سيبدأ بعد قليل .
تركهما بمفردهما فلكزته في ذراعه تردف بتحذير :
- كمال ركز كويس في اللي هتقوله ، أديك شوفت الهانم طلعولها في كتابها بلاوي إزاي ، أوعى تقول حاجة كدة ولا كدة .
أومأ يؤيد حديثها ولكنه يجهز كلماتٍ لن تروق لها ، من المؤكد سيحدث عاصفة لا يعلم هل سيخرج منها سليمًا أو لا ولكنه ينظر لهدفٍ أبعد الآن لذا لا تهمه العواقب .
ناداهما المعد فتحركا سويًا نحو الاستوديو وجلسا على أريكة ينتظران وصول المذيعة التي أتت بعد قليل ترحب بهما وجلست أمامهما بانتشاء حيث ستحصل على حلقة فريدة من نوعها، وها هو يبدأ البث .
ألقت مقدمتها ورحبت بهما وعرفتهما للمشاهدين ثم نظرت إلى كمال وسألته بمهنية :
- أستاذ كمال أكيد إنت ليك رأي في كل اللي بيحصل حاليًا على السوشيال ميديا خصوصًا إنك طليق الأستاذة ديما الصابر ، ممكن تشرحلنا أكتر عن حياتك معاها كان شكلها إيه؟ وتوضح للناس أكتر عن شخصيتها ؟
شبك كفيه ونفش كتفيه ينظر إلى الكاميرا بعمق ويردف :
- هو أنا بصراحة لحد دلوقتي مش عارف الشوشرة اللي حصلت معاها دي كلها ليه ؟ وبعدين دي مهما كان أم أولادي وجمعنا مع بعض أكتر من تمن سنين ، شوفت منها خير أو شر ده مايهمش حد ، هي ست محترمة وليها مني كل التقدير وبعدين يكفي إنها شالت أمي في تعبها .
اشتعلت نيران سعرة في قلب زينة وباغتته بنظرة مصدومة وانزعجت المذيعة منه حيث أنها لم تكن تريد سماع هذا بل تمنت لو تثير الجدل بهذا اللقاء لذا نطقت بغيظ مكبوت :
- طب لما هي كويسة كدة وزي ما بتقول شالت والدتك ليه اتطلقتوا ؟ أو بمعنى أصح ليه خلعتك ؟
نطقت زينة باندفاع وغضب تقطر من نبرتها بعدما صدمها دفاعه عنها :
- لإنه اتجوزني يا أستاذة ، أصلها ماكنتش بتديه حقوقه ، ماتتكلم يا كمال ؟!
التفت يطالعها بنظرات حادة ويردف بهيمنة ظاهرية :
- اسكتي يا زينة .
التفت نحو المذيعة يسترسل بذكاء :
- يا هانم لو جايبيني هنا وعايزيني أغلط في أم أولادي مش هيحصل ، أنا واحد بتقي الله وكان بينا أيام حلوة لازم اقدرها ، وبالنسبة للخلع هي عملت كدة لإني كنت رافض أطلقها بعد ما اتجوزت وأظن ده حقي ، غير كدة ماعنديش كلام أقوله .
تجهمت ملامح المذيعة والتفتت نحو زينة ربما هي التي ستعطيها ما تريد لذا نطقت :
- طيب حضراتكوا وافقتوا على اللقاء ليه ؟ مش إنتِ بلغتيني إنك عندك كلام كتير تقوليه ؟
التفتت زينة تنظر إلى كمال الذي يحذرها بعينيه ألا تخطىء ، لقد كانت تحذره قبل أن يدلفا والآن تبدلت الأدوار ولكنها تشعر بالنيران تلتهمها مما قاله عن تلك الديما ، خاصةً لو أنها سمعت كلامه عنها لذا عادت تلتفت وتقابل المذيعة قائلة بغضبٍ مكبوت وتوعد سافر :
- ماعنديش كلام بعد كلام جوزي يا أستاذة .
ابتسم بتباهٍ واستراح في جلسته أكثر لتضطر المذيعة للخروج إلى فاصل كي تنهي اللقاء معهما وتحاول إصلاح الأمر وربما هذا اللقاء لم يكن مثمرًا كما ظنت ولكنه سيحدث ضجة بكل تأكيد .
❈-❈-❈
لم تلاحظ الرسالة التي أرسلها لها يطلب حضورها إلا بعدما أغلقت مع صديقتها لذا توترت حيث أنه طلبها منذ عشر دقائق ولم تنتبه .
خطت تغادر مكتبها واتجهت إلى مكتبه ثم طرقت الباب ولفت المقبض لتدلف وما إن خطت قدميها في الداخل حتى وجدتهما يقفان في مواجهة بعضهما تدور بينهما جولة ملاكمة عفوية .
لاحظها ثائر ولكنه استمر في تدريب ابنه الذي يتوغله الحماس لذلك وقفت تتكتف وتشاهدهما بتركيز وإعجاب وشردت في طفليها اللذان حرما من حنان الأب وحمايته لذا التمعت عينيها فورًا وتنفست بعمق ليطرأ على عقلها داغر الذي كان ومازال نعم الخال لهما بل أنه حل محل الأب لذا لا يحق لها أن تحزن .
ابتسمت تزامنًا مع لمعة عينيها فباتت رائعة وحينما لكم معاذ والده لكمة في معدته رفعت كفيها تصفق له وتشجعه فالتفت الصغير يطالعها بتعجب فنطقت بالفرنسية تبتسم له :
- Bravo
التفت معاذ يطالعها بجبين مقطب فبادله والده بلكمة مفاجأة يردف :
- ركز على هدفك وإلا خسرت .
ابتسم صغيره وأومأ فابتعد ثائر يعود لمكتبه ويطالعها متسائلًا بلغته الأم تحت أنظار ابنه المندهشة :
- بعتلك من عشر دقايق ، اتأخرتي ليه ؟
تتبعت الصغير بعينيها ثم أجابته بهدوء :
- أسفة كان معايا مكالمة وماشفتش الرسالة ، ده ابنك ؟
تساءلت بابتسامة أرسلتها لمعاذ الذي وقف يطالعها بتعجب حيث أنها تتحدث مثل أبيه لذا أشار نحوها بيده ونطق بتعثر لفظي وهو ينظر لوالده باندهاش :
- مصرية ؟
اومأ له ثائر بابتسامة هادئة وأجاب ديما التي هزت رأسها للصغير :
- أيوة معاذ ابني .
ثم نظر إلى معاذ وتحدث بالفرنسية الأسهل إليه :
- هذه أستاذة ديما يا معاذ ، تعمل معنا منذ فترة قصيرة وهي من مصر ، هيا رحب بها .
اتجه الصغير يبادلها السلام بترحاب فرحبت به بحبور وعاطفة جعلتها تعانقه لا إراديًا تحت نظرات ثائر واندهاش الصغير المتسمر الذي ابتعد يطالعها بعمق ثم ابتسم والتفت لوالده يتساءل بترقب :
- دعنا نأخذها معنا في جولة ملاكمة يا أبي ! إنها لطيفة .
ابتسمت ديما تجيبه بالفرنسية وتنحني بنبل :
- شكرًا لك معاذ ، أنت أيضًا لطيف ووسيم جدًا .
- يشبه والده .
نطقها ثائر بجدية محاطة بالخبث وهو يتلاعب بقلمه المرتكز على المكتب وأبعد عينيه عنها حينما اعتدلت تطالعه باستكشاف حيث أنها ترى جزءًا جديدًا منه لذا تنفست بعمق وتساءلت :
- حضرتك كنت عايزني في إيه ؟
عبث بحاسوبه واتجه معاذ يجلس أمامه ، يتفحص شيئًا ما وهي تقف تطالعه بدقة وتنتظر حديثه لذا نطق بعدما سلط مقلتيه في حدقتيها :
- إيه رأيك لو نغير اسم القصة ؟
قطبت جبينها تتساءل وتجيب بقناعة :
- ليه ؟ بالعكس أنا حابة الاسم جدًا .
أجابها بثبات ونبرة رصينة ذات مغزى :
- لنسميه امرأة السلام .
تعجبت تجيبه وهي تفرك كفيها توترًا من نظراته التي تجردها :
- بس ده لقبي ؟
- ودي قصتك ومن وجهة نظري إن الاسم لازم يكون قوي وفيه تحدي زي القصة .
أجابها بمغزى جعلها تتحرر من نظراته وتنظر إلى معاذ الذي انشغل بهاتفه لذا تنفست بعمق ثم عادت إليه تردف ببعض الضيق من تسلطه :
- أنا مش حابة أغير اسمها وشيفاه مناسب جدًا ، لو حضرتك مش حابب الاسم يبقى بلاش ننشر القصة أصلًا ، ممكن ارجع مكتبي !
حصل على ما يريده وهو إصرارها على ما تريده لذا أومأ لها دون حديث فعادت تنظر إلى معاذ وتحدثه بالفرنسية :
- أراك قريبًا معاذ .
لوحت له بيدها وفعل مثلها يبتسم لها وهي تغادر المكتب تحت أنظاره .
❈-❈-❈
ليلاً جلست على أريكتها تتحدث مع والدتها مكالمة مرئية والأخرى تخبرها عن أحداث اليوم .
ابتسمت ديما وتساءلت بحنين ولهفة :
- والولاد اتعشوا قبل ما يناموا يا ماما ؟ أصلهم ناموا بدري النهاردة .
أردفت منال مطمئنة :
- الولاد زي الفل ماتشليش همهم ، هما ناموا بدري علشان مش ناموا بعد الغدا .
أومأت بتفهم وتساءلت بترقب :
- ودينا فين يا ماما ؟
انزعجت ملامح منال تشير برأسها نحو غرفة ابنتها قائلة :
- جوة في أوضتها .
- لسة مش بتتكلموا ؟
أومأت منال وأردفت بحزن :
- ومش هكلمها علشان تزعل أخوها وتكسر خاطره لأنه خايف عليها وعلى مصلحتها ، ولما جيت أكلمها طلعت فيا ، عمرين على عمرك يا ديما .
تنفست بعمق وحاولت تهدأتها من ناحية شقيقتها توضح :
- يا ماما يا حبيبتي دينا عايزة تفاهم ، هي لسة مش مدركة الأمور صح ، داغر بردو بيدي ردود أفعال متسرعة وإحنا عارفين إنها بتحب نكبرها وناخد برأيها ، ومسألة شغلها بعيدة عن موضوع الارتباط ده مكانش لازم يمنعها عنه .
تنهدت منال بعمق تفكر بتروٍ في كلمات ابنتها المنطقية لذا استطردت :
- أخوكِ بيتصرف بدافع خوفه عليكوا وهي لازم تعرف ده ، واحد صيني إيه يا ديما اللي تتجوزه ؟ دا لا نعرف له أهل ولا أطباع يا بنتي ، ييجي ياخد بنتنا كدة ع الجاهز وعايزنا نرحب ؟
لا تعلم بماذا تجيب والدتها حيث أنها تراها محقة في كثير من الأمور لذا قررت منال تغيير دفة الحديث وليتها لم تفعل حيث نطقت بعفوية :
- شوفتي اللقاء اللي عمله كمال مع قناة *** ؟!
تبدلت ملامح ديما من السكون إلى الضيق وشعرت باختناق يقبض على صدرها لذا أردفت بخفوت :
- لا يا ماما ماشوفتش ومش هشوفو .
أدركت منال زلة لسانها لذا أسرعت تطيب خاطرها قائلة :
- حقك عليا يا حبيبتي ، مكانش لازم أقول بس يمكن لإني استغربت إن يطلع منه الكلام ده ، على العموم سيبك من كل ده وقوليلي عاملة إيه في شغلك ؟
حاولت بلع سيرته أو طردها لذا تنفست بعمق ثم أجابتها :
- الحمد لله يا ماما أموري كلها تمام ، يالا أنا هقفل دلوقتي علشان هنام والصبح هكلمكوا .
أغلقت مع والدتها سريعًا ومسحت على وجهها تستغفر ، سيرته تدب الخوف داخلها ، الخوف من العودة إلى مدينة ذكريات مشؤومة لا تنتمي إليها .
حتى التفكير في الماضي يخيفها لذا زفرت بقوة ثم قررت أن تنهض وتتوضأ وتصلي حتى تطمئن .
❈-❈-❈
على الجهة المقابلة تنفس بارتياح وخطا يحمل هاتفه وتسطح على فراشه ليشاهد اللقاء التلفزيوني للمدعو كمال .
تنبهت حواسه حينما بدأ كمال يتحدث ، بدأت عينيه وأذنيه يعملون بتركيز تام تحت سطوة عقله الواعي.
لقد فاجأه بذكائه حيث أنه توقع أن يخطئ ولكن يبدو أنه يبحث عن هدفٍ آخر ولأن الرجال يفهمون بعضهم استشف مكره بسهولة .
إنه يريد استقطابها مجددًا ، ندم ولم يعترف بندمه بل يتظاهر بالرجولة التي لا تشبهه لا من قريب ولا من بعيد .
كلماته كانت كقنبلة موقوتة في قلب ثائر ، يفكر بها ، يتذكرها ، تلك الحرباء التي تجاوره لم تكفه لينساها .
يدرك مميزاتها ويعلم أنها مختلفة ولكنه لا يريد لآخر إدراكها خاصة ذلك الحقير كما نعته داخله ، اتقدت مقلتيه بنظرة حينما قال كمال ( كان بينا أيام حلوة ) ولولا أنه تبعده عنه مسافة لا يمكنه تجاوزها الآن لكان عاقبه عقابًا محببًا إليه حيث أنه لن يفلح كزوجٍ بعده .
هذا النذل يريد أن يلفت أنظارها مجددًا بعد كل ما فعله بها ؟ يحن لها ولذكرياتها ؟
انتشله اتصال المحامي من توعده ووعيده لذا زفر بقوة وفتح يجيبه بنبرة باردة تنافي ثورته الداخلية :
- كويس إنك اتصلت .
ابتسم المحامي لعلمه به وأردف :
- بس للأسف ماعنديش أخبار حلوة .
أومأ يجيبه بثقل :
- عارف ، ماعرفتش تمسك عليه غلطة ، بس ده مؤقتًا، خلي عينك عليه ده المهم لإنه كدة كدة هيغلط .
أغلق الخط وألقى الهاتف جواره ثم تنفس بعمق يشبك كفيه خلف رأسه ويفكر ويبتسم بخبث ، إن لم يفلح المحامي في عقابه الليلة ستفلح تلك الحرباء التي كانت تشتعل بغيظٍ واضحٍ أمام عينيه ، يبدو أن كمال ليلته ستكون الأسوء على الإطلاق .
يتبع...
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة آية العربي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية