رواية جديدة جبل النار لرانيا الخولي - الفصل 32 - 1 - الجمعة 3/1/2025
قراءة رواية جبل النار كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية جبل النار
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة رانيا الخولي
الفصل الثاني والثلاثون
1
تم النشر الجمعة
3/1/2025
دلف داغر الغرفة وهو يحمل كوب اعشاب طبيعية لها فيجدها مستلقية على الفراش ويبدو عليها التعب
تقدم منها ليجلس على الفراش بجوارها يناولها الكوب ثم سألها باهتمام
_عاملة ايه دلوقت؟
تطلعت إليه بامتنان
_احسن الحمد لله.
اخذت منه الكوب وهي معترضه على دخوله المطبخ بظروفه وعمل ذلك المشروب لكن إن أخبرته سيشعر بعجزه وتحزنه لذا شكرته قائلة بامتنان
_متشكرة أوي.
بادلها الابتسام بوله
_لا شكر على واجب يا ستي، المهم اشربيه كله هيريحك.
اومأت له بابتسامة ثم تناولت المشروب ولم تنتبه لمراقبته لها من خلف النظارة
يشعر بقلق شديد عليها وخاصة منذ أن وجدها تتقيأ
فهي عارضة ليست طبيعية
كان يتطلع إليها وهي تتناول مشروبها
فلاحت بمخيلته ذكرى مشابهة لها وهما على اليخت، عندما مرضت منه بسبب إحدى تهوراته.
ابتسم رغمًا عنه مما جعلها تندهش وتسأله.
_بتبتسم ليه؟
رفع حاجبيه مستمتعاً بتجاوبها معه ورد قائلاً
_اصل الاعشاب دي كنت برفضها تمامًا بسبب ريحتها بس عمي كان بيصر عليا اشربها لما معدتي تعب من كتر الأدوية اللي اخدتها.
عشان كدة مستغرب انك قبلتيه عادي.
لاح الحزن بعينيها وهي تتمتم بآسى وكأنها تخاطب نفسها
_أنا عشت حياتي كلها معرفتش كلمة لأ ولا حتى اعترض على حاجة عشان كدة بكون اغلب الوقت مستسلمة لمصيري أيًا كان
تذكرت أخيها لذا سألته بعد تردد
_هي دي شقتك؟
اندهش من سؤالها لكنه جاوب
_اه شقتي عمي اجرها لما عملت الحادثة واستقرينا سنتين هنا.
تابعت اسألتها
_على كدة المنطقة هنا فيها عرب؟
أكد لها
_مصريين كمان، اغلب اللي هنا مصريين
اي مصري بييجي امريكا بيفضل أنه يسكن في مكان فيه عرب وده اللي عمي عمله.
اومأت له وقد تأكدت الآن من رؤيتها له
فتابع داغر
_انا بعت جيبت اكل جاهز لانك مأكلتيش حاجة النهاردة، هتاكلي هنا ولا على السفرة برة.
وضعت الكوب الفارغ على المنضدة وقالت برفض
_انا بقيت كويسة خلينا بره افضل.
نهضت رغم تعبها وقامت بتحضير الطعام ووضعته على السفرة
خرج داغر من الغرفة فيراها تضع الطعام على السفرة وتحضر طبقه
تقدم منها ليجلس على مقعده وقال بابتسامة
_متشكر.
اومأت له بابتسامة وجلست على مقعدها تنظر للطعام بشرود
لم تملك شهية للأكل لذا ظلت تتلاعب به وداغر يمنع نفسه بصعوبة من سؤالها عن عدم تناولها لطعامها.
أما هي فقد أخذها حنينها لطفلها كل تفكيرها
تريد ان تهاتفه اليوم لتطمئن عليه لكنها تعلم أن ذلك سيجعلها تشتاقه أكثر لذا عليها التحمل حتى يأذن الوقت.
رفعت عينيها لداغر ولأول مرة تشعر بغصة تهز قلبها لأجله
تعلم أن فعلتها تلك لن تمر عليه مرور الكرام
وستكون عواقبها جسيمة عليه
ورغم أن هذا ما سعت إليه إلا إنها لا تشعر بلذة انتصار بل يشعرها قلبها بأنها تخطأ بحقه
وكان ذلك سبباً للغصة التي تشعر بها
كان يتناول طعامه ولا يعرف شيء عمّ تدبره له
انتبهت لصوته وهو يقول
_انا حاسس إنك مبتكليش، لو الاكل مش عجبك اطلبلك غيره
ردت مسرعة
_لا حلو بس مليش نفس.
ازداد قلقه عليها لذا تحدث بكذب
_بس لازم تاكلي عشان احتمال اعمل العملية بكرة وعايزك تكوني جانبي.
قالها داغر كي يجعلها تستعد للمواجهة التي قرر ان يحسمها بأقرب وقت ربما تبادر هي بالحديث وتخبره سبب فعلتها
لكن ازدادت وتيرة دقاتها عندما علمت أن النهاية قد اوشكت ووقت الفراق قد حان.
هزت راسها له بصمت وتطلعت إلى طبقها تتناول الطعام بدون شهية
بوغت داغر عندما لاحظ تلك الدمعة التي سقطت من عينيها وكأنها نار تكوي قلبه.
ولا يعرف سببها
هل تخشى من ردة فعله عندما يعود إليه نظره ويكشفها؟
لكن لا تخشى منه فهو يصبح أكثر ضعفاً كلما نظر إلى عينيها
لو باستطاعته فعلها ما انتظر حتى الآن.
❈-❈-❈
في المصنع
استطاع خليل في يومين أن يعيد المياه لمجاريها وتجديد العقود مع الشركات التي ألغت التعاقد معهم بسبب سقوط المصنع
وذلك ما جعل مدير البنك يرفض ذلك
توجه إلى مكتب خليل في المصنع فوجد مديرة مكتبه جالسة على مكتبها
تقدم منها يسألها
_خليل بيه جوه؟
ردت المديرة بتهذيب
_اه جوه حضرتك ثواني هديله خبر.
انتظر الرجل حتى خرجت المديرة تشير له بالدخول
_اتفضل حضرتك.
اومأ لها وتوجه إلى المكتب فيقابله خليل بترحيب رغم علمه سبب الزيارة
_أهلاً يا مدحت بيه اتفضل.
قال للمديرة
_اتنين قهوة.
اومات لها وخرجت من المكتب فقال مدحت
_انا مش جاي اضايف انا جاي اسأل عن أخبار المصنع
سمعت انك جددت العقود مع الشركات اللي كانت متعاملة معاهم.
عاد خليل بظهره للوراء وأكد قائلاً
_بالظبط، وإن شاء الله في خلال سنة هيقدر يسد القروض بفوايدها كلها.
استاء مدحت مما سمعه وقال بتسويف
_بس مش ده الدور اللي جيبينك عشان؟
تنهد خليل قائلاً
_عارف بس لو كان ده غردكم من الأول فانتم حطوني في المكان الغلط، ده بالنسبلكم
وزي ما قولتلك القرض هيتسد بالفوايد المستجدة.
_بس البنك دلوقت اصبح المالك الوحيد للمصنع…..
قاطعه خليل بثقة
_ده لو صاحب المصنع اتنازل عنه ليكم إنما هو دلوقت لسة باسم الورثة
دلفت سيلين عندما علمت بوجود مدير البنك فاسرعت بالدخول دون أن تطرق الباب متناسية تمامًا وقالت بتوجس
_السلام عليكم
رد الجميع
_وعليكم السلام
اشار لها خليل بالجلوس
_اتفضلي اقعدي
جلست سيلين وهي تتطلع إلى خليل بتوجس فطمئنها بنظرة منه وقال
_كنا بنتناقش انا ومدير البنك عن احوال المصنع بس يظهر أنه رافض انه ينتظر سنة كمان فقولنا ندفع المديونية كاملة بكرة إن شاء الله ونوفر الفوايد اللي هتتراكم على المبلغ الأصلي.
قطب مدحت حاجبيه بدهشة اما سيلين فقط التزمت الصمت لا تعرف ماذا تقول
تابع خليل
_إن شاء الله بكرة الضهر بالكتير هكون عندكم في البنك ونخلص الإجراءات.
اعتدل خليل في جلسته وقال بابتسامة مزيفة
_القهوة بقا يبقى نشربها بكرة في البنك.
نقل مدحت بصره بينه وبين سلين ثم انسحب بهدوء
بعد انصرافه تطلع إلى سيلين وقال
_انا مش بجبرك على القرار ده بس البنك دلوقت المتحكم حاليًا في المصنع ولو معملتش كدة كانوا هيجيبوا مدير غيري عشان يسقط المصنع
مفيش حل غير إننا نسسد الفلوس اللي عليه للبنك ونرجعه لينا من تاني.
ارتبكت سلين وسألته
_بس انا لو بعت الفيلا هروح فين بالولاد.
_مش محتاجين نبيع الفيلا ولا حاجة انا قررت اوافق على عرضك واشارك في المصنع هسد المبلغ بجزء والجزء التاني هنمشي به المصنع.
لم تصدق سيلين ما سمعته وقالت بامتنان
_بصراحة مش عارفة اقول ايه لحضرتك بس بجد متشكرة أوي أوي
_مفيش داعي للشكر أنا كمان محتاج الشغل ده أوي بعد ما سبت القضاء ربنا يقدرني ووقفه على رجله من تاني.
❈-❈-❈
دلفت أسيل المطبخ وهي تحمل الاطباق ووضعتها في المبرد
سمعت صوت الباب فعلمت انه دلف غرفته
لذا سمحت لنفسها بالانهيار
لما تكون بذلك الضعف أمامه؟
لما قلبها مازال يعشقه رغم ما فعله بها؟
ماذا ينتظر أكثر من ذلك كي يمحي ذلك الحب من كيانه.
والأدهى من ذلك موافقتها على الذهاب إليه بعد أن أرضت قلبها وجعلته يهدئ من ثوراته.
عن أي انتقام سعت حينها وهي بنظره واحدة منها له جعل قلبها يثور من جديد.
انتهى كل شيء الآن والغد سوف ترحل ولن تراه مرة أخرى وستعمل بكل الطرق على أن تواسي قلبها حتى ينسى رغم صعوبته.
مسحت دموعها وقررت الأنشغال بتنظيف المطبخ كي يهدئ من حزنها..
قامت بتنظيف الأطباق ثم وضعتها في أماكنها لكن عاد إليها شعور الغثيان وألم رأسها
وفوق ذلك شعور الاختناق
قررت الوقوف في الشرفة قليلًا ربما يخف ذلك الضغط
فتحت باب الشرفة فتتفاجئ بالشرفة المقابلة يقف بها سليم وفتاة أخرى معه.
عادت للوراء سريعاً قبل أن ينتبه لها واستندت بظهرها على الحائط تحاول أن تهدأ من روعها
إذًا فسليم يقطن في البناية المجاورة لها.
لكن من التي معه؟
هي تعلم حبه لوعد لكن تعلم جيدًا بأن والدها لن يسمح بذلك.
هل خان أيضاً وتخلى عنها متزوجاً بأخرى.
تنهدت بضيق ثم اغلقت الشرفة دون ان يشعر بها وعادت إلى المطبخ لتعد القهوة
انهت من إعدادها ودلفت به غرفته
فتجده جالسًا على الفراش في وجوم والغرفة مظلمة إلا من ضوء خافت من المصباح المجاور للفراش
كان يبدو عليه الحزن ولما لا وهي تعرف جيدًا بأن ما حدث له لم يكن بالأمر الهين
رق قلبها له
وتقدمت منه لتضع القهوة على المنضدة بجواره وقالت بتروي
_القهوة.
تركتها وهمت بالانصراف لكنه امسك يدها يمنعها من الذهاب لحاجته الشديدة في التحدث معها فقال بشغف
_خليكِ، مخنوق ومحتاج حد اتكلم معاه.
كانت تود الرفض وتركه لكن هي تريد الاستماع له ربما تسمع منه ما يخفف من وطئت ذنبه عليها.
جلست على المقعد القريب منه وتطلعت إليه ترمقه بتأثر على حاله وما وصل إليه
ذلك البحار المفعم بالحياة أصبح الآن حبيس غرفته
رق قلبها بشدة وخاصة عندما رفع رأسه إليها ورأت محياه الذي ظلت عاشقة له حتى الآن
تطلعت ليده التي فتحت درج المنضدة بجواره فينقبض قلبها عندما وجدته يخرج صندق البوصلة التي نستها داخل السيارة في الإسكندرية في ذلك اليوم المشؤوم.
رفعت عينيها إليه بترقب فوجدته يخرجها من داخل الصندوق ويتمتم بشرود
_البوصلة دي انا لقتها في مغامرة من مغامراتي في البحر.
اول ما شفتها اخدتها عشان اهديها للبنت اللي أخدت قلبي.
تابع وكأنه يحدث نفسه
_كانت تستحق إني اعرض نفسي للخطر عشان هدية واثق انها هتسعدها، وكنت مستعد اديها كل عمري مقابل أشوفها سعيدة واعوضها عن كل المآسي اللي عاشتها بعيد عن حضني، وقتها اتعرضت لذبحة صدرية لأن الأكسجين خلص مني وانا بجبها مهمنيش حياتي ولا همني شيء غير السعادة اللي تخيلتها لما تشوفها