-->

رواية جديدة راهبات الحب لهالة محمد الجمسي الفصل 59 - الثلاثاء 15/1/2025

 

رواية رومانسية جديدة راهبات الحب

من روايات وقصص الكاتبة

 هالة محمد الجمسي


رواية جديدة 

راهبات الحب

تنشر حصريًا 

على مدونة رواية وحكاية 

قبل أي منصة أخرى


الفصل التاسع والخمسون

تم النشر الثلاثاء

15/1/2025 



( من أين لي بهدهد سليمان يخبر قلبك 

بهواي؟! 

وأنا في أول العشق 

قد تبت عن دلال  الصبايا 

وكتبت بحروف من دمائي 

اني  زاهد  في الصدق 

بعد أن ارتد لي صفعات 


و عباءة الطيش ارتديتها 

عساه تثأر لي، 

وما عاد بي 

من الهاوية 

غير تراتيلك 

في جوف ليل 

ودموع صادقة 

أذابت عن فؤادي 

قسوته

وأعادت العاصي 

إلى توبته 

وعلم الضال وجهته 

صلواتها كانت شفيع لي 

دعاءها  هداية لي 

لقد كنت أنت 

الناسكة في محراب قلبي 

أنت)


ود قالت وهي تدخل رأسها داخل المقعد الخلفي للسيارة:

ـ فستان خطوبة٠ 


أخرجت ود رأسها أخيراً وتنفست بعمق، كانت سليم قد وقف أمامها تماماً، لا تستطيع أن تتحرك بدون أن يحرك هو قدمه قال في أسلوب تساؤل وتحذير:

ـ خطوبة!؟ حددتم ميعاد خطوبتكم خلاص؟ كان مفروض عنان يكون موجود، مش كدا؟   


ود حاولت أن تتحرك ولكن لا مجال لهذا سليم يقف أمامها ويرفض السير قالت في صوت مرتفع بعض الشيء يعبر عن السخط: 

ـ سليم، دا فستان خطوبة نهال٠ 

 

سليم قال وقد انتبه فجأة إلى أسم  صديقة ود:

ـ نهال؟! 


حركت ود يدها في علامة نفاذ صبر، اهتز الفستان تحت يدها قالت في اشارة توبيخ:

ـ التطريز مش هعرف اعمله لو باظ٠


ارتفعت ضحكة سليم في حين قالت ود في أسلوب سخط:

ـ سليم، وبعدين؟! 


حرك سليم يده في هدوء  تحت يد ود، حتى يحمل عنها الفستان، تلامست ايدهم، وتبادل نظرة صامتة استغرق الأمر ثواني قبل أن تقول ود وهي تلمح نظرة ما في عين سليم:

ـ عندي مكالمة مهمة٠


أفسح سليم المكان لها  وهو يحمل الفستان على ذراعه، اندفعت ود إلى الداخل في سرعة جنونية، قلبها كان يخفق في عنف، لمسة سليم ل يدها كانت مثل شرارة كهربائية كبيرة هزت جسدها كله،  ليست لمسة سليم فقط هي سبب الارتباك، أنها نظرته لها، أنها تعلم جيداً تلك النظرة، أنها ليست نظرة عادية، أنها ليست  نظرة اعجاب فقط، أنها نظرة تفوق هذا، وهذا ما جعل كل شيء داخلها يبدو فوضوياً مبعثر، لقد كانت في حاجة إلى لملمة شتات ذاتها،  صعدت الطابق العلوي في سرعة، تركت رسالة إلى نهال ولم تنتظر رد، كانت تستمع إلى نبضات قلبها وهي تخفق في جنون،   سمعت صوت الباب  أسفل وهو يغلق، هبطت إلى الطابق العلوي، شاهدت الفستان على أحد الارائك في الصالة ، والى جواره مفاتيح السيارة، فكرت قليل هذا يعني أن سليم هنا ولم يغادر، تطلعت من النافذة إلى الحديقة كان سليم مشغول في محادثة هاتفية، فكرت قليل لا ريب  أنها مروة، سليم يصبح مزاجه معتدل مع تلك الفتاة، لقد غيرت داخله أشياء عديدة

شعرت بحماقتها  و غباءها وطريقة تفكيرها المضحكة التي لن تصلح سوى للأطفال فقط، منذ قليل عن نظرته  ولمسه يده، لا ريب أن خيالها الجامح قد شرد بها تلك المرة فوق المحتمل، 


حين دخل سليم تظاهرت هي بحمل الفستان، في حين قال وهو ينظر لها في هدوء :

ـ ود  حفل الخطوبة بتاع صحبتك امتا؟ 

همست ود وهي تتجه إلى أعلى:

ـ بكرة٠ 

كانت قد صعدت منتصف الدرج، حين وقف سليم يسند ذراعه على حاجز الدرج، رافعاً رأسه إلى أعلى:

ـ هتسافري امتا علشان أوصلك؟ 

ود نظرت إلى الفستان، وقالت في بساطة:

ـ مافيش داعي تعطل نفسك، أنا هاخد عربية مخصوص، أو ممكن اخد أوبر٠


لم تنتظر كلمات سليم، فقط صعدت إلى غرفتها، وقد اتخذت قرار أن تجعل هناك مسافات ءامنة  في التعامل مع سليم، حتى تكبح جموح  داخلها ومشاعر مضطربة حقاً، لا تعرف ود كيف استطاعت أن تحدث داخلها كل هذا الأرق، خاصة أن سليم يهتم بأمر فتاة أخرى  واستغرقت اربع ساعات كاملة  من التفكير قبل أن تخضع أخيراً  إلى  النوم


في صباح اليوم التالي صباحاً ، كان السكون في المنزل يخبرها أن سليم غير موجود، هبطت الدور الارضي، واعدت لذاتها فنجان من الشاي مع شطائر شوفان، قامت على ترتيب المنزل،  وامضت بعض الوقت في سقى الورد والنباتات في الحديقة ونزع الحشائش الضارة،  وفي  الساعة الثانية من فترة الظهيرة،  صعدت إلى اعلى اختارت ل نفسها فستان زيتي طويل، مغلق من الأمام ومزود ببعض النقوش الزهرية ذات اللون الأحمر  وجاكت قصير اسود اللون ذو تخاريم  تبرز النقوش، رفعت شعرها إلى اعلى 

واختارت حقيبة على هيئة وردة، وارتدت حذاء بدون كعب، وقامت على وضع الفستان  الخاص ب نهال على ذراعها،  فور أن هبطت إلى أسفل، تزامناً مع دخول سليم الذي قال في لهجة اعجاب:

ـ أنت شيك اوي يا ود٠

ابتسمت ود من اطراء سليم   ولم تعقب، تذكرت قرارتها ليلة  أمس ،  أما سليم فلقد   تابع:

ـ أنا جيت في الوقت المناسب اكيد٠

تذكرت ود أنها لم تقوم على حجز اوبر، فقالت وهي تحاول أن تثني قرار سليم عن الذهاب معها إلى حفل خطبة نهال :

ـ ايوا بس الكافية والحسابات٠ 

فرد سليم يده قائلاً: 

ـ أنا من الصبح هناك، رتبت كل حاجة و  طارق بيهتم بكل حاجة في غيابي، اديني بس خمس دقائق اغير الهدوم واكون معاك٠


فكرت ود أنها لا يمكنها أن تعاقب سليم أو تتجاهله بعد الهدنة التي حدثت بينهم، ولا تستطيع أن تبتعد، أنهم يسكنون في نفس المنزل ، لهذا عليها أن تلغي احساسها في تلك اللحظة التي حدثت أمس، عليها أيضاً أن تروض ذاتها جيداً أن الأمر سوف يكون عادياً، ينبغي عليه أن يكون 


فى وجود سليم مثل ما كان يحدث



كانت ود غارقة في أفكارها حين هتف سليم:

ـ تمام أنا جاهز٠


ألقت ود نظرة على سليم الذي بدا بكامل أناقته، بذلة سوداء، تحتوي على أربع ازرار فضية لامعه   وقميص حريري اسود اللون، رابطة العنق كانت ذات لون أزرق، استغرق الوصول إلى منزل نهال ساعة واحدة فقط، سليم جلس مع والد نهال، في حين كانت ود تجاهد مع الوقت حتى ترتب تجهيز أمور  نهال التي بدت في حالة فوضوي وعدم تركيز كبير، بعد أن أصرت نهال  على أن تكون حفل الخطبة في المنزل، وقررت عدم الاستعانة باي من بيوت التجميل أو الكوافير، واكتفت فقط  بصديقتيها طوال فترة الجامعة، اعتماد كانت قد  انتهت أيضاً  من صنع صواني الطعام وتجهيز المنزل مع والدتها وخالة العروس،  ومع وصول رينو وعمرو  بعد ساعة من وجود ود، كانت دفة الأمور قد اعتدلت أخيراً واستطاعت الفتيات أن يلملمن شتات الأمور 

ويقومون على تهدئة والدة نهال التي أبدت سخطها من ضيق المكان والوقت أيضاً، ولكنها في النهاية اذعنت لرغبة نهال، وبعد أن وضعت رينو لمسات المكياج على وجه نهال،

أن يكونوا على أتم الاستعداد قبل وصول منيب مع أسرته  بوقت قصير جداً 

وفي الوقت الذي أعلنت فيه وصول منيب والزغاريد من أمام المنزل كانت ود ورينو يجلسون على فراش نهال وقد تنفسن الصعداء أن الحفل سوف يبدأ أخيراً والارتباط بين نهال ومنيب قد أعلن إلى الجميع


❈-❈-❈


( إن يوم في رفقة الاصدقاء القدامى، هو كنز حقيقي، أوقات ممتعة تبهج الروح، وتعطي إلى العمر رونق، وتظل  مسراتها بين حنايا جدران الذات  يرتشف منها في أوقات ظمأ اللقاء، وتحي أياماً وسنين ماضية،  وتهنئة إلى الذات أن كانت الأيام التي سبقت تستحق وتستحق كل لحظة بها أن نتجاور فيها معهم، وان يكون هذا الوقت 

هم فقط من حظينا بهم،  وتجعلنا ندرك أن الأشخاص دواء 

و رفقتهم شفاء لمن شعر بالخذلان من رفاق آخرين، تجديد الثقة بين العوام يكون عبر شخص صالح ورفيق تآلفت معه الروح) 


صدح الموسيقى والاغاني في منزل نهال، لم يكن يعيق الحوار بين الجميع هناك، عمرو السيوفي تحدث مع سليم ووالد نهال، في حين كانت ود و رينو كل منهم يحيط ب نهال من اتجاه، ومنيب قد أنغمس كلياً في حديث مع نهال، واعتماد قد وجدت متعة في الحديث مع شقيقات منيب، في حين اكتفت والدة منيب بالجلوس مع  والدة نهال و شقيقتها والاستمتاع برؤية وجه نهال ومنيب ولم تكف عن الدعاء لهم، 

كانت ليلة هادئة سعيدة بسيطة حملت حدث مميز لكل من حضر الخطبة واعطت إلى الجميع بارقة أمل أن كل الأحلام يمكننا تحقيقها إذا تشبثنا بها وءامنا بها


بدأ الجميع يغادرون منزل نهال في الساعة الثانية عشرة حين أعلن الليل منتصفة، لوحت رينو إلى ود مودعة إياها 

مع سليم قبل أن تستقل سيارة زوجها عمرو، 


 هز سليم رأسه ثم قال وهو شارد الفكر بعض الشيء:

ـ اللي شفته النهاردة دلوقت حاجة نادرة اوي، نهال ومنيب ٠ 


ود نظرت له و ابتسمت متابعة:

ـ حكاية حب من طبقة متوسطة٠ 

تابع سليم وهو يعطي الطريق تركيزه كله:

ـ يعني تفكير البنات بصفة عامة، أن حياتها تكون فوق الوصف، والمهم المستوى وبعد كدا نثريات، مش مشكلة الشخص دا وسيم ولا لأ، في توازن طبقي ولا لأ، يعني وجه النظر اختلفت ٠


رفعت ود يدها محذرة سليم من التمادي وقالت:

ـ لا طبعاً، مش الكل يا سليم، انت شفت أنماط كدا، وأنماط تانية غير كدا، أكبر دليل على وجهه نظرك الغلط خطوبة حضرتها بنفسك ولسه شايفاها بعينك٠ 

اعترض سليم وهو يذم شفتيه:

ـ  حالة نادرة، بس  الأغلب بيدور على الشخص اللي يقدر يوفر  الكماليات مش الضروريات، البنات كل اختيارهم حسب وقع العصر ومتطلباته و غلاءه٠  

هزت ود رأسها علامة النفي وتابعت:

ـ أنا شفت نهال ازاي اتمسكت ب منيب، نهال كانت مصممة أن  حبها يفضل للنهاية، رغم أن أتقدم لها ناس كتير مستواهم المادي مرتفع٠


أعقب سليم في لهجة إصرار:

ـ ما هو دا انا بصنفه أنه حالة نادرة لأ الوصف الصحيح له أنه حالة شاذة، وكمان تفكير أهل نهال مش موجود عند كل العائلات ناس غيرهم كان ممكن رفضوا منطق نهال و اقنعوها أن  الصالح ليها هو رفض منيب٠ 

أعقبت ود في اعتراض:

ـ لا يا سليم هما عرفوا أن سعادة نهال مع منيب، لأن في روابط بينهم، في تفاهم روحي وفي اكتمال لكل واحد فيهم مع التاني، والحب  اللي بينهم صادق وقوي اوي كمان٠  

نظر سليم إلى ود ثم نظر إلى الطريق مرة ثانية وتابع:

ـ طيب و رينو؟

ورغم سؤال سليم الذي يبدو غريب بعض الشيء الإ أن ود أعقبت في بساطة:

ـ رينو كمان قصة حب، وتفاهم وكل واحد فيهم شاف ف التاني أنه مش هيعرف يكمل حياته غير معاه، رينو كانت محتاجة الثقة والأمان والحنان، وعمرو محتاج رينو بكل كيانه علشان يكمل صح في الحياة، عمرو السيوفي غني دا صحيح، بس رينو اتجوزته لانه عرف كويس اوي يحتويها٠ 


ساد صمت عدة دقائق قبل أن يعود سليم مرة ثانية إلى التساؤل


 ـ و أنتي؟؟ 

همست ود وقد اخجلها سؤال سليم المفاجئ ليها:

ـ أنا اي؟!

كانت عين سليم قاتمة، مثل بحر تتلاطم فيه الأمواج،  تفكير عميق، حزن شجن،  حيرة شك، تمنى ورجاء وعدد من الصراعات المتداخلة المتشابكة، و قبس من  نور يحاول أن يحارب ويهزم كل تلك الكتلات التي أمامه، سيف واحد فقط يحاول أن يهزم جحافل  جيوش مجتمعة أمامه


أوقف سليم سيارته، فتح بابها في هدوء، شاهدت ود سليم وهو يركض مسرعاً في الاتجاه المعاكس إلى السير، حيث يقف مراهق صغير يبيع بعض المشروبات الساخنة على الطريق، كانت ود تشعر بضربات قلبها تخفق في جنون، ما الذي يريد سليم الوصول له من هذا الحوار؟ أنه بحاول جاهدا أن يصل الى أمر ما، أنها تعرف سليم جيداً، في البداية ظنت أنها مناقشة عادية حول وجود الحب في هذا الوقت أو لا؟  ولكن من الواضح أن سليم يبحث عن إجابة سؤال ما، هل يعيش حالة من التخبط مع مروة؟ هل يحاول أن يبحث عن إجابة ما حول شخصية الفتاة المسئولة عن تغيير طباعه وعودته من تلك الهاوية التي كان يعتليها؟ هل هو متخوف من أن يواجه مع مروة مع واجهه مع غرام؟ لا ريب أن هذا هو ما يفكر به سليم، أنها مخاوفه، أنها الأشباح التي لا يستطيع  أن يجعلها ترحل، هكذا فكرت ود 

شاهدت ود سليم يعود بكوبين من الشاي الممزوج بالنعناع في أكواب بلاستيكية،  وقال:

ـ حسيت اني عايز اشرب شاي بجد٠ 


التقطت ود الكوب في هدوء وامتنان، ونظرت نحو المراهق الذي يقف على عربية خشبية صغيرة، وخلفة امرأة مسنة تضع براد  كبير  على شعلة قديمة  وقالت في لهجة تحمل الشفقة:

ـ شاب زي دا مكافح لازم الكل يثق فيه٠ 

هز سليم رأسه علامة الموافقة، ولم يعقب على كلماتها


لم يجب سليم انتظر أن انتهوا من شرب الشاي، ثم قال وهو يضع يد على عجلة القيادة استعداد للرحيل:

ـ وأنت يا ود، اختيارك ل آسر علشان ناجح يعني اختيار عقل ولا في أسباب تانية؟


رددت ود في لهجة اعتراض:

ـ آسر؟! 


تابع سليم وهو ينظر لها في عمق:

ـ آسر شخص ناجح ومميز  وعلى المستوى الأدبي والعلمي والمالي،  وفيه كل الصفات اللي تخليه فوق الوصف ، سبب اختيارك له عقلك ولا قلبك؟!


نظرت ود إلى الطريق، ثم نظرت إلى سليم، عقلها كان يرسل مئات الكلمات، التي تريد أن تبوح بها، ولكن لسانها عجز عن الكلام، العقل هذا الذي تحاوره أنت فيجد معك ملاذ ومآوي من كل تشتت، أما القلب الذي قد أحدثت لمستك له فوضوى عارمة في كياني فلقد اكتشفت في الأيام الأخيرة فقط أنه يعشقك منذ زمن بعيد 

ولكن كيف لي ان اخبرك بهذا؟ وهناك أخرى تشغل قلبك وتحتل مكانه كيف؟ وكيف لي أن أعترف بهذا؟ والأخرى عادت بك من التيه والضياع، كيف لي ان أجعل للعذاب نصيب لك في اعترافاتي؟ يكفيك من الألم ما عشته، يكفيك من العذاب ما مضي، سوف اصمت ولن أجيب، لأن صمتي حماية لي ولك أيضا من كل شيء


همست ود وهي تنظر إلى سليم في توسل:

ـ مش لازم نقف في الطريق كدا، من فضلك يا سليم، أنا محتاجة اروح البيت بسرعة، أنا تعبانة اوي ومحتاجة ارتاح٠


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هالة الجمسي، لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة