رواية جديدة رواية تائهة في قلب أعمى لزينب سعيد القاضي - الفصل 60 - 1 - السبت 25/1/2025
قراءة رواية تائهة في قلب أعمى كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر
رواية تائهة في قلب أعمى
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة زينب سعيد القاضي
الفصل الستون
1
تم النشر السبت
25/1/2025
"هل تركتني يا أبي؟ لما تركتني فجأة دون وداع؟ ليتني كنت أعلم إنها آخر مرة سأراك بها، ليتني أطلت من ضمتي إليك لو كنت أعلم إنها آخر مرة أملي عيني من رؤيتك ما كنت تركتك ومكثت تحت قدميك، لما أخترت أن تغادر وترحل وأنا برفقتك؟ هل كنت تحبني إلي هذه الدرجة لأكون آخر من تراه عيناك؟ لتكون آخر ذكري لقلبي رؤيتك علي فراش الموت ؟ رحلت أنت مبتسمًا بسعادة وتركتني أنا أعاني من الحزن ونفس المشهد يتكرر أمامي كل يوم صعود روحك، نظرة عيناك، ابتسامتك التي زينت ثغرك ووجهك الذي ماثل بياض الثلج، عيناك التي رفضت إغلاقها وظلت مفتوحة كي تراني وأنا إلي جوارك أبكي وأتألم، أشتقت إليك يا أبي، لما لا تعود إلي؟ أو أنا كل هذا يكون كابوس وإنك مازالت حي؛ أو أتي أنا إليك، أشتقت أن أسمع إسمي وأنتَ تناديني، قلبي إنقسم إلي شطرين ولم يلتئم حتي الأن، أريدك بشدة فأنا في أعز احتياجي وضعفي إليك"
تهاوي علي المقعد الحديدي واضعًا وجهه بين كفيه ودموعه تسيل لا إراديًا لا يصدق حتي الأن أن والده قد توفي ورحل لن يراه مجددًا ؟ لن يضمه ولا يستمد منه الأمان ؟
اقتربت منه صفا وجلست أمامه علي ركبتيها وأبعدت يده عن وجهه وبدأت تجفف دموعه بأطراف أصابعها وهي تردف بحزن:
-إهدي يا حبيبي إهدي ربنا يرحمه ويغفر له أدعيله يا ياسين أدعيله هو مش محتاج منك غير الدعاء وبس .
رفع رأسه وتحدث بوجع:
-هو بجد مات يا صفا ؟ بابا مات وسبني ؟
رمقها بتردد وتسأل:
-صفا إنتِ مش زعلانة منه علي إلي عمله صح ؟
ابتلع ريقه بمرارة وأكمل بتلعثم:
-ولا حتي إلي كان جاي يعمله صح النهاردة عارف إنه مش من حقي أقولك تسمحيه بس عشان خاطري يا صفا لو بتحبيني وليا معزة عندك سامحيه عشاني هو دلوقتي بين إيدين ربنا.
ردت بحنان:
-مسمحاه يا حبيبي اهدي.
وصل دكتور عصام بعد أن علم الخبر وتحدث بهدوء:
-البقاء لله ياسين باشا.
رد ياسين بحزن:
-سبحان من له الدوام.
تحدث عصام بعملية:
-الدكتور والممرضين جوه معاه بيجهزوه عشان الغُسل وتصريح الدفن دقائق ويبقي جاهز ولا حضرتك حابب تأجل الدفن شوية؟
رد بإقتضاب:
-لأ إكرام الميت دفنه بلاش نأجل.
أومأ الآخر بتفهم:
-تمام يا ياسين باشا أحنا تواصلنا مع أهل السائق والحارس ووصلوا بنخلص تصريح الدفن ويستلموا المتوفين .
رد ياسين بإقتضاب:
-تمام شكرًا لحضرتك.
استأذن عاصم بهدوء:
-بعد إذنكم.
غادر صفوت وخرجت سلوي من الغرفة وهي تستند علي الجدار بحزن شديد انتفض ياسين من مكانه واتجه لها هو وصفا ساندوها كي تجلس.
تسأل ياسين بتلهف:
-حضرتك كويسة يا ماما ؟ ردي عليا يا حبيبتي ؟ أجبلك دكتور ؟
ردت بضعف:
-أنا كويسة يا حبيبي.
قبل ياسين رأسها بحزن:
-ربنا يبارك في عمرك ويرحم بابا ويغفر له.
استأذنت صفا منهم:
-أنا هكلم نور وأمير أبلغهم وكمان ماما.
أومأ ياسين بشرود:
-تمام.
❈-❈-❈
تململت نور في نومها آثر رنين هاتفها الذي لا ينتهي نهضت بتثاقل وجذبت الهاتف من جوارها وجدت رقم صفا قطبت جبينها بحيرة وردت بتلهف:
-ألو أيوة يا صفا أيوة يا حبيبتي لا ولا إزعاج ولا حاجة في حاجة حصلت ؟
استيقظ أمير علي صوت نور واعتدل في نومته يستمع لها باهتمام.
"مات بجد طيب الحمد لله يا صفا أخيرًا مات مبارك يا حبيبتي إيه في إيه اهدي متعصبة كده ليه وزعلانة؟ خلاص يا ستي أسفة البقاء لله بتقفلي الخط في وشي ماشي يا صفا ماشي لما أشوفك.
تسأل أمير بخوف:
-مين إلي مات يا نور ؟
ردت باللامبالاة:
-أحمد أبو ياسين.
شهق بصدمة مرددًا بعدم تصديق:
-عمو أحمد مات لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ربنا يرحمه قومي بسرعة يا نور عشان نرجع مصر.
نهض سريعًا كي يستعد وهو يصيح في نور بغيظ:
-هتفضلي قاعدة كده؟ قومي أجهزي وجهزي الشنط بسرعة لازم نرجع مصر.
تحركت من مكانها علي مضض:
-حاضر.
تسألت بغباء:
-هو إنتَ زعلان كده ليه ؟ وربنا ما يتزعل عليه بعد إلي عمله علي رأي المثل جنازة حارة والميت كلب.
رمقها شذرًا وقال:
-تعرفي تخرسي خالص وتروحي تجهزي إيه الهبل إلي إنتِ بتقوليه ده مهما عمل يا نور فهو الراجل إلي ربنا وأواني في بيته.
تركها وتحرك إلي المرحاض وتهكمت هي بغيظ:
-هو كل شوية حد يزعقلي ؟ طيب وربنا حلال فيه الموت خلصنا منه ومن شره أخيرًا.
❈-❈-❈
في فيلا والد فريدة "صفوت" ما أن علم خبر الوفاة من وكالات الأنباء ومواقع التواصل الاجتماعي عاد إلي منزله سريعًا واستعد من أجل الذهاب لتقضية واجب العزاء، أثناء هبوطه الدرج تفاجئ بزوجته تجلس علي الأريكة تضع ساق فوق ساق وتضع طلاء أظافر علي يدها.
رمقها بعدم تصديق وعقب متهكمًا:
-إيه ده يا هانم مجهزتيش ليه عشان تروحي العزاء ؟
ردت ببرود:
-لأ مش راحة.
صاح بضيق وقال:
-ده واجب يا هانم ولازم تروحي تقضيه.
ردت بملل:
-أروح هناك عشان سلوي تجبني من شعري صح؟ لأ مش هروح هفضل هنا بكرامتي معززة مكرمة عايز تروح براحتك أنا مش راحة.
حرك رأسه بيأس:
-مفيش فايدة فيكِ مش هتتغيري يا غدير أنا رايح العزاء بعد إذنك.
هتفت ساخرة:
-بالسلامة.
❈-❈-❈
في صوان كبير مهيب به صفوة رجال المجتمع من وزراء ورجال أعمال وغيرهم حضروا لتقديم واجب العزاء " لرجل الأعمال "ياسين المحمدي" في وفاة والده "أحمد المحمدي"، كان يقف ياسين وإلي جواره أمير يتقبلوا واجب العزاء يشدون من أزر بعضهم البعض وإلي جواره والد نور يليه دكتور عصام.
كان آول من حضر لتقضية واجب العزاء كان صفوت الذي ضم ياسين :
-البقاء لله يا ياسين يا أبني شد حيلك.
رد باختصار:
-سبحان من له الدوام الشدة علي الله.
سلم صفوت علي البقية وتوجه إلي داخل الصوان.
في فيلا" ياسين وصفا " كان مقام بها العزاء المخصص للسيدات كانت تجلس صفا جوار سلوي تهدئتها ومن الجهة الآخري تجلس والدة نور وإلي جوارها نور بينما هناء والدة صفا فتجلس بالأعلي بالصغير.
تحدثت عايدة بحنان:
-اهدي يا سلوي أهدي يا حبيبتي ربنا يرحمه ويغفر له بلاش عياط أدعيله أحسن.
همست نور في أذن والدتها:
-تدعيله إيه بس خليها تدعي عليه هتلاقيه بيتشوي هناك.
زجرتها أمها بعنف وهمست بغيظ:
-أخرسي يا حيوانة إنتِ بتقولي إيه بس .
زفرت بضيق وقالت:
-هو كل شوية حد يزعق ليا أنا هقوم أروح المطبخ أشوف حاجة اكلها جعانة جاية من السفر علي لحم بطني.
❈-❈-❈
انتهي العزاء وغادر الجميع وعاد ياسين وأمير ووالد نور، جلس الجميع والصمت يخيم الجميع.
نهض ياسين وتحدث بهدوء:
-بعد إذنكم هطلع أوضتي البيت بيتكم.
تحرك سريعًا دون أن يسمع صوت أحمد تابعه أمير بنظراته وغمغم بحزن:
ربنا يعينك يا ياسين ويصبر قلبك.
نظرت سلوي بحزن إلي صفا وقالت:
-أطلعي يا بنتي لياسين خليكي جنبه هو محتاجك.
أومأت بتفهم:
-حاضر يا ماما بعد إذنكم.
تحدث والد نور مستئندنًا:
-طيب يلا يا عايدة أحنا نمشي.
أيدته عايدة :
-يلا يا حج.
اقترب أمير من خالته وقبل جبهتها بحزن:
-محتاجة حاجة يا حبيبتي قبل ما نمشي؟ بكره الصبح بإذن الله هكون عندك.
ردت بوهن:
-لأ يا أبني سلامتك.
أشار إلى زوجته:
-يلا يا نور خلينا نمشي عشان نوصل بابا وماما في طريقنا.
نهضت نور وودعت سلوى وكذلك ودعتها عايدة وغادروا جميعًا وظلت سلوي بمفردها شاردة في ذكرياتها القديمة مع زوجها