-->

رواية جديدة رواية تائهة في قلب أعمى لزينب سعيد القاضي - الفصل 64 - 1 - الخميس 30/1/2025

  

  قراءة رواية تائهة في قلب أعمى كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية تائهة في قلب أعمى

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة زينب سعيد القاضي


الفصل الرابع والستون

1

تم النشر الخميس

30/1/2025



"هل تظنين أن فراقك عني هين؟ أو عقابك إليكِ؟ بلي فأنا أتجرع ويلات الآلم من فراقكِ"


مسدت علي ظهرها بحنان وهتفت بتشجيع:


-لأ طبعاً كرهكم إيه معلش يا بنتي ده بردوا أبوه يا حبيبتي خلينا نديه عذره ويزعل براحته وبإذن الله آول ما يفوق من إلي هو فيه هيرجع زي زمان يا حبيبتي قومي يلا ندخل جوه الجو برد النهاردة أدخلي خدي إبنك في حضنك ونامي يا بنتي وقادر ربنا يحلها من عنده قومي يلا.


نهضت بتثاقل وتحركت مع والدتها ولكن شعور قوي بداخلها جعلها تنظر إلى الأعلي وجدته يقف في الشرفة الخاصة بغرفتهم ويتابعها بلهفة تقابلت أعينهم في حوار صامت يشوبه العتاب والشجن.


ياسين:


-أعذريني يا صغيرتي أعلم إنني من تسببت في وجعك هذا أعدك أن أمحي هذا الحزن من عينيك في أقرب وقت وأرسم ابتسامتك الجميلة بيدي.


صفا:


-لأ تفعل بي وبنفسك هذا؟ لما تقسي علي نفسك وتقسي علي إلقِ الماضي وراء ظهرك وعد إلي في أقرب وقت فأنا في إنتظارك.


حثتها والدتها علي التحرك بعد أن لاحظت تبطئ حركتها:


-يلا يا صفا.


أبعدت نظراتها عنه ووجهتها في الطريق أمامها، بينما تنهد هو بشرود وتحرك إلي داخل الغرفة ملقيًا بثقل جسده فوق الفراش.


❈-❈-❈


مساءً كان عزمي وعايدة يجلسون أمام التلفاز حين قطعهم رنين جرس الباب نظروا إلي بعضهم بحيرة وتسأل عزمي بتعجب:


-العشاء أذنت من شوية مين هيجي لينا؟


رفعت كتفيها بحيرة:


-والله ما عارفة يا حاج.


نهض عزمي وتحدث بنبرة هادئة:


-هقوم أشوف مين خير إن شاء الله.


اتجه إلي باب الشقة وفتحه وكانت الصدمة نور هي من تقف أمام الباب ووجهها ملطخ بالدموع وتحمل حقيبة ملابس كبيرة بيدها.


انخلع قلبه داخل ضلوعه وتسأل بتلهف:


-خير يا نور في إيه يا بنتي؟


ألقت نفسها داخل أحضان والدها وجسدها ينتفض من شدة البكاء.


بينما بالداخل لطمت عايدة وجهها مرددة بصدمة:


-أقول إيه فيكي يا نور هببتي إيه بالظبط يا بنت بطني؟


فاقت علي صيحة زوجها:


-يا عايدة تعالي بسرعة ألحقي بنتك.


نهضت سريعًا وتلقفتها من أحضان زوجها وتحركت بها إلي الداخل بينما حمل هو الحقيبة وأغلق الباب خلفه، جلسوا ثلاثتهم وزجرتها عايدة بغيظ:


-عملتي إيه تاني يا مصيبة حياتي؟


تعجب عزمي من سؤالها وتسأل بحيرة:


-عملت إيه تاني؟ هي كانت عملت أولاني وأنا معرفش يا عايدة ؟


حركت رأسها بإيجاب:


-أيوة جت الصبح وإنتَ في الشغل وأتكلمنا سوا وعرفتها إن هي إلي غلطانة والمفروض تصالح جوزها وقعدت أعيد وأزيد وطبعًا إنتَ عارف بنتك مش بتسمع لحد لما تكون غلطانة أتفضلي أحكي يا شهرزاد عملتي إيه؟


ردت نور بصوت متحشرج من آثر البكاء:


-أمير هيطلقني.


شهق والدها بصدمة:


-يا نهار أسود ومنيل عملتي إيه ؟


بينما والدتها ضربت علي صدرها بعنف:


-أخ منك أه يا بومة عارفة إنك مش هترتاحي غير ما تخربي بيتك وأهو جنابك راجعة ليا أهو والكحك سخن.


رمقها زوجها شذرًا وتحدث محذرًا:


-عايدة أسكتي خالص دلوقتي خليني أسمع نور وأفهم ايه إلي حصل بالظبط مش ممكن تبقي مظلومة؟


تهكمت قائلة:


-مظلومة؟! والله ما في حد مظلوم غير أمير إلي ربنا بلاه ببلوة زي دي أحكي يا نور أحكي يا هانم عملتي إيه بالظبط؟


نظرت لهم بتردد وسردت لهم كل شئ حدث من البداية إلي النهاية وسط صدمتهم وذهولهم.


صاح والدها بعدم تصديق:


-بجد يا نور إنتِ اتكلمتي مع راجل غريب وبجحتي في جوزك وكمان خرجتي من غير إذنه وفوق ده كله تعايريه إنه يتيم وملقاش حد يربيه؟ بجد عملتي كده ؟ آخرة دلعنا فيكِ توصلك لكده؟ يعني لا فاهمة أمور دينك لا شرع ربنا ولا حتي بتسمعي كلامك جوزك وإنتَ كده متربية؟ لله الأمر من قبل ومن بعد جوزك بقي إلي جنابك بتقولي ملقاش حد يريبه لو مش متربي فعلاً كان جرجرك من شعرك وجابك رماكِ هنا ولا ضربك كفين كمان عشان تتربي يا نور يا خسارة يا نور يا ألف خسارة أنا مكسوف منك بجد مش عارف لما أقابل جوزك هبص في وشه إزاي بعد كل إلي حضرتك عملتيه ده.


تساءلت عايدة بضيق:


-أمير فين دلوقتي شافك وإنتِ سايبة البيت ؟


حركت رأسها نافية وعقبت قائلة:


-خرج معرفش راح فين فأنا جبت حاجتي وجيت.


نهض عزمي وتحدث بجدية لا تقبل النقاش:


-أنا هقوم أغير هدومي وأروحك بيت جوزك وهفضل قاعد معاكِ منتظره لما يرجع وتعتذري ليه وتبوسي رأسه كمان أما يقبل وأما يرفض هيجيبك معايا تاني ونقعد نستني ورقة طلاقي.


اتسعت مقلتيها بصدمة وتسألت:


-حضرتك بتقول إيه يا بابا؟ إنت كده بترخصني في نظره المفروض هو إلي يجي لغاية عندنا.


رمقها شذرًا وعقب بإبانة:


-إحنا إلي غلطانين وجنابك عايزاه يجي لغاية عندك ؟ لأ يا هانم إنتِ إلي هتروحي وتعتذري وأنا كمان هعتذر بنفسي إني معرفتش أربي مع الأسف.


تركهم وغادر إلي غرفته فنظرت إلي والدتها باستعطاف:


-قولي حاجة يا ماما عجبك إلي بابا هيعمله ؟


ردت والدتها بتأكيد:


-صح جدًا إلي أبوگِ هيعمله ده هو عين العقل يا آخرة صبري.


❈-❈-❈


عاد إلي الشقة بعد أن هدأ نفسيًا وشعر باستكانة وطمأنين داخل قلبه فتح باب الشقة ودلف وجد الأضواء مغلقة مؤكد أنها غافية الأن، أشعل الضوء وجلس علي أقرب مقعد واضعًا رأسه بين كفيه مستندًا علي مرفقي المقعد حاول أن يغمض عينيه لكن تفاجأ برنين جرس الباب، قطب جبينه بحيرة ونهض بتثاقل ليفتح الباب ليري من الطارق؟! وهنا كانت الصدمة نور ليست بالداخل بل تركت المنزل وذهبت إلى منزل والديها هذا ما توصل إليه ما أن رأي والدها والحقيبة الكبيرة التي يحملها.


تحدث عزمي بحرج:


-أزيك يا أمير يا أبني عامل إيه؟


رد بهدوء:


-الحمد لله يا عمي أتفضل بيت حضرتك عنك يا عمي.


حمل عنه الحقيبة ووضعها جانبًا ودلف عزمي وهو يحث إبنته أن تمضي معه إلي الداخل.


جلس ثلاثتهم علي المقعد بصمت تام، كأن علي رؤوسهم الطير، قطع هذا الصمت عزمي الذي تحدث بثبات:


-أنا كنت جاي مع نور يا أبني عشان نعتذر ليك.


استنكر أمير حديثه وعاتبه قائلًا:


-إيه إلي حضرتك بتقوله ده يا عمي حضرتك بتعتذر ليا؟ هو ده كلامك وبعدين بتعتذر ليا ليه يا عمي من الأساس ؟


رد عزمي بحرج بعد أن رمق نور بنظرة مشتعلة:


-علي إني مقدرتش أربي بنتي كويس.


بهدوء أجابه:


-أولًا حضرتك ربيت دكتورة محترمة ومتربية وزي الفل يا عمي ثانيًا مهما يحصل حضرتك متعتذرش فيا أنا مش زي إبنك ولا إيه؟


أجابه بتلهف:


-لأ طبعًا زي أبني وإنتَ أبني يا أمير وربنا إلي يعلم بس بنتي غلطت.


حول أمير بصره إلي نور معاتبًا:


-نور مراتي يا عمي وأنا وهي هنحل مشاكلنا سوا بلاش تشغل نفسك بينا أنا هتصرف معاها أظن إن إلي حصل يا دكتورة ميديش ليكِ المبرر تلمي هدومك وتسيبي البيت أصلًا من الأساس صح ولا غلط؟


تهكمت قائلة:


-بجد يعني بعد حل إلي إنتَ قولته مش عايزني أغضب وأسيب البيت؟ ليه شايف إن معنديش كرامة أو معنديش أهل يجيبه حقِي؟


"لأ ليكِ أهل هيكسروا رقبتك ويربوكِ من آول وجديد اتفضلي اعتذري لجوزك يلا يا هانم.


نطقها عزمي بحدة يشوبها التهديد، فأوقفه أمير بهدوء:


-لحظة يا عمي لو سمحت بس حابب أفهم من نور أنا عملت إيه؟ أعتقد كل كلامي وكل حاجة حصلت مني كان رد فعل علي كل إلي عملتيه فقبل ما حضرتك تحاسبيني علي رد الفعل حاسبي نفسك الأول علي فعلك.


حول بصره إلي والد زوجته وهتف معتذرًا:


-أنا أسف يا عمي أسف علي كل حاجة بدرت مني وأتمني متزعلش مني ربنا يعلم معزة حضرتك إنتَ وطنط عندي إزاي.


ربت عزمي علي فخذه بحنان وقال:


-يا أبني إنتَ مغلطش ومفيش داعي تعتذر من الأساس يا حبيبي ربنا يتولاك علي ما بلاك وشوف يا أبني إنتَ لو شايف إنك مش هقدر تكمل مع نور ده حقك يا حبيبي طبعًا مفيش كلام بس هنأجل موضوع الطلاق بس شهرين تلاتة عشان كلام الناس.


تحدث بتلهف:


-طلاق إيه بس يا عمي ربنا يكفينا شره هو خلاف صغير وهيتحل بإذن متشغلش بالك.


التفت الآخر إلي إبنته بنظرة ذات معني:


-إيه رأيك في كلام جوزك يا نور ناوية علي إيه؟ هتعقلي وتحلي مشاكلكم سوا ؟


تنهدت بضيق وقالت:


-إلي حضرتك شايفه يا بابا.


زفر بإستياء ورد:


-مش إلي حضرتي شايفه إلي حضرتك إنتِ شايفاه عشان أنا هاخد بعضي وأقوم أمشي أنا عارف أمير عاقل وهادي وراسي المشكلة هتبقي فيكِ إنتِ ناوية علي إيه؟


تنهدت بقلة حيلة وردت:


-حاضر يا بابا.


استطرد بحزم:


-اعتذري لجوزك يلا يا نور قبل ما أقوم أمشي.


زفرت بضيق وقالت:


-أنا أسفة.


رد بهدوء:


-حصل خير.


الصفحة التالية