رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 47 - 3 - الإثنين 13/1/2025
قراءة رواية حان الوصال كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حان الوصال
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل السابع والأربعون
3
تم النشر يوم الإثنين
13/1/2025
وداخل القصر،
صعدت الجميلة صبا برفقة زوجها إلى منصة العروسين لتهنئتهما وتقديم المباركة. قابلتها بهجة بفرح، لتسحبها إليها وتضمها بحب، أما شادي فقد قابل العريس بابتسامة مازحة:
"أكيد مستنيني من أول الفرح، بس أنا قولت أخليك تاخد نفسك شوية وأريحك مني الحبة دول".
قهقه رياض معلّقًا بتحدٍ:
"يا حبيب قلبي، مستغناش طبعًا، ما تقولش كده. أنت فعلًا هترتاح على طول بعد كده، عشان خلاص ما بقاش في حجة، وبهجة كمان بقت ملكية خاصة بالإشهار دلوقتي. محدش يملك يفرقنا عن بعض أبدًا".
لم يقوَ شادي على الإنكار، فعبر عن فرحته باستسلام:
"والله ده شيء يسعدني، وربنا يديم محبتكم لبعض. هي تستاهل العوض، وأنت أكيد كنت محتاجها".
تنهد رياض بعمق، مرددًا:
"آه والله كنت محتاجها، محتاجها أوي. ربنا يخليهالي".
"آمين يا رب، آمين"،
تمتم بها شادي ليبادله رياض الضحك والمزاح، حتى طلبت بهجة التقاط صور تجمع الأربعة معًا. وبعد التقاط الصور، انسحب شادي وزوجته تاركين المنصة للعروسين، غافلين عمّن وقف بالقرب منهم، مذهولًا يراقب نزولهما.
كان عدي لا يصدق عينيه، أوَهم هذا ما يراه؟ أم تلك أحلام يقظة سعيدة؟ ولكن كيف تكون سعيدة بوجود هذا الرجل الذي هزمه رغم ضعفه، وخطف المرأة الوحيدة التي تمناها ولم يحصل عليها؟ هنا يبرز السؤال: ما علاقة هذين الاثنين بابن خالته وعروسه؟
لم يدع نفسه للحيرة أكثر من ذلك، وصعد سريعًا ليبارك لـرياض الذي قابله فاتحًا ذراعيه:
"عدي باشا!"
بعناق رجولي، ضمّه إليه مهنئًا:
"حبيبي يا رياض، فرحتي بيك ما تتوصفش".
"ده أنت اللي حبيبي يا صاحبي"،
صافح عدي بهجة ليهنّئها هي الأخرى، ثم تبادل المزاح مع رياض، قبل أن ينفرد به هامسًا:
"الراجل والست اللي طلعوا من شوية دول تعرفهم منين؟"
اهتز رأس رياض بعدم تركيز، فأشار إليه بذقنه نحو الطاولة التي يجلس عندها الاثنان. تطلّع إليهما ثم أجاب:
"ده شادي ابن عمة بهجة، واللي معاه مراته. بتسأل ليه؟"
وكأن الرد كان جليًا على ملامح عدي التي تغضنت بحزن.
❈-❈-❈
وإلى طاولة سامر وشقيقه،
استغل الأول انصراف إسراء للحديث مع إحدى السيدات، ليتوجه نحو شقيقه بلوم:
"إيه يا عم سمير، ما تاخد بالك شوية واصحى، بدل ما أنت مفضوح كده بسحنتك المقلوبة دي. أي حد هيشوفك هيعرف اللي فيها، إشحال بقى مراتك اللي كاتمة في قلبها وساكتة".
سمع منه سمير ليعقب بيأس وعدم اكتراث:
"تكتم ولا تفضح حتى، أنا ميهمنيش حد يا سامر. الخنقة اللي أنا فيها تخليني أولّع في الكل منغير تردد، وهي عارفة كده، بدليل إنها ساكتة، عشان متأكدة إن الحكاية خلصت بجواز غريمتها. إنما أنا قلبي هيفضل محروق مهما حاولت أتجاوز أو أعمل نفسي ناسي. منهم لله أمك وأبوك، ضيّعوا مني الحاجة الوحيدة اللي حبيتها".
بماذا يعقب؟ والمرارة التي تظهر في صوت شقيقه تكشف حجم معاناته. رغم ذلك، لم يكن سمير بريئًا تمامًا من ذنبه، فهو أيضًا يتحمل قسطًا كبيرًا من الخطأ حين تخلى عنها وتركها تصارع الأهوال في تربية أشقائها رغم صغر سنها آنذاك. ولكن لا داعي للجلد الآن أو صب اللوم. فليخفف الله عنه مصيبته.
"يا نهار أبوك اسود، شوف مين اللي جاي!"
تمتم بها سمير، لافتًا انتباهه نحو مدخل قاعة القصر التي يُقام بها الحفل. حيث يدخل خميس بصحبة امرأة تلفت أبصار الجميع نحوها، بزينة وجهها المبالغ بها وفستانها الأحمر الصارخ. حجابها الصغير يغطي نصف رأسها فقط، كاشفًا عن شعرها المصبوغ باللون الأصفر. تتأبط ذراع خميس بثقة، وكأنها المرأة الوحيدة الجميلة في القاعة.
"يا ستار من الفضايح يا رب"،
غمغم بها سامر بضيق ملحوظ، قبل أن تقع عيناه على من جاءت خلفهم.
والتي خطفت الأبصار نحوها هذه المرة، بانبهار وإعجاب، هي لورا، التي بدت كعارضات الأزياء العالميات بفستانها الأسود الطويل، ذو الفتحة الكبيرة من أعلى الركبة التي أظهرت سيقانها اللامعة. كانت الحمالتان العريضتان في أعلى الفستان، وشعرها الحريري المصفف بطريقة مميزة لا تليق إلا بها، يجعلانها قبلة للأنظار.
وفي مقارنة سريعة عقدها سامر بين المشهدين، شعر بالنقص وشيء غير مريح كان غافلًا عنه، لكنه بدا واضحًا الآن.
❈-❈-❈
- "آه يا خميس الكلب، ساحب البهيمة دي وجايبها الفرح كمان؟"
صدر هذا التعليق من درية وهي تتابع دخول الاثنين، مما أثار استياء طلال الذي لم يعجبه الأمر:
"لا إله إلا الله، خلي بالك من ألفاظك يا حماتي، مش عايزين فضايح الله يرضى عنك. ولا حد يجي يسحبنا من قفانا ويخرجنا ويقول علينا بيئة. كل اللي في الفرح ده ناس عليوي، ما تعرفش كلامك ده."
ردت عليه درية بنبرة ظهر فيها الاستهجان بوضوح:
"بيئة؟ وكمان يطردونا؟ ليه بقى؟ كان القصر الجمهوري ده إن شاء الله ولا إيه؟ أنا بتكلم من قهرتي، الراجل الأهبل مش عامل حساب لسنه ولا منظره، جَرّرها معاه وساحبها. هي دي أشكال تدخل حتت نظيفة زي دي؟"
سامية، التي كانت تساند والدتها، أضافت بتأييد:
"عندك حق يا أما، ده كفاية البويا اللي ملغمطة بيها وشها ولا الفستان الأحمر. ده لوحده حكاية!"
رغم حنقه من تهكم الاثنتين، إلا أنه لم ينكر صدق حديثهما. زفر طلال بغيظ، مشيحًا بوجهه عنهما، وهو يحدّث نفسه بندم:
"يا ريتني ما سمعت نصيحتك يا بويا، ولا اتصلت بيه أبلغه بأمر الدعوة. ده حتى عياله نفسهم مستعرين منه!"
❈-❈-❈
أما بهجة، فقد تصلّبت مكانها فور أن وقعت عيناها عليه، يصعد نحوها بصحبة تلك المرأة ليبالغ في تهنئتها:
"بهجة، بنتي حبيبتي!"
هجم عليها، يجذبها من ذراعيها ليقبلها على وجنتيها، لكن هذا الغيور تدخل على الفور، وأبعده عنها بحزم:
"استنى هنا، بنتك مين يا حج؟ ابعد كده!"
تلجلج خميس، مبررًا أمام صمتها:
"أنا... أنا أبقى عمها يعني، في مقام أبوها بالضبط."
"عمي بس؟ أنا أبويا مات من زمان. على العموم، تشكر يا عمي."
قالتها بهجة بحسم، لتصب الحرج على خميس الذي حاول تدارك خزيه:
"آه معلش يا بنتي، أكيد متأثرة. بس هي قالتلك أهو، أنا أبقى عمها، ولا إيه يا عريس؟ ده أنا حتى جاي أباركلك معاها."
صافحه رياض بضغط قوي على يده، مانعًا إياه من الاقتراب أكثر أو احتضانه، ليؤكد له مكانته كغريب. أما صفاء، التي ضحكت ببرود مدعية عدم الفهم، فقد حاولت هي الأخرى تكرار فعل زوجها، معتبرة أن كونها امرأة سيمنحها حرية التصرف:
"أنا بقى عارفة نفسي مرات عمك الجديدة يا عروسة."
وقبل أن تفعل ما يدور برأسها، وجدت كف رياض كحاجز يمنعها من التجاوز، مع ابتسامة لا تخفي فظاظته:
"معلش، عشان المكياج."
أومأت برأسها، تواصل ضحكها باضطراب:
"آه صحيح، عندك حق. ألف مبروك يا عروسة... ألف ألف مبروك!"
قالتها وهي تلملم حرجها، ثم نزلت عن المنصة تبحث عن طاولة تضمها هي وزوجها، الذي أدرك جيدًا مكانته حتى لا يأخذه العشم ويطمع فيما هو أكبر.
❈-❈-❈
أما عن رياض، فقد التفت ليطمئن على بهجة فور مغادرتهما:
"أوعي تكوني زعلانة عشان عاملته بقلة ذوق."
هزّت رأسها نافية على الفور:
"وهي فين قلة الذوق؟ أنت اتصرفت بحماية ليا، وأنا اتصرفت بطبيعتي لأني رافضة أي دور يفرضه عليا دلوقتي بعد ربنا ما كرمني بيك. ما هو كان ناسي طول السنين اللي فاتت، ودلوقتي افتكر إنه في مقام أبويا وفاكرني هتكسف من شكلي قدامك؟ لا طبعًا."
ضمها من كتفيها إليه دون مبالاة بأحد، يدعمها بثقة:
"أيوة بقى، أنا عايزك تبقي قليلة ذوق براحتك. جوزك معاكي وفي ضهرك."
لم تخجل من فعلته، بل عبرت عن امتنانها قائلة:
"ربنا يخليك ليا يا رياض."
❈-❈-❈
مع تواصل لفقرات الحفل المشتعلة، كان هناك عدد من المطربين الصغار والكبار أيضًا، منهم المطرب المفضل لإحدى الحاضرات، والتي غلبتها الفرحة برؤيته:
الله، عمر دياب! هتفت بها صبا وكأنها طفلة تحضر أجواء العيد، غير منتبهة لوقارها أمام زوجها الذي ردد، ينبهها رغم سعادته بأفعالها:
اهدي يا مجنونة، مش عايزين فضايح، الناس بتبص علينا.
ردت بلهفة غير مبالية:
وايه يعني؟ ما هما نفسهم جريوا عليه. ما تيجي أحنا كمان نتلم عليه؟ أنا نفسي أتصور معاه زي ما حصل يوم حفل الفندق. فاكر يا شادي؟
فاكر يا قلب يا شادي، بس استني على ما الدنيا تهدا، وأنا هوصلك ليه لو نفسك تتصوري معاه...
حبيبيييي! قاطعته بفرحة غامرة، وسحبته من يده بعد ذلك، ليتابعان المطرب المفضل لديها في اندماج معه