-->

رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 48 - 3 - الأحد 19/1/2025

 

قراءة رواية حان الوصال كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الثامن والأربعون

3

تم النشر يوم الأحد

19/1/2025



لأ، مطارتش، لكنها هتفرقع وتولع لو مردتيش على سؤالي دلوقتي! الشنطة القديمة اللي كانت هنا راحت فين؟



سألته ببرود:


شنطة إيه؟



صرخ بفزع:


شنطة الهاند باج السودة المقطعة! فينها يا ولية؟ اللي كانت فيها هدومي القديمة!



طقّت فمها باستهجان مستنكرة ثورته:


بقى كل ده عشان شنطة قديمة ومقطعة! إيه قيمتها دي عشان تبهدل الدنيا وتصرخ كده؟ طب العيال لمّوها النهاردة مع حتة الغيارين، وعبوها كتب من بتاعتهم وباعوها لبتاع الروبابيكيا...


إييييه؟!



صرخ بصوت أعلى، قابضًا على ساعديها ،يعنفها بحقد غير مصدق:


إيه اللي بتقوليه ده؟ انتي أكيد بتهزري! لا يمكن تكوني بتتكلمي جد. يا إما... يا إما انتي خدتِ الفلوس اللي فيها! أيوة، أنا عارفك، أبوكي القرش وأمك الفلوس!



نفضت ذراعيها من قبضته لتنهره بغضب:


شيل إيدك عني يا راجل! إنت اتجننت ولا إيه؟ كل الجنان ده على شنطة قديمة ومقطعة؟ ولا...



توقفت فجأة، ثم تابعت بفراسة:


ولا يكونش كنت حاطط فيها فلوس ولا حاجة غالية؟



دفعها بقوة، وملامحه تخالف طبيعته المعروفة بالجبن، ليصارحها دون إنكار:


أيوة، كنت حاطط فيها فلوس، وفلوس كتيرة كمان، في جيب سري، عشان انتي وولادك الحرامية ما توصلولهاش! أديكي عرفتي... يبقى اطلعي بفلوسي يا ولية، ولا أحسن أوديكم كلكم في داهية!



لم تكن أقل شراسة منه، لتقبل إتهامه بضعف أو تردد، فردّت تبادله بدفعه أقوي من دفعته، مكشرة عن أنيابها:


داهية تاخدك وتاخد اليوم اللي شوفناك فيه يا عجوز يا عرة الرجالة! مفيش حرامي غيرك! إنت جاي ترمي بلاك علينا ولا إيه؟ أما دي عجايب والله!



صرخ بأعلى صوته وقد فقد آخر ذرة من حكمته، قابضًا على رقبتها:


دا أنا اللي هوديكي في داهية النهاردة! والله ما أنا سايبك!



ثارت عليه بجنون أشد:


طب إن كنت راجل، اعملها! عشان الداهية دي إن شاء الله تاخدك انت!



ثم صاحت بأعلى صوتها:


الحقوني يا نااااس! الراجل الخرفان عايز يموتني!


❈-❈-❈

ضحكتها التي كانت تجلجل في البقعة الخالية إلا منهما، وهو يقوم بسحبها بيديه الاثنتين بروية وصبر، كي يعلمها التزلج على الجليد، وقد جهزها بجميع الأدوات: الثياب الثقيلة، والنظارة الواقية التي تحمي عينيها، والقفازات، والخوذة، وغيرها من الأشياء الهامة، بالإضافة إلى الزلاجات الجليدية التي ترتديها في الأسفل، والتي تسير بها بصعوبة رغم مساعدته لها، وجسدها يميل يمينًا ويسارًا بلا توازن، حتى زمجر مخاطبًا إياها بحزم:


بطلي بقى واثبتي! كده اليوم هيضيع في المحاولات وبس.



هتفت تجادله بمرح:


وأنا أعملك إيه يا مفتري بمزاجك الغريب؟ ما كنا روحنا بلد ساحلي ولا استوائي. حبكت التلج والمزاج الغريب ده!



ضحك معلقًا بتسلية:


بقى دي جزاتي؟ أَني عايز أعيشك في جو مختلف، دي الرومانسية في أعلى صورها يا بنت خليل.



توقف فجأة عن العبث ليردف بشجن، تخلل كلماته:


أنا عشت أجمل أيام عمري في الجو ده يا بهجة، الأسرة السعيدة: بايا وماما، وحبهم اللي كنت بشوفه في كل تصرفاتهم لبعض. قعدتنا إحنا التلاتة قدام الدفاية والحطب، وبابا ضاممنا أنا وماما في حضنه، وهو بيحكي تفاصيل يومه في الشغل، ماما تحكي عن مغامراتها مع الجيران. وأنا أحكي أي حاجة هبلة عشان أشاركهم.

كنت دايماً برسم في عقلي إني أقعد أنا وحبيبتي قدام النار، ونحكي ونحب في بعض.


بس أنت مقعدتنيش قدام النار ولا الدفاية يا رياض.



قالتها بعفوية، انتشلته من ذكريات كان قد غاص فيها، ليستدرك ضاحكًا:


حاضر يا بهجة، هنقعد قدام النار وندفى. هو إحنا ورانا إيه أصلاً؟



جادلته، وهي تتشبث به حتى لا تقع:


يعني إيه الكلام ده بقى؟ شهر عسلنا هيبقى يا تلج أخوض فيه، يا قعدة قدام النار، هوده يبقى عسل يارياااض!



أطلق ضحكة مدوية قبل أن يغيظها قائلاً:


لا، طبعًا! أنا محضرلك برنامج شامل هيعجبك ويريحك أوي يا بهجة.



وعاود ضحكاته، ليحاول مجددًا تعليمها.


 استجابت بتحريك قدميها بخطوات بطيئة، رويدًا رويدًا أصبحت تستقيم معه حتى كاد أن يصل بها إلى ممر التزلج، لتأتي عاصفة ثلجية فجأة، بفعل بشري، حينما مر أمامهم بعض الأفراد بسرعة البرق، يطيرون فوق كوم عالي من الثلج، ارتفع جزء كبير منه ليغطي وجوه الأثنان وملابسها الثقيلة.


شهقت بهجة بإجفال امتزج بدهشتها، أما هو، الذي أصابه ما أصابها، كاد أن يخرج من فمه سبّة نحو الرجلين الذين اختفيا كالظلال بسرعتهما في التزلج. ولكن أوقفه ضحكتها، التي صدحت بدون قيود أو خجل.


ضحكة صافية بشقاوتها، ألهبت مشاعره الهائمة بها، ولكن هذا لم يمنعه من استفزازها.


ليباغتها بكومة صغيرة من الثلج دفعها بها، أوقفتها عن الضحك بصدمة، سريعًا ما تجاوزتها، لتدنو سريعًا تلتقط كومة بين كفيها، ألقتها عليه بكامل قوتها لتغطي وجهه بالكامل، وجزءًا ليس بالهين من معطفه، حتى شعرت ببعض الندم، قبل أن يقلب الأمر عليها، ويرد بكومة أخري نحوها، وتبدأ حرب كرات الثلج بينهما، ولحظات من المرح والضحكات التي لا تنتهي.


❈-❈-❈


وصلت الأسرة بأكملها إلى المشفى الذي يتلقى فيه خميس الإسعافات اللازمة، بعد خوضه شجارًا غير متكافئ تمامًا مع المرأة وأولادها والجيران الذين شهدوا على ما حدث له. كان يتلقى الضرب على كل مناطق جسده، ليُضاف ذلك إلى سجل خسائره من الكرامة والصحة أيضًا.

 يتأوه بصخب داخل الحجرة التي تم احتجازه فيها حتى يتعافى ويتمكن من السير مجددًا. دلف إليه أولاده الثلاثة بصحبة والدتهم، التي أصرت على أن تراه بهذا الوضع.


آاااه، آااه، آاااه، هموت يا ناس هموت.



بادرت والدتهم بالتهكم وبلهجة لا تخلو من الشماتة:


سلامتك، سلامتك يا سبع الرجالة سلامتك من كل شر.



رمقها بنظرة حارقة، فهو الأعلم بشماتتها به الآن، ليحاول النهوض بجذعه ينتوي طردها، لكن غلبه الألم في ذراعه المكسور، فعاد للتأوه والنواح:


آاااه، يا دراعي، ااااااه يا كلي يا أنا ياما! هو أنا كنت حمل أشكال تشمت فيا كمان؟



مصمصت بشفتيها، بينما حاول سامر تهدئة الوضع من خلفها قائلاً:


معلش يابا، إحنا جايين نطمن عليك بس.



نظر خميس نحو أولاده الثلاثة بتساؤل:

- كلكم؟

أشاحت سامية بعينيها عنه، لا تطيق الرد عليه، بينما تكفل سمير بالرد:


طبعًا يا أبويا، كلنا، من أول ما وصلنا الخبر وإحنا لمينا نفسنا وجينا على طول نطمن. إنت عامل إيه دلوقتي؟



تلقف السؤال ليجيب بصوت يحمل مظلوميته:


هموت يا بني! الوِلْيَة الحرامية هي وعيالها سرقوني ونهبوني، وآخرة المتمة خرجت من عندها بعلقة! دا أنا اتضربت ضرب مخدوش حمار في مطلع.



ضحكة شامتة بزغت على شفتي درية لتزيده حنقًا، فعبّر عن استيائه:


إنتو جايبين الست دي معاكم ليه؟ عشان تشمت فيا؟ دي جزاتي عندكم!


يابا والله مش كده، أمي بس عايزة تطمن.

قالها سامر لتُعلّق درية مكررة بتهكم:


أهو قالك أهوووه، جاية أطمن وأعمل الأصول. يا راجل يا أبو الأصول! هههههه.



وختمت بضحكة أشعلت رأسه، فكان دخول سامية وخطيبها كنجدة له:


مساء الخير عليكم جميعًا. المشوار قُضي والحكاية انتهت خلاص. يا عم خميس...


مشوار إيه؟

توجهت سامية بالسؤال نحو خطيبها، فأتت الإجابة من والده:


حكاية صفاء يا بنتي. الست دي كانت ملفقة لأبوك كام قضية عشان يتحبس فيهم سنين، بس إحنا ضغطنا عليها وخليناها تتنازل.



جاء اعتراض خميس صائحًا:


نعم! يعني بعد دا كله كمان هي اللي كانت شاكياني؟ دا بدل ما تجيب فلوسي! الحرامية!



انفجرت درية خارجة عن دور اللامبالاة قائلة:


نعم الله عليك يا حبيبي، ما هو دا الطبيعي! تحلبك زي البقرة، ولما تروح فايدتك تِرْمَيك في السجن ولا تتخلص منك أحسن من ده كله!