-->

رواية جديدة حارة الدخاخني مكتملة لأسماء المصري - الفصل 26 - 1 الثلاثاء 4/2/2025

  قراءة رواية حارة الدخاخني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 




رواية حارة الدخاخني

للكاتبة أسماء المصري


قراءة رواية حارة الدخاخني

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة أسماء المصري



الفصل السادس والعشرون

1

تم النشر يوم الثلاثاء

4/2/2025

مر تاريخ حياته أمامه وكأنه شريط سينمائي يشاهدة بالتلفاز وقد شعر بغصة ألم تحرقة مما مر به طوال حياته جعله يترك كل شيئ وراؤه ويهجر بلاده باحثا عن فرص عمل جديدة تنسيه مستقبله الذي ضاع بسبب والده المزيف.


ظل شاردً يتذكر لمحات من ماضيه بعد أن تم طرده من أكاديمية الشرطة بسبب هوية والده المزيفة التي تم كشفها بعد مكوثه بالدراسة لعامين كاملين وهو متعجبا من حياته وكيف خدع والده كل هؤلاء وخصوصا أن الصعيد يغلق بابه للغرباء ممن يريدون نسبهم، ولكن ظروف والده كانت غريبة بعد انتحاله لشخصية عاشت وترعرعت بصغرها ببلدتهم.


تذكر والدته وهي تقص عليه الأمر بعد طرده مباشرة من أكاديمية الشرطة وكم شعر بالغضب والضيق من تخبئتها تلك الحقيقة عنه:

-أبوك الله يسامحه جه البلد وأني كنت لسه في الثانوية ولجناه جاعد في بيت عاشور الأسيوطي اللي خرج من البلد هو ومرته وولده ومعاودتش، وكل البلد صدجت أنه ولد صالح ومحدش كان يعرف بحجيجته.


ظل ينظر لها بغضب وهي تكمل:

-فضل يتجرب من كل رجالة البلد واشتغل معاهم وكان ذكي عشان إكده كلهم حبوه حتى ابوي الله يرحمه ووجتها طلب يدي وابوي وافج من غير ما يراچعني حتى.


أطرقت رأسها حزنا وتابعت:

-خلفتك وهو وجتها جاب لخالك الشغلانه اللي هو فيها في اسكندرية اكمن خالك جامعته كانت هناك وكان هيتجنن ويتجوز مرته، لحد إكده ومحدش كان مصدج انه مش مش صالح ولد عاشور الأسيوطي، لحد اليوم إياه اللي جلب حياتي كلاتها.


رمقته بنظرة باكية وحزينة:

-خالك شاف واحد شبه ابوك الخالج الناطج، تجولش فوله وانجسمت نصين متجوز هناك في الحارة اللي ساكن فيها ومخلف واد، وجف في الحارة واتخانج معاه بس الراچل معرفوش وجله إن له أخ توأم ميعرفش عنه حاجه من سنين واترچاه يعرفه طريجه، وطبعا إحنا كلاتنا عارفين إن عاشور مكانش مخلف توأم ولا حاچة، فخالك جه البلد وواجهه فهرب ومن وجتها منعرفوش عنه حاجه ولا نعرفله مكان.


صرخ بها بعد تمام أستفاضتها:

-ولما أنتي عارفه اكده من الأول، ليه منبهتنيش لما جدمت في الشرطة؟


ردت تستجدي رضاه:

-مكنتش أعرف إن الحكاية هتنكشف وإن عاشور وولده ماتو من سنين والحكومة هتعرف، جولت خلاص الخيره فيما اختاره الله خصوصا إني اتطلجت منيه بحكم محكمة على اسمه اللي متجوزني بيه يا ولدي واتچوزت واد عمي عشان أهل البلد ميلسنوش علي.


عاد من شروده على صوت وقع أقدام رشوان الذي دلف لتوه وجلس أمامه مرحبا به:

-يا أهلا يا حمزة بيه.


ابتسم الآخر له بدوره:

-بيه ايه يا معلم بس، انا زي ولادك.


هز رأسه مستحسنا وتابع:

-الواد مرعي قالي إنك عايزني، خير يا بني؟


سحب حمزة نفسا عميقا وطرده وتكلم بعد أن ابتلع ريقه عدة مرات فلاحظ رشوان توتره:

-الحقيقة يا معلم أنا جايلك في طلب وبتمنى انك مترفضوش.


ظل رشوان مركزا بصره عليه بملامح ثابته وهز رأسه مستمعا له:

-أنا طالب القرب منك.


لم تتغير ملامحه ولا جموده ولكن خرج صوته عاديا:

-في مين؟


ابتسم الآخر لتلاعبه:

-مظنش عندك بنات في سن جواز غير الآنسه ورد.


أكد حديثه ببسمة وهزة رأس:

-صح والله ده بناتي التانيين لسه صغيرين.


ابتلع حمزة ريقه من جديد عندما شعر بسخريته ولكنه تماسك وبدأ حديثه:

-يمكن تكون متعرفنيش كويس يا معلم بس أنا شاب بنيت نفسي من الصفر ومحدش ساعدني لا أب ولا عم و...


قاطعه رشوان يسأله:

-وشغلك بره؟


أجابه فورا:

-لفيت بلاد كتير واتبهدلت كتير لحد ربنا ما كرمني وعملت قرشين وقولت استقر في بلدي و....


عاد رشوان لمقاطعته:

-أنت تعرف واحد اسمه فتحي دويدار؟


رمقه بنظرة بدت متعجبة:

-مين ده؟


رفع رشوان حاجبه وهو يتذكر زيارة عزام له بيوم خروجه من محبسه وذلك الحوار الذي دار بينهما على أعتاب منزله:

-يعني مش هتدخلني يا رشوان؟


رد بوجوم وعصبية:

-والله بنتك فوق، فلو عايزها تعرف بوجودك وتعرف حقيقتك اتفضل أدخل البيت ينور بيك يا عزام بيه.


صر عزام على أسنانه وبدأ حديثه بقوة استقاها من مركزه:

-انت كل السنين دي بيجيلك تعليمات بخصوص يوسف وملك ومحمد، ومع ذلك بتنفذ اللي على هواك واللي مش جاي في مصلحتك بتكبر دماغك منه واعتمدت اني مش هأذيك عشان خاطر العلاقة بيني وبينك مش كده؟


صرخ به بحدة:

-بس مش لدرجة تتجوز بنتي.


سأله الآخر سؤالا بديهيا:

-وليه موقفتنش طالما رافض؟ جاي بعد الجواز ما تم تقول كده! ما أنت كان عندك فرصه شهور وشهور أنك تمنع جوازي منها، سكت ليه لحد دلوقت؟


زم شفتيه ورد وهو يكتم غيظه:

-عشان اشوفك هتنهي موضوع يوسف إزاي وفي الآخر أنا اللي خلصته مش أنت برده.


ابتسم رشوان ساخرا:

-يعني ولحد آخر لحظة بتلعب لمصلحتك برده بعيد عن مصلحة ولادك وأمنهم، عموما الكلام ممنوش فايده لأن ملك بقت مراتي ويوسف بقى ملزم يشتغل معانا زي ما أنت كنت بتخطط من زمان.


بلل عزام شفتيه ورد بصوت غاضب متحشرج:

-من وقت اللي حصل زمان وأنا قايلك إن يوسف لازم يمسك معاك الشغل عشان يبقى خليفتك، منا مش هحط حد غريب يراعي شغلنا بعد ما تعبت لحد ما فورت الرجالة اللي هنا كلها واختارتكم بنفسي، وأنت مخلفتش غير بنات يبقى مين اللي يمسك مكانك.


تضايق رشوان من تصريحه ولكنه كتم غضبه ورد بهدوء مغاير لما بداخله:

-وحاولت سنين اخليه يقبل بشغلنا وفضلت اعلمه وأحاول معاه عشان ميدخلش غصب عنه بس أنت بقى اللي صمتت إن الحكاية تخلص بالغصب،


صاح به الآخر:

-تقوم تهدده ببنتي الوحيدة؟ تتجوز عيله من دور عيالك!


لم يعقب عليه ولكنه تفاجئ به يحذره بصرير أسنانه العالي:

-أنت محطوط عليك من الشبكة بره وعليك دين المخزن وأنت عارف المخزن ده كان فيه ايه واللي فيه بكام، بس أنا ميرضنيش انك تتأذى وأنت اللي مربيلي ولادي عشان كده هديك فرصة واحدة بس يا رشوان، فرصة واحده مفيش غيرها وهي إنك تطلق ملك وتسيبها في حالها ويوسف تودكه في الشغل عشان هو اللي هيمسك شغلك بعد عمرا طويل.


سخر بآخر كلماته فابتلع الآخر ريقه وسأله ممتعضا:

-نويت تخلص عليا وعايزني اسلم كده بسهوله؟


غمز له عزام وبسمته الواسعة تثير حنق من أمامه:

-انا لو عايز أخلص منك مش هستنى وأنت عارفني، متخافش، يوسف هيمسك بعدك بالوفاة الطبيعية مش بالغدر.


حاول أن يعلق عليه ولكنه وجد إصراره:

-بس لو منفذتش وطلقت ملك فساعتها الدين بتاعك هيروح للشبكة بدل ما أدفعهولك أنا ووقتها هيبقى موتك تمن للدين ده، اللهم ما بلغت.


وجد رفضه الظاهر وتخبطه فسأله:

-معقول بتفكر بين حياتك وبين طلاق ملك؟


صمته أثار ريبة عزام فهدر بصوت منخفض خوفا من أن تسمعه ابنته بالأعلى:

-ايه الحكاية؟


أجابه رشوان بضيق:

-سيبلي ملك يا عزام بيه، إكراماً لخدمتي ليكم كل السنين دي، اعمل اي حاجه وبلاش تاخدها مني.


اتسعت حدقتيه زهولا من توسله:

-أنا دخلت عليها من ساعه واحده وخلاص بقت مراتي، فالطلاق هنا ملوش لازمه.


غلت دماؤه بعروقه فأمسكه من تلابيبه وضغط على أسنانه يوبخه:

-دخلت على عيلة أصغر من عيالك؟ أنا كنت مفكرك بتأمن نفسك زي عادتك ومتجوزها ع الورق بس، إنما أنت كده مريض مش طبيعي.


ضغط رشوان على أسنانه حتى كادت أن تتهشم وابعده عنه يدفعه بعيدا:

-أنت عايز ايه دلوقت؟


هدر به:

-طلق ملك يا رشوان ويوسف ينزل معاك الشغل من بكره وإلا متلومش إلا نفسك. 


تحرك مغادرا من أمامه ولكنه التفت يعطه آخر أوامره:

-جايلك أوامر تقرب من الولد اللي اسمه حمزة الأسيوطي ولو طلب منك لبن العصفور تنفذ من غير نقاش ومن غير ما ترجع لنا.


لم يفهم سبب هذا الطلب الغريب ولكنه أومأ برأسه موافقا فغادر عزام من أمامه ووقف رشوان بملامحه المبهوتة وهو يتمتم بداخله:

-لازم تقبليني يا ملك، عشان وقت ما ينكشف ورق اللعبه كلها تعرفي مين اللي كان معاكي من أول يوم ومين اللي اتخلى عنك ورماكي.

❈-❈-❈

عاد من شروده على تركيز الآخر به ينبهه:

-يا معلم، بقولك مين فتحي ده؟


حدث رشوان نفسه:

-معقول يكون هو؟ نفس الهيئه وحكاية زمان مع أنور وفتحي.


رد بعد صمت طويل:

-ده أبو يوسف اللي كان خاطب بنتي.


رمقه بنظرة متحيرة فوضح الأول:

-أصل فيك شبه منه جدا.


على صدر حمزة وتنفس عاليا يرمق رشوان بنظرات مترددة وأخبره:

-من زمن طويل خالي قالنا انه شاف واحد شبه ابويا بس طلع ميقربلناش اصلا.

الصفحة التالية