-->

رواية جديدة حارة الدخاخني مكتملة لأسماء المصري - الفصل 28 - 1 - الثلاثاء 11/2/2025

 قراءة رواية حارة الدخاخني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 




رواية حارة الدخاخني

للكاتبة أسماء المصري


قراءة رواية حارة الدخاخني

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة أسماء المصري



الفصل الثامن والعشرون

1

تم النشر يوم الثلاثاء

11/2/2025

دلفت بعد أن قام زوج أختها بإيصالها لمنزلها وصعدت فوجدته يجلس أمام التلفاز يشاهده بشرود لدرجة أنه لم ينتبه لوصولها بعد، فتنحنحت لتسترع إهتمامه فالتفت يرمقها ببسمة لطيفة وسألها:

-جيتي أمتى؟


أجابته بعد أن خلعت حذائها ذو الكعب العالي وجلست بجوارة على الأريكة تتألم من قدميها:

-لسه حالا، الظاهر كنت سرحان في الفيلم ومحستش بيا.


هز رأسه وضغط على جهاز التحكم فأطفئه والتفت يسألها:

-الفرح كان حلو؟


أومأت تقص له أحداثه:

-حمزة كان باين عليه مبسوط اوي، وورد كانت زي القمر والمفروض أنك كنت تحضر ده ابن عمتي.


تنهد زافرا بضيق:

-مكانش ينفع بعد المشاكل اللي حصلت بيني وبين المعلم رشوان اني اروح، ده غير مكنتش عايزك تقعدي مضايقه في فرح ابن عمتك لو غصب عني سلمت على ملك، أنا بحاول مزعلكيش.


ابتسمت واحتضنته:

-عارفه يا حبيبي، بس أنا شيلتها من دماغي خلاص ومتاكده من حبك ليا.


ابتعدت عن حضنه لتكمل له:

-مشوفتش المعلم وهو داخل ومرتاته الأربعة جنبه كان شكله مسخره والله.


ضحك تماشيا مع ضحكتها:

-بس حصلت حاجه غريبة أوي في الفرح وبابا نفسه كان متفاجئ.


رمقها بمعنى أكملي حديثك أنا منصت لك:

-بابا حمزة جه الفرح مع انه من سنين وهو سايبهم، حتى عمتو اتطلقت منه غيابي واتجوزت ابن عمها.


هز رأسه وكأن ما تقصه عليه يعنيه بشيئ:

-عارف بابا حمزة طلع مين.


تعجب من سؤالها فضحك:

-هيكون مين يعني!

-اخو أبو يوسف أو بمعنى أدق توأمه.


انتبه لحديثها المباشر وهنا فقط اهتم بما تقوله فسألها:

-انتي بتقولي ايه؟


ردت فورا:

-بابا قال أنه كان عارف بس عشان بابا حمزة كان هربان من تار انتحل الاسم اللي اتجوز بيه عمتي ولما الموضوع اتكشف وعرفو انه منتحل الاسم ده هرب وبعدها ده طبعا كان السبب إن حمزة يترفد من اكاديمية الشرطة وبرده كان سبب سفره بره طول السنين اللي فاتت.


تعجب مظهرا ملامح مندهشة:

-ازاي أبوكي ميعرفش أم يوسف بالكلام ده.


هزت كتفيها بحيرة وتنهدت لتسأله:

-اتعشيت؟


أومأ فقبلته من وجنته وهي تتحرك للداخل:

-طيب معلش يا حبيبي هدخل ارتاح شويه أحسن رجلي وجعاني اوي من الكعب ده.


أومأ موافقا وفرد ظهره على الأريكة متعجبا:

-ابو ملك وابو حمزة أخوات! إزاي الحكاية دي؟


عاد شاردً أمامه وقد تذكر ذلك اليوم قبيل موت والده وهو يقف مع فتحي ويبدو أنهما يتشاجران بأمر ما بالرغم من العلاقة الوطيدة بينهما وصداقتهما القوية منذ أن جاء فتحي ليستقر بالحارة، حتى أن والده هو من أشار عليه بعروسه وقتها ونصحه بالزواج منها.


تذكر تلك المشاجرة فهو لم يكن صغير بل كان شابا بالخامسة عشر وقد علم لتوه أن ابيه يتاجر بالممنوعات شأنه شأن كل قاطني الحارة، وكم مقت والده ومقت أمواله الحرام التي يطعمهم بها ولكنه آثر الصمت حتى لا تعلم والدته بالحقيقة المرة:

-أنت فاكر أنك تقدر تلعب من ورايا ولا من ورا المعلم رشوان؟


ارتبك فاروق مبتلعا ريقه وهو ما تعجب له نجله فلماذا كل هذا الخوف من صديقه:

-أنا مجرؤش اشتغل من وراكم، بس دي كانت سبوبه صغيره كده عملتها لحسابي عشان أجهز البت حبيبة.


زغر له فتحي بنظرة مخيفة ففكر عقله فورا كيف لهذا الرجل الطيب أن يخرج تعبير كهذا يستطيع أن يزهق روح من أمامه وهو بتلك الملامح الطيبة:

-لو أنا عدتها فأنت عارف إن رشوان مش هيعديها عشان أنت صغرته قدام التجار.


ارتبك والآخر يمد راحته يربت على كتفه:

-ربنا يقدرني واقدر اقنعه يفوتهالك بدل ما أنت عارف تمن اللي حصل ده ايه.


عاد من ذاكرته يحاول نفض تلك الأحداث المؤلمة التي تؤرق حياته بعد فقدانه لوالده والذي مات غارقا بالبحر وهو يصطاد الاسماك بنوة عاتية ولولا أنه متأكد من ذلك لظن أن رشوان قتله ليعاقبه على فعلته.


والوحيد الذي وقف معه ومع والدته بتلك الازمة هو فتحي الصديق الصدوق الذي ظل يراعيهم حتى اختفى هو الآخر بيوم وليلة وقيل عنه أنه هرب، ولكن يوسف أخبره هو الوحيد بحقيقة قتله أمام عينيه فتأكد وقتها أن أمرا كبيرا حدث لوالده هو أيضا وكان مصيره القتل كما حدث مع رفيقة وجاره.

❈-❈-❈

ارتفع على ساعديه ينظر لها مبتسما وهو ينهج بأنفاسه وسألها بصوت مجهد:

-انتي كويسه؟


أومأت بخجل وأغلقت عينيها لتتحاشى النظر له فابتسم وقبل تجويف عنقها هامسا:

-طيب موجوعه ولا حاجه؟


ردت وصوتها يكاد يخرج من حلقها:

-مش أوي.


اعتدل ساحبا غطاء الفراش ليدثرهما واحتضنها:

-اتغطي عشان متبرديش.


احتضنها بقوة فاستندت على صدره:

-لو حاسه بوجع قوليلي متتكسفيش مني ﻷن ده طبيعي أول مره.


ارتبكت وابتلعت ريقها:

-في وجع بسيط.


قبل أعلى رأسها وأزاح الغطاء عن جسده وانحنى ليلتقط سرواله الداخلى ووقف أمامها غامزا:

-هحضرلك الحمام يريحك شوية، ومبروك يا عروسه.


دلف المرحاض ووقف أمام حوض الاستحمام يملؤه بالمياة الدافئة وعاد ممسكا بهافته يبحث بمواقع البحث عن اسماء الملطفات الواجب وضعها والتفت يخبرها:

-لازم اجيبلك الدوا ده عشان يريحك.


تلعثمت وعضت على شفتها بخجل:

-أيوه موجود في الحمام، ماما جيبهولي.


هز رأسه مستحسنا ودلف ووضع بضع قطرات منه بالمياة وخرج ليزيح الغطاء عن جسدها فشهقت بخضة وخجل وهو يحملها بين يديه ويضعها بالمغطس وجلس على حافته يدلك لها جسدها فشعرت بحبه وقد تضخم بداخل قلبها ورفعت وجهها تناديه:

-حمزة.

-حبيبي

-انا بحبك أوي


انحنى مقبلا أعلى رأسها وكتفها العاري ورد:

-وأنا كمان بحبك يا عمري.


وقبل أن ينخرط معها بما يجول بخاطره استمع لرنين هاتفه فتعجب وابتسم ساخرا:

-خايف أشتم ع اللي بيتصل دلوقت تطلع أمي، وهي أكيد أمي.


عضت على شفتها فخرج هو ليجيب هاتفه، وعاد بعد لحظات وخلع عنه سرواله الداخلى وأزاح ورد للأمام قليلا ليترك مسافة ليجلس هو فاردا قدميه وسحبها لتصبح جالسة بينهما وانحنى يقبل عنقها وهي تتنفس بصعوبة من فرط خجلها وما تشعر به، ولكن فضولها لما حدث بالزفاف ومعها مكالمة والدته الغير مراعية جعلتها تهمس بتردد:

-حمزة.

-حبيبة قلب حمزة.


ابتسمت من تدليله وكادت ان تنسى ما أرادت التحدث بشأنه، ولكنها ذكرت نفسها وسألته:

-هو أنت مش هتحكيلي عن الحاجات اللي حصلت في الفرح.


زم شفتيه للأمام وزفر زفرة عالية فصمتت قليلا ولكنها سألته:

-مش أنت قايل لي إن بباك ساب البلد وسافر ومفيش تواصل بينكم!


هز رأسه فشعرت برده دون أن تلتف برأسها:

-أومال هو عرف ميعاد الفرح منين وازاي حضنته وفرحت بيه كده بالرغم من زعل مامتك؟


أدارها ورفعها قليلا لتجلس على قدميه داخل المياه الدافئة وسألها وهو يقبل أرنبة أنفها قبلة صغيرة سطحية:

-الوجع قل ولا لسه موجوعة؟


نفت ترد:

-بقيت كويسه الحمد لله والميه الدافية فكتلي جسمي.


قبلها قبلة عميقة ورفع جسده وهو يحملها وسحب رداء الاستحمام ووضعه عليها وخرج يحتضنها بعد أن لف خصره بمنشفة عريضة:

-تعالي البسي عشان متبرديش.


جلست على الفراش وهي تجده يخرج ملابسها ويساعدها بارتدائها فتوغلت السعادة بداخلها وأطرت على رومانسيته:

-أنت جميل أوي، يا ترى هتفضل تدلعني كده ولا ده في شهر العسل بس؟


ضحك عاليا وتحرك صوب جارور ملابسه وبدأ بالإرتداء هو الآخر:

-الحقيقة إن الدلع ده هيكون انهاردة بس يا ورد.


تجعدت ملامحها تنظر له وهو يكمل ارتداء ملابس الخروج فهتفت:

-أنت بتقول ايه؟ هو أنت خارج!


أومأ ووقف يصفف شعره:

-زي ما أنتي عايزه تفهمي اللي حصل في الفرح فأمي كمان هتموت نفسها من ساعتها وخالي مش قادر عليها، فلازم أروح دلوقت عشان اهديها وهرجعلك.


انتفضت تصرخ رافضة:

-هتروح الحارة بعد كام ساعه من الفرح! أنت عايز أهل الحارة كلها تتكلم عليا؟


التفت لصراخها وجعد وجهه ورد بهدوء ولكن بصوت صارم:

-خدي بالك يا ورد من نبرة صوتك.


تداركت خطئها فتوسلته:

-بلاش تروح الحارة عشان خاطري، أهل الحارة لو شافوك هيطلعو عليا سمعة وأنت ميرضيكش حد يتكلم عن مراتك.


اقترب منها وانحنى مقبلا رأسها:

-متقلقيش، أنا ههدي أمي وهرجعلك هوا ومحدش من الحارة هيحس بحاجه.


❈-❈-❈


وضعها على الفراش وظل يقبلها من أنحاء جسدها وعنقها وبدأ بتجريدها مما ترتديه فسمع شهقات بكائها مع استسلامها الذي لم يحبذه، فقد شعر أنه يجامع لوح من الثلج يقطر دمعا، فالتقط دموعها بقبلاته وارتفع مستندا على ساعديه وسألها بحزن:

-ليه يا ملك بعد كل ده ولسه رفضاني كده؟ معقول مش شايفه حاجه كويسه واحدة عملتها عشانك؟


جلست تلملم أطراف فستانها لتغطي صدرها وتمتمت بصوت متهدج:

-مش عارفه، حقك عليا، أنا عارفه أنت عملت عشاني كتير وحاولت عشاني كتير بس صعب أبص للراجل اللي رباني وبحطه في مكانة أبويا واشوفه جوزي، صعب اوي والله، اللي أنا فيه ده لا هو كره ولا زعل ده حب، بس حب ابوي مش عارفه اغيره واخليه حب بتاع المتجوزين 


بكت بحرقة:

-حقك عليا.


جلس على طرف الفراش وتنهد تنهيدة طويلة وتمتم:

-أنا ضحيت بورد عشان تفضلي معايا، مش عارف اعيش ونظراتك ليا بالشكل ده.


لم تفهم ما عناه فسألته:

-ضحيت بورد ازاي؟ أنت صممت إنها تسيب يوسف وفي الآخر حصل اللي أنت عايزه وأهي اتجوزت قريب سهر.


التفت يسألها بتوجس:

-أنتي مشبهتيش على ابوه خالص؟


الصفحة التالية