-->

رواية جديدة أنا لست هي مكتملة لبسمة بدران - الفصل 28 - 1 - السبت 1/2/2025

  قراءة رواية أنا لست هي كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية أنا لست هي

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة بسمة بدران


الفصل الثامن والعشرون

1

تم النشر يوم السبت

1/2/2025



في أحد المطاعم الراقية جلس أمامها يتأملها في صمت 

بينما كانت هي تشعر بارتباك شديد. 

ابتسم رغمًا عنه عندما تذكر صـ راخها في وجهه عندما أخبرها بأنه يعشق اللون الأحمر عليها. ازدادت هيام إحراجًا شديدًا عندما رأته يتطلع إلى ثوبها فهتفت بعبوس طفولي:  "أنا لبسته عشان لقيته أول حاجة قدامي مش أكتر يعني!"


اتسعت ابتسامته الماكرة ثم قال بمشاكسة:  "وفيها إيه يعني لما تقولي لي إنك لبستيه عشان هو عجبني عليك مش عيب على فكرة... أنا زي خطيبك برضو!"


اشاحت بصرها بعيدًا عنه ولم تُعقِّب فتجرأ وأمسك بيدها تلقائيًا نظرت إلى عينيه وظل هكذا يأسرها بنظراته الحنونة مما جعلها تشعر بسعادة لا مثيل لها.


ران الصمت بينهما قليلًا ولم يكن بينهما حديث سوى لغة العيون حتى قطعه هو بنبرة جادة ممزوجة بالحنان:  "هيام إحنا مش صغيرين وما ينفعش نبعد عن بعض أكتر من كده... أنا قررت إننا نتجوز الخميس اللي بعد الجاي تكوني انتِ ظبطي نفسك وأنا هعمل حفلة بسيطة أعزم فيها قرايبنا."


كادت أن تعترض فالمُدة ليست كافية بالنسبة لها، إلا أن نظراته الدافئة المملوءة بالإصرار جعَلتها تومئ بالموافقة...


❈-❈-❈


 "سيلا حبيبتي لوين رايحة؟ تعي بدي أحكي معك شوي."


دندنت سيلا وهي تشعر بالغضب من تلك المرأة الشمـ طاء التي تزوجت عمها سرًا وأنجبت منه فقط لتحصل على المال.

 أجابتها ببرود وهي تجلس على الأريكة المقابلة لها:  "نعم؟ عايزة إيه؟"


شعرت ماجي بالحرج من رد سيلا فهتفت بارتباك:  "ما في شي حبيبتي بس كنت بدي تحكي معي متل قبل... كنتِ على طول تجي وتطمني على البيبي وكمان"


قاطعتها سيلا بتأفف:  "والله أنا اليومين دول مش فاضية عندي حاجات مهمة بعملها."


أومأت ماجي بالموافقة رغم شعورها بأن هذه الفتاة لم تعد سيلا التي تعرفها بل فتاة أخرى تمامًا. 

هناك فراغ في حديثها ونظراتها غير مريحة وعلى الرغم من كل ما تشعر به فضّلت الصمت.


زجرتها سيلا بحدة ثم اندفعت إلى الخارج للحاق بنورسين التي كانت تنتظرها. 


تطلعت ماجي نحوها بقلق لكن  قطعتها نهال التي ولجت حديثًا وهي تهتف بابتسامة: "كيفك يا حلوة؟"


ابتسمت ماجي للكنتها اللبنانية ثم أجابتها بنعومة:  "الحمد لله منيحة... إنتِ كيفك؟"


 "كويسة." 


قالتها نهال وهي تجلس بجوارها.

ساد الصمت بينهما للحظات حتى قطعته ماجي متسائلة: "نهال مو ملاحظة شي على سيلا؟ حاساها مغيرة شوي."


أومأت نهال برأسها وتمتمت بداخلها "هي فعلاً متغيرة..." ثم أجابت بتلعثم: "عادي حاساها عادي... يمكن اليومين دول في حاجة مغيراها ولا حاجة هبقى أقعد وأشوفها."


نهضت نهال قائلة: "أنا هقوم أعمل قهوة أعمل لك معايا؟"


هزت ماجي رأسها نفيًا مغمغمة: "الحكيم قال لي أبعد عن أي شي في كافيين من شان البيبي تسلمي حبيبتي بس لو ما راح أتعبك بدي نعنع أو جنزبيل سخن."


 "تكرم عيونك." 


قالتها نهال وهي تتجه إلى المطبخ لكن بداخلها الكثير والكثير من الأسئلة ناهيك عن الحيرة التي تعتريها منذ ظهور ابنتها الحقيقية وحتى الآن...


❈-❈-❈


اقـ تحم ماجد مكتب شقيقه ثم احتـ ل أحد المقعدين المقابلين لمكتبه هاتفًا بجدية: "حسن كنت عايز أتكلم معاك في موضوع هيجنني!"


تطلّع إليه حسن بعد أن ترك الأوراق التي كان يقرؤها جانبًا فاستطرد ماجد: "أنت مش ملاحظ حاجة غريبة بتحصل اليومين دول مع بنتي سيلا؟"


شعر حسن بالشك من حديث شقيقه لكنه ادعى الثبات وسأله: "حاجة زي إيه يعني يا ماجد؟ ما تتكلم على طول!"


زفر ماجد بقوة ثم تحدث بروية: "البنت اللي أنت جبتها من أمريكا حاجة واللي ظهرت من يومين دي حاجة تانية خالص!"


رفع حسن حاجبيه بدهشة مغمغمًا: "دي فزورة يعني ولا إيه؟ مش فاهم!"


أجابه ماجد باقتضاب: "أنا بتكلم جد على فكرة! البنت اللي موجودة معانا من يومين دي هي سيلا بنتي... لكن اللي قبلها لا! وحاسس إن الإجابة عندك أنت أرجوك يا أخويا ريّحني لأني كمان نهال هتتجنن"


على الرغم من أن حسن يجهل التناقض الذي يتحدث عنه شقيقه بشأن ابنتيه فإنه قرر أن يخبره بالحقيقة الآن وليحدث ما يحدث. 

عقد أصابعه ببعضها ثم استند بذقنه عليهما هاتفًا بجديّة: "هحكي لك كل حاجة يا ماجد."


أغمض عينيه بقوة ثم فتحهما بعدها ليقص على شقيقه ما حدث بالتفاصيل والآخر ينصت إليه وكلما تقدم في الحديث ازداد غضب ماجد. 

وبعد أن انتهى نهض ماجد واقفًا وهو يصـ رخ: "إنت بتقول إيه يا حسن؟ بنتي كانت مدمنة وانت تقوم تصلّح الغلط بغلط أكبر؟ جايب لي بنت من الشارع وبتقول لي إنها بنتي؟ ليه عملت كده؟ حرام عليك يا أخي! ما صعبتش عليك؟ ونهال الغلبانة دي ما صعبتش عليك؟"


نهض حسن بدوره يهتف بصـ راخ هو الآخر: "وأنا عملت كل ده عشان مين؟ عشانك انت! عشان نهال اللي بتنهار قدام عيني! ما كانش قدامي حل تاني! وكمان أطلع أنا الغلطان

 بس هو أنتم دايمًا كده ما بتقدّروش أي حاجة أعملها عشانكم يا عيلة نصار أنا فنيت عمري على مصالحكم!"


توقف لثوانٍ ثم تابع بنبرة غاضبة: "أنا عملت اللي عليّ وريحّت ضميري وحكيت لك عايز تصدق صدق... مش عايز انت حر"


ألقى كلماته دفعة واحدة ثم ترك المكتب وانصرف وهو يشعر بالغضب من كل شيء تاركًا شقيقه واقفًا مكانه لا يزال غير مصدق ما سمعه منه...


❈-❈-❈


أمسك وليد بزجاجة الخمر وسكب منها قليلا في كأسه ثم أضاف بعض قطع الثلج ومد يده بها نحوها قائلا بأمر: "خُدي اشربي يا ليلى"


رمقته بغضب ثم هزت رأسها نفيا وردت بحدة: "إنت اتجننت  عايزني أشرب خمرة؟!"


اشتد غضبه من عنادها فتقدم منها وأمسك يدها بقـ وة واضعا الكأس أمام شفـ تيها مرددا بنبرة صارمة :

 "بقولك اشربي!"


لكنها أطبقت شفـ تيها بقوة تهز رأسها بجنون مصممة على الرفض

 توترت ملامحه ثم خطا مبتعدا قبل أن يعود بحبل سميك ليقـ يدها بإحكام


رغم صـ راخها ومحاولاتها اليائسة للمقاومة لم يكن أمامها فرصة للهرب.


بعد أن انتهى قرب الكأس من فمها مجددًا وقال ببرود "اشربي!"


نظرت إليه بتحد وقالت بصوت ثابت رغم رعشة جـ سدها: " بقولك مش هشرب يا وليد ولو السما نزلت على الأرض مش هشرب القرف ده!"


قبـ ض على فكها بقـ وة مُجبرًا إياها على فتح فمها ثم سكب المشروب بداخله. 

شعرت بالقرف يجتاحها لكنها لم تبتلعه وبمجرد أن ابتعد عنها ونظر إليها بانتصار بصقته في وجهه


تجمد في مكانه للحظات قبل أن يشتعل غضبًا. 

تقدم نحوها باندفاع وانهال عليها بصـ فعات

متتالية هادرًا بشراسة: "هتدفعي تمن اللي عملتيه ده غالي يا ليلى كنت بفكر أرحمك بس خلاص أقسم بالله هخليك عبرة هعمل اللي ابن نصار ما عملهوش بعد كتب كتابكم


تركها مكـ بلة في مكانها بينما الألم ينـ هش جـ سدها لكن عينيها ظلتا تلمعان بتحد لا ينطفئ.


❈-❈-❈


أخبرته والدته عبر الهاتف بأن الغداء جاهز فاستعدّ للخروج وعندما أبصرها لا تزال جالسة في مكانها تخفي وجهها بين راحتي يدها دنا منها ثم هتف بحدّة:  "نازل أتغدى وهبقى أجيب لكِ أكلك وأنا طالع."


زفر بقوة عندما لم يجد منها ردًّا فتأملها مطولًا للحظات قبل أن يتجه إلى الخارج تاركًا إياها تغرق في حزنها. 

شعرت بالقهر فهو لم يكلّف نفسه حتى بمحاولة مصالحتها أو مواساتها بكلمة رغم أنها لم تفعل شيئًا خاطئًا كل ما فعلته أنها ابتسمت لقريبه مجاملةً لم ترتكب إثمًا عظيمًا أو جرمًا فاحشًا!


نهضت بصعوبة من مكانها عازمةً على الجلوس قليلًا في الشرفة علّها تستنشق بعض الهواء النقي بعيدًا عن هواء المنزل الذي بات يخنقها كثيرًا.


❈-❈-❈


استقلت السيارة بجوار نورسين التي كانت جالسة أمام عجلة القيادة تنظر في ساعتها الذهبية بين الفينة والأخرى.

 هتفت باقتضاب وهي تغلق الباب: "sorry اتأخرت عليكِ أصل البتاع ده بياخذ وقت على ما أعمله."


كانت تشير إلى الحجاب

 فرفعتها نورسين بنظرة ازدراء ولم تعقب.

 استمرت في حديثها المستفز: "قولي لي يا نور للدرجة دي أنتِ والبتاعة دي بقيتوا أصحاب صاحبتيها على إيه؟ دي لا شكلك ولا مستواك؟"


أوقفت نورسين سيارتها فجأة مما جعل رأس سيلا يكاد يصطدم بالزجاج ثم صـ رخت في وجهها وهي تشهر سبابتها أمام عينيها:  "ما تجيبيش سيرتها على لسانك يا سيلا ليلى أحسن بنت قابلتها في حياتي والحمد لله إن القدر خلاني أتعرف عليها بس للأسف حظها السيء خلاها تاخد مكانك غلطانين لما شبهوها بيكي إزاي شبه ملاك بشيطان؟!"


طأطأت سيلا رأسها تدلك جبهتها من أثر الصدمة التي أصابت رأسها منذ قليل مغمغمة بسخرية:  "طب يلا امشي علشان تشوفي حبيبة القلب بس ادعي إنها ما تكونش استفزت وليد بكلمة كده ولا كده ويكون اتهور عليها."


نظرت نورسين إليها بقلق وبالفعل زادت من سرعة السيارة غافلة عن سيارة رحيم التي كانت تلاحقها عن بُعد خوفًا من أن يراهم أحد.



الصفحة التالية