رواية جديدة أنا لست هي مكتملة لبسمة بدران - الفصل 30 - 1 - الأحد 9/2/2025
قراءة رواية أنا لست هي كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية أنا لست هي
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة بسمة بدران
الفصل الثلاثون
والأخير
1
تم النشر يوم الأحد
9/2/2025
جلست فوق فـ راشها تبتسم بنعومة ففي كل دقيقة وأخرى كانت تتلقى رسالة من ذلك الشخص؛ بعضها مليئة بالحب وأخرى تعاتبها فيها على شيءٍ اقترفه.
والغريب أنها كانت سعيدة بما يحدث معها وكأنها كانت بحاجة إلى شخص يهتم بها خاصة بعد أن ارتبط والدها بأخرى فأصبحت تشعر وكأنها زوجته وليست ابنته.
جاء ذلك الرجل الغريب الذي لم تعرف هويته حتى الآن ليملأ الفراغ الذي تركه والدها.
وبينما كانت غارقة في أفكارها المتشابكة وردت إليها رسالة جديدة فتحتها على الفور وكان محتواها: > "سألتِني كثيرًا 'من أنت؟' وبصراحة قررت أن أجيبك لكن ليس عبر الهاتف سأنتظركِ غدًا صباحًا في النادي لأجيب على كل الأسئلة التي تريدين معرفتها والآن يكفي سهرًا اذهبي للنوم. آه ولا تنسي أن ترتدي شيئًا محتشمًا غدًا. سلام أيتها المجنونة!"
تنهدت بهيام وراحت تقرأ الرسالة مرارًا وتكرارًا ثم احتـ ضنت هاتفها وسرعان ما غطّت في سباتٍ عميق.
❈-❈-❈
في أرجاء المنزل دوّى صوت صـ راخ سيلا ليهزّ أركانه ويجذب انتباه جميع ساكنيه.
كان ماجد أول من وصل ليجد شقيقه حسن ينهال على ابنته ضـ ربًا فاندفع نحوه سريعًا محاولًا منعه وهو يهتف بتساؤل: "إيه يا حسن؟! إنت بتعمل إيه؟! سيلا عملت إيه؟!"
ابتعد حسن عن مرمى يد شقيقه وهتف بغضب: "اسأل الفـ اجرة بنتك عملت إيه! مش كفاية إنها مدمنة لأ وكمان..."
بتر حديثه فجأة عندما رأى زوجته تقتحم الغرفة تسرع إلى ابنتها وتحتـ ضنها بقوة ترمق حسن بنظرات مبهمة لكنها هذه المرة لم تصـ رخ به أو تعاتبه كما كانت تفعل سابقًا كلما تعرض أحد لسيلا.
دفعت سيلا يد والدتها عنها ثم انتصبت واقفة تهتف بتحدٍّ: "محدّش ليه دعوة بيا! أنا أعمل اللي أنا عايزاه ومن هنا ورايح مش هسمح لأي حد يمد إيده عليا... حتى إنت يا uncle حسن!"
قالتها وهي تقترب منه ثم استرسلت بعد أن أخذت نفسًا عميقًا: "يلا اتفضل قول لهم إنت عملت إيه واحكي لهم مين البنت اللي إنت جبتها مكاني!"
أطرق حسن رأسه إلى الأرض ولم يُجب فهتف ماجد بصرامة: "إحنا عرفنا كل حاجة يا سيلا وعمّك كل اللي عمله كان عشان ينقذ سمعة العيلة وينقذ أمك اللي كانت بين الحياة والموت. محدّش غلطان في القصة دي غيرك إنت! إنتِ اللي استغلّيتِ حبنا ليكي ودلعنا ليكي وفكرتِ إن من حقك تعملي اللي إنتِ عايزاه. ومن هنا ورايح كل حاجة هتعمليها هتبقى بحساب يلا اتفضّلي على أوضتك مش أوضة رائف رائف متجوز ليلى مش سيلا!"
اشتعل الغضب في عيني سيلا عند سماعها حديث والدها الأخير فهتفت بحدّة وصوت مرتفع: "رائف مش لحد غيري غيري أنا سيلا نصار افتكروا الكلام ده كويس اوي ولو فكر يكون لوحده غيري يبقى على جثتي!"
قالتها ثم اندفعت مسرعة نحو غرفة رائف ضاربةً بحديث والدها عرض الحائط.
تابعها الجميع بنظرات غاضبة بينما ألقى والدها جـ سده على أحد المقاعد مسندًا رأسه بين راحتي يديه.
هتف حسن بهدوء: "روحوا ناموا يا جماعة والصباح رباح."
أومأت كل من هيام ونهال برأسيهما وانصرفتا بينما تساءلت ماجي: "وأنت مش هتنام يا حسن؟"
هزّ رأسه نافيًا وأجابها: "لا هفضل صاحي عشان رحيم ورائف راحوا يجيبوا رانيا من المطار."
أومأت ماجي بتفهّم ثم سارت بخطوات بطيئة تاركة الشقيقين وحدهما.
وما إن غادرت حتى نهض ماجد واقفًا واتجه نحو شقيقه ليحتـ ضنه بقوة يهتف بحزن نابع من أعماقه: "سامحني يا حسن أنا عارف إني جيت عليك وحمّلتك فوق طاقتك بس صدّقني غصب عني... كنت مضغوط."
ربّت حسن على ظهر شقيقه مجيبًا بابتسامة دافئة: "ولا يهمك يا ماجد وإيه الجديد يعني ما إنتَ على طول محمّلني فوق طاقتي"
ثم استطرد بخفة: "ها هتطلع ترتاح؟ ولا تقعد معايا نشرب لنا فنجانين قهوة لحد ما رحيم ورانيا يوصلوا؟"
❈-❈-❈
لم يذق طعم النوم خوفًا من أن تتركه وترحل وهو نائم دون أن يتمكن من الحديث معها.
ظل مستلقيًا تتصارع الأفكار في رأسه حتى سمع صوت فتح باب الغرفة فقرر أن ينهض ويواجهها ربما يستطيع إقناعها بالتراجع عن قرارها.
وقف أمامها بينما كانت تتجنب النظر إليه تسبح بعينيها بعيدًا كأنها تبحث عن مخرج آخر غيره.
اقترب منها أمسك بيدها بلطف وهتف برجاء: "ندى... ممكن تسمعيني؟"
لكنها جذبت يدها من بين يديه بعنـ ف وردّت بحدة: "مافيش حاجة تاني ممكن تتقال يا سالم واللي بيني وبينك... خلاص."
صمت قليلًا يفكر فيما يمكن أن يقوله ليغيّر رأيها ثم نطق برويّة: "بصي أنا عايز أقولك حاجة... عارف إني غلطت في حقك كتير وإنتِ ما تستاهليش اللي عملته فيك بس لو اطلقنا دلوقتي هتبقى فضيحة خصوصًا إننا في مكان شعبي والناس ألسنتها ما بترحمش فمن فضلك خليكِ معايا اديني فرصة تانية ولو..."
قاطعته بإصرار: "كل اللي إنت قلته ده عندك حق فيه أنا فعلاً هقعد معاك فترة... شهرين تلاتة وبعد كده ننفصل لكن مافيش فرصة تانية فاهم؟"
ثم أكملت بصوت ثابت تحاول أن تحسم الأمر: "واسمعني كويس يا سالم لو أصريت ورفضت تطلقني أنا مضطرة أتكلم وأحكي كل حاجة وإنت فاهم قصدي وساعتها كله هيبقى في صفي عشان كده خلينا نتصرف بعقل وننفصل بهدوء."
تطلع إلى عينيها فرأى فيهما خواءً لم يعتد عليه. لم تكن تحمل له أي مشاعر كما في السابق لطالما رآها ممتلئة بالحب والمودة لكن يبدو أن كل ذلك قد انطفأ تمامًا.
أطرق رأسه إلى الأرض باستسلام ثم قال بصوت خافت: "طيب يا ندى اللي إنتِ عايزاه خليكِ قاعدة الفترة اللي إنتِ عايزاها وبعدها هعمل لك اللي إنتِ عايزاه."
❈-❈-❈
خرجت من الطائرة تبحث عنهما داخل صالة الانتظار وبمجرد أن أبصرتهما اتسعت ابتسامتها ثم ركضت ملقيةً بنفسها بين أحضـ ان شقيقها الذي احتـ ضنها بقوة هاتفًا بسعادة: "حمد لله على السلامة يا رنوش"
"الله يسلمك"
قالتها وهي تبتعد قليلًا عن مرمى يديه ثم اتجهت لمصافحة رحيم الذي همّ بجذبها نحوه ليحتـ ضنها لكن رائف جذبه بعيدًا وهو يهتف مازحًا: "قرطاس لب انا لمّ نفسك يا حيوان دي خطيبتك مش مراتك!"
قهقه رحيم قائلًا: "أعوذ بالله وربنا لما نتجوز ما هخليها حتى تسلم عليك بالإيد!"
انفجر الجميع ضاحكين وبدأوا يتبادلون أطراف الحديث في مرح حتى تمكنوا من استلام حقائب السفر الخاصة بها.
وبعد حوالي ساعة وصلوا إلى القصر حيث كان في استقبالهم ماجد وحسن.
ترددت رانيا قليلًا في السلام على والدها لكنها حسمت أمرها عندما رأت اللهفة في عينيه فتقدمت نحوه واحتـ ضنته بقوة هاتفةً بحب: "وحشتني اوي يا بابي"
ابتعدت عن أحضـ انه سريعًا ثم تساءلت بابتسامة: "فين العروسة؟"
داعب والدها وجنتها بسعادة قائلًا: "نايمة شوية كده وهتلاقيها فوق دماغك أصل أنا ما ببطلش كلام عنك لدرجة إنها حبتك من قبل ما تشوفك"
أومأت رانيا بتفهّم ثم توجهت لتعانق عمّها حسن الذي شعر بالحزن على تلك الفجوة التي حدثت بينه وبين ابنه والذي كان أقرب شخص له بعد شقيقه ماجد.
أطرق رأسه للحظات لكنه شعر براحةٍ حين وقف أمامه رائف رافعًا رأسه إلى أعلى وهاتفًا بحزم: "حسن نصر ما يوطيش راسه أبدًا إنت عمود العيلة دي وكلنا منك بناخد القوة أوعى يوم تفكر توطي راسك يا بابا"
قالها ثم احتـ ضنه بقوة فشعر حسن بالسعادة تغمره وكذلك ماجد الذي حمد الله في قلبه على لمّ شمل هذه العائلة التي تفككت يومًا لكنها اجتمعت مجددًا بفضل ابنته.
❈-❈-❈
في تمام العاشرة صباحًا جلست في النادي تتلفت يمينًا ويسارًا بحثًا عنه.
ابتسمت بسخرية فهي لا تعرف من يكون ولا كيف يبدو شكله ثم اتسعت ابتسامتها الساخرة عندما تطلعت إلى هيئتها؛ لقد نفّذت أوامره وارتدت ثوبًا محتشمًا كما طلب.
دقائق قليلة ورأته يجلس أمامها بزيّه العسكري.
تأملته مليًا... كان شابًا وسيمًا يبدو في أواخر العشرينيات عيناه شديدتا السواد أنفه مستقيم وشاربه ولحيته منمّقان بعناية.
ابتسم بجاذبية عندما لاحظ تحديقها به وقبل أن تتمكن من سؤاله قال بهدوء ووقار يعكسان شخصيته: "الرائد مهاب صبري... شغّال مع والدك شفتك أكثر من مرة وأُعجبت بيكي وبالمناسبة أنا ساكن في الكومباوند اللي قدام الفيلا بتاعتكم."
قهقه عندما لاحظ دهشتها ثم أكمل ضاحكًا: "مالك؟ مستغربة إني جاوبتك قبل ما تسأليني؟ لا لسه في إجابات كتير هقولها من غير ما تكلفي نفسك وتسأليني!"
ثم اسند ظهره قليلًا وهو يراقب تعابير وجهها قبل أن يضيف: "بعت لك الرسايل علشان كنت معجب بيكي ومش عاجبني أسلوب الحياة اللي عايشاه وماكنتش عارف أدخل لك إزاي أو أتكلم معاكِ بأي صفة لقيت نفسي ببعت لك أول رسالة... وعجبتيني أكتر لما ما رديتيش عليّ كنت براقبك من البلكونة اللي في أوضتي وأغلب الوقت كنت بشوفك وإنتِ خارجة مع فريد باشا."
توقف قليلًا وهو يتأمل ردة فعلها لكنها ظلت صامتة تنظر إليه بدهشة.
زفر بنفاذ صبر قائلًا: "طيب بصي بقى أنا مش بتاع لف ولا دوران أنا حابب أتعرف عليكِ أكتر بس الأول لازم أتكلم مع فريد باشا وأديله فكرة... ها قلتي إيه؟"
خرجت عن صمتها أخيرًا وقالت بتلعثم بعد أن تسلل الخجل إلى وجنتيها لأول مرة: "بصراحة... أول مرة أقابل شخص زيّك! أنت غريب اوي يا سيادة الرائد!"
ضحك مجددًا وهو يرد مازحًا: "مش أغرب منكِ على فكرة"
ثم نظر إليها بترقب مستطردًا: "ها؟ قلتِ إيه؟ أكلم فريد باشا ولا أمشي واعتبر إن المقابلة دي ما حصلتش؟"
أجابته بسرعة وكأنها تحاول تغيير الموضوع: "لا لا اطلب لي فطور ولمون فريش عشان أنا جعانة!"
❈-❈-❈
بعد أن تناولوا فطورهم خطف رائف تنهيدة طويلة وهو يتثاءب ثم قال: "أنا مش رايح الشركة النهاردة أنا جعان نوم وباخد الإذن منك أهو يا حسن باشا في اجتماع مهم ممكن حضرتك وعمي ماجد تحضروه أما أنا ورحيم خلاااص يلا تصبحوا على خير."
قالها وهو يصعد الدرج قاصدًا غرفته وما إن فتح بابها حتى أبصرها نائمة بعمق فوق الفـ راش.
دنا منها وجلس على عقبيه أمامها يتأملها بصمت... كيف لهذا الوجه الملائكي أن يخفي شرًا عظيمًا خلفه؟ كيف لكتلة البراءة النائمة أمامه أن تكون شيطانًا؟
لم يشعر بنفسه إلا وهو يهزها بقوة هادرًا بصوت مرتفع: "سيلا قومي"
هبت تفرك عينيها بقوة وهي تهمهم بتذمر: "في إيه؟! هو في حد يصحي حد كده؟!"
أجابها بحدة: "والله! امال كنت متوقع أبوسك من خدك وأقول لك قومي يا بيبي الفطار جاهز!"
تطلعت إليه بنعاس وهي تهمهم: "في إيه يا رائف بتكلمني كده ليه؟!"
نهض واقفًا واضعًا يديه في جيب بنطاله وهو يرد بسخرية: "بكلمك عادي يا سيلا هانم... ولا كنتِ مفكراني مغفل ومش هعرف حقيقتك؟! فوقي أنا رائف نصار وعارف إنك مش ليلى من أول يوم دخلتِ فيه أوضتي إزاي فكرتِ إنك تقدري تاخدي مكانها؟ الفرق بينك وبينها زي السما والأرض!"
توقف لحظة ثم أكمل بصوت منخفض لكنه كان يحمل من الصرامة ما جعل القشعريرة تسري في جـ سدها: "اسمعيني كويس يا سيلا... أنا كنت ناوي ألعبك شوية بس بصراحة بقرف لما ببص في وشك أو بقرب منك فقررت أنهي الموضوع بسرعة
غوري من أوضتي وما تدخليهاش تاني وبالمناسبة... وليد وليلى في الحفظ والصون."
صـ رخت بحدة والغضب يتملكها: "مين اللي قال لك؟! نورسين؟! مش كده؟!"
هز رأسه نفيًا ثم أغمض عينيه بسخرية قبل أن يفتحها مجددًا متأملًا وجهها المرتبك: "هو ده اللي فارق معاكِ؟ تافهة! نورسين قالت لي آه بس بعد ما أنا عرفت كل حاجة بقول لك أنا كنت عارف كل حاجة من أول يوم جيتي فيه هنا إزاي اتلخبط بينك وبين مراتي؟!"
قالها وهو يضغط على أعصابها أكثر باستفزازه الواضح جعلها تقبض على يديها بقوة حتى كادت أظافرها تنغرس في جلدها.
ثم هتفت بصوت مرتعش لكنه يحمل عنادًا: "إنت مش بتحبها يا رائف إنت بتحبني أنا وحبيتها علشان شبهي... مش كده؟!"
قهقه بلا مرح ثم دنا منها يجذب خصلات شعرها بقوة وهو يرد بقسوة: "قلت لك ما تقارنيش نفسك بيها! وهجاوبك رغم إنك لا تستحقي الراحة هقول لك الحقيقة... أنا حبيتها لأن لقيت فيها الحاجات اللي كان نفسي ألاقيها فيكِ النظافة والبراءة والأخلاق وللأسف إنتِ ما عندِكيش ولا واحدة منهم"
توقف قليلًا ثم أردف بصوت منخفض لكنه قاطع: "وعشان كده من هنا ورايح ما أشوفش وشك قدامي لحد ما أمشي من هنا آه أنا قررت أشتري فيلا جديدة عشان نتجوز فيها أنا وليلى"
حررت خصلاتها من بين يديه بسهولة ثم هتفت بصوت متحشرج مليء بالغضب والجيه: " مستحيل أسيبك ليها يا رائف فهمت مش هسمح لك تتجوزها إلا على جثتي!"
قالت كلماتها بتوعد ثم اندفعت خارج الغرفة وهي تطوي الأرض تحت قدميها من شدة الغضب تاركةً رائف يشيعها بنظرات ساخرة.
ألقى بجـ سده فوق الفـ راش عازمًا على أخذ قسط من الراحة فقد كان هذا اليوم منهكًا بالنسبة له لكنه حسم أمره... ليلته هذه لن تمر مرور الكرام