-->

رواية جديدة رواية تائهة في قلب أعمى لزينب سعيد القاضي - الفصل 81 - 1 - الأربعاء 19/2/2025

 قراءة رواية تائهة في قلب أعمى كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية تائهة في قلب أعمى

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة زينب سعيد القاضي


الفصل الواحد والثمانون

1

تم النشر الأربعاء

19/2/2025


بدلت ملابس الصغير وأرفقته إلي صدرها كي يرضع بأعجوبة قبل أن تذهب إلي عملها، كان ذاكَ الوَقتِ إنتهي ياسين من صلاة فرضه وكذلك إنتهي من ارتداء ملابسه آخذه منها ريثمَا تستعد هي من أجل الذهاب إلي عملها جلس في انتظارها فوق الفراش بينما كانت هي في غرفة تغيير الملابس.

ضم طفله إلي أحضانه بحنان مما جعله يهدأ ويستكان داخل أحضانه وغمغم بصوت خافت:

-مالك يا قلب بابي من وقت ما كُنتَ بَكَلِمكَ وإنتَ نايم وإنتَ صحيت من نومك وإنتَ عمال تعيط ومش حابب تبعد عن حضني معقولة تكون حاسس فعلًا وفاهم كلامي؟!

خرجت صفا من غرفة الملابس في نفس اللحظة ولكنهُ لم ينتبه لها، تحركت ببطء شديد كي يتثنيَ لها استماع همسه إلي الصغير فالشك يثاورها تجاهه لا تدري لما، توقفت خلفه تزامنًا مع نطقه بآخر كلماته فتسألت بحذر:

-وإنتَ إيه إلي قُولته للولد يا ياسين مخليك تعَاتب نفسك كده يا ياسين فهمني أنا؟

انتفض الآخر وتحدث بنبرة جادة:

-إيه في إيه خضتيني ؟

تجاهلت حديثهُ وأردفت بإصرار:

-أنا عايزة أفهم في إيه ياسين بالظبط ؟

رد بثبات:

-مفيش حاجة ؟

رمقتهُ بعدم تصديق وسرعان ما صاحت بانفعال:

-بجد ؟ هو إيه إلي مفيش حاجة ؟ طيب بلاش نلف وندُور علي بعض أنا واثقة إنك بتخطط تعمل حاجة بس حط في إعتبارك حاجة أنا وأولادك في كفة وإلي إنتَ بتخطط ليه في كفة عشان أنا تعبت بجد منك ومن تصرفاتك أبوك وهو عايش كان سبب تدمير حياتنا حتي لما مات هيدمر حياتنا كمان ؟

قاطعها بصياح جعل الصغير ينتفض داخل أحضانه:

-كلمة تانية عن بابا ووقتها متلوميش غير نفسك مهما عمل فينا أو حصل هو أبويا إلي إستحالة أسمح لحد يغلط في حتي لو مين ما كان يكون.

مدت يدها وآخذت الصغير منه بعنف وهي تحاول أن تهدئهُ:

-ماشي براحتك خالص أنا قُولت إلي عندي بعد إذنك.

إستدارت كي تغادر لكن جذبها من ذراعها بعنف وصاح بفحيح:

-أقفِ عندك يا دكتورة أنا لسه مكملتش كلامي.

تصنم قدميها أرضًا وهي تجاهد ألا تجهش في البُكَاءِ الأن وتحديدًا أمامهُ هو.

تحرك هو ووقفت في مواجهتها وأكمل بثبات:

-ياريت جنابك تتعاملي عادي وبلاش تنزلي قدامهم وتعملي نفس الحركة بتاع المرة إلي فاتت أسرارنا ومشاكلنا متخرجش بره الأوضة دي.

صاحت بنفاذ صبر:

-وأنا من إمتي خرجت أسرارنا من الأساس ؟

أجاب متهكمًا:

-كون إن حضرتك تمشي لوحدك من غيري دي لوحدها كفيلة إن فيه مشكلة حصلت بينا يا مدام.

ردت بنفاذ صبر:

-فهمت مش همشي وهفضل في تشريفة الملك تسمح بقي أعدي؟!

مسح علي وجهه عدة مرات وتحدث بنبرة هادئة:

-ليه مُصرة تعملي مشكلة علي فاضي ؟ 

رمقته بذهُول وهي تشير إلي نفسها:

-نعم ؟ مُصرة أعمل مشكلة علي الفاضي؟ هو إنتَ عايز تجنني ولا إيه بالظبط؟ حرام عليك يا شيخ أنا كنت دكتورة نفسية علي يد خلتني مجنونة.

دون شعور منه تبسم بحب وقال:

-أحلي مجنونة في حياتي والله.

رفعت حاجبها بتهكم وتساءلت:

-لأ والله ؟ تصدق بالله أنا جبت آخري منك وسع كده خليني أنزل تحت بدل ما أتشل وأنا واقفة.

حاولت أن تزيحه لكن ثبتها بيده وأردف بصدق:

-أنا أسف بجد حقك عليا عارف إن بابا أذانا كتير بس مش معني كده هستحمل أسمع حد بيقول عنه حاجة وحشة خصوصًا إنتِ يا صفا ويا ستي أنا أسف وأوعدك مش هزعلك سماح المرة دي بقي ممكن ؟

حركت رأسها نافية وأردفت بعند:

-لأ.

زم شفتيها كالأطفال وتحدث برجاء:

-عشان خاطري يا حبيبتي ده أنا سينو حبيبك آخر مرة بقي ؟

رمقته بِتَشككِ وقالت:

-كل مرة بتقول آخر مرة ويتكرر بس المرة دي فعلاً يا ياسين هتبقي آخر مرة.

تبسم بإرتياح واقترب منها ووضع قبل فوق جبهتها:

-تسلمي يا قلبي وحقك عليا مرة تانية يا أم العيال.

تبسمت بخفة وعقبت:

-أم العيال ماشي هعديها المرة وبس يلا خلينا ننزل.

تنحي جانبًا وأفسح لها المجال كي تمُر وأنحني بطريقة مسرحية مشيرًا لها بيديه:

-تفضلي يا مولاتي إنتِ أولًا وأنا خلفكِ

قهقهت بدلال:

-وهل تلك التشريفة من أجل أن تقوم بمصالحتي أيها الملك؟

رد بغيظٍ:

-أه منكِ يا سمو الملكة الناكرة للچميل يا ولية أنا مش بعمل حاجة غير إني دلعك أصلًا.

شهقت بعدم تصديق:

-أنا ولية؟!

اعتدل في وقفته ورد ببرودٍ:

-مش إنتِ يا حبيبتيِ إلي أتأمرتِ علي ملكة أتفضليِ يلا قدامي علي تحت.

رمقته بغيظٍ وقالت:

-ماشي يا آخرة صبري.

❈-❈-❈

كان يجلس فوق الفراش الخاص به وبيده اليمني يتمسك بالطبنجة الخاصة به جيدًا واليد الآخر بها الخزنة الخاصة بها بعد أن قام بتعميرها ليعاود وضعها مرة آخري بالطبنجة.

فُتِحَ الباب في تلكَ اللحظة ودلفت زوجته بعد أن جهزت أولادها من أجل الذهاب إلي مدرستهم وحان دورها كي تستعد من أجل أن تذهب إلي عملها تفاجأت بهذا المنظر.

أما الآخر انتفض وسقطوا من يده، فصاح بعصبية:

-في إيه مش تخبطي يا بنت الناس ؟

تجاهلت حدته، وتساءلت بحذرٍ:

-إنتَ بتعمل إيه يا أحمد ؟

أجاب باختصار:

-زي ما إنتِ شايفة بعمر الطبنجة.

ردت بنفاذ صبرٍا:

-وبتعمرها ليه من الأساس ؟ أظن أحمد المحمدي مات وبما إنك كُنت من الحرس طبيعي يبقي معاك طبنجة لكن هو مات خلاص وإنتَ مش بتشتغل موجودة معاك بقي بتعمل بيها إيه؟ وليه بتحط فيها طلق؟

قلب عينيه بملل وقال :

-لا إله إلا الله يا بنت الناس ما هي طبيعي تفضل معايا مش هي بتاعتي وكمان مترخصة بإسمي ؟ إيه المشكلة بقي عند ساعدتك؟

ردت بنفاذ صبر:

-طيب بتعمرها ليه حضرتك مش فاهمة ؟

أجاب باختصار:

-أنا بنضفها مش أكتر.

حركت رأسها يمينًا ويسارًا وهتفت بإستياء:

-أنا تعبت منك بجد وأستعوضت ربنا فيك خلاص هروح أغير هدومي عشان متأخرش.

تهكم قائلًا:

-أه صح عشان متتأخريش علي الوزارة ويخصموا من الكام مليم إلي حضرتك بتخديهم.

أجابت بكبرياء:

-الملايم إلي مش عاجبة جنابك بالنسبة ليا أنا أفضل من الملايين بتاعتك يكفي إنها من تعبي وشقايا وعارفة مصدرها إيه كويس.

زفر بإستياء وقال:

-طيب يا حبيبتي يلا مع السلامة روحي شوفي حالك وسبيني أشوف حالي….

رمقته شذرًا وآخذت ملابسها وغادرت الغرفة بأكملها متجهة إلى الخارج، تتبعها بضيق وعاد بنظراته إلي ما كان يفعله وبدأ بتركيب الخزنة من جديد وهو يحدث حاله بشرود:

-موافقتك بسرعة وإختيارك مكان مقطوع زي ده يا غدير إن يوحي إلي شئ يوحي إنك ناوية علي غدر فعلًا بس ماشي صبرك عليا لو فكرتي تلعبي عليا يبقي آخرتك طلقة بتلاتة نكلة وأنا كده كده مسافر وسايب البلد تطربق علي إلي فيها.

❈-❈-❈

كان يتظاهر بتناول طعامه لكن من حين إلي حين يتابعها وهي تقلب في طبقها دون شهية، مما جعله يتسأل بإهتمام:

-مش بتأكلي ليه يا فريدة؟

رفعت شوكتها ووضعتها بفمها وتحدثت بهدوء:

-بأكل أهو.

ترك شوكته وهتف بمغزي:

-بتأكلي الشوكة فاضية؟ طعم الهواء حلو ؟

بدلت النظر بينه وبين الشوكة وردت بحرج:

-سوري مأخدتش بالي.

آخذ نفس عميق وتحدث بنبرة هادئة:

-سرحانة في إيه ؟ أو خايفة من إيه؟

هتفت بتوتر:

-خايفة من إيه يعني؟ مفيش حاجة.

زفر بإستياء وقال:

-أنا أبقي مين ؟ أو بمعني أصح أبقي ليكِ إيه؟

ردت بحيرة:

-جوزي.

ردد حديثها:

-جوزك عارفة إيه معني المسمي ده؟ يعني إحنا الإتنين كيان واحد ستر وغطا علي بعض سوري في إلي هقوله لو إنتِ عريانة هتتحامي فيا أنا مش في أبوكِ وحتي لو ليكِ أخ بردوا كنتِ هتتحامي فيا أنا أتكلمي يا حبيبتي قوُلي فيكِ إيه ؟ سبب سفركم ده مش بسبب تعب والدتك صح؟ في سبب تاني غير كده؟ والدك يُعتَبر بيبيع بالخُسارة تقريبًا وده إن دل علي شئ إنه خايف من حاجة أو بيهرب من حاجة.

تهربت من النظر إليه وتحدثت بجمود:

-إيه إلي بتقُوله ده؟ لأ طبعًا مش هرُوب ولا حاجة هو كل حاجة إنه مستعجل عشان سفر ماما وعلاجها.

صاح بنفاذ صبر:

-لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم يا بنت الحلال أنا جوزك أنا جوزك تحبي أغنيها ليكِ يعني المفروض تكوني صريحة معايا أكتر من كده.

ردت بضيق شديد:

-أنا صريحة فعلًا إنتَ إلي مش مصدق براحتك.

آخذ نفس عميق وتحدث بنبرة حادة:

-براحتك يا بنت الناس أظن أنا حولت معاكِ كتير ومفيش فايدة أنا قايم بعد إذنك.

نهض ولملم أغراضه وتحرك خارجًا، بينما نظرت في آثره وهتفت بحزن وقالت:

-ياريت ينفع أقولك بس مع الأسف مسيرك تعرف لوحدك وإنتَ وقتها إلي تقرر حابب تكمل معايا أو لأ.

الصفحة التالية