رواية جديدة أنا لست هي مكتملة لبسمة بدران - الفصل 29 - 1 - الجمعة 7/2/2025
قراءة رواية أنا لست هي كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية أنا لست هي
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة بسمة بدران
الفصل التاسع والعشرون
1
تم النشر يوم الجمعة
7/2/2025
كانت ترقص أمامه باحترافية شديدة تتمايل بجاذبية بينما هو يتابعها بشغف يحتسي الخمر باستمتاع
واصلت التمايل حتى أنهكها التعب فجلست بعد أن تأكدت من أنه أنهى زجاجة الخمر بالكامل.
اقتربت منه برقة وراحت تداعب صـ دره بإغـ راء بينما كانت أنفاسها العطرة تلفح وجهه مما زاد من اشتعاله رغـ بةً بها.
كاد ينجرف نحوها ليقـ بلها بجنون لكنها تمالكت نفسها وهمست بنعومة ونبرة صوتها تحمل إدانته بالكامل: "أنا كنت عايزة أطلب منك طلب يا سي مختار."
تساءل بثقل متأثراً بالخمر: "هدي وقتك بس يا نرجس... طيب عايزة إيه ؟"
نهضت واقفة متجهة إلى خزانتها فتحتها والتقطت منها بعض الأوراق ثم عادت إليه وقدمتها له بلهفة قائلة: "عايزاك تضمني عند صاحب الشغل أصلي مقدمة على وظيفة جديدة وقالوا لي لازم حد يضمني."
قالت تلك الكلمات ثم انحنت نحوه تطبع قبـ لة عميقة بجانب شفـ تيه مما جعل جـ سده يرتجف بقوة.
عندها التقط الورق دون أن ينظر إلى محتواه ووقع عليه بيد مرتعشة كأن لم يعد يملك السيطرة على نفسه.
أخذت نرجس الأوراق بسرعة وعادت لتضعها في مكانها ثم رجعت إليه وهي تشعر بنشوة الانتصار.
الآن حققت مبتغاها وقررت أن تجعله يعيش ليلةً لا تنسى مكافأة له على ما فعله من أجلها.
❈-❈-❈
بعد أن أنهكها البكاء جلست تفكر بعقلانية.
إلى متى ستبقى هكذا؟ تدفع ثمن اختيارها والبقاء معه رغم عيوبه
لم تكن تعلم وقتها أن موافقتها على الاستمرار ستجلب لها المزيد من الأذى والشك.
ظلت الأسئلة تنهش عقلها بقوة وكان الجواب واضحًا: لن تتحمل أكثر ولن تبقى صامتة بعد اليوم. لقد تمادى معها كثيرًا ضـ ربها بعنـ ف دون أن يراعي فارق البنية بينهما أهانها وسبّـ ها بأبشع الشتائم بينما كانت هي تحبه تمنحه الحنان تسانده وتغفر له أكثر مما يستحق.
نهضت فجأة اندفعت إلى الخارج تنادي بصوت مبحوح من أثر البكاء: "سالم! أنت يا سالم!"
خرج من غرفته على صوتها واقفًا قبالتها يعقد ساعديه أمام صـ دره
فتابعت حديثها بثبات وقوة: "أنا مش عايزة أكمل معاك... أنا عايزة أتطلق!"
وقع صدى كلماتها على أذنيه كالصـ اعقة لم يتخيل يومًا أنها ستتركه وبهذه السرعة.
دنا منها جذبها إلى صـ دره رغمًا عنها يعانقها بجنون وهو يهتف: "عايزة تسيبيني يا ندى؟! عايزة تبعدي عني؟ أنا عملت إيه؟! أنا بغير عليكي! والله العظيم بحبك!"
دفعته بقوة فتركها تبتعد عن متناول يديه فردّت عليه بحدة: "حب إيه اللي انت جاي تقول عليه؟! اللي بيحب ما يكدبش ولا يخـ ون وانت عملت الاتنين! والأدهى من كده إنك ضـ ربتني أهانتني واتهمتني من غير حتى ما تسألني! عارف لما شفتني في البلكونة والراجل كان بيبتسم؟ كان بيبتسم لبنته الصغيرة اللي كانت واقفة جنبه عشان أنا كنت بلعبها وهي كانت بتعملي باي باي مش عشان أنا كنت ببتسم للراجل يا سالم! بس انت وقتها رفضت تسمعني وعلشان كده أنا مش هسمعك ولا هقبل منك أي كلمة بكرة الصبح هروح وعايزاك تطلقني وما تخافش سرك مش هيخرج بينا وعمري ما هقوله لحد"
ألقت كلماتها دفعةً واحدة ثم عادت إلى غرفتها وهي تشعر ببعض الارتياح لأنها واجهته أخيرًا دون خوف أو مراعاة لمشاعره.
تركته غارقًا في الندم فهو يعرف جيدًا أنه لا يستطيع العيش بعيدًا عنها.
حاول إقناع نفسه بأنها غاضبة الآن وأنها ستتراجع فقط كي لا يصدق أنها سترحل فعلًا.
❈-❈-❈
سقط قلبه بين قدميه عندما رآها مفترشة الأرض
دنا منها بسرعة وراح يضـ رب على وجنتيها بخفة يهتف بلوعة: "ليلى يا حبيبتي فوقي أنا هنا... ما تخافيش"
لكنها لم تستجب لم تفتح عينيها فازداد ذعره بدأ يبحث بجنون في كل أنحاء المنزل عن زجاجة عطر وأخيرًا وجد مبتغاه في الغرفة المجاورة.
التقطها وعاد مسرعًا نثر القليل منه على أنفها فرفّرفت بأهدابها قليلًا ثم فتحت عينيها الزيتونيتين اللتين يعشق لونهما.
دنا منها احتـ ضنها بقوة فتشبثت به وكأنه الملاذ الوحيد لها.
راحت تبكي وتنتحب تحمد الله لأنه ساقه إليها في اللحظة الأخيرة.
تركها تفرغ ما بداخلها ثم أبعدها قليلًا وراح يقـ بّل كل إنش في وجهها ويتمتم بكلمات الأسف التي يعرفها.
وبعد أن هدأت تمامًا تساءل: "مسّك بشعره؟!"
هزّت رأسها نفيًا فضمّها إلى صـ دره مرة أخرى ثم حملها بين ذراعيه هاتفًا بهدوء: "إحنا حنمشي من هنا يا حبيبتي هنروح الفيلا."
هزّت رأسها نفيًا مرة أخرى فمال بجوار أذنها يهمس بإغراء: "هخـ طفك لمكان حلو اوي هيعجبِك لحد ما أصفي حسابي مع الحقـ يرة التانية!"
ثم توقف أمام رحيم الذي سار ببطء متسائلًا: "هنعمل إيه في البلوة دي يا رائف؟"
أجابه بتوعد: "هنزل ليلى العربية الأول وبعد كده هاجي لك وأقول لك هنعمل فيه إيه."
دقائق قليلة وعاد إليه هاتفًا بحدة: "هخلي أيامه اسود من شعر راسه يلا معايا يا رحيم ننقله قبل ما يفوق."
ضحك رحيم ساخرًا: "يفوق إيه يا عم ده خد علقة حرامي غسيل!"
ابتسم رائف رغم توتره فاستطرد رحيم ضاحكًا: "ده وشه ما بقاش له ملامح انت عملت فيه إيه يا راجل؟"
أجابه رائف بسخرية: "هو العيل السيس ده استحمل كام لكمية على كام قلم؟!"
ثم أكمل بجدية: "هتاخده على المخزن هفهم الرجالة على كل حاجة وانا هطلع بليلى على الشاليه في الساحل."
هتف رحيم وهو ينحني ليحمل وليد: "الله يسهل له شهر عسل جديد"
زجره رائف بحدة: "ما هو قر أهلك ده هو اللي موديني في داهية اخلص يا زفت!"
❈-❈-❈
دخل غرفته ألقى بنفسه بين أحضـ انها.
استقبلته بترحاب وراحت تداعب خصلات شعره بحنان قبل أن تسأله بصوت قلق: "شو يللي صار حسن؟"
أجابها باختصار وصوته يحمل خليطًا من الإحباط والحزن: "ماجد عرف كل حاجة لما حكيت له ما صدّقنيش واتهمني ولام عليّ وقال لي إزاي أجيب بنت من الشارع وأقول إنها بنته! ما قدّرتش أشرح له اللي عملته عشانه ولا الرعب اللي كنت فيه طول الوقت من إنه يعرف هو ومراته.
ما قدّرتش أقول له إني عملت كده عشان أنقذ مراته من اللي كانت فيه!"
زفرت بقوة ثم مسّدت على ظهره بحنان شديد وهي تغمغم بكلمات مواساة: "انت كنت متوقّع هيك وعملت اللي بيطلع بايدك وزيادة والحمد لله كل شي انكشف هلأ في شيء بعد مخبّيه عني؟"
ردّ بصوت مكسور: "ماجد مقاطعني وكمان بنتي ومش بس كده ولسه نهال لما تعرف وهيام..."
قاطعته سريعًا قبل أن يغرق أكثر في مشاعره: "لا تزودا هيام عاقلا كبيرة وأكتر حدا بيحبك ويقف بصفّك انت هلأ نام وارتاح وكل شي راح يكون منيح وبعد هيك لأنك تقيل شوي."
ضحك بخفة رغم حزنه ثم ابتعد عنها قليلًا وهو يرفع حاجبيه بمشاكسة: "أنا تقيل يا ماجي طيب أنا هوريكي"
قالها قبل أن ينقضّ عليها يقـ بّلها بقوة وهي تبادله القـ بلة بنفس الشغف... وربما أكثر.