رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 28 - 1 - الثلاثاء 11/2/2025
قراءة رواية بحر ثائر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بحر ثائر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة آية العربي
الفصل الثامن والعشرون
1
تم النشر الثلاثاء
11/2/2025
يا صباحا أصبح وهي بجانبي
مارأيتك يوما ياصباح جميلا
إلا اليوم لأنها تغفو بجانبي....
يا ليلا حل بي وهي معي...
ما أجملك يا ليل ليس حبا بقمرك
بل لأن قمري غفى وهو معي...
لم تكن أيامي جميلة قبلك
لم تكن حياتي سعيدة قبلك
لم يكن قلبي يحيا قبلك
معك أصبح للحياة ألف معنى....
قبلك لم تملك الحياة أي معنى
( بقلم فيروزة)
❈-❈-❈
- دومتي ؟
هكذا نداها بعد لقائهما الأول حيث تسكنه بسلام فما كان منها إلا أن ترفع كفها وتتحسس شفتيه اللتان وزعتا عليها وابلًا من القبل المزيلة لآلام الروح والآن يناديها بلقبٍ مدلل ينتمي له لذا نطقت بهمسٍ دون أن تفتح مقلتيها ومازال شعور الراحة مسيطرًا عليها :
- بحبك .
ابتسم برضا وتنفسها بود ، كلمتها طمأنته وزادته ثقةً وتباهٍ لذا نطق بنبرة متحشرجة وهو يغمض عينيه مثلها :
- وأنا بحبك ، وبشكرك على الإحساس ده ، تصبحي على خير .
ليغفو بعد ذلك وتغفو بين جنبات صدره وكلٍ منهما يعيش الشعور ذاته مجددًا عبر مخيلتهما .
❈-❈-❈
توجهت منال ومعها دينا وبسمة إلى منزل صالح بعدما أخبرتها دينا ، ما إن دلفن المنزل حتى وجدن الجيران يساندون صالح في حزنه وقد وقف يستند على باب الغرفة الموجود فيها جثمان والده .
يقف بثباتٍ ظاهري كأنه اعتاد ولا يعلم ما في قلبه أحد ، لا يدرك إحساسه أحد ، هو لا يحب أن يظهر ضعيفًا ، لو أظهر جزءًا ضئيلًا من ضعفه سينهار لذا يقف ينتظر مجيء السيارة التي ستنقله .
يجلس أمامه عمه يستند على ذراعه ويبكي ، فراق شقيقه الوحيد مؤلم جدا عليه .
جلست منال وبسمة مع سيدات الحارة في غرفة جانبية بينما وقفت دينا على عتبة الباب تتطلع على صالح وحالته ، ترأف عليه كثيرًا فقد لمحت ضراوة الحزن في عينيه ، تعلم أنه يتألم ، هو يشبهها في إظهار عكس ما يخفي .
نادتها منال بنبرة هادئة منزعجة من وقوفها الغير مبرر خاصة وأن الصالة معبأة برجال الحارة لذا زفرت بقوة والتفتت متجهة إليها وجلست بينها وبين بسمة لتجد أنظار اثنتين من سيدات الحارة مصوبة عليها وقد بدأ الغمز واللمز بينهما .
مالت عليها بسمة وتساءلت بهمس :
- كلمتي داغر يا دينا ؟
تحمحمت وأجابتها بهمس مماثل متجاهلة نظرات الجارتين :
- موبايله مقفول يا بسمة وده أكيد لإنه دلوقتي في الطيارة ، يارب يوصل بالسلامة صالح محتاجه أوي .
اومأت بتفهم وزفرت تردد داخلها
( ليس صالح فقد ، أنا أيضًا بحاجته ، لقد اشتقت له كثيرًا ، ليأتي فقط )
❈-❈-❈
مر حوالي ساعتين وترجل داغر من سيارة الأجرة على مشارف الحارة .
حمل حقيبته وتحرك في طريقه ليشعر بشيء غير مألوف يحدث حتى لمح شابًا يعرفه فأسرع إليه يردف بنبرة متوترة :
- إنت فين يا داغر ، أبو صالح مات والحارة كلها عنده في البيت .
ركض داغر مهرولًا نحو منزل صديقه ليراه والحزن غلف ملامحه بعدما أدت السعادة دورها من أجل شقيقته .
وصل إلى المنزل فوجد زحامًا وبالفعل تجمعت الحارة للدعم والمساندة فمر من بينهم ليدلف المنزل فتعالت الصيحات بكلمة :
- داغر وصل .
ارتعش قلبها حينما علمت بمجيئه وأرادت رؤيته ولكن ألجماها المكان والزمان لذا تنفست بعمق لتنهض دينا وتقف مجددًا عند الباب لترى شقيقها وترى ماذا سيفعل مع صالح الحزين .
ظهر داغر الذي أسرع نحو صالح وبدون أي مقدمات ألقى الأخير بنفسه داخله فبادله الأول يعانقه بأخوية مفرطة ويربت على ظهره مرددًا بدعمٍ حزين :
- البقاء لله يا صالح ، شد حيلك يا أخويا .
ربت صالح على ظهره بقوة وكأنه يخبر الجميع أنه بخير وأنه لن ينحني مهما حدث ولكنه أراد أن يفعل ، أراد أن يبكي في عناق صديقه ، ولن يفعل .
استكانت دينا قليلًا لذا التفتت عائدة لتباغتها منال بنظرة غاضبة لذا أردفت :
- قوموا نروح إحنا بقى طالما داغر جه .
أومأت بسمة مؤيدة وأرادت دينا أن تعترض ولكن منال قد نهضت بالفعل وتحركت نحو الخارج تخطو بتمهل وتبعتاها الفتاتان حتى عبرن للخارج .
بينما وقف داغر يساند صالح ويؤدي دروه بأصالة .
❈-❈-❈
صباحًا
ترجلا سويًا إلى الأسفل كي يتناولا فطورهما ثم يذهبان للتسوق
جلسا في المطعم الخاص بالفندق ينظران لبعضهما ، نظراته نحوها خبيثة تذكرها بما عاشاه ليلة أمس وما عاشاه صباحًا حينما اقتحم خلوتها في الحمام وهي تغتسل ليسقيها من بحر عشقه الصافي .
تشعر أنها تحررت من قيود نفسية كانت تسكنها من ذلك الأمر للدرجة التي جعلتها تخشى ألا تعطيه المشاعر المطلوبة ولكنها تفاجأت قبله بمشاعر قوية انفجرت منها معه ، لتدرك أنه نجح في استخراج مكنونها ببراعة وتؤكد أنه يمتلك قدرة عالية في التعامل مع أنوثتها .
رجلٌ مختلفٌ في كل شيء حتى في عيوبه ، مثلًا تسلطه في أمرهما الخاص الذي أحبته .
فهل يمكن للمرء أن يحب التسلط ؟ كيف جعلها تحب عيوبه وكيف أقنعها ؟
أسئلة هنا تفوق عقلها لذا التقطت نفسًا قويًا وانتبهت على النادل الذي يضع فطورهما ويغادر فتحدث ثائر دون النظر إليها :
- يالا افطري وكفاية تفكير مش هتوصلي لإجابة .
قطبت جبينها باندهاش فكيف علم ما تفكر به وتساءلت بعينيها فرفع أنظاره يتمعن فيها بقوة واسترسل بالفرنسية بهمس وهو يقرب نفسه منها قليلًا :
- هذا أحد أسراري ، سأجعلكِ تدمنين ذلك التسلط .
شهقة خرجت منها بشكلٍ لا إرادي وانكماش قبض على معدتها من تصريحه وسطوته عليها لتعض شفتيها بخجلٍ من سطو المشاعر المسلح الذي هاجمها لذا حدجها بنظرة محذرة بألا تفعل هذه الحركة فحررت شفتيها تتحمحم وبدأت تتناول فطورها بصمتٍ كان أبلغ رد على كلماته .
❈-❈-❈
عاد داغر وصالح والعم محمود إلى الحارة بعدما تم دفن والده في المقابر الخاصة بأهل المنطقة .
وقفوا بالقرب من الورشة وتحدث داغر بنبرة حزينة :
- تحب نعمل القراية هنا ولا عند البيت ؟
هز صالح رأسه بلا يجيبه بانكسار يجاهد ليخفيه :
- ما إلو لزوم ياخو ، الله يرحمه ويجعل مئواه الجنة ويتقبله من الشهداء هو واخوتي وأمي .
أومأ محمود مؤيدًا وتحدث بحزنٍ سافر :
- صالح معو حق يا عمي ، خلينا نعملو صدقة جارية وبالأساس أهل الحارة عملوا اللي عليهن وزيادة .
صمم داغر على رأيه يردف دون جدال :
- مهو كدة كدة القراية هتتعمل لأبو صالح مافيش كلام ، ده حقه علينا، وهنعمل بردو الصدقة الجارية إن شاء الله .
نظر له محمود بامتنان وأومأ بطاعة ليتابع داغر حديثه إلى صالح :
- وانت يا صالح تعالى معايا يالا علشان ناكل لقمة وتدخل تنام شوية ، يالا يا عم محمود .
سحبه معه قاصدًا منزله ولكنه اعترض قائلًا برفضٍ قاطع :
- لا ياخو مش راح أكل إشي ، أنا بدي أنام شوي .
التفت ليعود نحو منزله ومعه العم محمود الذي وافقه الرأي لذا تبعه داغر وهو يلتقط هاتفه ويتحدث إلى والدته التي أجابته بترقب :
- أيوا يا حبيبي سمعاك .
- معلش يا ماما جهزي غدا صالح وعم محمود وأنا هبعتلك بندق ياخدهم .
أغلق معها وتحرك يساند رفيقه ورافضًا عدم تركه أبدًا .
❈-❈-❈
في دبي
خرجت سها تنوي رؤيته خاصة وقد علمت أنه مازال في الفندق ، تعلم أن عواقب ما تفعله ستكون وخيمة إن علم زوجها ولكنه لن يعلم ، ستراه وتحاول التحدث معه برغم أنها ترى الكره واضحًا في عينيه ولكن لا يهمها ، يكفيها أن تراه مجددًا .
وصلت إلى الفندق في وقتٍ قياسي وترجلت ثم توجهت للداخل تنوي السؤال عنه ولكنها لمحته يجلس في المطعم وتجلس أمامه تلك السليطة .
تراكَم الحقد في مقلتيها وحاولت أن تهدأ والتقطت نفسًا قويًا وجاهدت لتخفي حقدها خلف قناع ابتسامة واتجهت نحوهما حتى توقفت خلفه تنظر إلى ديما التي رأتها وأمعنت النظر إليها لتقترب الأخرى من ثائر حتى قابلته تقول بتودد خبيث :
- أزيك يا ثائر .
لم يرفع نظره في عينيها بل لمح هيأتها ويكفيه صوتها لذا نظر إلى ديما وتحدث بابتسامة ظاهرية لم تشفع لعيني ديما التي رأت في عينيه الكره :
- خلينا نقوم علشان اتأخرنا .
نهض بعدها يلتفت ويتجاهلها بشكلٍ تام لتشعر بالدونية وتتلظى داخلها حمم الغضب وحاولت لفت انتباهه بأي شكل لذا نظرت إلى ديما التي نهضت وابتسمت تردف وهي تمد يدها نحوها تستكمل خبثها :
- أستاذة ديما ، أنا سها مرات أخو ثائر وبنت خاله ، جيت مخصوص علشان أقابلك وأعبرلك عن إعجابي الشديد بكتابك ومناظراتك القوية ، أخيرًا لقينا حد يتحدى أفكار ثائر ذو الفقار ويغير وجهة نظره عننا .
بنظرة هادئة شرحت لها ديما أنها تفهمها ولكنها لم ترد تجاهل يدها لذا بادلتها السلام تجيب باختصار ورتابة :
- أهلًا وسهلًا مدام سها .
انزعجت منها للحد الذي جعلها تود أن تصفعها ولكنها ابتسمت وسحبت يدها ثم عادت تنظر نحو ثائر الذي يواليها ظهره يداري غضبه وقالت بترقب :
- إيه يا ثائر مش عايز تسلم عليا ولا إيه ؟
للمرة الثانية يقرر تجاهلها ويردف دون التفات :
- مستنيكي برا يا أستاذة ديما .
غادر قبل أن ينحرها بكلماته أمام ديما وتحت نظرات الحضور لتبتسم لها الأخرى بحرجٍ وتردف وهي تنوي اللحاق به :
- عن إذنك .
غادرت خلفه ووقفت سها تطالعهما وتتصارع مع الذل والهوان اللذان فازا عليها لذا عليها أن تنتقم على هذا التجاهل ، ولكن كيف سيحدث ذلك ؟
أما ثائر فاستقل السيارة التي استأجرها وجاورته ديما تطالعه بترقب لتدرك أنه يصارع غضبه لذا مدت يدها تضعها على كفه القابضة بقسوة على التارة وأردفت :
- ثائر اهدى لو سمحت .
لم يسمعها ولم يشعر بلمستها إلا بعد ثوانٍ وهي تملس على كفه الذي لان قليلًا من أثر لمستها لذا زفر بقوة ثم التفت يطالعها بمقلتين التمعتا بوميض العشق الذي يظهره ببراعة برغم سكون ثورة الغضب خلفه ليردف بنبرة غامضة :
- أنا هادي يا حبيبتي ، إيه رأيك نروح نعمل شوبينج ونغير جو شوية !
توترت قليلًا ولكنها جارته تبتسم وتومئ له فرفع كفها يقبله بتمهل أذاب توترها ثم احتضنه وتحرك يقود إلى وجهته ليتجاوزا ما حدث بسبب تلك الحقيرة كما نعتها داخله .