-->

رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 30 - 2 - الثلاثاء 18/2/2025

  

 

قراءة رواية بحر ثائر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية بحر ثائر

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة آية العربي


الفصل الثلاثون

2

تم النشر الثلاثاء

18/2/2025



كعادتهما يتحدثان سويًا قبل أن يخلدا إلى النوم  . 


يعانقها ويتحدث إليها عن يومه وعن صديقه وعن مواقفه وهي تسمعه بتركيز واهتمام ولكنها الآن شاردة على غير عادة في أمرٍ ما   . 


لاحظ شرودها فتعجب ومال يحدق بها متسائلًا  : 


- يسرا  ؟  سرحتي في إيه  ؟ 


انتبهت له فطالعته وشردت في ملامحه وعينيه المتسائلة  ،  أتخبره أم تنتظر  ؟  أتشاركه ما لديها  ؟  إنها تخشى أن تعيش وهمًا لا وجود له  ،  تخشى إن صرحت بما يسكنها فتكون صدمته رصاصة تستهدف قلبها  ،  هل عليها أن تنتظر لتتأكد  ؟ 


ولكنها لم تعتد إخفاء شيءٍ عنه حتى مشاعرها  ،  مخاوفها  ،  شكوكها  ،  تشاركه كل شيء لذا تنهدت بقوة فعاد التعجب يغزو ملامحه فتحدثت لترحم لهفته  : 


- هقولك يا دياب بس هو مجرد إحساس  . 


أومأ متنبهًا لتسحب أكبر قدر من الأوكسجين وتردف بتوتر  : 


- خالتو منال النهاردة وأنا عندها قالت لي حاجة  . 


- قالتلك إيه  ؟ 


سألها بتركيز حيث اليوم ذهبت لرؤية الصغيران وجلست مع منال تخبرها عن رحلتها وكيف كانت وعن تفاصيل خاصة شاركتها إياها  ،  ازدردت ريقها وأردفت بمقلتين ترجوانه ألا ينزعج  : 


- إنت عارف إن معاد البريود كان مفروض من خمس أيام  ! 


أومأ لها فالتهمها التوتر لذا قبض بحنو على كفيها لتواصل فتابعت بتوجس  : 


- هي قالت إن احتمال كبير أكون يعني  ...  حامل  . 


تجمد مكانه وعينيه لم تفارق عينيها التي تترجاه ألا يحطم آمالها ولكنه بدى منزعجًا  ،  بدى الخوف يحيط بتقاسيم وجهه وسؤالًا يتردد على عقله  ،  ماذا إن لم تكن  ؟  لمَ دومًا تركض في حلقة مفرغة  ؟  


نادته بقلقٍ فزفر بقوة وعاد يعتدل ويردف بنبرة هادئة تحمل انزعاجًا واضحَا متعمدًا ألا ينظر في مقلتيها  : 


- ممكن ننام دلوقتي  ؟ 


شعرت بوخزة تستهدف قلبها وأرادت أن تعبر عما تشعر هي به فقالت  : 


- دياب لو سمحت اسمعني  ،  إنت عارف إني بحب أشاركك أي حاجة بتحصل معايا حتى إحساسي  ،  المرة دي أنا فعلًا حاسة إنــــــــــــــــــ  . 


- يسرا كفاية  ،  خلينا نقفل على الموضوع ده وننام  . 


قاطعها بنبرة جادة وعينيه تأمرها أن تطيعه فتجمعت الغيوم في مقلتيها وابتلعت لعابها ولم ترد عناده بل أنها أومأت تردف بنبرة واثقة  : 


- تمام يا دياب  ،  خلينا ننام دلوقتي  . 


نبرتها ونظرتها أكدا له أن بداخلها الكثير وهذا ما أزعجه  ،  هو اعتاد مشاركتها كل شيء ولكنه يخشى عليها من تحطيم الأمال  . 


لذا تمددا على الفراش ليعانقها ويدخلها في كنفه وقد شعر بالذنب نحوها فهمس ورأسه تعلو رأسها دون أن ينظر إليها  : 


- سبيها على الله يا يسرا  . 


- ونعم بالله  . 


قالتها بخفوت وحزنٍ أدركه فقبل رأسها وتنهد بعمق وقرر أن يغفو وظلت هي تدعو ربها ألا يخذلها هذه المرة وأن ما تشعر به داخلها سيكون واقعًا ملموسًا عما قريب  . 



❈-❈-❈


صباحًا 


استيقظ أو لم ينم بل يتمدد ويحتويها ويتطلع عليها وهي تنام بسلام يغمرها حينما يعانقها . 


الخبر سينتشر اليوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، كيف سيواجهها حينما تعلم ؟ كيف سيتعامل معها ؟ 


تنهيدة ثقيلة صدرت منه وآخر ما اهتدى إليه هو إجبارها على المكوث في المنزل طوال اليوم ، وقطع الانترنت عنها إلى أن يرى ماذا سيفعل . 


استيقظت على أثر أنفاسه فابتسمت تسأله باستفهام وتحشرج : 


- صحيت امتى ؟ 


امتدت يده تزيح خصلاتها الملتصقة بملامحها الجميلة وأجابها بعيون تسافر عليها : 


- لسة من شوية صغيرين ، أو كتير مش عارف بس كنت ببصلك وماحستش بالوقت . 


توغلتها سعادة واقتربت منه تقبل شفتيه وتكافئه على تحديقه بها ليتخذ قبلتها ذريعة كي ينهل منها سلامًا . 


ما إن أنهت قبلتها وابتعدت إنشًا حتى تولى هو زمام القبل وتوزيعها ليدخلها في بحره الثائر من المشاعر المتضاربة بالمتعة والخوف ويتمنى ألا يكون هذا اللقاء هو الأخير بينهما .


❈-❈-❈


خرجا من حمامهما واتجه يرتدي ملابسه الرسمية مبكرًا على غير عادة فتساءلت وهي تجفف خصلاتها : 


- بتلبس بدري كدة ليه يا ثائر ؟ 


أجابها بهدوء وهو يواصل الارتداء  : 


- النهاردة فيه لجنة بحث سنوي جاية المجلة والمفروض أكون هناك بدري . 


أثار تعجبها حيث أنه لم يخبرها بذلك ولكنها تنهدت تجيبه : 


- طيب أنا هخلص بسرعة واحصلك . 


انتهى من ارتداء حلته واتجه يقف قبالتها وأردف بهدوء : 


- خليكي هنا النهاردة يا ديما ، بلاش تيجي المجلة . 


ظنت أنه يخشى عليها من تلك اللجنة لذا نطقت معارضة : 


- لا طبعًا لازم أكون جنبك وعلى رأس شغلي . 


تبدلت نظرته لجدية مطلقة وأردف باقتناع  : 


-  خليكي يا ديما منعًا لأي كلام  ، اللجنة دي أعضاءها متشددين في أراءهم وممكن يضايقوكي بالكلام وده مش هسمح به  ، فعلشان ما يحصلش مشاكل خليكي هنا . 


زفرت بقوة توميء له فطبع قبلة على جبينها وتحرك يلتقط معطفه ويتجه نحو الدرج المؤدي لمنزله ووقفت تتطلع على أثره بتساؤلات عدة . 


دلف منزله من الباب السري واتجه نحو حاسوبه وعبث به ليُفَعل تشغيل برنامج قطع الانترنت عن المنزل  . 


تحرك بعدها نحو الأسفل وخرج من بابه يستقل سيارته ويغادر .


❈-❈-❈


بعد ساعتين انتهت من تنظيف المنزل وجلست تستريح على أريكتها لذا استلت هاتفها لتتحدث إلى طفليها وما إن فتحته حتى تفاجأت بانقطاع الاتصال عنه لذا قطبت جبينها وأعادت تشغيله لتجد نفس الأمر . 


نهضت تتجه نحو غرفتها وتستل حاسوبها النقال ثم عادت إلى الأريكة وجلست تفتحه وتنتظر لتتفاجأ أيضًا بانقطاع الانترنت . 


زفرت بضيق وظنت أن هناك مشكلة ما لذا نهضت تحضر الغداء وتنتظر ليرن هاتف المنزل الأرضي لذا اتجهت تلتقطه وتجيب بترقب : 


- ألو ؟ 


تحدث ثائر بنبرة مختنقة شعرت بها : 


- عاملة ايه ؟ 


تعلقت بنبرته وأردفت تشتكي له : 


- ثائر طمني عملت إيه ؟ اللجنة مشيت ؟ انا مارضتش أرن عليك قلت أكيد مشغول ، بس دلوقتي حاولت أكلم ماما لقيت الاتصال والانترنت مقطوعين ، تقريبا فيه مشكلة . 


أغمض عينيه يجيبها بضيق : 


- ماتقلقيش بتحصل عادي ، افتحي التليفزيون واتفرجي على فيلم وانا مش هتأخر . 


- طب انت كويس ؟ 


سألته باهتمام ومؤازرة ليجيبها قبل أن يغلق : 


- الحمدلله . 


أغلق وجلس يفرد ظهره على مقعده لتقتحم مارتينا مكتبه وعلى ملامحها انفرجت كل ينابيع النصر والسعادة وهي تخطو وتجلس أمامه قائلة : 


- أنا لا أصدق أننا أخيرًا سنعود ثائر ، هذا كان حلمي الوحيد منذ أن انفصلنا ، أعدك أنني لن أتركك مرةً أخرى . 


حدق فيها بمقلتين ثاقبتين ثم تساءل باهتمام زائف : 


- هل تم رفع الأخبار الأخرى أم أن حماسكِ أنساكِ ؟ 


اتسعت حدقتيها تردف بدلال : 


- بالطبع لم أنسَ ، هذا ثاني شيء فعلته بعدما صرحت بنشر الخبر في المجلات صباحًا ، لن يكون هناك أي جلبة حول اسمك لذا اطمئن فأنت في حضرة مارتينا إرتوا . 


أومأ يرفع حاجبيه ويردف من بين أسنانه بمغزى مغلفًا بالسخرية : 


- الساحرة الشريرة . 


ضحكت عاليا وكأنه مدحها لتجيبه بفخر : 


- نعم أنا كذلك فيما هو ملكي ، ولهذا قمت بنشر الخبر عبر التليفزيون أيضًا ، كي ينتشر بشكلٍ أكبر . 


تهاوى قلبه ولم يستطع إخفاء تجهمه لذا تساءل بترقب خطر : 


- أي تليفزيون ؟ 


اعتدلت في جلستها واسترسلت بأريحية : 


- التليفزيون ثائر ، وهل هناك غيره ؟ لا تستهين بمارتينا إرتوا فالجميع ينتظر خبرَا كهذا ولا أضمن أنه سيصل للعامة ، يجب أن نقطع الألسن من جذورها . 


باتت دعوته الوحيدة الآن هو أن يمر الأمر بسلام على قلبها حتى لو علمته بهذه الطريقة المؤلمة . 


زفر بقوة وجاهد لأن يبتسم ويومئ قائلًا بصدرٍ مكلوم : 


- خير ما فعلتِ . 


❈-❈-❈


أنهت الطعام واتجهت تتفحص هاتفها مجددًا ربما عاد الاتصال ولكن دون جدوى لذا زفرت والتقطت جهاز التحكم وأعادت تشغيل التلفاز  ، تبدل القنوات ، هي لا تحب الأفلام إلا إذا كانت ستشاهدها معه لذا مررت عدة قنوات تبحث عن القنوات التي تتناقل أخبار المجلات . 


توقفت عند قناة تعرض أخبار اليوم عن المجلات والشخصيات الهامة لذا تكتفت وجلست تشاهد بتركيز قبل أن يسقط فوقها هذا الخبر ليُفجر مكنونها رأسًا على عقب . 


إحداهما تعلن عن عودة مارتينا إرتوا إلى طليقها ثائر ذو الفقار بعد انفصال دام لسنواتٍ عدة . 


سلاحًا خبيثًا حديث العهد اخترق قلبها و قضى على سلامها وهي تعيد قراءة الخبر بغير تصديق ، هزت رأسها برفضٍ قاطع وحاولت تهدئة قلبها المخترق بوخزات مؤلمة وهي تردد على مسامعها : 


- مستحيل ، مستحيل ده يحصل ، أكيد كدب ، أكيد إشاعة . 


أومأت تقنع نفسها بذلك وانتفضت تقف وتلتفت حولها بغير هدى وكأنها ضلت كل شيء من حولها لذا التقطت نفسًا قويًا ورفعت كفيها تحيط برأسها وتغلق عينها لتتذكر أنها تبحث عن ثيابها لتذهب إليه وتعرف من أين تم نشر هذا الخبر الكاذب .


الصفحة التالية