-->

رواية جديدة رواية تائهة في قلب أعمى لزينب سعيد القاضي - الفصل 73 - 1 - السبت 8/2/2025

  

    قراءة رواية تائهة في قلب أعمى كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية تائهة في قلب أعمى

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة زينب سعيد القاضي


الفصل الثالث والسبعون

1

تم النشر السبت

8/2/2025



"الشك إذا استحوذ قلب شخص منها تجاه آخر، فلا مجال للثقة به مرة آخري، حتي لو تظاهرنا بالعكس سيظل داخلنا تذبذب تجاهه"


كان يدخن سيجاره بجنون وهو يحاول الإتصال بها للمرة التي لا يعلم عددها والنتيجة واحدة قامت بحظره، حتي إنها لا تقوم بالرد علي الأرقام الغريبة.

اقتربت منه زوجته وتسألت بحيرة:

-إنتَ هتفضل قاعد كده يا أحمد في البيت؟

ألتفت لها وتحدث بضيق:

-المفروض أعمل إيه يعني يا سهام؟

أجابت ببساطة:

-تنزل تشتغل.

أشار إلي ركبتيه وتحدث بحزن:

-بجد ؟ أنزل أشتغل إيه؟ مين هيرضي يشغل واحد أعرج يا سهام ؟

رمقته بإشفاق وقالت:

-ولاد الحلال كتير لكن لازم تشتغل عشان البيت والعيال وعشان علاجك.

رد بهدوء:

-متشغليش بالك أنتي ناسية إني فتحت وديعة صغيرة في البنك غير المرتب إلي ياسين باشا هيدفعوا لينا أطمني.

ضيقت عينيها وتسألت بضيق:

-وجبت فلوس الوديعة دي منين لسه بردوا مش عايز تقولي؟

تهرب من النظر لها وتحدث بضيق:

-يعني إيه جبتها منين خير من عند ربنا يا ستي إيه مشكلتك إنتِ؟

تجاهلت حديثه وأجابت بحدة:

-إنتَ فاهم قصدي كويس أوي يا أحمد بلاش تتهرب من إجابة السؤال الفلوس دي جت منين؟ أحمد ريح قلبي إنتَ من يوم ما أحمد بيه مات وإنتَ حالك أتقلب ريح قلبي يا حبيبي الفلوس دي جت منين وإنتَ مالك ؟ فيك حاجة متغيرة إنتَ مش أحمد جوزي إلي أعرفه إنتَ دائمًا متوتر ومتنكرش ده إنت! متوتر وخايف كانك عامل عاملة قول يا أحمد ريح قلبي.

زفر بإستياء وقال:

-يوه إنتِ مش بتهزقي قولتلك مفيش حاجة مفيش حاجة يا بنت الناس والفلوس دي رزق من ربنا.

هي علي يقين إنه كاذب فتحدثت بجدية:

-خلاص يا أحمد مش عايز تتكلم براحتك بس أنا واثقة ومتأكدة إنك مخبي حاجة والفلوس دي مش رزق من ربنا زي ما إنزَ بتقول الفلوس دي حرام يا أحمد إنتَ سرقت الفيلا بعد موت أحمد بيه صح ولا غلط ؟ 

رمقها بذهول أتظنه سارق؟! حرك رأسه نافيًا وتحدث بنبرة حادة:

-إنتِ مجنونة ولا إيه ؟ فلوس إيه إلي أنا سرقتها لأ طبعًا اقسم بالله ما حصل أنا مش حرامي.

تساءلت بفضول أكبر:

-طيب لو مش سارق الفلوس دي ليه دائمًا قاعد سرحان وخايف ؟ أصل هي ملهاش غير معني واحد من أتنين يا إما عامل مصيبة خايف منها يا إما سارق الفلوس دي فريح قلبي وقولي الحقيقة أنا مراتك يا أحمد يعني ستر وغطا عليك الفلوس إلي معاك ديه خلينا نرجعها لأصحابها يا حبيبي بلاش نعيش بفلوس حرام لا أنا هقبل علي نفسي ده ولا وهقبل علي عيالي حتي لو وصل بيا الأمر إني أشتغل خدامة في البيوت عشان أصرف علي نفسي وعلي عيالي مش هتأخر رجع الفلوس لأصاحبها .

صاح بانفعال:

-يوه إنتِ مش بتفهمي ولا إيه أنا قولتلك أنا مش عامل حاجة والفلوس دي فلوسي وحقي عايزة تصدقي صدقي مش عايزة تصدقي براحتك .

نهض مستندًا علي عكاز وغادر المكان بينما ظلت هي مكانها تبكي بتحسر علي حالها، وأثناء بكاءها وجدت هاتف زوجها مضئ علي الطاولة آخذته سريعًا وفتحته وبدأت تقلب في جهات الاتصال والرسائل وما آثار تعجبها هو إتصاله بأنثي تدعي "غدير" أشتعلت نيران الغيرة داخل قلبها ولكن من تكون تلك وما علاقتها بزوجها والأهم من كل هذا ما سر كل هذه المكالمات.

انتشلها من حالتها تلك إستماع خطوات عكازه، أغلقت الهاتف سريعًا ووضعته مكانه، وصل إلي الطاولة وآخذ الهاتف بلهفة وغادر سريعًا، قررت أن تبحث وراء زوجها أكثر كي تعلم من تلك "الغدير" ولكن عليها أن تعيد الحق إلي أصحابه.

❈-❈-❈

علي طاولة العشاء كان يترأسها ياسين المحمدي وعلي يمينه صفا وجوارها والدتها، وعلي يساره والدته، كان الصمت هو المسيطر على المكان إلي أن قرر ياسين قطعه وتحدث بهدوء:

-عرفتوا إن نور كمان حامل في توأم.

نظرت سلوي الي هناء وبعدها اتجهوا بنظراتهم إلي ياسين مرددين بعدم تصديق:

-بجد يا ياسين ؟

اتجه بنظراته إلي زوجته:

-أيوة بجد أسألوا صفا هي إلي كانت معاها .

استدرات لها صفا وتساءلت بتلهف:

-بجد يا صفا بتتكلمي جد ؟ نور حامل فعلًا في توأم؟

حركت رأسها بإيجاب:

-أيوة يا حبيبتي روحت معاها للدكتور وأطمنا عليها وبلغتنا إنها حامل في توأم.

تحدثت هناء بحنان:

-اللهم بارك بسم الله ما شاء الله ربنا يحفظكم يا ولاد وتقوموا بالسلامة إن شاء الله.

دمعت عين سلوي بفرحة:

-اللهم صلي على النبي ربنا عوضه حلو أوي يا ولاد سبحان الله تضيق تضيق وتتسع وكأنها لم تضيق يومًا لو كل واحد يرضي بالي ربنا كتبه هيراضيه بأكتر من إلي هو أتمناه.

أيده ياسين بتأكيد:

-فعلًا يا ماما الحمد لله ربنا رضانا كلنا.

أومأت بإيجاب وردت:

-الحمد لله ياسين أنا حابة أروح أزور قبر أبوك.

أومأ بتفهم وقال:

-حاضر يا أمي هنروح بكره بإذن الله.

ألتفت إلي صفا متسائلًا:

-هتيجي معانا يا صفا؟

ردت سلوي يتلهف:

-لأ يا حبيبي لأ صفا حامل مينفعش.

قطب جبينه بحيرة وتسأل:

-ليه مينفعش مش فاهم ؟

رفعت كتفيها دلالة على عدم معرفتها:

-والله مش عارفة يا أبني هما بيقولوا كده من زمان.

تهكم ياسين ساخرًا:

-أه يعني خزعبلات.

تحدثت هناء بتعقل:

-حتي لو يا أبني إحنا طلعنا لقينا أهلنا بيقولوا كده وإحنا مشينا على كده خد مودي معاك ولما صفا تولد بالسلامة تبقوا تاخدوا التوأم معاكم باذن الله لكن بلاش دلوقتي يا أبني إحنا متضمنش مين صح ومين غلط.

تنهد بقلة حيلة وقال:

-لله الأمر من قبل ومن بعد حاضر زي ما أنتوا شايفين.

❈-❈-❈

الفي صباح اليوم التالي، إستعد ياسين وسلوي من أجل زيارة المقابر وآخذوا الصغير برفقتهم وها هما يسيرون داخل المقابر متجهين إلي قبر أحمد المحمدي.

ياسين يحمل طفله علي ذراع بحنان بينما الذراع الآخر يضعه على كتف والدته متجهين إلي الداخل وهو يتمتم بصوت مسموع:

-السلام عليكم دار قومًا مؤمنين أنتم السابقون ونحن بكم لاحقون.

وها قد وصلوا أمام القبر الخاص بهم والذي مكتوب عليه لافتة رخامية منقوش عليها "أحمد المحمدي" وتاريخ وفاته بالعام الهجري والولادي.

ألقي ياسين السلام علي قبر والده:

-السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.

وكذلك ألقت سلوي السلام:

-السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.

وقف كل منهم أمام القبر وبدأوا يقرأون الفاتحة بصوت خافت والدعاء له بالرحمة والمغفرة، وبعدها ظل كل منهم يتحدث داخله كأنه يحادث من يرقد بقبره.

عند ياسين:

-عامل إيه يا بابا إنتَ وحشتني أوي يا حبيبي أنا أه زعلان منك علي إلي عملته معايا ومع صفا بس أنا مسامحك يا بابا وصفا كمان مسمحاك شايف جبت ليك معايا عشان تشوفه محمد حفيدك وعايز أفرحك كمان يا بابا صفا حامل وهتجيب ليا توأم يا بابا لو كنت موجود وسطنا دلوقت أكيد كنت نسيت قصص التفرقة دي وتفرح في أحفادك صفا جدعة أوي يا بابا وكل يوم بتثبت إني كنت صح وهي إلي تستاهل تشيل إسمي وتكون أم أحفادي مش عارف ليه إنتَ مكنتش متقبلها عشان فقيرة ومش من مستوانا؟ طيب ما كلنا فقراء عند ربنا المقابر دي كلها فيها أموات كلمهم تحت التراب ويادوب كفن ابيض ملفوفين به أحنا منملكش حاجة يا بابا في الدنيا دي بتيجي في الدنيا فاضين ونتلف في لفة بيضاء وبنسيبها وإحنا فاضين وفي لفة بيضاء والمال إلي بنسعي طول عمرنا عليه بنسيبه ونمشي يا بابا محدش بياخد حاجة في جيوب الكفن وهو ماشي ياربتك يا بابا كنت فهمت ده وإنتَ عايش أكيد كانت نظرتك أتغيرت لكل الحاجة المال بنسيبه يروح لغيرنا يتمتع به جدي سابه ليك وإنتَ مشيت وسبته ليا وأنا كمان هيجي يوم وأسيبه لأولادي دي سنة الحياة كاس داير علي الكل ربنا يرحمك يا حبيبي ويغفر لك يا رب العالمين.

أما عند سلوي:

-عامل إيه يا أحمد عندك ؟ يا تري إنتَ كويس؟ وحشتني أوي يا أحمد عارفة إنك هتستغرب إني بقولك إنك وحشتني بس دي الحقيقة إنتَ وحشتني أوي رغم كل إلي إنتَ عملته ورغم كل المشاكل إلي حصلت لسه بحبك يا أحمد حتي لو فضلت عايش وإنفصلنا فعلاً كنت هفضل أحبك زي ما بحبك أنا مسمحاك يا أحمد علي كل حاجة عملتها وبستني اليوم إلي هموت فيه ونتقابل في الآخرة يمكن ربنا أراد إني أفضل علي ذمتك قبل ما تتوفي يا حبيبي عشان أفضل مراتك في الآخرة بس إنتَ كنت ظالم صفا مش بالفلوس يا أحمد والله مش بالفلوس السعادة مع الناس إلي بنحبها مش بالفلوس شوفت محمد كبير شوية إزاي لما أجي أزورك تاني هجيبه معايا وصحيح صفا حامل تاني وهجيب كمان حفيدين ليك تاني عشت طول عمرك نفسك تشوف ولاد ياسين ومع الأسف لما ربنا أراد وحقق حلمك إنتَ إلي ضيعت حلمك ده يا أحمد ومستمتعش به صحيح مرات أمير كمان حامل في توأم يا أحمد الشئ إلي واثقة منه إنك كنت بتحب أمير زي ما بتحب ياسين وكنت هتفرح بوالده كمان بس دي إرادة ربنا يا حبيبي ربنا يرحمك ويغفر ليك يارب العالمين.

فاقت من شرودها علي صوت بكاء الصغير ألتفت إلي ياسين وتسألت بحنان:

-ماله بيعيط ليه؟

رد بهدوء:

-شكله عايز ينام.

أومأت بتفهم وقالت:

-ماشي يا حبيبي يلا نمشي غلط يعيط في المقابر.

ألقي نظرة أخيرة علي قبر والده وتحدث بنبرة هادئة:

-مع السلامة يا بابا اطمئن هفضل أدعيلك وهاجي أزورك دائمًا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


الصفحة التالية