رواية جديدة رواية تائهة في قلب أعمى لزينب سعيد القاضي - الفصل 75 - 1 - الثلاثاء 11/2/2025
قراءة رواية تائهة في قلب أعمى كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر
رواية تائهة في قلب أعمى
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة زينب سعيد القاضي
الفصل الخامس والسبعون
1
تم النشر الثلاثاء
11/2/2025
"أوقات كثيرة نجد أشخاص ليس لنا صلة بهم أقرب من أشخاص مقربين لدينا ويا للعجب ثقتهم بنا لا مثيل لها، ونكون بمثابة طوق نجاة لهم'
كان يترأس طاولة العشاء وعلي يمينه فريدة وعلي يساره طفله الحبيب، من حين لآخر ينظر إليها حتي ملت هي من نظراته وتساءلت بحيرة:
-خير يا شريف عايز تقول إيه يا شريف ؟
تبسم بهدوء وقال:
-عرفتي منين إني عايز أقول حاجة ؟
تهكمت قائلة:
-عرفت من نظراتك نفسها ليا بقيت عارفة إنك عايز تقول حاجة.
قهقهة بخفة وعقب قائلًا:
-عشان ببص ليكي يبقي عايز أقول حاجة ؟ مش ممكن حابب أتملي في جمال زوجتي المصون ؟
تركت الشوكة من يدها وكتفت يدها فوق صدرها وتحدثت بهدوء:
-لأ ده مش طابعك الصراحة وأنا أتعودت علي طبعك وتصرفاتك كمان قول إلي حابب تقوله.
آخذ نفس عميق وتحدث بهدوء:
-صفوت بيه جه زارك إمبارح؟
تجهم وجهها وتسألت:
-أيوة ؟ بس مش فاهمة مغزي السؤال ؟ المفروض أستأذن قبل بابا ما يجي يزورني؟
زفر بإستياء وقال:
-أنا مقولتش كده من الأساس ده بيتك يا فريدة بس في حاجة غريبة عرفتها النهاردة بس محبتش أستفسر وقولت أفهم منك.
قطبت جبينها بحيرة وتسألت:
-حاجة إيه دي مش فاهمة؟
أجاب بحيرة:
-إن صفوت بيه بيصفي الشركة.
أتسعت عيناها بصدمة وتداركت مستفهمة:
-بيصفي الشركة ؟ طيب إيه السبب ؟
رفع كتفيه بقلة حيلة وقال :
-مش عارف والله ده إلي أنا سمعته فحبيت أفهم منك ولو حابة إني أدخل ممكن يكون بيمر بأزمة مالية مثلًا؟
حركت رأسها نافية وهتفت بتوتر:
-لأ لأ إطلاقًا ولما جه ليا إمبارح كان عشان يطمئن عليا ومقالش حاجة أصلًا أنا هقوم أروح دلوقتي.
أوقفها بنبرة هادئة:
-أقعدي يا فريدة أقعدي يا حبيبتي وأسمعيني طالما هو مقالش ليكي حاجة يبقي تحترمي ده أنا هتواصل معاه بما إني عرفت من بره وبإذن الله أفهم إيه الموضوع ونتوصل لحل بإذن الله.
هتفت بإصرار:
-طيب تمام بس هروح ليهم الصبح أطمئن عليهم.
رفع يده بإستسلام:
-براحتك طبعًا أكيد يا حبيبتي.
❈-❈-❈
منذ عودته وصعد إلى غرفته مباشرة بعد أن ألقي عليهم السلام وتحجج أنه مرهق وفي الحاجة إلي الراحة، لكن لم يفلت عن صفا تجهم وجهه فأدركت أن هناك خطب ما بزوجها، أستأذنت منهم وصعدت هي الآخري خلفه فتحت باب الجناح وجدته جالسًا فوق الفراش واضعًا رأسه بين كفيه، أغلقت الباب سريعًا وتحركت تجاهه بتلهف وقفت أمامه وتساءلت باهتمام:
-مالك يا ياسين في إيه ؟
لم يرفع رأسه أو ينظر لها من الأساس وتحدث بنبرة حادة:
-مفيش حاجة مرهق شوية زي ما قولت تحت.
كتفت يدها على صدرها وهتفت بهدوء:
-لأ يا ياسين ده مش إرهاق ده زعل وضيق في حاجة معصباك وإنتَ واخد التعب والإرهاق مجرد حجة قدامنا عشان منقلقش عليك فلو سمحت فهمني مالك يا ياسين فيك إيه يا حبيبي؟ في حاجة حصلت في الشغل مثلًا؟
أجاب بنفاذ صبر:
-لأ مفيش وزي ما قُولت يا صفا مرهق شوية أنا مرهق يا ستي محتاج أرتاح وبس.
زفرت بضيق وقالت:
-ياسين ريح نفسك أنا مش هسيبك غير لما أعرف مالك فيك إيه؟ ده مش إرهاق أبدًا وعصبيتك دي خير دليل إن كلامي صح طيب إنتَ مجتش تاخدني النهاردة من الشغل ليه؟ حاولت أكلمك مردتش لولا نور كلمت أمير وقالها نروح كان زماني فضلت في المستشفى قاعدة مستنياك هو أنا زعلتك في حاجة طيب.
رفع رأسه أخيرًا وتحدث بنفاذ صبر:
-قُولت مفيش يا صفا مفيش حاجة تعبانة شوية ومحتاج أرتاح إيه مشكلتك ؟
ردت بحزن:
-مشكلتي إني مش حابة أشوف بالشكل ده مش متعودة أشوفك كده يا ياسين.
أجابها ببرود:
-مش حابة تشوفيني كده كنتِ فضلتي تحت مطلعتيش ورايا لغاية هنا وبعدين تيجي تقولي أصلي مش حابة أشوفك كده أتفضلي إنزلي يلا أقعدي معاهم.
صاحت بانفعال:
-ياسين بطل بردوك ده لو سمحت فهمني في إيه ؟
انتفض من مكانه وجذبها من ذراعها بعنف وصاح بفحيح ارعب أوسارها:
-صوتك ميعلاش تاني ؟ سامعة ولا لأ ؟ يظهر إني دلعتك زيادة عن اللزوم لأ فوقي يا دكتورة أنا ياسين المحمدي يعني مش حتة عيلة إلي تقف قصاده وتعلي صوتها عليه حتي لو كانت مين.
دمعت عيناها وهتفت بآلم:
-سيبك دراعي.
انتبه علي حاله وفك أسر قبضته عن ذراعها، وأكملت هيي بحزن:
-أنا مكنش قصدي أعلي صوتي عليك أنا كنت حابة أطمئن عليك.
رد ببرود:
-وأنا كويس زي ما إنتِ شايفة أهو كل إلي أنا محتاجه إني أرتاح وطبيعي أرتاح في أوضتي من غير إزعاج.
ضغطت على شفتيها بقوة حتي لا تبكي، وتحدثت بهدوء:
-إنتَ صح وأنا غلط أسفة إني أزعاجتك بعد إذنك.
تحركت سريعًا من أمامه وغادرت الغرفة، ود أن يركض تجاهها ويعتذر منها لكن لا يستطيع أن يفعل هذا بالتحديد الأن فالحوار بينهم وهو بحالته تلك سيأتي بنتائج عكسية.
❈-❈-❈
خرجت من الغرفة سريعًا، وأغلقت باب الغرفة خلفها؛ استندت علي الجدار وجففت دموعها وهبطت إلي الأسفل.
تسألت هناء بقلق:
-مالك يا صفا في إيه ؟ إنتِ كويسة وياسين كويس؟
رسمت ابتسامة كاذبة علي وجهها وقالت:
-أيوة الحمد لله أنا هاخد مودي أغير له وأنام أنا وهو.
تسألت سلوي بلهفة:
-مش تأكلي الأول يا بنتي مش كفاية ياسين كمان مش هياكل؟
ردت باختصار:
-أكلت مع نور وأنا راجعة من الشغل ومش قادرة أكل حاجة تاني الصراحة تصبحوا علي خير.
آخذت طفلها وغادرت تتبعها نظراتهم.
هتفت سلوي بحزن:
-شكلهم أتخانقوا.
زفرت الأخري بضيق:
-ربنا يهديهم ويبعد عنهم العين.
أمنت سلوي علي دعائها:
-اللهم أمين يارب العالمين أنا تعبت ليهم بجد دول مش بيلحقوا يفرحوا يا قلبي دائمًا فرحتهم ناقصة.
ردت هناء بتعقل:
-خير خير كله خير بإذن الله هتأكلي؟
ردت سلوي بنفي:
-لأ خلاص مليش نفس نفسي أتسدت.
أيدتها هناء:
-ومين سمعك يا سلوي ومين سمعك أنا هقوم أصلي العشاء وأدعيلهم ربنا يهدي سيرهم.
نهضت سلوي هي الآخري:
-هقوم أنام أصلي أنا كمان وأنام سبحان الله القاعدة من غير ياسين وصفا ومودي مش بيبقي ليها طعم.
❈-❈-❈
فتحت باب الشقة ودلفت بإرهاق، انتفض زوجها من مقعده وصاح بعصبية:
-كنتِ فين يا سهام ؟
أغلقت باب الشقة وردت ببرود:
-كنت بدور علي شغل.
تجهم وجهه وصاح بانفعال:
-نعم يا أختي ؟ بتقولي إيه ؟ تدوري علي شغل ؟ليه إن شاء الله الهانم عدمت جوزها ؟ ولا مش مكفي بيتك ومجوعك ؟
ردت متهكمة:
-ولا ده ولا ده الألعن.
تساءل ساخرًا:
-ويطلع إيه بقي الألعن ده يا هانم ؟
ابتعلت ريقها بمرارة وتداركت قائلة:
-بتأكلنا بفلوس حرام يا أحمد.
صاح بجنون:
-قولتلك مش حرام مش حرام إنتِ إيه يا شيخة ؟!
ردت بتحدي:
-طول ما أنا مش عارفة مصدر الفلوس دي وإنتَ رافض تبقي فلوس حرام طول ما إنتَ وشك بيجيب ألوان وأنا بسألك عنها تبقي فلوس حرام ومش هقبل أنا ولا عيالي نضرف منها أنا هنزل وأشتغل وأصرف علي نفسي وعلي عيالي وإنت بقي براحتك أظن إنك كبير بما يكفي علشان تعرف الصح من الغلط.
تهكم قائلًا:
-بجد وهتشتغلي إيه بقي بدبلوم الصنائع بتاعك؟! هتشتغلي إيه دكتورة ؟
ابتلعت الإهانة وردت بكبرياء:
-إن شاء الله أشتغل خدامة يا أحمد مش هتردد بس الحمد لله لقيت شغلانة في صيدلية وهنزل من بركه بإذن الله.
تحدث بحزم:
-لأ مش هتنزلي مفيش شغل.
ردت بهدوء:
-لأ هنزل أشتغل ومفيش حاجة تمنعني .
صاح بانفعال:
-هو إيه إلي مفيش حاجة تمنعك أنا جوزك يا هانم
أغمضت عيناها بحزن وقالت:
-مع الأسف إنتَ مش جوزي إلي أعرفه يا أحمد مش إنتَ جوزي أبو عيالي إلي أعرفه أصلًا إنتَ واحد تاني غريب عني إيه إلي غيرك يا أحمد ؟ من يوم الحادثة بتاعتك اتغيرت خالص مبقتش إنتَ أحمد جوزي إلي حبيته وإتجوزته.
تبسم بمرارة واسترسل بإيضاح:
-بجد بتسألي؟ إيه إلي غيرني من وقت الحادثة ؟ إلي غيرني إني بقيت معاق يا سهام بقيت أعرج وماشي علي عكاز يا سهام منتظرة مني ايه وأنا كده ؟ ردي منتظرة إيه من واحد مكسور مش بيشوف غير نظرات الشفقة في عيون الناس وبعد ده كله بتسألي إيه غيرني؟
تحدثت بعتاب:
-أولًا إلي إنتَ فيه ده مش عيب ومش عجز طوب ما بتقدر تمشي وتتحرك وتقضي طلباتهم بنفسك يبقي مش عاجز العاجز ده بيبقي محتاج إلي يشرب ليه بوق المياه حتي لكن إنتَ الحمد لله بتخدم نفسك وبتشتغل وكل حاجة في حياتك ماشية يبقي ليه تعمل في نفسك وفينا كده إنتَ أحسن من غيرك كتير يا أحمد.