رواية جديدة رواية تائهة في قلب أعمى لزينب سعيد القاضي - الفصل 79 - 1 - السبت 15/2/2025
قراءة رواية تائهة في قلب أعمى كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر
رواية تائهة في قلب أعمى
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة زينب سعيد القاضي
الفصل التاسع والسبعون
1
تم النشر السبت
15/2/2025
"إن طال الخصامُ، فقد زاد الجفاء، فإذا كان هُنالك فرصةً للعفو والغفرانِ، فلا تجعل الخصامُ يطول، فأنتَ من سيندم في النهاية"
مُنذ أن عاد زياد وهي تجلس برفقته تتأمله بحُب وحزن في نفس الوقت فهي سترحل ولم تراه ثانيتين.
انتهي الصغير من واجباته ونهض يقفز بحماس:
-خصلت خلاص كده بقي هلعب براحتي.
مسدت علي خُصلات شعره بحنان:
-أشطر كتكوت يا زيزو ها حابب تلعب إيه؟
صمت قليلًا وأردف بحماس:
-عايز أعوم في البسين ينفع؟
حركت رأسها نافية وأجابت بأسف:
-لأ يا حبيبي مش هينفع الجو برد إحنا في الشتاء وممكن تبرد غير إنك كمان مش بتعرف تعوم لازم بابي يبقي معاك.
غام الحزن داخل مقلتيه مرددًا بعدم رضا:
-طيب ممكن نعمل إيه؟
رفعت كتفيها باللامبالاة وردت باختصار:
-مش عارفة الصراحة بس شوف إنتَ حاجة تانية عايز تعملها وأنا معاك فيها.
زم شتفيه بطفولة:
-مممممم طيب ممكن تعملي ليا فشار بالكراميل ؟
تبسمت بحب وهتفت قائلة:
-حاضر يا حبيبي هوصيهم يعملوه ليك في المطبخ.
دب قدميه علي الأرض بطفولة وغمغم بإصرار:
-لأ إنتِ إلي هتعمليه وأنا هساعدك.
أشارت إلي نفسها بعدم تصديق وعقب ساخرة:
-أنا إلي أعمله مرة واحدة ؟ إنتَ طموح أوي الصراحة مش عارفة جايب الثقة بتاعتك وإنتَ بتقولي إنتِ إلي هتعمليه منين يا حبيبي أنا مدخلتش مطبخ من الأساس.
هتف برجاء:
-عشان خاطري يا فري.
تنهدت بقلة حيلة وقالت:
-حاضر عشان خاطر عيونك نشوف طريقته علي اليوتيوب كده صحيح قُولت إسمه إيه؟
رد بحماس:
-فشار بالكراميل.
مطت شفتيها بحيرة وهتفت:
-أنا أعرف الفشار بالملح بالجبنة المُتبلة الكاتشب الشطة والليمون لكن فشار بالكراميل بتاعك ده آول مرة أسمع عنه تعالي نشوف هنعمل إيه.
❈-❈-❈
صعد إلى الغرفة كي يبدل ملابسهُ، فتح الباب وما أن فتح فمه حتي يتحدث أشارت له زوجته أن يصمت وهي تضع الغطاء بإحكام فوق الصغير، وتحركت تجاهه وهتفت بهمس:
-متعملش صوت خليه ينام.
أومأ بتفهم وأردف بهمس مماثل:
-هو نام بدري ليه النهاردة مش عادته بينام طول النهار ويصحي طول الليل؟
ردت بصوت خافت:
-هو شكله نيمان خالص بيغير مواعيد نومه عادي بس متقلقش هيصحي تاني أنا هنزل أنا أساعدهم في تجهيز السفرة وإنتَ خلص وتعالي وأوعي تصحيه يا ياسين لو صحي هيفضل يزن ولو عمل كده أعمل حسابك إنك إنتَ إلي هتنيمه تاني يلا سلام .
غادرت بحذر شديد وأغلقت الباب خلفها دون أن تصدر صوت، وتحرك هو تجاه الفراش وجلس جوار طفله الغافي يتأمله بحب:
-تعرف إن إنتَ وأمك إلي خليتوا لحياتي معني من تاني فرحتي بيك ما تتوصفش يا مودي عايزك تاخد بالك من ماما ومن أخواتك إلي جايين وكمان من تيته سلوي وتيته هناء أنا واثق إنك هتبقي راجل يعتمد عليك لما تكبر كان نفسي أفضل جنبك بس لو بعدت مش هيبقي بإرادتي يا حبيبي.
وضع قُبلة علي وجنته استيقظ إلي آثرها الصغير، ابتعد عنه بصدمة وبات يبكي بصوت مرتفع حمله ياسين وبات يهدئه دون فائدة:
-إهدي يا حبيبي إهدي.
لم يتوقف الصغير عن بكائه بل زاد، وزاد تشبثه بملابس والده.
فتح الباب ودلفت صفا بلهفة وركضت تجاهه تتساءل بتلهُف:
-في إيه يا حبيبي صحي إزاي؟
ألتفت لها وتحدث بقلق:
-مش عارف يا صفا أنا كنت بسبوسه وفجأة صحي وعمال يعيط كده .
آخذته منه وحاولت تهدئته ولكن زاد بكاءه وهو ينظر تجاه والده كأنه يأبي تركه أو فراقه.
قطبت جبينها بحيرة وتسألت:
-هو ليه عمال يبص ليك وبيعيط كده؟
رفع كتفيه بحيرة ورد:
-مش عارف طيب هاتيه كده.
حمله مرة آخري والغريب انه هدء واستكان هذه المرة، مدت يدها صفا كي تأخذه ترفقه بصدرها لعل يعفي مرة اخرى ولكن ما إن حملته عاود للبكاء مرة آخري فأعادته إلي ياسين مرة آخري وصمت برفقته بالفعل.
بدلت نظرها بين زوجها والصغير وتساءلت بحيرة:
-الولد ماله ليه عمالة يعيط كده ؟
رد بحيرة:
-مش عارف.
تحدثت بهدوء:
-طيب هاته عشان تغير هدومك.
مد يده كي يعطيه له لكن بدأت وصلة البُكاء من جديد، هتف بتعقل:
-هاخده معايا وأنا بغير وخلاص.
تنهدت بقلة حيلة وقالت:
-ماشي يا حبيبي زي ما تحب أنا مش عارفة ماله إيه إلي حصل ليه لو بيزن عشان النوم آول ما اخده ويرضع هيسكت لكن ده عايز يفضل معاك يمكن حاسس إني حامل وغيران مثلًا؟
تهكم مازحًا:
-بجد ؟ حاسس إزاي بقي؟ ده لسه عنده كام شهر ومش بيحس بحاجة يا حبيبتي هو عشان عايز يفضل مع بابي مامي غيرنا وتخترق ليه عذر ؟
أجابت ببساطة:
-أيوة يا حبيبي إلي إنتَ متعرفوش من الأساس إن سبحان الله بتحس بكل حاجة.
نظر لها بحيرة وشرد في شئ ما، فاق علي نداء زوجته:
-سرحت في إيه؟
هز رأسه نافيًا وعقب بإيضاح:
-لأ ولا حاجة هقوم أغير هدومي خليه معايا أنزلي وهخلص وأحصلك.
حركت رأسها بإيجاب وردت:
-ماشي يا حبيبي زي ما تحب.
❈-❈-❈
طلبت من الخدم أن يغادروا المطبخ كي يتثني لها أن تحضر له ما طلبهُ منها وها هو يجلس علي طاولة المطبخ الرخامية ويحرك قدمه بطفولة، بينما تقف هي أمام الموقد وتقوم بعمل الفُشار وباليد الآخري تمسك هاتفها تري فيديو كيفية تحضيره.
تململ الصغير بنزق:
-لسه قدامك كتير يا فري أنا زهقت؟
ألتفت له وقالت:
-لأ خلاص فهمت دلوقتي حطيت زيت في حلة وعليها الدرة ووطيت النار ويبقي كده ده الفشار بتاع ساعتك ونتنقل لخطوة الكراميل.
تحدث بحماس:
-حلو أوي ياريت طعمه يطلع زي إلي بره.
هتفت بغرور:
-يا حبيبي أطمئن هيبقي أحلي من إلي بره كمان.
صقف الصغير بحماس:
-حلو أوي لو طلع فعلاً كده هاخد منه معايا بكره في اللانش بوكس.
اقتربت منه وتحدثت بحزن:
-زيزو أنا كنت عايزة أقولك علي حاجة ومش عايزاك تزعل مني وقبل أي حاجة عايزة أقولك إني بحبك أوي يا زيزو.
رد ببراءة:
-وأنا كمان بحبك أوي يا فري قولي بقي.
آخذت نفس عميق واستطردت قائلة:
-شوف يا حبيبي أنا هسافر بكره.
تسأل بحيرة:
-هتسافري مع بابي ؟ وأنا أروح عند صاحب بابي تاني ؟
حركت رأسها نافية وعقبت بإيضاح:
-لأ يا حبيبي أنا بس إلي هسافر لكن بابي هيفضل معاك هنا.
ذم شفتيه بحزن:
-طيب هتيجي إمتي؟
ردت بشرود:
-مش عارفة يا حبيبي مع الأسف.
تجمعت الدموع في مقلتي الصغير وهتف بدموع:
-يعني كده إنتِ كمان هتسبيني وتمشي زي مامي صح؟ وهرجع تاني أنا وبابا لوحدنا ؟
مسدت علي خُصلات شعره وأردفت بحنان:
-ليه بتقول كده بس يا حبيبي ؟ لو ربنا أراد إني أرجع هرجع تاني ونبقي سوا.
رفع إصبعه في وجهها ورمقها بحزن:
-لو كلامك صح فعلاً يبقي توعديني إنك ترجعي ليا تاني؟
قبلت إصبعه وتحدثت بحنان:
-لأ يا حبيبي أنا مقدرش أوعدك بحاجة في علم الغيب كل إلي أقدر أوعدك به إن لو ربنا أراد أن نتجمع تاني هرجع ليك.
دمعت عيني الصغير:
-يبقي إنتِ بتضحكي عليا ومش هترجعي صح؟
تنهدت بقلة حيلة وقالت:
-والله مش بضحك عليك يا حبيبي بس مش ضمنة إلي هيحصل لما أسافر.
أجاب ببراءة:
-يبقي متسفريش من الأساس تسافري ليه؟ خليكي معايا أنا وبابي ولا هو بقي زعلك عشان كده عايزة تهربي منه ؟ علي فكرة هو بيزعق ليا كتير وأنا بزعل منه بس بعد شوية لما بيجي يتحايل عليا عشان أصالحه بيصعب عليا وأصلحه عشان هو طيب وبيحبني وكمان بيبحبك إنتِ لو هو زعلك ممكن تسيبي ليه الأوضة وتعاقبيه وتيجي تنامي معايا في أوضتي لغاية ما يجي يعتذر ليكِ وإنتِ بقي وقتها تصالحيه إيه رأيك بقي ؟
قبلت جبهته بحب وقالت:
-لأ يا حبيبي بابا مزعلنيش أنا إلي ماماتي تعبانة لازم أسافر معاها عند الدكتور بس هي دي كل الحكاية.
قطع حديثهم طرقعت حبات الذرة وطيران الفُشار في الهواء مما جعلهم يصيحوا بفزع:
-عاااا ألحقونا..
في نفس ذات اللحظة ركض شريف إلي الداخل يبحث عن أي غطاء يضعه فوق الحلة وها قد وجد ضالته علي الطاولة جوار صغيره آخذه سريعًا وسط حبات الفُشار الساخنة التي تتقاذف فوقهم، استطَاع وضع الغطاء فوق الحلة بمهارة شديدة وكذلك قام بإطفاء الموقد وألتفت لهم وتسأل بقلق:
-انتوا كويسين ؟
ردت فريدة بارتباك:
-أيوة الحمد لله.