-->

رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل الأخير - 3 - الأربعاء 12/2/2025

  

قراءة رواية حان الوصال كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الأخير

3

تم النشر يوم الأربعاء

12/2/2025




صاحت رافضةً تمامًا، غير متقبّلةٍ لما قيل.


"لا طبعًا ما ينفعش، دي أبويا عاملها بدم قلبه، تيجي واحدة زي دي تلهف تعب السنين في ثانية! ده حتى ما يرضيش ربنا."


أسهبت في حديثها حتى غفلت عن الحقيقة التي يدركها هو، كما يدركها غيره من أهل الحارة، ليواجهها بها دون مواربة.



"وهو كان يرضي ربنا لما أكل نصيب أخوه وحرم اليتامى منه؟ أديهم اليتامى نفسهم استغنوا وربنا كرمهم من فضله، لكن جات اللي تخلّص على الأخضر واليابس، الحلال بالحرام من فلوس أبوكي."


برقت عيناها استعدادًا للاحتجاج ورفض التصديق، لكنه لم يمنحها فرصة للإنكار أو المراوغة.



"الكلام ده أنا مش جايبه من برّه، وافتكري كويس إن أبويا كان شاهد على كل المراحل."


أطرقت رأسها هذه المرة بخزي، حين واجهها بالحقيقة التي ترفض الاعتراف بها، فواصل حديثه ليُنهي الأمر تمامًا.



"خلاص يا سامية، خلينا نقفل على الموضوع ده، بس أرجع وأقولك تاني، بلاش ترمي ودانك لأمك وتشوفي الحقيقة من وجهة نظرها، إذا كان إخواتك نفسهم مش هاممهم عشان عارفين اللي فيها، ده سامر شوفته متشيّك وأنا جاي بسأله على فين، قالي إنه رايح فرح المحامية، فوكّك بقى وقومي كده فرفشي."


بدا عليها شيء من الاقتناع، فأخذت لحظات للاستيعاب قبل أن تعقّب:



"وعايزني أفرفش وأعمل إيه يعني؟ أرقص لك مثلًا؟"


وكأنه وجد ضالته، التمعت عيناه بشغف وهو يردد:



"طب وما ترقصي فعلًا، إيه يا بت اللي يمنع؟ ده أنا جوزك حلالك، ده غير إنك ما عملتهاش من أول ما اتجوزنا، قومي يا سامية، أنا لازم أشوف رقصك دلوقتي، ولا إنتِ ما بتعرفيش ترقصي كويس؟"


"فشر! مين دي اللي ما تعرفش؟ ده أنا أشطر من صافيناز، ولا إنت مش فاكر رقصي وسط البنات يوم فرحنا؟"


"قالتها بانفعالٍ أشعل رأسه، فابتلع ريقه وردد خلفها:"



"صافيناااز كمان! طب ما توريني يا ست صوفي، أصل بصراحة أنا ما كنتش مركز."


"ما كنتش مركز!" 

تمتمت بها وهي تنهض من جواره، ثم أردفت بتحدٍّ:



"طب أنا دلوقتي هخلي الذاكرة ترجع لك."


قالتها، ثم اتجهت نحو السماعة التي كانت تصدح منذ قليل، وضبطتها على موسيقى للرقص. تناولت طرحتها ولفّتها حول خصرها في الأسفل، ثم بدأت وصلتها بالتمايل بهدوء قاتل، لتزيد رويدًا رويدًا حتى تهتز بقوة، مما جعله ينتفض من مجلسه مهللًا.



"أيوة بقى، على الطلاق إنتِ أحلى من صافيناز نفسها!"


❈-❈-❈


"فرحة أخيرًا تجمعنا، ولا حد هيقدر يمنعنا

وأخيرًا هديت، مقفول علينا بيت

وصبرنا له معنى، ودي فرحة بتجمعنا

قدام العالم، إنتِ مراتي

وده كل اللي أنا عايزه في حياتي

ولا يهمنا مين، دي عيون حاسدين

والحلم ده بتاعنا، ودي فرحة بتجمعنا

يا أصحاب يا أغراب، خلاص كتبنا الكتاب

شوفوا حبيبة قلبي

لو ماشي بعكاز، طقم سنان أو محتاس."


تلك الأغنية التي كان يراقصها عليها أمام الجميع، رافضًا خجلها، مثبتًا لها بالفعل قبل القول أنها زوجته الحبيبة التي يفتخر بها وبعشقه لها. لم يتوقف عن الهمس في أذنها بكل كلمات الغزل، ولا عن تدليلها بما تستحق، فهذا وقتها كي تعيش أنوثتها التي تخفيها خلف رداء الأستاذة، مناصرة الضعفاء من النساء.



أما عنها، فكثيرًا ما كانت لا تصدق نفسها وهي تجاريه في جنون رقصته، أو حينما تضحك على مزاحه الوقح أحيانًا، رغم تحذيرها له بألّا يعيده، وهو بالطبع لا يفعل.



"بحبك يا صفية، بحبك." تمتم بها، وهو يخطفها بين ذراعيه ويدور بها في لفة كبيرة كما وعدها سابقاً، غير آبهٍ باعتراضها. فنال تشجيع الملتفين حولهما من أصدقاء العريس وصديقات العروس، الذين تفاعلوا بالتصفيق والصفير."



لفت مشهدهم الجميل انتباه الجميع، ومن بينهم بالطبع تلك المجموعة التي إجتمعت حول طاولة خاصة بهم: جاسر وزوجته زهرة، طارق وزوجته كاميليا، وبالطبع رياض وبهجته، التي علّقت بمرح:



"يا حبيبتي يا صفية، تلاقيها بتدعي عليه دلوقتي، بس ماسكة نفسها بالعافية."


ضحكت زهرة ثم علّقت هي الأخرى:


"اسكتي، ده إحنا اتطورنا! بتضحك أهي، ومن شوية كانت بتعرف ترقص، ده أنا قلت هتسيب الفرح ومش هتكمله، بعد النكد اللي كانت عاملاه مع الميكب أرتيست، طلعت عين البنية."


ليه يعني؟ دي حتى جميلة وما شاء الله عليها النهارده." قالها جاسر، غير منتبهٍ لتبادل النظرات الماكرة بين زوجته وصديقتها، قبل أن تنضم إليهما بهجة، التي فهمت هي الأخرى.



فتدخل طارق بعفويته:


"العريس باين عليه بيحبها، وعامل فرح حلو وشيك."


"مش شيك أوي، هو واد مرووش أصلًا." 

قالها رياض بتقليل، لينال نكزة بمرفق زوجته، التي همست له محذرة:



"امسك لسانك شوية، صفية تبقى أخت زهرة، يعني أكيد مش هيعجبها الكلام لو فتحت مع أصحابك."


رد هامسًا هو الآخر:


"ما أنا مش هحبه في يوم وليلة، الواد ده كان مطلع عيني، ولا فكراني نسيت؟ صاحبتك عملت خير لما قبلت بيه، ياللا خليها تشرب بحق عمايلها معايا هي كمان."


"قطبت بحيرة لم تستطع إخفاءها."



"يا نهار أبيض على قلبك الأسود يا رياض!"


"أوي أوي كمان." تمتم بها مؤكدًا، قبل أن يلتفت على هتاف زهرة:


"الله يا بهجة! مش حماتك دي اللي بترقص هي والواد الأجنبي؟"


التفت رياض نحو الجهة التي أشارت إليها زهرة، ليجد والدته بالقرب من مسرح العروسين، تراقص الطفلين برقة وعذوبة، فخطف مشهدها المبهج الأبصار، وأسر أنظاره تمامًا.



بهجة، هي الأخرى، خفق قلبها للمشهد، شاكرة الله أن مَنَّ على شقيقتها بتلك المرأة التي غمرتها بحنانها كأم، تمامًا كما فعلت لاحقًا مع آدم، والذي أخبرت زهرة عنه قائلة:

"ده آدم ابن جوزها المرحوم حكيم يا زهرة."


"آه يا قلبي، ربنا يباركلها ويديها على قد طيبة قلبها، بصراحة فرق السما والأرض بينها وبين طنط بهيرة." قالت الأخيرة زهرة بهمس، تخفي فمها بكف يدها، حتى أثارت ضحكاتهن نظرات البعض نحوهن، قبل أن ينتبه الجميع إلى صوت مقدم الحفل وهو يهتف عبر الميكروفون، لاقتراب الأزواج المرتبطين لمشاركة العروسين الرقصةالرومانسية التالية



كان خالد وزوجته نوال أول من دلف إلى قاعة الرقص، فهتفت كاميليا بحماس:



"شايفة يا زهرة، خالك سحب مراته عشان يرقصوا."


"وأمام وغادة هما كمان."


علّقت بها زهرة، لتجد الرد حاضرًا من زوجها:


"وإحنا اللي هنقعد مكانا؟ قومي ياللا قبل ولادك ما يسيبوا جدهم ويطبوا علينا كالعادة."


قالها مشيرًا إلى الطاولة التي يجلس عندها والداه، وحولها تجمع الأطفال الصغار، فانتفضت هي الأخرى باستدراك:



"آه والله عندك حق، ده أنا ما صدقت."


علّق طارق هو الآخر نحو زوجته:


"أظن إن بنتك مفيش قلق عليها."


قالها مشيرًا إلى فاتنته الصغيرة، ابنته، التي كان مجد، أكبر أبناء جاسر، يراقصها بحمائية وحنان كعادته، فانعكس إحساس الأمان على والديها كنتيجة حتمية، مما جعل كاميليا تنهض دون تردد، وتجيبه:



"لا يا سيدي، مفيش حاجة تمنع. الحمد لله، أخوها الصغير مع المربية في البيت."


"أيوة بقى، خلينا نشم نفسنا شوية."


"قالها طارق، ثم سحبها ولحق بمن سبقوه، فبقي رياض وزوجته، بهجة قلبه، التي نظر إليها بعينيها الخضراوين الساحرتين، بينما تطل الرغبة منهما بوضوح، فبزغت ابتسامة مشاكسة على شفتيه وهو يقول لها:"



"وانتي كمان عايزة ترقصي زيهم؟ طب ده مفيش منه ضرر على حملك؟"


نفت سريعًا بتحريك رأسها:


"لا طبعًا، مفيش. دي خطوات هادية ورزينة، مفيش منها أي ضرر."


"مفيش منها أي ضرر!"


قالها لينهض بحماس هو الآخر، يمد كف يده أمامها يدعوها:


"لا، مدام مفيش منها أي ضرر، هستنى إيه؟ ياللا."


تلقفت دعوته الكريمة بلهفة، ووضعت كفها في يده، فرفعها إليه وهو يتمتم:


"ياللا بينا."


وتحرك بها لينضما إلى مجموعة المحبين، حيث يتوسطهم العروسان السعيدان في مشهد يأسر البصر ويخطف القلب.


❈-❈-❈


وفي ناحية أخرى، دلف شادي بصحبة زوجته صبا، وقد برزت بطنها من أسفل ملابسها، لتُظهر حملها أمام الجميع، وتزيد من تسليط الضوء عليها في كل مرة تخرج معه، لتضاعف من حمائيته نحوها وخوفه عليها:


"ما تتحركيش كتير، وابعدي عن الزحمة، وإوعي ياخدك الحماس وترقصي وسط البنات عشان تجامليهم، وربنا هزعل يا صبا، ومش بعيد أسحبك من بينهم ولا هيهمني."


زفرت بتذمر لتعيد عليه وتطمئنه:


"للمرة الألف حاضر يا شادي! عمال تنصح فيّا وتديني التعليمات، ده على أساس إنك بتسيبني أصلًا! هو أنا أول واحدة أحمل ولا أشيل عيل؟"


رمقها بضجر معقبًا على قولها:


"بلاش تراجعيني يا صبا، ولا أخدها من قاصرها وأرجع بيكي أحسن! أنا مكنتش عايز أجي أصلًا، ها، أعملها؟"


"لا، الله يخليك!"

الصفحة التالية