رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل الأخير - 4 - الأربعاء 12/2/2025
قراءة رواية حان الوصال كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حان الوصال
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الأخير
4
تم النشر يوم الأربعاء
12/2/2025
لا، الله يخليك!"
"تمتمت بها لتلطّف الأجواء معه حتى لا يُقدم على فعلها وينفّذ ما يدور برأسه، فقد أصبحت تتوقع منه أي شيء منذ حملها، بسبب خوفه الشديد عليها."
"أنت حبيبي، ولا يمكن تزعلني طبعًا! ده ما صدقت إنك توافق وتجيبني فرح الأستاذة صفية، وأنا هنفذ كل تعليماتك، ده أنا صبا حبيبتك اللي بتسمع كل كلامك."
كالعادة، تغلبه. في كل مرة يحاول فرض رأيه، تُظهر ضعفها أمامه، وتضغط عليه بدلالها حتى تحصل على ما تريد. ومهما كان متشددًا، ينصاع لرغباتها في النهاية، ويعلن راية الاستسلام.
"ااااه؛ والله ما في حد بيسمع الكلام إلا أنا!"
❈-❈-❈
"كانت من بين الحضور، تشاهد السعادة التي تغمر شقيقتها وزوجها الذي يحيطها بحماية، وقد تكللت قصتهما بثمرة هذا العشق، التي ستأتي بعد شهور قليلة لتتوج حبهما وتزيد من ترابطهما.
وأزواج المحبين يشاركون في الرقصات الرومانسية بجوار العروسين في ساحة الرقص، في مشهد يبهج القلب ويداعب مخيلتها كفتاة تتمنى أن تجد من يشاركها تلك اللحظات، وتلك العاطفة التي لا ينالها سوى المحظوظين، وتتمنى أن تكون منهم.
"تحبي نشارك زيهم؟"
ارتجفت بتلك الكلمات التي صدرت من خلفها، وقبل أن تلتفت، وجدت أحد الأشخاص بالقرب منها يعيد على مسامعها:
"أنا شايف القمر واقف لوحده، وأنا كمان لوحدي. إيه رأيك لو عملنا كابل زيهم، ورقصنا إحنا كمان؟"
شاب في عمرها تقريبًا، لكن عيناه الوقحتان في تفحصها، ولا مبالاته بالحدث وبالبشر المتجمهرين حولهم، أصاباها بالخوف حتى لجم لسانها عن صده بما يستحقه. لكن النجدة جاءت من حيث لا تحتسب، حينما دُفع من أمامها بواسطة شخص ما، تبينت شخصيته من ظهره، وقد ألصقه بالحائط، يهمس بتهديد ووعيد:"
"لولا بس إني مش عايز أخرب الفرح ولا أطربقه ع اللي فيه، كان زماني شلفطت خلقتك اللي أنت فرحان بيها دي. امشي يا شاطر من قدامي، بدل ما أراجع نفسي وأعجنك مكانك!"
"سمع الشاب كلماته، وكاد يموت رعبًا من هيئته، فتحرك مهرولًا من أمامه، هاربًا من أن ينفذ تهديده.
"التفت إليها بملامحه المتجهمة مخاطبًا:"
"حتة عيل متني زي ده متعرفيش توقفيه عند حده؟ ولا كان لازم أنا أتدخل عشان أبعده؟"
"استطاع بكلماته أن يستفز ذلك الجزء المتمرد داخلها، فردّت معارضة:"
"أنا مش محتاجلك، لا أنت ولا غيرك! أنا بس كنت متفاجئة من جرأته، ده غير إني خوفت من الفضيحة، وده اللي أخرني."
زفر وهو يعدل من وقفته، موجّهًا نظره نحو منصة الرقص، حيث لا تزال الرقصة بين المحبين مستمرة، فتلين نبرته بعض الشيء:
"الحاجات دي عايزة سرعة، بس أنا مقدر لَبْختك، لكن بنبهك للي جاي، يا بنت عمي. ما تخليش حد يستغل سهوتك زي ما حصل من شوية. العيل اللي من شوية كان باين عليه شارب، بس خواف، وده كان في صالحنا أكيد، بس مرة تانية محدش ضامن. لازم يبقى ليكي ضوافر تخربشي بيها."
"متشكرة."
خرجت منها بامتنان ورقّة متناهية، فألهبت مشاعر بدأت تنمو داخله نحوها، رغم محاولاته لكبتها، كما يفعل الآن. تشنجت رقبته في صراع داخلي حتى لا يلتفت إليها ويضعف، وحتى لا يزعجها كما حدث في المرة السابقة.
"على العموم، أنا قريب منك. خدي راحتك واطمني، الواد ده لا يمكن يقربلك تاني طول ما أنا موجود."
وتحركت قدماه مبتعدًا عنها كما وعد، منشغلًا بأجواء الحفل. أما هي، فقد تأثرت بفعلته، وشعرت بشيء غامض يدور داخلها، يصرفها عن متابعة أي شيء سواه. راقبته بعينيها وكأنها تراه لأول مرة، شخصًا آخر، ليس ابن عمها الذي تعرفه منذ مولدها."
"إن كانت هي قد نضجت، فهو قد تغيّر وأصبح شخصًا آخر......... شخصًا يثير اهتمامها!"
❈-❈-❈
تلك اللحظة التي لطالما هربت منها كلما خطرت في بالها، ها هي الآن قد أصبحت واقعًا... هي وهو، وقد انغلق عليهما باب واحد، داخل غرفة ستجمعهما في شقتهما الخاصة. تفرك كفيها بقلق، تجاهد التحكم به، تحاول استحضار روح الأنثى المتمردة الشرسة، تلك التي يصدح صوتها أمام رجال القضاء، تدافع عن موكليها أمام أعتى المجرمين مهما بلغت خطورتهم، ولكن يبدو أن تلك الأخرى قد هربت أيضًا.
لماذا الخجل؟ ولماذا الخوف في يومٍ كهذا، تمر به جميع النساء؟ ولماذا ال...
قطع سيل أفكارها تلك النظرات التي اصطدمت بها، حينما دلف إليها بعد توديع عدد من أقربائه قبل عودتهم إلى بلدتهم.
أطلَّ برأسه من المدخل قبل أن يدخل إليها، ثم أغلق الباب، وصفق بكفيه قائلاً:
والله، وفي الآخر بقيتي ليا يا صفصف، واتقفل علينا باب واحد.
انتفضت متراجعة إلى الخلف حينما همَّ بالتقدم نحوها، لترفع سبابتها أمامه محذرة:
أقف مكانك يا هشام، أنا بقولك أهو.
توقف فجأة، فاغرًا فاه للحظات قبل أن يصدر تعقيبه بسخرية:
ولما أقف مكاني وما أتحركش، هيبقى دوري إيه النهاردة بقى؟ بما إني عريس وكده؟
أخجلها كعادته، فتراجعت عن حدتها قائلة بتشتت:
آسفة، مش قصدي، بس أصل أنا يعني...
أنتِ متوترة.
قالها واقترب، يضم كفيها داخل كفيه الكبيرين، موجّهًا بصره إلى عينيها بتركيز شديد وتفهُّم، قائلاً:
اهدي كده ومن غير ما تتشنجي، إيدك متلجة قوي كده ليه؟ هو أنا هاكلك؟
هشام، ماتقولش كدة، وبطل...
أبطل قلة أدب، صح؟... للأسف، موعدكِش.
قاطعها بها ليواصل دون تردد:
النهاردة أنا وأنتِ مش بس عريس وعروسة، لا، أنا وأنتِ بنكون عيلة، أنا وأنتِ بنبتدي حياة، وربنا في كتابه العزيز بيقول: "هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ"، يعني أنا وأنتِ ستر لبعض، واخدة بالكِ؟
أومأت بنبرة اختفت حدتها، وحل محلها شيء يشبه الاقتناع:
واخدة بالي طبعًا، "هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ"، الآية الكريمة واضحة وما فيهاش أي لبس، أنا بس اللي متشنجة، مش عارفة ليه؟ أنتَ أكيد دكتور نفسي وفاهم حالتي، هو أنا كده مريضة؟
نفى على الفور، يجيبها:
لا طبعًا، الكلام ده فارغ، كل اللي عندكِ مجرد رهبة، أنتِ لا معقدة ولا خوافة، هي بس رهبة وهتختفي خالص دلوقتي وبين إيديا، وبمساعدتكِ أنتِ كمان.
بمساعدتي أنا؟
آه، بمساعدتكِ أنتِ.
تمتم بها، ثم لثم كفيها بشفتيه، مكررًا الفعلة عدة مرات حينما شعر بتجاوبها. ثم ترك كفيها وسحبها فجأة إليه، يحيط خصرها بذراعيه قائلاً:
من أول مرة شفتكِ وأنا حبيتكِ يا صفية، وأنتِ بقى؟
تمتمت برد مرتبك، وعدم تركيز:
ها؟ لا، أنا أول ما شفتك ما كنتش طايقاك، مش فاهمة ليه؟!.
ضحك، يزيد من تقريبها إليه، قائلاً:
طب ما أنا عارف، وده اللي خلاني تأكدت إنِّي علقت في دماغك، ودي في حد ذاتها كانت البداية.
تساءلت بفضول شغلها عن قربه:
يعني إيه؟
سمع منها، وازداد اتساع ابتسامته، لينهي الحديث بأسلوبه:
أشرحلك عملي يا صفية.
وقبل أن تستوعب، وجدته يجفلها بقبلته، يطبق شفتيه على ثغرها، يغلق كل حديث يشغلها، يمتص توترها كما يمتص رحيقها، يبثها الأمان، يهادنها ويدلّل أنوثتها، تلك التي كادت أن تُطمس أسفل ثوب القوة الذي تتخذه سلاحًا، دون أن تدري أن الضعف هو سلاح المرأة الأكثر فتكًا."
يشكلها بين يديه حتى تصير أنثى كاملة
❈-❈-❈
تلك الليلة التي مرّت، ما أجملها!
ليلة امتلأت بسعادةٍ لم تسعها غرفة المنزل، سعادةٍ امتدت حدودها بين السماء والأرض،
حيث بات بها أسفل النجوم في تلك البقعة القريبة من البحر، بعدما خطفها عقب انتهاء زفاف صديقتها، ليأتي بها إلى هنا، على شاطئ البحر الخاص بعائلته.
أغلقا الهواتف، ليصبح العالم خاليًا إلا منهما. تحدّثا عن المستقبل والماضي وعن كل شيء، سهرا حتى غلبهما التعب والنوم. وحين بزغ فجر اليوم التالي، كانت ما زالت في حضنه، ولم يتركها، بل تشبّث بها وكأنه طفل صغير وجد أمانه الذي لا يريد التخلي عنه أبدًا.
رفعت رأسها عن صدره، تتأمل ملامحه الهادئة الساكنة، حتى وإن لم يكن أوْسَم الرجال، لكنها لا ترى في العالم غيره. أحبّته، لا، بل عشقته.
أبعدت ذراعه عنها قليلًا كي تعتدل بجذعها، ثم حاولت إيقاظه:
رياض، يا رياض، رياااض، رياض!
ما خلاص يا بنتي بقى!
قالها فجأة ليعتدل بجذعه متّكئًا على مرفقه بنظرة واعية، مردفًا:
أنا صاحي من زمان أصلًا، بس بقى سايبك تتأملي وتبصي! معجبة بيا للدرجادي يا بهجة؟ ولا دي إشارة الوحم وانتي عايزة تخلفي البيبي شبهي؟
برقت خضراواتها بإجفال لحظي، سرعان ما سيطرت عليه، لتلكزه بقبضتها على ساعده بغيظ:
يعني أنا بقالي ساعة بصحي فيك وانت عامل نفسك ميت، عشان أتأمل فيك وتعيش الدور! طب انت بقى مش وسيم، وأنا مش عايزة أخلف ولاد أصلًا، عشان محدش فيهم يطلع شبهك.
قالتها ونهضت سريعًا خوفًا من عقابه، لينهض خلفها محذرًا:
انتي قد الكلام دا يا بهجة؟ بقى أنا مش وسيم، ولا عايزة تخلفي بيبي شبهي؟
أخرجت لسانها في تحدٍّ مشاكس، ثم ركضت نحو مياه البحر. لم تمهلها خطواتها الطويلة كثيرًا قبل أن يلحق بها، رافعًا إياها من خصرها في لمح البصر. صرخت برفضٍ لا يخلو من دلال:
سيبني يا بن حكيم، بتتشطر عليّا يعني عشان أنا واحدة غلبانة وحامل؟
ولما انتي غلبانة وحامل، بتتحديني ليه؟
ضحكت وضحك معها، حاولت المقاومة، ولكنه – كعادته – استطاع بقوته السيطرة عليها حتى لا تترك حضنه أبدًا.
وتحوّل مزاحهما إلى شيء آخر مع بدء الصباح وإشراق الشمس على مياه البحر الزرقاء، لتبدو كخيوط الذهب. مشهد بديع أذهل الاثنين في مشاهدته، وكأنه بداية جديدة تشهد على زيادة الرابط بينهما، بوجود الطفل الذي يتكوّن في أحشائها، ثمرة الوصال بعد عناء، وما أجمله من وصال!
........تمت ولله الحمد...........
إلى حين نشر الرواية الجديدة للكاتبة أمل نصر، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..