رواية بعد الاحتراق After Burn لغادة حازم - الفصل 26 - 2 - الاربعاء 2/4/2025
قراءة رواية بعد الاحتراق - After Burn كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بعد الاحتراق - After Burn
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة غادة حازم
الفصل السادس والعشرون
تم النشر يوم الاربعاء
2/4/2025
-2-
في الطريق للمصعد، عاودها الشعور بالانزعاج من مرافقة ماتيو الخانقة لها وقد حسمت أمرها في انه قد آن الأوان للإزاحة به من طريقة.. أعطته ظهرها متعمدة أن تستغل مسافة الهبوط في توضيب هيئتها وشعرتها خاصة غرتها التي كانت توليها اهتمام خاص بينما تراقب من انعكاس المرآة ظهره الذي أداره لها ليوفر لها بعض الخصوصية.. همست قائلة بنزق:
- أنت تحجز عني النور.. لما أشعر أنك تتعمد إزعاجي؟!
التفت لها مستغربًا لتتجرأ فريدة وتدنو منه في حركة مباغته لتهمس في أذنه بإيطالية تعرف تمامًا أنه يتقنها:
- سأتخلص منك قريبًا يا كلب سيدك!!
وفي ذات اللحظة انفتح المصعد على ساحة الجراج لترى أمامها أدهم.. توقيت ممتاز دائمًا سيد أدهم!!.. انصب في وقفته ما إن رأى هذا المشهد بعد أن يستند على السيارة.. لينبه ماتيو على نفسه ليفسح الطريق لفريدة والنظرة السوداء التي رآها في أعين أدهم أكدت له أنه في ورطة.. وأن تلك الفريدة لم تكن هينة أبدًا!!
أمر الحرس والسائق بالانتظار وما إن أصبحوا وحدهم في السيارة حتى خاطبها بلهجة جافة دون مقدمات:
- هل تعرض لكِ بكلمة أو تخطى حدوده معك؟!
قوست فريدة حاجبية مصطنعة عدم الفهم ليقبض على ذراعها قبل أن يهدر بنبرة لا تبشر بخير:
- أنتِ تعرفين مَن لا تدعي الغباء وجاوبيني!!
- لمَّ تسألني أن؟ أسأله هو .. أليس هو الحارس الشخصي الأمين عندك
رأت الجنون في عينيه الرجل كان يطحن قواطعه معًا حتى كاد يكسرها وكأنه يكافح شياطينه كيلا يفعل شيء يندم عليه.. نعم لقد رأت في عينه أنه يريد ضربها وبشدة وذلك فقط أصابها بالرعب وأنبأها أنها تلعب لعبة خطرة.. لتستلم مبكرًا قائلة بنبرة جاهدة أن تكون غاضبة:
- لم يحدث شيء.. فقط سألته أين تنظرني وهو جاوبني!!
- وهذا يجعله يلتفت وينظر لكِ بهذا القرب؟!
- لا أعرف.. هو حارسك وتعامل معه.. لمَّ تسألني أنا؟!
حسنا.. ذلك فقط أوقد عينيه بالجنون أكثر، بؤبؤه كان يتوسع ويزداد قتامة كفيلة بأن تبتلع العالم.. مجرد تفكيره بأن ينظر لها أي شخص كفيلة بجعله يحرق العالم.. وماتيو، تبا كان أكثر حرسه كفاءة والذي يستطيع أن يعتمد عليه في حراسة فريدة، ففكرة أنه يفعل ذلك ستضعه في مأزق الأيام القادمة إضافة أنه سيخسر واحدًا من أكثر جنوده كفاءة.. وذلك فقط جعله يغرز أصابعه في لحمها دون أن يدري وما سمع توجعها حتى تركها وهو يزفر بقوة ثم صرخ على الحرس أن يأخذ كل أحدًا فيهم مكانه ويتحركوا.. كانت على حق، هو حارسه وسيتعامل معه بطريقته ولكن ليس الآن!!
❀❀❀
بعد موعد الطبيبة الثقيل، صحبها أدهم إلى مطعم ليتناولا العشاء.. وطوال هذه المدة أعربت فريدة عن غضبها بكل الطرق، لم تبادله كلمة واحدة أو تمنحه نظرة واحده، في حين أنه تغاضى عن كل هذا واثقًا أنه سيستطيع مراضاتها فيما بعد.. في كل الأحوال يعرف جيدًا أن فريدة لا تستطيع الاحتفاظ بغضبها طويلا وسيعرف بطريقته أن يجعلها تلين..
ما إن دخلا المطعم، قادهما النادل لأحد الطاولات المحجوزة لتعتذر منه فريدة ذاهبةً إلى الحمام .. بعد كل شيء كانت ستختنق وتحتاج لبعض المساحة كي يمكنها التعامل معه.. لازالت لم تتخطى موعد الطبيبة ولا تعرف لما لم تخبر الطبيبة عن المشاكل التي تعانيها في الرحم.. جزءًا منها لم يرتاح للحديث عن ذلك أمام أدهم وجزء آخر كان يهرب من تفاصيل تلك الصدمة..
فتحت صنبور الماء لتغرق وجهها به كعادتها كلما تشعر بالقلق والارتباك.. تحاول جاهدةً محو مشاهد محاولاتها العلاجية مع طبيبتها وصديقتها بمصر (وجدان) وهي تبحث عن فرصة للإنجاب وقتما كان أملها الوحيد هو الزواج من مراد وتكوين أسرة معه فقط .. لكن آخر ما توصلت له حالتها هو صعوبة حدوث حمل بطريقة طبيعية، حتى الطرق الحديثة أيضا ستكون النسبة ضئيلة بها وبهما مخاطر إجهاض الجنين في الشهور الأولى نظرًا لضعف بنية الرحم لديها وعدم تحمله.. وان أملها الوحيد لو أرادت حمل سيكون الاستعانة برحم سيدة أخرى فيما يُعرف بعملية تأجير رحم!!.. وذلك ما رفضته فريدة رفضًا قاطعًا، لتكتفي فيما بعد بتربية ابنة مراد واعتبراها كابنتها.. لذلك كانت متعلقة بها بشدة ومن المؤسف أنها اضطرت في النهاية التخلي عنها.. عن آخر أمل لها في تحقيق حلمها بالأمومة!!
كل ذلك كانت تحاربه في عقلها ومحاولة التماسك وعدم الانهيار لتقاطع لحظة انهيارها تلك دخول امرأة عليها .. لتغلق الصنبور سريعا وتتناول بعض المحار الورقية لتجفف وجهها وتعيد ترتيب مظهرها قبل أن تخرج له.. ما إن التفتت بالفعل حتى نادتها تلك المرأة موقفةً إياها:
- دكتور فريدة..
استدارت لها فريدة وهي مستغربةً من أنها تعرفها وخمنت أنها يمكن قد رأتها في وسائل الإعلام بعد الضجة التي أحدثتها المؤسسة الخيرية.. لكنها لم تتوقع أبدا ما قالتها تلك المرأة السمراء وهي تصافحها بابتسامة سطحية:
- (إيف).. محققة فيدرالية.. انتِ لا تعرفيني لكنني أعرفك
ترددت فريدة في مصافحتها وهي تبعد عنها خطوة بتوجس، فاستبقت الأخرى الحديث مجيبة على السؤال الذي في عينها:
- أنا كنت زميله لـ (انطوان) وصديقته قبل أن يموت .. أقصد "يُقتل".. لازلتِ تتذكرينه؟!
اصفر وجه فريدة حرفيًا وذهبت عنه كل الدماء، ليتعالى معدل دفقات قلبها ضاغطًا على صدرها بينما تقترب منها إيف لتضع أمام عينها مجموعة من الصور قائلة من بين أسنانها بمزيج من مشاعر الحقد والقهر:
- دعيني أذكرك به!!.. لقد وجودوا جثته مشوهه ومُلقيه من أحد قمم الجبال ورصاصة مفجرة جمجمته.. لم يكن معه شيء يدل على هوية أو أي شيء.. حتى بصمات أصابعه كانت مقشوطه بمشرط، لم يستدل على هويته إلا من خلال حمضه النووي.. قبل ذلك، ظل البحث عنه قرابة الاسبوعين ووجدوا جثته بالصدفة بعد إعلان حادثتك بيوم.. ترى أي صدفة هذه؟!
من فرط الصدمة تجمدت ملامح فريدة كتمثال شمعي ولم تُبدي ردة فعل.. أصلًا لم تعرف أي ردة فعل تُبديها؟!.. على مستوى الشعور ثمة أعاصير تفتك بها دون أن تنبث ببنت شفه، الجزع، القهر، الفزع والارتباك، ستصاب بنوبة ذعر لا محالة.. توابع حادثة وفاة أُعيدت بعنف عليها كاملةً.. تلك الرصاصة هي تعرفها.. هي من تسببت فيها.. لقد تسببت في كل شر أصابه.. هل كادت تنسى هذا؟!.. كلا لا يمكنه قط ان تنسى يومًا.. ما حدث تلك الليلة وما تلاها كان مروعًا!!
فقط رفعت عينها لـ إيف دون كلمة لتتابع الأخيرة:
- أرأيتِ؟!.. عائلته حتى الآن في صدمة وينتظرون القصاص لكن.. لكن القضية تم تقييدها ضد مجهول!! .. مع ذلك كلانا يعرف مَن الجاني أليس كذلك؟؟.. قبل أسبوع من قتله كان يعمل على قضية خاصة وخمني ماذا؟؟.. تلك القضية تخصك أنتِ وزوجك.. لقد قضيت سنتين أبحث وراءه ولم أجد شيء يدينه، سجله نظيف بشكل مريب رغم أن كلانا يعلم أنه بعيدًا عن هذا، لمَّ أنتِ صامتة هكذا؟؟ أليس لديكِ أي شيء تقولينه؟؟
- هراء.. كل هذا هراء..
تشدقت فريدة دوم عقل وهي تنفي برأسها، تنفي الأصوات بالداخل هناك، كانت تريدها أن تصمت بأي شكل وأرادت الفرار من أمامها إلا أن ذراع إيف احتجزتها.. احتبست فريدة انفاسها، وهي ترى الأخرى تتجاوز عن احترامها ومكانتها مرددةً في هجوم وعنف:
- هو سيناتور كاليفورنيا وعمود من أعمدة الاقتصاد في أمريكا.. أليس هذا ما تريدين قوله؟!.. أتعرفين ماذا، تبا له ولكِ!!.. أنه متورط مع عصابات المافيا وهي التي تموله وأنه يغسل لهم أموالهم القذرة وأنه كذلك قتل أنطوان وكاد يقتلك ومع ذلك أجدك الآن تقفين في ظهره وتدعمين حملته وتشاركين في اعماله القذرة بتلك الجمعية الخيرية!!.. وأنا التي توسمت فيكِ المساعدة عرفانً بكل ما فعله أنطوان معكِ.. أنا لم اتوقع أن يكون هذا ردك أخبريني هل أشتراكِ أم هددك أم ماذا أخبريني؟!
كانت ترى جنون الأخرى أمامها بينما عاجزة عن فعل شيء.. هي عاجزة حتى عن مساعدة نفسها.. لو أنها فقط تعرف ما حدث؟!.. بللت فريدة شفتيها بينما تشيح بعينها عنها علّها تستطيع النطق بطريقة متزنة عكس ما بداخلها:
- أنا لا أعرف عما تتحدثين.. آسفة لفقد أنطوان وأقدر ما تعانين منه حضرة المحققة لذلك لن أدعي عليكِ!!
أرادت أن ترحل لتوقفها إيف مجددًا قائلة لها كلمة أخيرة بكل ما تحمله داخلها من مشاعر الأسى والحقد:
- وانا آسفة لأنطوان لكل ما فعله من أجلك!!
ثم ابتعدت عنها لترحل فريدة على الفور وكأنها تفر من الموت حاملةً معها أثقال من الجبال في صدرها كفيلة بإغراقها.. كانت تشعر بقلبها وكأنه يتضخم ويزداد وزنه يكاد ينخلع من سرعة الضربات.. رغم ثباتها الظاهري واتزان مشيتها إلا أن داخلها ينهار.. كل شيء ينهار.. كل القلاع التي بنتها والحصون التي كونتها على مدار السنوات كي تُخبئ خلفها صدماتها كانت تنهار.. أنطوان..
تلك الليلة..
أدهم يقتله..
لقد أمرها أن تقتله..
هي مَن قتلك أنطوان..
كل ذنبه أنه ساعدها..
هي مَن اتصلت به وورطته تلك الليلة..
لمّ اتصلت به..
لمّ لم يتركها عندما أخبرته أن يتركها..
لم تكن تريد إيذاءه..
تقسم لم تكن تريد موت أي أحد
لقد خيّرها أدهم؛ "إما هو أو انا"
- ماذا اخترتِ فريدة؟؟
- أنت!!
هتفت بها بدون تردد وخوف لتنتبه لأدهم الذي ينظر لها بارتياب وشك ولم تدري متى عادت للجلوس معه، فعلى ما يبدو أنها كانت غارقة حقا في مستنقع هواجسها.. عدلت من جلستها لتعاود النظر وقد فهمت أنه كان يسألها عن الطعام لتصحح موقفه وتقول:
- أقصد أختر أنت لي..
لتمسح على وجهها بإرهاق نفسي شديد بينما تتناول كوب الماء وتبرد به حلقها.. رغم هذا كانت متعجبة أنها لازالت صامدة وتتعامل بهذا القدر من التماسك والبرود؟!
لاحظ أدهم شرودها ففسر هذا على أنها لازالت غاضبة منه ليغير دفة الحديث ويسألها عن عملها وهنا تفاجئ بها وبهذا الكم من الحماس والطاقة التي تتحدث بهما وتخبره بكل تفصيله من اليوم.. حسنا، لم يتوقع أن يحسن العمل من مزاجها لهذا الحد.. لو كان يعلم، لجعلها تعمل منذ أمد.. لكن مرة واحدة تبدلت ملامحها للعكس وانطفأت وكأنها رأت الموت أمامها!!
تتبع أدهم عينها ليرى مَن تسبب لها في هذا، لكنها فجأة نهضت تحمل حقيبتها وهي تخبره أنها تريد أنها متعبة وتريد أن ترحل حالا!!
حاول تهدئتها لكنها أصرت وبدت في حالة من الفوضى وكأن ثعبان لدغها ليدفع الحساب وهو يفتش بعينه في المكان دون فائدة!!
❀❀❀
خرج أدهم من الحمام يلف خصره بمنشفة بينما يجفف شعره بأخرى ليجد فريدة تجلس على طرف السرير مرتديه قميص نوم أبيض حريري وطويل وبدى وكأنه شاردة تمامًا لا تشعر بوجوده حتى حينما مر من أمامها.. ابتسم بخبث وهو يدنو منها في حذر ثم في ثانية كان يطيح بجسدها على السرير ليعتليها رافعًا ذراعيها لأعلى في تحكم دون عنف:
- تفكرين بي، أليس كذلك؟؟
تهدجت أنفاس فريدة بفعل المفاجئة قبل أن تحاول دفعه عنها ليتبدى لها تصميمه بينما يتكئ عليها بثقل جسده الضخم قائلًا بعبث:
- لا.. لا تحاولي.. لقد أمسكت بكِ وانتهى الأمر!!
- ابتعد عني أدهم.. ابتعد!!
هذه المرة تصاعدت دفاعتها لهجوم وبدأت تحارب بشراسة وكأنها في معركة.. لكن هذا لم يرق لأدهم وقد خدش رجولتها وشك أنها تريد الابتعاد عنه وهو ما لا يقبله وأخذه كتحدي لإثبات هيمنته عليها.. هسهس بنذير غضب:
- ماذا دهاكِ فريدة؟؟ إذا كنتِ تفعلين هذا لابتعد فأنا اخبرتك أن تنسي هذا لأنه لن يحدث!!
- قلت، ابتعد عني.. أنت تخنقني.. ابتعد سأموت..
كانت تصرخ ببحيح صوت وقد كانت انفاسها تختنق بالفعل، وجهها يحتقن بالدماء حتى عروق رقبتها برزت من الغضب وهي تشعر بأن رؤيته، أنفاسه، رائحته، حرارة جسده، كل هذا يخنقها ويجعل جسدها كالبركان.. ليعرف أنها قد دخلت في نوبة ذعر نسحب مبتعدًا بغيظ دفين وغضب من الوضع بأكمله.. وعقله صور له أنهما سيعودان لنقطة الصفر، بعد كل ما فعله، سيعود محرمًا عليه لمسها.. تبا لها، لقد اكتفى لن يحتمل المزيد، وهي يجب أن تجد لها حل في هذا!!
اللعنة على كل هذا، هو يريدها، يريد فريدة، حبيبته وزوجته.. يريدها وليست أي واحدةً غيرها.. يريد تكون علاقتهما طبيعية مثل الخلق.. لقد فعل كل ما بوسعه للتعود له لم يدخر جهد في شيء.. هو لم يجرم فحقها للحد الذي يجعله يعيش أبد الدهر يقدر ويعذر أمراضها النفسية.. سحقا
مسح على شعره أكثر من مرة وهو يجاهد نفسه كي يدمر الغرفة فوق رأسها.. نعم هي تعاني ولكنه يعاني هنا أيضا ولكل شخص طاقة تحمل وما تفعله وتقلباتها المزاجية المزعجة أصبحت تضغط على أعصابه بشدة.. مرة تريده ومرة لا.. مرة ترغبه ومره تتقزز منه.. مرة أقترب وأخرى ابتعد لا أريدك.. شعور العجز في هذا سيجننه، كون فاقد السيطرة على الأمر يجعله ينهار ويفقد تحليه بكل عقل.. هيا، هو بالنهاية بشر لا يمكنه التعايش مع هذا!!
جز على أسنانه ليحكم أعصابه ثم عاد لها مجددًا محاولًا فهم ما يحدث مع لعنتها.. دنى منها وهو يجدها لازالت تلهث انفاسها ليرق قلبه ويحتضن وجهها ثم ملس على شعرها بالتدريج حتى لا تهلع:
- فريدة.. حاولي التنفس واهدئ.. اهدئ حبيبتي.. لا تخافين أنا هنا.. أنا أدهم..
نظرت لها بحرقة وعينيها تفيض بالدموع ثم أجهشت بالبكاء وكل ما اتفكر فيه أن المشكلة كلها أنه أدهم.. هو حبيبها.. وهو مَن فعل كل هذا بها.. كانت المشكلة أنه هو!!
يا اللهي
لم يتمالك نفسه والنظرة التي أسكنت عينها أهلكته ليدسها في أحضانه حتى لو كان راغمًا.. لا يجب أن تشعر بهذا الكم من الألم، فليكن ألمها ألمه.. فقط لا تبكي.. مستعد أن يحرق العالم ويدمر كل شيء يموت من أجل عينيها.. فقط لا تبكي!!
تمتم لها بتلك الكلمة وهو لازال يخبأها بين ذراعيه وكأنه بذلك يخبأها من الحزن وكأن الحزن لن يصل إليها طالما هي بين أحضانه وكأنه يدرأ عنها كل شعورًا سيء!!.. بقيا هكذا حتى شعر بانتظام انفاسها وأنها قد اجتازت نوبة هلعها أخيرًا.. ابعدها عنه ليكوب وجهها الجميل بين كفيه ويطالع العسل يتساقط من عينيها:
- ألن تخبريني ما سبب كل هذا الانهيار..
ارتجفت شفتاها، حاولت التحدث لكنها شعرت بجفاف حلقها وكأن الكلمات ترفض الخروج. تجنبت عينيه وهي تلعق شفتيها المرتعشتين، ثم أخيرًا، وبصوت بالكاد يُسمع، تمتمت:
لقد قابلت محققة.. كانت صديقة لأنطوان
يتبع
الصفحة السابقة
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة رانيا ممدوح، لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية