رواية جديدة رواية خيانة لأمل مصطفى - الفصل 6 - الأربعاء 30/4/2025
قراءة رواية خيانة كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر
رواية خيانة
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل مصطفى
الفصل السادس
تم النشر الأربعاء
30/4/2025
دخلت عليه بغضب شديد، خطواتها سريعة ونظرتها مشتعلة، ثم وقفت أمامه قائلة بلهجة حادة:
"ممكن أعرف إيه اللي بيحصل في الشركة ده؟"
رفع رأسه نحوها، نظرته كانت كفيلة بإخماد نار أي تمرد، وتحدث بحدّة وغضب:
"مش تخبّطي! إيه الطريقة اللي داخلة بيها دي؟ هي زريبة ولا إيه؟
يِظهر إني محتاج أعيد تربيتك بعد العمر ده!"
نظرت إليه بعدم رضا، محاولة أن تحفظ ما تبقّى من كرامتها وسط هذا الصدام المتكرر، وقالت بصوت منخفض:
"أنا هستأذن عشان أدخل بيتي."
لكن صوته جاء كالرعد:
"لأ، مش بيتك! ده بيتي، وهيفضل بيتي لحد ما أموت!
وأتكلمي كويس معايا، بلاش تعاندي، وإلا كل الفلوس
اللي بتحاربي عشانها، تتوزع على الجمعيات الخيرية،
ومش هتطولي منها مليم! وآخر مرة تنسي نفسك وإنتي بتتكلمي معايا!"
تراجعت أمام غضبه، تدرك تمامًا أنه قادر على تنفيذ تهديده دون أن يرمش له جفن.
فابنها وأخوها في صفّه دائمًا، وهي، رغم كل ما كانت تحاول إظهاره من قوة،
الضلع الأضعف في تلك العائلة المتماسكة ظاهريًا، القاسية باطنًا.
تحدثت بصوت أكثر هدوءًا، فيه شيء من التوسل واللين:
"آسفة يا بابا، بس ليه كريم مش عايز يفهمني الشغل ماشي إزاي؟
وكل ما أسأل على حاجة، يدور، ومخدتش منه معلومة واحدة."
تنفست بمرارة، ثم تابعت:
"كل ما أروح الشغل، يطلب من السكرتيرة تدخلني المكتب،
كأني ضيفة! يقدملها عصير وتقعد شوية وتمشي!
مش من حقي أسأل على أي حاجة؟ هو مش مالي زي ما هو ماله؟"
رفع عينيه إليها، تلك النظرة الساخرة التي طالما كرهتها،
كأنّه يعرّيها أمام نفسها، يذكّرها بأنها مرفوضة من الكل، حتى من أقربهم إليها.
قال بسخرية لاذعة:
"طيب ما تسألي ابنك في البيت رايحة لأخوكي ليه؟"
ضحكت، ضحكة مُرّة خرجت من أعماقها، تحمل سنوات من الغيظ والقهر، وقالت:
"ابني مين؟ هو آسر ابني من إمتى؟
أنا خلفته علشان يبقى ابن فارس وكريم!
حتى أنتم أهم عنده من الدنيا كلها!"
لكن فارس، كعادته، لم يتأثر. رد بطريقة قاطعة، قاصدًا إنهاء هذا الجدل الذي لا ينتهي:
"أولًا، هو لا مالك ولا ماله! ده مالي وتعبى، كل حاجة
باسمي.
كل ما في الموضوع، إني سايب له الإدارة علشان ظروفي،
لكن مافيش حد يملك حاجة طول ما أنا موجود،
ومش من حقك تعرفي الشغل ماشي إزاي.
كل طلباتك مجابة، رغم إني مش ملزم،
لأن ليكي راجل يصرف عليكي، وده أقصى ما عندي."
ثم نظر إليها بنبرة تهديد واضحة، تلك النبرة التي تعرفها جيدًا منذ صغرها:
"إنتي بتلعبي في الوقت الضايع معايا،
احذري غضبي، عشان ما ترجعيش تعيّطي وتقولي:
(إنت بتكرهني ليه؟)
ده آخر تحذير."
❈-❈-❈
عودة لريم
فتحت عينيها ببطء، كانت ما تزال على الفراش، والضوء الخافت يتسلل من نافذة الغرفة.
وجدت حليمة جالسة إلى جوارها، تمسد على كتفها في صمت، بينما عيناها ترقبان وجهها بقلق.
بدأت الذكريات تتسلل إليها واحدة تلو الأخرى، كأنها لقطات مشوشة تُعرض بسرعة.
استعادت كل ما حدث... كل لحظة... كل كلمة.
تحطّمت أحلامها الوردية على صخرة الغدر، وأشرقت شمس الحقيقة سريعًا، لتُبدّد وهج الأمل وتُطفئ دفء الأمان.
تلاشت الأحلام قبل أن تتذوق طعمها، واستيقظت على واقع مرير، لا يرحم.
انهمرت دموعها في صمت، وعقلها غارق في حالة من الغليان.
كانت حائرة... هل تثور لجرح كرامتها وقلبها وتطلب الطلاق؟
أم تبقى إلى جواره، تُمنّي نفسها بأن ما حدث كان مجرد "لحظة شيطان"، وأنه سيعود بعد حين، حنونًا كما عرفته أول مرة؟
لاحظت حليمة دموعها وحزنها الصامت، فهتفت وهي تمسد رأسها بحنان أمومي:
"سلامتك، ألف سلامة يا بنتي... إيه حصل؟"
توترت ريم من السؤال، وخفضت عينيها، محاولة إخفاء ما تحمله من كذب وتردّد، ثم قالت بهدوء:
"شوية هبوط... حضرتك عارفة، اليوم كان طويل ومتعب، وأنا ماكلتش حاجة من الصبح."
حليمة لم تُجادل، فقط مدت يدها نحو الصينية الصغيرة الموضوعة على الطاولة، ثم وضعتها على ساق ريم، وقدّمت لها كوب العصير:
"اشربي ده يا حبيبتي... هيظبط السكر في الدم وتبقي كويسة."
لكن ريم فركت كفيها برفض، وقالت بإصرار متعب:
"لأ، شكرًا... مش عايزة يا دادة."
ردّت حليمة بلطف ممزوج بالعزم:
"عشان خاطري، اشربيه... يسندك شوية."
مدّت ريم يدها بتردد، تناولت الكوب، ورفعتُه إلى فمها، لكن مع كل رشفة، شعرت كأن قطرات العصير تحرق حلقها، كأنها جمرات مشتعلة تنساب ببطء داخلها.
كيف لها أن تشرب من ماله وهو قتلها حيّة؟ دون رحمة... دون ندم؟
فجأة، قطعت شرودها بسؤال نابع من فضول موجوع:
"هو حضرتك مع عمرو من زمان؟"
ابتسمت حليمة ابتسامة شاحبة، وقالت:
"آه يا حبيبتي... من وهو عنده أربعطاشر سنة. بعد وفاة أهله، عمه جابني علشان آخد بالي منه.
بس اللي اكتشفته من عشرتي ليه... إن عنده عقدة من الحريم. مش عارفة إيه سببها!
بس طالما اتجوزك ودخلك بيته، يبقى بدأ يتغير.
هو محتاج شوية صبر، وأنا شايفة نظرة عيونك... بتحبيه."
تورد وجه ريم خجلًا، وردّت بصوت خافت:
"جداً... جداً يا دادة."
ربتت حليمة على يدها بأمومة دافئة، وقالت برفق:
"الإنسان لما بيكون عنده هدف وعايز يوصله، لازم يكون طويل البال وصبور لحد ما يحققه.
لو فعلًا بتحبيه، اعملي كل حاجة تقربك منه.
خليه يشوفك ويتمنى قربك.
استحملي لحظات غضبه لحد ما يلين.
الراجل مهما كانت قوته وجبروته... جواه طفل بيدور على الحب والحنان، ومهما كابر، بيقع في الآخر."
نظرت ريم إليها بعينين بريئتين، وسألت بصدق:
"يعني أعمل إيه علشان يحبني يا دادة؟ أنا مليش خبرة في معاملة الرجالة، لأني بقالي سنين طويلة حياتي مقفولة عليا أنا وصحباتي."
تنهدت حليمة بشفقة، كانت تعرف جيدًا أن الطريق أمام ريم لن يكون سهلًا، وربما لن تصل إلى ما تتمناه.
لكنها كانت أمينة في نصيحتها:
"شوفي يا بنتي، هو بيحب الهدوء والنظام... وطيب، وحاضر.
لو لقى فيكي الصفات دي، هيرتاح لك ويتجاوب معاكي.
وأنا هكون جنبك في كل وقت.
بس أهم حاجة تتعاملي عادي... وبلاش حزن، ولا امتناع عن الأكل."
هزت ريم رأسها موافقة، وقالت بإصرار:
"حاضر يا دادة... المهم في الآخر يحبني.
وأنا مستعدة أتحمّل أي حاجة... علشانه."
❈-❈-❈
في منزل خالد
شعر بها تتحرك من جواره، كانت تمسك هاتفها بهدوء. نظر إليها بتعجب وسألها:
"هتكلمي مين الوقت ده يا جنة؟"
التفتت إليه، تتحدث بلا مبالاة وكأن الأمر لا يعنيه:
"أطمن على ريم، وأشوف الكائن اللي اتجوزته ده عمل معاها إيه."
رمقها بعدم تصديق، ثم قال بحدة خفيفة:
"هتتّصلي بيها الساعة سبعة الصبح؟ وهم عرسان؟ إزاي يعني؟ وبعدين جوزها هيعمل فيها إيه؟... هيكلها؟"
ردّت جنة بضيق، وقد بدأ القلق يعلو وجهها:
"أنا مش مرتاحة له، مهما عمل. ولازم أطمن عليها بنفسي."
نهض خالد فجأة، وتوجه نحوها بخطوات غاضبة. جذب الهاتف من يدها وهو يهتف:
"خليكي في حالك يا جنة، بلاش تخربي عليها. هي مش صغيرة، وتعرف تحدد مصيرها."
لم يعجبها كلامه، فهتفت بضيق وهي تنظر له بثبات:
"مالك أنت وهاجر؟ كل واحد يقولي بلاش تخربي عليها!
أنا أكتر واحدة في الكون بتتمنى لها السعادة.
ولو شوفتها مستقرة وفرحانة، عمري ما أشجعها على الغلط... بس قلبي مش مطمئن عليها مع الكائن ده!"
❈-❈-❈
في الصباح
نزلت ريم السلالم بخطوات حذرة، تبحث بعيونها عن المطبخ.
وجدت ممرًا صغيرًا، قطعته وهي تدور حول نفسها حتى وصلت أخيرًا إليه.
دلفت إلى الداخل، وألقت التحية على الموجودين بابتسامة خجولة:
"صباح الخير."
ردّت عليها حليمة بابتسامة دافئة:
"صباح النور يا هانم، اتفضلي، تأمري بإيه؟"
ابتسمت ريم بلطف، وقالت:
"الأمر لله يا دادة. اسمي ريم، مش هانم. حضرتك في مقام ماما.
أنا كنت عايزة أحضّر الفطار لعمرو."
تدخلت فتاة صغيرة وقالت بتردد:
"إحنا نعمله... بلاش حضرتك يا هانم، الباشا ممكن يزعل أو يتضايق."
التفتت إليها ريم مبتسمة وسألتها:
"اسمك إيه؟"
أجابت الفتاة بانكسار:
"خدامتك... هبة."
هزّت ريم رأسها برفض واضح:
"مافيش حاجة اسمها خدامتك... إحنا عيلة. بحب نكون أسرة، مش هانم وحضرتك."
حليمة كانت تراقب الموقف، ثم اقتربت وهي تُجهّز ما ستستخدمه ريم:
"هو بيحب النسكافيه بلبن كتير، وبسطرمة بالبيض، وعليها بشر جبنة رومي."
ابتسمت ريم، وبدأت تُحضّر الفطور بنفسها، ثم قالت وهي تتحرك:
"أنا طالعة أصحيه."
اقتربت حليمة منها بسرعة، وهمست برقة، تحاول أن تحذرها من تصرف غير مناسب:
"هو صحي وخرج عمل التمارين بتاعته، وطلع ياخد شاور."
خفضت ريم عينيها بحزن، لا تعلم شيئًا عن زوجها، لا عن طباعه ولا نظامه.
لكنها أخفت حزنها، وقالت بصوت خافت:
"طيب... أنا طالعة أنادي عليه يفطر."
❈-❈-❈
صعدت بهدوء، وقفت أمام الباب الذي وصفته لها حليمة.
رفعت يدها ببطء، تطرق الباب بحذر ومزيج من الحب والرهبة.
فجأة، انفتح الباب، فارتدت إلى الخلف فزعة من المفاجأة.
كان عمرو يقف أمامها، ينظر إليها بحدّة، نظرته قاسية وجافة، جعلت قلبها ينقبض.
لم تصدق كيف تحوّلت نظرته من حنان الأمس إلى جفاء لا يُطاق.
لم تمر سوى ساعات قليلة على زواجهما، وها هو يعاملها كغريبة.
حاولت أن تتماسك، وقالت بهدوء:
"صباح الخير."
لكنه لم يرد، بل هتف بجفاء واضح:
"خير؟ واقفة كده ليه؟"
تلعثمت، تحاول شرح موقفها:
"كنت... جايه أناديك علشان الفطار."
ردّ بحدّة وهو يعقد حاجبيه:
"أنا مش محتاج حد يناديني!
أنا عندي نظام ماشي عليه، الكل عارفه، وأرجو إنك كمان تلتزمي بيه."
ثم مرّ بجانبها دون أن يمنحها نظرة إضافية.
ظلت واقفة في مكانها، عاجزة عن الحركة، تتابعه وهو يبتعد بقلب مكسور.
كلماته كانت كالسياط على روحها، والألم ينهشها في صمت.
❈-❈-❈
نزلت إلى غرفة الطعام، فوجدته قد بدأ بتناول طعامه دون أن ينتظرها.
خفضت رأسها، وسحبت أحد الكراسي وجلست إلى جواره.
لكنها فزعت عندما رمى ما في يده، ثم صرخ بغضب:
"دادة حليمة!"
أسرعت حليمة على صوته المرتفع:
"خير يا عمرو بيه؟"
نظر إليها بحدة، ولم يلتفت لمشاعر ريم وهو يقول:
"من إمتى بفطر وفي حد قاعد معايا على نفس الترابيزة؟"
نظرت إليه حليمة بذهول وصدمة... لم تتوقع منه هذا التصرف، فهذه زوجته!
لم تجد ما تقوله، أما ريم، فقد جُرحت جرحًا بالغًا.
هل يعتبرها بلا قيمة؟
هل ينفر منها إلى هذا الحد؟
وضعت عينيها في الأرض، وقد شعرت وكأن روحها تُذبح دون رحمة.
لم تستطع منع دموعها، ولا حتى النهوض من مكانها.
شعرت بتنميل يمتد في أطرافها، وكأن شللًا يزحف في عروقها.
ثم سمعته يقول بغضب:
"دي آخر مرة تحصل!"
ترك الغرفة غاضبًا، تاركًا وراءه صمتًا ثقيلًا.
اقتربت حليمة من ريم، وضعت يدها على كتفها بحنان، وقالت بصوت منخفض:
"معلش يا بنتي... أنا قولتلك، هتتعبّي معاه."
لم تستطع ريم الرد، فحليمة تعرف جيدًا ما تمر به.
تركتها تختلي بنفسها، وريم ما زالت جالسة في مكانها،
تستعيد شريط حياتها الحزينة، وهو يمر أمامها كأنها تشاهده لأول مرة.
❈-❈-❈
عند هاجر
هتفت هاجر بضيق وملل، وقد بدأ التوتر يظهر على وجهها:
"يا بابا، أنا مش بفكر في الجواز دلوقتي، هكمل تعليمي الأول، وبعدين أشوف الموضوع ده. والله أنا تعبت من كتر العرسان اللي أدم باشا بيجيبهم كأن مافيش غير الموضوع ده في الدنيا. لدرجة إن حاسة إن هو اللي متكفل بيه وعايز يخلص من الحمل اللي على كتافه."
والدتها كانت تراقبها بقلق، ثم أجابت:
"أخوكي عايز يطمن على مستقبلك. وبعدين، حمل إيه؟ هو برضه عايز يشوف نفسه، لأنه كان واخد عهد على نفسه ما يتجوز قبل ما يطمن عليكي. وبعدين، تعالي هنا، ما جنه وريم اتجوزوا، في إيه؟ لما تعملي زيهم وتكملي وأنتي متجوزة، وانتوا كده بتعملوا كل حاجة زي بعض."
هزت هاجر رأسها بتحدٍ، ثم همست في نفسها: كيف تشكي لها من ألم قلبها؟ وكيف تقول لها إنها متيمة بعشق من تقول عليه أخيها؟ وهي أيضًا أخذت على نفسها عهدًا بألا تكون لغيره، حتى لو قضت باقي عمرها عزباء.
خرجت من حديث نفسها فجأة، وهتفت بصوت مرتفع:
"يا ماما، جنه وريم اتجوزوا عن حب. لكن أنا لسه مجاش نصيبي. وأنا مش هتجوز غير عن حب. تركتهم بعصبية ودخلت غرفتها."
تنهد ذلك الجالس في ركن الغرفة دون أن تراه.
ثم قال بصوت هادئ:
"ممكن يا عمي أتكلم معاها لوحدي؟ ممكن أقدر أقنعها."
والدها، الذي كان جالسًا على مقربة منها، نظر إليه وأجاب:
"طبعًا، أنت أخوها الكبير. وهي طول عمرها بتسمع كلامك."
❈-❈-❈
في غرفة هاجر
سمعت طرقًا على باب غرفتها، فانتفضت قليلاً وقالت:
"إدخلي يا ماما."
الباب فتح، ودخل أدم فزعت هاجر عندما وجدته أمامها في غرفتها، وقفزت سريعًا تجذب حجابها، وقالت بعصبية:
"أنت إزاي تدخل أوضتي كده؟"
رد أدم بلا مبالاة، وهو يقترب منها، وأضاف:
"في إيه ياما؟ دخلت الأوضة دي وأنا بذاكر لك أو وأنا بصالحك."
تحدثت هاجر بسخرية، وقالت:
"كنت طفلة يا آدم، أنا كبرت خلاص، ما عدش ينفع تدخل عليا كده."
لم يهتم بكلامها، جلس على الأريكة وهو ينظر إليها بتحدٍ وقال:
"هتفضلي في عيني الطفلة اللي كنت بأكلها وأنيمها على رجلي وأذاكر لها؟"
نظرت إليه بملل وقالت:
"خير يا أدم، عايز إيه؟"
نظر إليها بضيق وقال:
"يعني لو كنتي وقفتي معايا في موضوع ريم، كان فاتي وقف معاكي وأقنعهم يرفضوا العريس. لكن أنتِ مش بيطمر فيكِ."
رمقته هاجر بحزن، ثم ردّت ببطء:
"ومين قالك إني هرفض العريس؟ أنا كنت بس بتدلل عليهم شويه، لكن أنا شايفه إنه عريس كويس، وأنا موافقة."
نظر إليها أدم بعدم تصديق، وقال:
"بجد؟"
هتفت هاجر بتأكيد:
"أه، بجد. الموضوع ده فيه هزار؟"
لم يصدق أدم كلامها، ثم أردف:
"أنتِ تقدري تكذبي على الناس كلها، إلا أنا. أنا عارفك أكتر من نفسك. وأنتِ رافضة الفكرة نهائي، بس مش عارف بتعاندي مين."
إستفزها كلامه وثقته التي لا تعلم سببها. فهتفت بحدة:
"لا! مش رافضة. خلاص!"
ثم خرجت أمامه وتوجهت إلى والدها:
"أنا موافقة على العريس يا بابا، حدد معاد معاه وبلغني."
والدها، الذي كان يراقب الموقف بحذر، قال بسعادة:
"ربنا يخليك يا أدم. كنت واثق إنك الوحيد اللي تقدر تقنعها. ألف مبروك يا حبيبتي."
أطلقت والدتها الزغاريد، وكانت أجواء المنزل تعج بالفرح.
بينما نظرت هاجر إليه بعينيها المملوءتين بالدموع، معاتبة.
يقف أدم الذي لا يصدق ما يحدث يشعر كأنه يعيش كابوس يريد الخروج منه
يتأمل نظرتها لأول مرة، شعر بشيء غريب. لم يعرف ماذا تعني هذه النظرة. هل هي حزن؟ أم قلق؟ أم غضب؟
لكن كان شيئًا في قلبه ينبض، شيء لم يشعر به من قبل.
تجاهل ذلك الشعور، لكنه لم يستطع أن يبعد نظرة هاجر عن ذهنه.
❈-❈-❈
في مبني الادارة
طرق باب المكتب ودلف إلى الداخل، فقال أحدهم بدهشة:
"أيه ده؟ أنا مش مصدق، أنت مش طبيعي! في عريس يخرج يوم صباحيته كده؟"
هتف عمرو بضيق، وهو يرفع حاجبه ويحدق فيهم:
"بطلوا سخافة، أنا مش عريس ولا زفت، ومافيش حد يعرف أني اتجوزت غيرك أنت ومالك."
وفي نفس الوقت، دلف مالك إلى المكتب وقال:
"أيه ده؟ أنا سمعت إنك داخل المبنى النهاردة أول واحد."
نظر عمرو إليهم وقال باستخفاف:
"خير، عايزين إيه؟ بما أنكم فتحتم الموضوع ده، فأنا اتجوزتها مش حبا فيها أو حبا في الجواز. أنا جالي مزاجي أعمل كده وعملته، لكن أنا لا عريس ولا هي عروسة، ومافيش بينا أي ود ولا علاقة زوجية. وياريت كل واحد فيكم يبقى بعيد عن الموضوع ده عشان ما نخسرش بعض."
هتف مالك بغضب:
"بس كده غلط يا عمرو! أنت بتظلمها وبتستغل إنها وحيدة ومالهاش حد يوقف قصادك ويحميها منك. هي مالهاش ذنب في أي حاجة حصلت قبل كده."
عمرو، الذي امتلأ غضبًا، رد بقسوة:
"ماااالك، ألزم حدودك، وماتتدخلش!"
مالك تنهد بحزن وقال:
"ماشي يا صاحبي، زي ما تحب، بس صدقني بكره تندم." ثم وقف ليغادر المكتب
تركه وهو يتألم على صديقه الذي كان يدمر نفسه بنفسه.
بينما خالد كان جالسًا في مكتبه، شعر بخوف شديد على ريم، وخوفه الأكبر كان من خسارة بيته. لأنه يعلم جيدًا أنه إذا حدث مكروه لريم، فإن جنه ستخلط الأمور ببعضها، وستضعه في خانة العدو، ولن تصدق أنه لم يكن يعلم بما يفكر فيه عمرو. وهذا قد يكون نهاية حياته معها.
---
عودة لريم
تسير ريم بحزن، ودموعها تتساقط على وجنتيها، وهي تسبح في حظها البائس، تفكر فيما سيحدث لها بعد تلك القرارات المربكة. فجأة، سمعت خطوات تسرع خلفها، فشعرت بصدمة، وحركت جسدها بسرعة، ملتفتة إلى شارع آخر على أمل أن تختبئ من هؤلاء المجهولين الذين يتبعونها.
لكنهم كانوا أسرع، وفجأة، وجدت أمامها شابين يبتسمان لها ابتسامة مخيفة. نظرت خلفها فوجدت آخرين يقتربون منها بسرعة. شعر قلبها بالخوف الشديد، وتمنت في لحظة ضعيفة أن يكون هو هنا معها، ليحميها من تلك الذئاب البشرية التي اقتربت منها.
فجأة، أمسك بها الشابين من الخلف، بينما هجم الآخران عليها. حاولت المقاومة، لكنها كانت ضعيفة، وبدأوا في تمزيق ملابسها. كانت تصرخ، ودموعها تنهمر بينما تهتف بصوت عالٍ:
"عمررررررو! عمررررررررو!"
لكن لا شيء كان يجيب. كان كل شيء حولها مظلمًا، ولم تعد ترى سوى تلك الوجوه القاسية التي تقترب منها، وتأخذ منها ما تبقى لها من أمل.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل مصطفى، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية